يعيش فلاحو أراضي الخريجين في منطقة نصر النوبة بمحافظة أسوان، في حالة من الاستياء والغضب، بعد انقطاع مياه الري عن أراضيهم منذ أكثر من ستة أشهر، مما أدى إلى تدهور المحاصيل وتلف مئات الأفدنة.
يأتي هذا الانقطاع في ظل شكاوى متكررة من الفلاحين دون استجابة من الجهات المختصة، وسط اتهامات بتفضيل توفير المياه لأراضي المستثمرين على حساب أراضي المزارعين المحليين.
مشكلة مستمرة: انقطاع المياه وتجاهل الجهات المسؤولة
تقدّم فلاحو قرى الحكمة، والمنار، والبراعم، والكرامة بشكاوى عديدة إلى وزارة الزراعة في القاهرة، لمطالبة المسؤولين بالتدخل وإعادة ضخ مياه الري التي تم قطعها عن أراضيهم.
هذه الأراضي، التي حصل عليها المزارعون ضمن مشروع مبارك للخريجين عام 2004، كانت تواجه مشكلة انقطاع المياه لفترات قصيرة في السنوات الماضية، لكن الأمر أصبح خطيراً هذا العام بامتداد الأزمة لأكثر من نصف عام.
ويقول خالد، أحد الفلاحين المتضررين: "المشكلة بدأت في مايو الماضي، وعندما توجهنا إلى المسؤولين للحصول على إجابة، تم وعدنا بأن المشكلة ستُحل قريباً، لكن الوضع ازداد سوءًا مع ارتفاع درجات الحرارة، مما عرض محاصيلنا للتلف."
لجنة الري: الأسباب التقنية أم الحضور المؤقت للمسؤولين؟
مع تزايد الشكاوى، تم إرسال لجنة من إدارة هندسة الري التي أوضحت بأن تراكم الطمي تحت المواسير قد تسبب في رفعها عن مستوى المياه، مما قلل من تدفقها إلى الأراضي.
رغم هذا التفسير، فوجئ الفلاحون بتدفق كثيف للمياه في الترع صباح أحد الأيام بالتزامن مع زيارة مسؤول كبير، إلا أن الأمور عادت إلى طبيعتها مباشرةً بعد مغادرته، ما أثار شكوكاً لدى المزارعين بأن المياه تُضخ مؤقتاً عند حضور المسؤولين.
ويؤكد المزارع صابر: "المياه تأتي فقط عندما يكون هناك مسؤول كبير، وتختفي بمجرد رحيله، وكأنها جاءت معه وغادرت معه."
تفضيل أراضي المستثمرين: اتهامات وشكاوى تتزايد
اكتشف الفلاحون أن أراضي المستثمرين، المملوكة لشخصيات بارزة، لم تتأثر بانقطاع المياه، وأن ماكينات الري تعمل بانتظام لضخ المياه لأراضي هؤلاء المستثمرين فقط.
وقد دفع ذلك الفلاحين إلى تقديم تلغرافات وشكاوى لوزيري الزراعة والري، ورئيس الوزراء، لكن دون استجابة فعلية تعيد المياه إلى أراضيهم.
التحرك إلى القاهرة: مساعٍ لتصعيد القضية
وبعد عدم الاستجابة، قرر المزارعون إرسال ممثلين عن كل قرية إلى وزارة الزراعة والنقابة العامة للفلاحين في القاهرة، لمواصلة المطالبة بحقهم في توفير المياه، بعدما تراجعوا عن إرسال حشود كبيرة خوفاً من اتهامهم بالتجمهر.
من جانبه، أكد عبد الفتاح عبد العزيز، رئيس النقابة العامة للفلاحين، أن النقابة قدمت شكوى رسمية لوزير الزراعة تتناول تبوير مئات الأفدنة بسبب الإجراءات البيروقراطية والتأخير في معالجة المشكلة.
مستقبل زراعي مجهول: بين وعود المسؤولين وتخوف المزارعين
مع اقتراب الموسم الزراعي الجديد، بات الفلاحون يخشون زراعة أراضيهم مرة أخرى خوفاً من تكرار نفس المشكلة.
ورغم وعود المسؤولين بحل المشكلة قبل بدء الموسم، يظل الغموض يحيط بمستقبل أراضيهم.
يصف عبد العزيز الوضع قائلاً: "المزارعون يعانون خسائر كبيرة نتيجة تأخير الإصلاحات، وهم الآن بين وعود غير موثوقة وتجاهل تام لمعاناتهم."