نشرت منصة "صحيح مصر" تقريرا تساءلت فيه عن سبب حجب بيانات عدد الفقراء وحجم الفقر ونسبة الفقراء من إجمالي عدد السكان؟ بعد تأخر صدور تقرير بحث الدخل والإنفاق اللي بيصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
وكشف تقرير منصة التدقيق "تدخل الأجهزة الأمنية لمنع إصدار التقرير الأخير من نسخة بحث الدخل والإنفاق، وكذلك إصرار الحكومة على إدخال تعديلات جديدة على حجم دخول الأفراد عبر إضافة دعم "تكافل وكرامة" ودعم المرأة المعيلة، ضمن بنود دخل الأسرة السنوي، وذلك لتحجيم الزيادة المطردة في نسبة الفقراء.
وكانت آخر مرة صدر تقرير "بحث الدخل والإنفاق" ويوضح نسبة الفقر في مصر كان في ديسمبر 2020، وكشف التقرير حينها أن نسبة الفقراء وصلت لنحو 29.7% من إجمالي عدد السكان، فيما أعلن البنك الدولي زيادة الفقراء إلى نسبة 32.5% في نهاية العام 2022.
وأوضح أن هذه الأرقام قبل تخفيض حكومة السيسي قيمة الجنيه أكتر من مرة (3 مرات)، بل كانت أساسا فترة البيانات تغطي ما قبل كوفيد -19.
وأبانت أن تدهور قيمة الجنيه أدى لتدهور القوة الشرائية لعشرات الملايين من المصريين ممن يعتمدون في دخلهم على الرواتب الثابتة، ومع ذلك تصر الحكومة على منع الجهاز المركزي للإحصاء من إصدار تقارير توضح آثار تلك القرارات الاقتصادية على المستوى المعيشي للمصريين.
العديد من التقديرات تشير إلى تجاوز نسبة الفقر 35% في مصر، بل إن منظمة "الفاو" تقول إن 28.5% من سكان مصر عانوا من درجة شديدة إلى متوسطة من درجات انعدام الأمن الغذائي خلال الفترة من عام 2020 إلى عام 2022.
الفاو وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة تقدر نسبة انتشار نقص التغذية بـ7.2% خلال الفترة نفسها، وهي نسبة عالية جدا بالنسبة إلى بلد لا تشهد حروب أو نزاعات أهلية.
الإخفاء الأمني
ولا يقتصر الاخفاء في مصر على الناشطين السياسين في مقرات الأمن الوطني، بل يبدو أن الحكومة حتى الآن لم توضح أسباب حجب بيانات الفقر والفقراء، رغم تصريح اللواء خيرت بركات رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في أغسطس 2023 بأنَّ البحث سيصدر في أكتوبر 2023، نقلا عن موقع "المنصة".
وقال مصدران في مجلس الوزراء وجهاز الإحصاء كشفوا لـ"صحيح مصر" أن جهاز التعبئة والإحصاء انتهى من إعداد بحث الدخل والإنفاق عام 2021/ 2022، وكان سيصدر في 2023، ولكن جهات أمنية حالت دون ذلك.
وأوضحت أن التصريحات تتطابق مع تصريح لمصدر مطلع على عملية إصدار الأبحاث السابقة لـ"المنصة" نفى فيها بشكل قاطع أن تكون هناك أسباب فنية وراء عدم صدور البحث الأخير، مع تلميح بقيام الأجهزة الأمنية بتعطيل صدور البيانات المتعلقة بنسبة الفقر.
بيانات التضخم
وقالت المنصة إن الأشد غرابة أن حكومة السيسي تسمح للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بإعلان بيانات التضخم على أساس سنوي بل وبشكل شهري، وهو ما يوضح للناس أن عدد الفقراء يزيد باستمرار حتى وإن غاب الرقم الرسمي.
وعلى الرغم من الحساسية الأمنية المُستجدة من نشر نسبة الفقر في مصر حاليًا، خصوصًا أنه من المتوقع أنها هتكون عالية جدًا، إلا أن بحث الدخل والإنفاق مهم جدًا سواء للدولة، باعتباره مسح إحصائي متخصص ومصدر موثوق للبيانات، وتقدر من خلالها وضع سياسات بعينها أو تاخذ إجراءات استباقية ما.
وهذه النوعية من البحث مهم لمجتمع البحث العلمي وللصحافة، وغيابه معناه إعاقة الباحثين عن دراسة أوضاع المصريين الاجتماعية في ظل التعويم، أو تكوين صورة علمية دقيقة عن الآثار المترتبة على "الإصلاح الاقتصادي"، فيضطروا يلجأوا للتقديرات أو التخمينات.
ويبدو أن بحسب التقرير فإن حكومة السيسي تتعمد القصور في هذا الجانب رغم أنه خطأ فادح، وغير مفيد ولا يحمي النظام حتى، لأنه حجب معدلات الفقر لا يعني أنه المجتمع غير مدرك أو يشعر بما يحدث له، حتى أن من أفقرهم السيسي يعلمون ما حدجث معهم، وغاضبين، ولا ينتظرون بيانات تفصيلية من الـ" CAPMAS" لكي يستاءوا، بحسب "الموقف المصري".
هذا إلى أجانب أن نشر البيانات حق من حقوق المواطن المصري في المعلومات، والتعتيم والحجب يزيد من قلق الشعب بل وتجعلهم يصدقون أي معلومات ولو كانت مضللة.

