قال مصدر مطلع بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن غالبية التدوينات التي يتم رصدها عن تجارة الأعضاء تكون لشباب في سن يتراوح ما بين 17 و35 عاماً، ويتحدث هؤلاء عن معاناتهم من توفير النفقات ويعرضون بيع كلاهم (الكلى) إما لتسديد الديون أو عدم القدرة على الإنفاق على الأسرة والرغبة في افتتاح مشروع جديد، أو عدم القدرة على دفع قيمة السكن، وهذا الشق الأخير يتعلق بالسودانيين الذين يعرضون بيع كلاهم.
وأضاف أن الردود على هذه التدوينات تأتي في الغالب من بعض المرضى بدول الخليج، أو الوسطاء ثم يكون التواصل بينهم بعيداً عن التدوينات العلنية، وفي المقابل يعلن البعض عن حاجته إلى الكلى أو الكبد أو القرنية وغيرها من الأعضاء بحثًا عن إمكانية توفيرها عبر مواقع التواصل وفي تلك الحالة دائمًا ما يدخل السماسرة على خط هذه الطلبات للحصول على نسبتهم مقابل توفير الحالات.
وقال في تقرير ب"عربي بوست" إن غالبية التدوينات تأتي من مناطق عشوائية أو شعبية في القاهرة أو في المحافظات والمراكز الفقيرة، ولا يكون لدى الساعين في بيع أعضائهم رغبة في التعرف على الآثار الجانبية لتلك العمليات وتكون الرغبة في الحصول على المال أقوى في الأغلب من أي تحذيرات.
معدلات الفقر
وارتفعت معدلات الفقر في مصر، فبحسب دراسة مستقلة أجريت قبل عامين رجحت أن يرتفع مستوى الفقر في مصر إلى 35.7%، في عام 2022/2023، وذكرت الدراسة التي أعدتها مستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، هبة الليثي، أن نسبة الفقر بلغت 33.7% في 2022 في حين كانت النسبة 31.1% في 2021 ارتفاعاً من 29.7% وفق آخر إحصاء رسمي في 2020.
وزيرة التضامن الاجتماعي السابقة نيفين القباج قبل ثلاث سنوات أشارت إلى أن عدد الأسر الفقيرة بلغ 8.5 ملايين أسرة، وتضم قرابة 31 مليون فرد.
وقفز معدل التضخم لإجمالي الجمهورية إلى 40.3% على أساس سنوي في سبتمبر من العام الماضي، بحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وغالبية عمليات الاتجار بالأعضاء لا تتم من خلال أشخاص توفوا بالفعل لأن هناك إقبالاً من جانب المواطنين الأحياء الساعين لبيع أعضائهم ويكون ذلك أكثر طلبًا لمسايرة الغلاء المعيشي الذي تعرفه مصر.
وسطاء التجارة
بمشاركة وسطاء منتشرين على المقاهي في المناطق الشعبية التي تعرف غياباً أمنياً، يحاولون إغراء المواطنين بمبالغ مالية كبيرة مقابل بيع أعضائهم.
وسطاء التجارة في الأعضاء البشرية، ينتعشون بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعرفه البلاد، جراء ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع الأسعار، وتراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار.
وفي مصر أسواق لتجارة الأعضاء البشرية يشغلها الوافدون الأجانب من الدول العربية والإفريقية إلى مصر خلال السنوات الماضية، ومؤخراً ألقت الأجهزة الأمنية في مصر القبض على تنظيم عصابي يستقطب المحتاجين لشراء أعضائهم البشرية مقابل ملايين الجنيهات يحصلون عليها من التأمين الطبي.
تنظيماً بمحافظة سوهاج (جنوب مصر)، استدرج مواطنين يحتاجون للمال، واتفقوا معهم على إنهاء إجراء التأمين على الأعضاء، ومنها العين، والتي تصل قيمتها إلى 25 مليون جنيه، ومن ثم إتلافها طبياً، واختلاق حادثة للحصول على قيمة التأمين.
العصابة استخدمت مرافق وأدوية مستشفى سوهاج العام، مثل المحاليل الطبية التي تستخدم في العمليات الجراحية، وقال ممرض إن عصابة التأمين على الأعضاء في سوهاج، واعترف الممرض باشتراكه مع آخرين في عملية إتلاف أعضاء بشرية مؤمن عليها لدى إحدى شركات التأمين على الأعضاء، للحصول على قيمة التأمين والتي بلغت للعينة الواحدة 25 مليون جنيه مصري، وللساق 70 مليون جنيه.
استئصال الكلى على الأغلب في مقابل مادي يتراوح ما بين 50 ألف جنيه إلى 200 ألف جنيه بحسب كل حالة.
وفي المقهى التي توجد في منطقة تعرف غياباً أمنياً، قابلنا محمد سعيد، أحد المواطنين الذي أكد لنا أنه تلقى عرضاً من ممرض يعمل بإحدى المستشفيات الخاصة، والذي أعطاه مقابل 150 ألف جنيه مقابل عملية استئصال الكلى.
الممرض الوسيط أخبر عميل آحر أن المقابل يمكن أن يرتفع إلى 300 ألف جنيه للعملية، وهو ضعف المبلغ الذي قدمه في البداية، لكن بعدما حاول الاستفسار عن الموضوع، أشار إلى أن السمسار قام بإغرائه مالياً لجذبه نحو إجراء العملية وعرض عليه مبلغ 300 ألف جنيه أي ضعف ما قام بعرضه في البداية لكنه رفض أيضًا.
وتنتشر تدوينات للعديد من المصريين على مواقع وصفحات فيسبوك من الراغبين في بيع أعضائهم بسبب الحاجة المادية، أو الراغبين في شراء أعضاء بشرية لهم أو لذويهم بمقابل مادي، كما أنه من اللافت قيام بعض السودانيين الذين يتواجدون في مصر أيضًا بعرض أعضائهم للبيع بحسب التقرير.
وشن القانون المصري عقوبات مشددة على من يقوم بالاتجار بالأعضاء البشرية تتراوح العقوبة ما بين السجن المشدد وغرامة 500 ألف جنيه، والسجن المؤبد والغرامة مليون جنيه، فضلًا عن عقوبات إدارية توقع على المستشفيات والأطباء، كما يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من نقل عضواً بشريًا بما يندرج تحت الاتجار بالأعضاء.
كشفت دراسة صدرت عن منظمة الصحة العالمية أن مصر تعد مركزاً إقليمياً للاتجار بالأعضاء البشرية، وصُنفت ضمن أعلى خمس دول على مستوى العالم في تصدير الأعضاء البشرية مع كل من الصين، والفيليبين، وباكستان، وكولومبيا، وهي الأولى على مستوى الشرق الأوسط.
وفي العام 2022، وجه السيسي بإنشاء أكبر مركز إقليمي لزراعة الأعضاء في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا داخل المدينة الطبية الجديدة في معهد ناصر، بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة بهدف إنشاء منظومة متكاملة، تشمل قاعدة بيانات لعمليات الزرع، والمرضى، والمتبرعين.
وقال مصدر حقوقي مهتم بأوضاع اللاجئين، إن توافد ما يقرب من 9 ملايين لاجئ ووافد عربي وأجنبي إلى مصر خلال السنوات الماضية دفع إلى أن تصبح مصر أحد الأوجه البارزة لمافيا تجارة الأعضاء حول العالم.
وتزايدات حالات استئصال الأعضاء بخاصة من السودانيين والصوماليين والإريتريين والإثيوبيين، وهؤلاء يشكلون عنصراً لجذب سماسرة تجارة الأعضاء.
وهناك مقاهي بعينها في القاهرة الكبرى وتحديداً في منطقة أرض اللواء بالقرب من وسط القاهرة معروفة بوجود هؤلاء بحثًا عن اللاجئين تحديداً، وأن بعض اللاجئين يلجؤون إلى مفوضية اللاجئين أو الأجهزة الشرطية للشكوى من وجود هؤلاء.
نقابة الأطباء
مصدر مطلع بنقابة الأطباء المصرية، أشار إلى أن ضعف الإجراءات الحكومية في التعامل مع عمليات استئصال الأورام وتمددها كان سببا في منح التراخيص لفتح مستشفيات خاصة تكون في الأغلب مشبوهة وتستهدف تحقيق أرباح غير شرعية، الأمر الذي ساهم في تمدد تجارة الأعضاء البشرية.
ويعاني القانون قصوراً لأنه لا يُوضح بالتفصيل الإجراءات القانونية التي تضمن عملية نقل الأعضاء بصورة شرعية، هذا بالإضافة إلى عدم اهتمام مافيا بيع الأعضاء بالإجراءات القانونية الضعيفة بالأساس نظير ما يحصل عليه الأطباء المخالفون والسماسرة من مبالغ هائلة.
نقابة الأطباء طالبت بتشديد العقوبات على مرتكبي جرائم نقل الأعضاء، والفصل بينها وبين القوانين المنظمة لزراعة الأعضاء، غير أن الحكومة لم تستجب لهذه المطالب دون سبب مقنع.
النقابة طالبت بإعدام من يتورط في مثل هذه الجرائم التي لا تقل خطورة عن القتل وقد تؤدي إلى الوفاة لكن هناك قناعة بأن المؤبد يكفي في حال ثبوت الاتجار في الأعضاء البشرية وقاد ذلك إلى وفاة المريض.
وتشطب نقابة الأطباء مباشرة أي طبيب يتورط في مثل هذه الجرائم إلى جانب العقوبة الجنائية التي يُعاقب بها الطبيب، مطالبًا بضرورة تشديد الرقابة من جانب الجهات الأمنية والمحلية على الأطباء الذين يكتفون بإجراءات عمليات نقل الأعضاء دون الحصول على موافقة اللجنة التي تتشكل من وزارة الصحة ونقابة الأطباء والطب الشرعي بوزارة العدل، والاكتفاء بموافقة المتبرع والذي كثيراً ما يكون هناك استغلال لحالته.

