في خضم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بمصر، تبرز قضية بحيرة البردويل كعلامة جديدة على التوجهات المقلقة في السياسة المصرية، وخاصة فيما يتعلق بالتطبيع مع الإمارات. قامت حكومة السيسي تحت قيادة زعيم الانقلاب بإغلاق بحيرة البردويل أمام الصيادين، مما يثير العديد من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذه الخطوة، التي تأتي في وقت يتزايد فيه الضغط الإماراتي للاستحواذ على هذه الموارد الحيوية.
إغلاق البحيرة: البداية المشبوهة
في خطوة مثيرة للجدل، أُغلقت بحيرة البردويل أمام الصيادين قبل شهر من موعد الإغلاق الرسمي المقرر.
هذا الإجراء المفاجئ أثار حالة من الغضب والاستنكار بين الصيادين الذين يعتمدون على البحيرة كمصدر أساسي لرزقهم.
جدير بالذكر أن بحيرة البردويل تُعتبر واحدة من أغنى البحيرات في مصر من حيث الموارد السمكية، ولها تاريخ طويل من الاستخدام التقليدي من قبل المجتمع المحلي.
التساؤلات حول أسباب هذا الإغلاق تزايدت مع ظهور أنباء تشير إلى أن شركة إماراتية تسعى للاستحواذ على البحيرة، نظرًا لموقعها الاستراتيجي بالقرب من فلسطين المحتلة.
هذا الاستحواذ المحتمل يعكس سياسة الإمارات في تعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة على حساب الموارد الوطنية للدول الأخرى، وهو ما يتعارض مع حقوق المصريين في إدارة ثرواتهم.
التطبيع الإماراتي: خطر على السيادة
لم تعد التطورات الاقتصادية والسياسية في المنطقة محصورة في العلاقات بين الحكومات فقط، بل أصبحت تشمل أيضًا استثمارات الشركات الكبرى.
بينما تسعى الإمارات إلى توسيع نطاق نفوذها في المنطقة، فإنها تسعى بشكل خاص إلى السيطرة على الموارد الحيوية في دول مثل مصر، مما يثير مخاوف حقيقية بشأن فقدان السيادة المصرية.
ولا يخفى على أحد أن الإمارات قامت بالتطبيع مع الاحتلال الصهيوني، مما يثير المخاوف من أنها قد تستخدم استثماراتها في مصر كوسيلة للضغط على نظام السيسي لتحقيق مصالحها. إن استحواذ شركة إماراتية على بحيرة البردويل قد يكون جزءًا من خطة أكبر تستهدف تحويل مصر إلى مجرد سوق للموارد، وتهميش حقوق المصريين في التحكم في ثرواتهم.
نظام السيسي: غياب الشفافية والمحاسبة
مع تزايد الاستثمارات الإماراتية في مصر، يصبح من الضروري التساؤل عن مدى شفافية نظام السيسي في تعامله مع هذه القضايا.
هل يتم اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياة المواطنين بناءً على مصالح وطنية حقيقية، أم أن هناك أجندات خفية تسعى لتحقيق مصالح خاصة لشركات أجنبية؟
لا يمكن إنكار أن الحكومة المصرية تعاني من انعدام الشفافية والمحاسبة. فالكثير من المشاريع الاستثمارية تأتي بدون أي توضيح عن كيفية إدارتها أو كيفية تأثيرها على المجتمع المحلي.
ومن هنا، يتجلى خطر تحول مصر إلى مكان لاستنزاف الموارد، بينما يُترك المواطنون في حالة من الفقر والبطالة.
صيد بحيرة البردويل: مسألة حياة أو موت
تعتمد مجتمعات الصيد في منطقة البردويل بشكل كبير على البحيرة كمصدر رئيسي للعيش.
ومع ذلك، فإن إغلاق البحيرة أمامهم قد يعني تهديدًا حقيقيًا لمستقبلهم. يُعتبر صيد الأسماك عملاً تراثيًا يمرر عبر الأجيال، وإقصاء الصيادين عن هذا النشاط الحيوي سيؤدي إلى تفكيك هذه المجتمعات التقليدية.
تتطلب هذه القضية تحركًا جادًا لحماية حقوق الصيادين وضمان استدامة الموارد.
بدلاً من ذلك، يبدو أن حكومة السيسي تفضل تسليم هذه الموارد إلى المستثمرين الأجانب، مما يفتح الباب أمام المزيد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
إن التطورات المحيطة ببحيرة البردويل تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتغيير السياسات الحكومية في مصر.
تعتبر بحيرة البردويل رمزًا للموارد الطبيعية التي يجب أن تُدار لمصلحة الشعب المصري، وليس لمصلحة الشركات الأجنبية.
إن أي توجه نحو تسليم هذه الموارد إلى المستثمرين الأجانب يجب أن يُنظر إليه كخطر حقيقي على السيادة الوطنية ويستدعي تحركًا جماعيًا من المجتمع المصري لمواجهته.