تعيش قرية الغوريري، التابعة لمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، فصولًا من مأساة حقيقية وكارثة بيئية وصحية تلوح في الأفق، جراء غمر مياه الصرف الصحي لشوارعها وأراضيها الزراعية وبيوتها. صرخات واستغاثات الأهالي المتكررة لم تجد صدى لدى المسؤولين، وباتوا محاصرين بين خطر الأمراض وتلف ممتلكاتهم، في ظل عجز حكومي واضح عن إيجاد حلول جذرية لمشكلة تهدد حياة آلاف المواطنين، وتكشف عن فشل ذريع في إدارة البنية التحتية الأساسية.
https://www.facebook.com/groups/430411217932020/posts/1613166312989832/
معاناة يومية وتهديد للصحة العامة
تحولت حياة سكان الغوريري إلى كابوس يومي، حيث تفيض مياه الصرف الصحي من مصرف القرية لتغمر الشوارع الرئيسية، مما يعيق حركة المارة والطلاب ويعزل مناطق بأكملها. وصلت المياه الملوثة إلى حد محاصرة المدارس، الأمر الذي ينذر بكارثة صحية قد تصيب الأطفال بالأمراض والأوبئة. وقد وثّق الأهالي عبر فيديوهات ومناشدات على وسائل التواصل الاجتماعي حجم الكارثة، حيث تظهر المياه السوداء وهي تحاصر المنازل وتهدد أساساتها، مطلقين نداءات استغاثة عاجلة لإنقاذهم من هذا الوضع المزري الذي يدمر حياتهم وحياة أولادهم.
فشل فني يكشف سوء التخطيط
تكمن جذور الأزمة في خلل فني وهندسي فاضح، فالصرف الصحي للقرية يتم توجيهه إلى مصرف زراعي غير مؤهل لاستيعاب هذه الكميات الهائلة من المياه. يشير الأهالي إلى أن محطة الصرف الصحي بالمنطقة تضخ كميات ضخمة، بينما لا تتجاوز القدرة الاستيعابية للمصرف المفتوح جزءًا بسيطًا من هذه الكمية، مما يؤدي إلى فيضانه بشكل مستمر. هذه المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج سنوات من الإهمال وسوء التخطيط، حيث تتكرر الأزمة في قرى مجاورة بمحافظة القليوبية، مثل قرية الشموت التي تعاني من أزمة مماثلة منذ عام 1995، مما يؤكد أن المشكلة هيكلية وليست مجرد حادث عرضي.
وعود حكومية زائفة وتقاعس عن الحل
على الرغم من وضوح الأزمة وتصاعد شكاوى المواطنين، يبدو أن تحرك الجهات المسؤولة لا يرقى إلى مستوى الكارثة. ففي الوقت الذي يطالب فيه الأهالي بحل جذري يتمثل في تغطية المصرف أو إنشاء خط صرف بديل قادر على الاستيعاب، تكتفي السلطات المحلية بزيارات ميدانية ومعاينات لا تسفر عن حلول فعلية على أرض الواقع. وقد اقترحت إدارة الصرف في وقت سابق إنشاء خط طرد بديل يمتد إلى مصرف شبين القناطر الرئيسي كحل للمشكلة، لكن هذا المقترح ظل حبرًا على ورق، ولم يشهد أي تحرك جدي للتنفيذ. هذا التقاعس يثير سخط الأهالي الذين يرون مشروعات ضخمة تُنفذ في مناطق أخرى ضمن مبادرات مثل "حياة كريمة"، بينما تُترك قريتهم لتغرق في مياه الصرف الصحي، مما يعمق شعورهم بالتهميش والظلم.
بين مطرقة المرض وسندان الإهمال
إن قضية قرية الغوريري ليست مجرد مشكلة بنية تحتية، بل هي شهادة حية على مدى استهتار الحكومة بصحة المواطنين وأمنهم، وتجسيد لفشل إداري في التعامل مع أبسط حقوقهم. فبينما تروج الدولة لمشروعات قومية كبرى، يقف أهالي الغوريري عاجزين أمام كارثة تهدد حاضرهم ومستقبلهم، مطالبين بأقل حقوقهم الإنسانية: بيئة نظيفة وآمنة. إن استمرار تجاهل صرخاتهم لا يهدد بتفاقم الكارثة الصحية والبيئية في القرية فحسب، بل ينسف أي حديث عن التنمية والعدالة الاجتماعية التي تدعيها الحكومة، ويترك المواطنين فريسة للمرض والإهمال.

