رجحت دراسة لموقع (الشارع السياسي) بعنوان (الموقف المصري من سقوط نظام الأسد في سوريا: المحددات والأبعاد)  أن يستمر نظام السيسي -لفترة أطول- في التحفظ على التعامل الرسمي مع الإدارة السورية الجديدة.
وفي المقابل قد تعمل القاهرة علي التواصل مع الفصائل الكردية في سوريا (المعادية والمتحاربة مع تركيا)، والمطالبة بضرورة تمثيلهم في الحكومة الجديدة؛ بدعوى توحيد الدولة السورية، ومنع الأكراد من المطالبة بالانفصال عن سوريا.

وحدد موقع (الشارع السياسي) الموقف المصري تجاه سوريا وتمركزه حول قضايا الإرهاب ومعاداة الثورات وتغيير الأنظمة، حيث يعتبر نظام السيسي أن تمكين فصائل المعارضة بعد سقوط نظام الأسد من حكم سوريا يمكن أن يشجع الخلايا النائمة في مصر (جماعة الإخوان المسلمين) لتحذو حذوها.
ويتزايد تخوف السيسي من أن يؤدي حكم هذه الفصائل إلي زيادة النفوذ التركي في المنطقة.


التضييق علي السوريين الموجودين في مصر
   
ومن أوليات التعامل الأمني التي أشارت لها الدراسة اعتقال قوات الأمن المصرية عددًا من السوريين في مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، والعبور بمحافظة القليوبية، بتهمة التجمع دون تصريح، وذلك أثناء احتفالهم بانتصار الثورة السورية وهروب رئيس النظام بشار الأسد وسقوط حكم البعث.

ومن الإجراءات التي اتخذها نظام السيسي ضد السوريين في مصر:

الإجراء الأول
   فرض السيسي قيودًا جديدة على تجديد الإقامات، ودخول الأراضي المصرية، وأيضًا على الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها السوريون في مصر.
حيث أعلنت الأجهزة الأمنية المصرية عن ضرورة الحصول على موافقة أمنية مسبقة لتجديد إقامة السوريين في البلاد.
وتم تعليق تجديد الإقامات مؤقتًا حتى إشعار آخر، ريثما تُستكمل الفحوصات الأمنية اللازمة.

وتُشرف ثلاث جهات أمنية على مراجعة وفحص طلبات تجديد الإقامة. وشملت الإجراءات الجديدة إلغاء أي استثناءات سابقة كانت تُمنح لبعض السوريين للدخول أو الإقامة في مصر.
 

الإجراء الثاني
   ومن ثاني الإجراءات فرض سلطات السيسي قيودًا مشددة على دخول السوريين إلى الأراضي المصرية.
شملت هذه الإجراءات منع دخول السوريين الحاملين لإقامات أو تأشيرات من دول أوروبية، أمريكية، وكندية، إلا بعد الحصول على موافقة أمنية مسبقة.
كما تم تعليق دخول السوريين الحاملين لتأشيرات “شنغن” إلى مصر.

وتم وضع شروط جديدة للسوريين المتزوجين من مصريين أو مصريات، حيث أصبح دخولهم مشروطًا أيضًا بالحصول على موافقة أمنية.
وبحسب التصريحات الرسمية، فإن تلك القيود لا تستهدف السوريين بشكل خاص، بل تأتي في إطار مراجعة دقيقة للملفات الأمنية لجميع القادمين إلى مصر، وذلك بعد تطورات الأوضاع في سوريا والقرارات السياسية الإقليمية والدولية التي أثرت على الوضع الأمني في المنطقة.
 

الإجراء الثالث
   فرضت السلطات ضوابط جديدة على الأنشطة الاقتصادية التي يزاولها السوريون في مصر.

من أبرز القرارات التي تم اتخاذها هو فرض شرط الموافقة الأمنية المسبقة على فتح أي نشاط تجاري أو اقتصادي يملكه أو يديره سوريون في مصر؛ وتشمل هذه الأنشطة فتح المطاعم، المحلات التجارية، شركات التصدير والاستيراد، والأعمال الحرة.
في هذه الحالة، لا يُسمح للسوريين بفتح أو إدارة أي نوع من المشاريع التجارية دون أن تحصل هذه الأنشطة على التصريح الأمني من الجهات المعنية.
 

الإجراء الرابع
   تزامنت الضوابط المستحدثة على الأنشطة التجارية، حيث فرضت السلطات ضوابط دقيقة على مصادر التمويل الخاصة بالمشروعات السورية.
إذ تقوم سلطات السيسي بمراجعة مصادر الأموال التي يتم استخدامها لتمويل هذه المشاريع، للتأكد من عدم وجود ارتباطات بأطراف قد تشكل تهديدًا للأمن القومي أو تستخدم لأغراض سياسية أو تمويل نشاطات إرهابية.
إلى جانب ذلك، تقوم الأجهزة الأمنية بمراقبة التحويلات المالية الخاصة بالسوريين داخل وخارج مصر، لضمان عدم استخدامها في عمليات قد تؤثر على الاستقرار الاقتصادي في البلاد.
 

الإجراء الخامس
   
أما الإجراء الخامس بحسب الدراسة فكان إعداد السلطات قائمة تضم عددًا من السوريين الذين تم تحديدهم للإبعاد من البلاد لدواعٍ أمنية.
وأوضحت المصادر أن هذه الإجراءات اتُخذت بناءً على مراجعات دقيقة وأنها لا تستهدف الجالية السورية بشكل عام.
 

الإجراء السادس
   أما الإجراء السادس والنمط الثاني من التعامل فكان التحذير من موجة اعتقالات في مصر حيث تزايدت بشكل لافت التحذيرات من حملات الاعتقال الأمني في مصر.

تحت عنوان: “بيان هام وعاجل”، قالت “الشبكة المصرية لحقوق الإنسان”، ومقرها العاصمة البريطانية، لندن، في 11 ديسمبر 2024، إنه: “مع تزايد التقارير حول زيادة وتيرة الحملات الأمنية والاعتقالات التي تنفذها الأجهزة الأمنية، نوجه الذين سبق احتجازهم واعتقالهم أو لديهم ملفات أمنية من المصريين، لضرورة اتخاذ الحيطة والحذر”.
وأشارت الشبكة الحقوقية إلى أن السلطات الأمنية المصرية كثفت مؤخرًا من حملات الاعتقال التعسفي، لتطال العديد من المصريين، وإخفائهم قسريًا بمقرات “جهاز الأمن الوطني” و”معسكرات الأمن المركزي”.

   وتعد الجالية السورية واحدة من أكبر الجاليات الأجنبية في مصر، حيث يبلغ عددهم نحو 1.5 مليون شخص.
منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011، لعب السوريون دورًا بارزًا في تنشيط الاقتصاد المصري، خاصة من خلال الأنشطة التجارية الصغيرة والمتوسطة مثل المطاعم والمحلات التجارية الصغيرة.
كانت هذه المشاريع مصدرًا رئيسيًا للدخل للعديد من العائلات السورية، وعاملًا هامًا في توفير فرص عمل للمصريين أيضًا.

   وحذرت الدراسة من أن الإجراءات الأخيرة التي فرضتها سلطات السيسي على تجديد الإقامات وعلى الأنشطة التجارية للسوريين قد تؤثر على الاقتصاد المحلي في مصر.
فالسوريون أصبحوا يشكلون جزءًا مهمًا من الحركة التجارية والاقتصادية في البلاد، وتأثير هذه الإجراءات قد يؤدي إلى تباطؤ النشاط التجاري في بعض القطاعات التي يسيطرون عليها.
كما أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تشويش على العلاقات بين الجالية السورية والحكومة المصرية.
https://politicalstreet.org/7010/