قبل أكثر من عامين، لمع اسم رجل الأعمال أمير الهلالي، رئيس لجنة مستوردي السيارات بشعبة السيارات في غرفة القاهرة التجارية، كأحد الوجوه الصاعدة في عالم تجارة السيارات الفاخرة. افتتح الهلالي معرضًا ضخمًا في قلب حي التجمع الخامس، أحد أكثر مناطق القاهرة رقيًا، ليبدو كأنه وُلد لينافس الكبار.

لكن ما بدأ كقصة نجاح واعدة، انتهى بكارثة مالية طالت مئات العملاء، وخسائر تجاوزت ملياري جنيه، وبلاغات جنائية، وهروب إلى خارج البلاد، وأحكام قضائية، ليكتشف الجميع أنهم أمام نسخة جديدة من ظاهرة "المستريح".

البداية: معرض فخم وشركة باسم "ليمانز جروب"
في أواخر عام 2022، أطلق الهلالي شركة "ليمانز جروب" كشركة استيراد سيارات ذات مسؤولية محدودة، مسجلة رسميًا تحت رقم (135967). حملت الشركة وعودًا براقة: سيارات مستوردة بأسعار منافسة، تعاقدات مضمونة، وشيكات بالمبالغ المدفوعة كضمان. ولتعزيز الثقة، قدّم نفسه باعتباره مسؤولًا رسميًا في شعبة السيارات بالغرفة التجارية.

روّجت الشركة عروضها بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، وزعمت امتلاكها حلولًا لتجاوز قيود الاستيراد التي فرضتها الحكومة على الأفراد، مثل استخدام رقم التعريف الجمركي (ACID) عبر "الاستيراد التجاري" مستندة إلى "علاقات الهلالي القوية".

شيكات بلا رصيد.. بداية الانكشاف
بحسب ما كشفه ثلاثة من العملاء المتضررين، وقّعوا عقود شراء سيارات مع "ليمانز جروب"، دفعوا مبالغ كبيرة على وعد بالتسليم خلال 3 إلى 4 أشهر، وتسلموا شيكات بقيمة المبلغ المدفوع كضمان. لكن بعد انقضاء المدة، لم يستلم أحدهم سيارته، ولا استعاد ماله.

ومع بدء تقديم الشيكات للبنوك، فوجئ العملاء أنها دون رصيد. تقدم كثير منهم ببلاغات رسمية، وسرعان ما تبيّن أن الهلالي قد اختفى، وأن مقر الشركة بدأ يتراجع في استقبال العملاء، حتى تم إغلاقه رسميًا في يناير 2025، بطلب من المول التجاري.

الأحكام القضائية: 3 سنوات سجن في ثلاث قضايا مختلفة
مع تزايد عدد البلاغات، تحركت النيابة العامة. وأصدرت محكمة جنح القاهرة الجديدة حكمًا بالسجن 3 سنوات ضد الهلالي في القضية رقم 925 لسنة 2025، بعد إدانته بإصدار شيك دون رصيد بقيمة 4.8 مليون جنيه.

وفي حكم ثانٍ، صدر حكم جديد بسجنه غيابيًا لمدة 3 سنوات وكفالة 500 ألف جنيه. كما حصل أحد المحامين المتضررين على حكم ثالث ضد الهلالي في عام 2024 بالسجن 3 سنوات أيضًا.

وتم إدراج اسمه على قوائم ترقب الوصول، وسط أنباء عن فراره إلى ألمانيا، ما صعّب ملاحقته قانونيًا في الوقت الراهن.

روايات الضحايا: وعود مضللة وهروب من المواجهة
يروي أحد الضحايا تفاصيل تجربته قائلًا: "في أغسطس 2024، تعاقدت معهم على سيارة، دفعت كامل المبلغ واستلمت شيكًا بالمبلغ كضمان. كان من المفترض أن أستلم السيارة في ديسمبر، لكن لم يحدث. ومع الوقت، علمت أنهم لم يستوردوا السيارة أصلًا. اكتشفنا أن الهلالي غادر البلاد، وبدأ التواصل معنا فقط من خلال جروب واتساب".

وأضاف: "استمر الهلالي في تقديم وعود وهمية، تارة بإقناعنا أن السيارات ستصل قريبًا، وتارة أخرى أنه سيرد الأموال. لكنه لم يلتزم بأي وعد، واختفى عن الأنظار تدريجيًا".

بيان الشركة: مشاكل جمركية أم غطاء قانوني؟
في محاولة لتبرير ما حدث، أصدرت شركة "ليمانز جروب" بيانًا اتهمت فيه منظومة "نافذة" الجمركية بأنها عطلت إجراءات تسجيل السيارات، ما أدى إلى احتجاز آلاف السيارات في الموانئ.

البيان ألقى باللوم على البيروقراطية، و"عطل في السيستم"، وتوقف تعديل البنود الجمركية، وأكد أن السيارات التي تعاقد عليها العملاء ما زالت محتجزة.

لكن البيان لم يقدم إجابات على أسئلة جوهرية: لماذا تم إصدار شيكات دون رصيد؟ ولماذا لم يُخطر العملاء بهذه التعقيدات مبكرًا؟ ولماذا اختفى الهلالي، وأغلق المعرض دون رد الأموال؟

مليارات ضاعت.. والدولة مطالبة بالتدخل
تشير التقديرات إلى أن حجم الأموال التي جمعها الهلالي تتراوح بين 1.5 إلى 2 مليار جنيه، حسب محاضر الشرطة وبلاغات العملاء. ورغم أن بعض القضايا نُظرت أمام القضاء، لا يزال مصير الأموال مجهولًا.

وتطالب أسر المتضررين الجهات الرقابية والمالية ووزارة التجارة بالتدخل، وتشكيل لجنة لحصر الأصول وتتبع أموال الشركة وتعويض الضحايا.