شهد سهم شركة "إنفيديا" التكنولوجية الأمريكية المدرجة في بورصة نيويورك (وول ستريت) تراجعًا حادًا بنسبة 9.53% أو ما يعادل 279 مليار دولار خلال جلسة الثلاثاء، مما يعكس القلق المتزايد بشأن الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة واحتمالية دخول البلاد في حالة ركود. هذا الانخفاض الكبير في قيمة السهم يمثل أكبر تراجع في القيمة السوقية لشركة أمريكية في يوم واحد منذ تأسيس وول ستريت قبل أكثر من 200 عام.
في ختام جلسة الثلاثاء، انخفضت القيمة السوقية لشركة "إنفيديا" إلى 2.65 تريليون دولار، وهو انخفاض قدره 850 مليار دولار مقارنةً بالقيمة التاريخية التي سجلتها الشركة في يوليو/تموز الماضي. هذا الهبوط يمثل صدمة في الأسواق المالية ويعكس تأثر الشركة بشكل كبير بمخاوف الركود الاقتصادي التي تسود السوق.
كما أظهر مؤشر بلومبرغ للأثرياء، في تقريره الصادر يوم الأربعاء، أن مؤسس "إنفيديا" ورئيسها التنفيذي جينسين هوانغ فقد حوالي 10% من ثروته الشخصية، أي أكثر من 10 مليارات دولار، خلال جلسة الثلاثاء. هذا التراجع الكبير في ثروة هوانغ يعكس تأثير الهبوط في سعر سهم الشركة على الثروات الشخصية للمستثمرين الرئيسيين في الشركة.
في ذات الوقت، نفت شركة "إنفيديا" ضلوعها في ممارسات تقوض المنافسة، وذلك بعد أن أفادت وكالة بلومبرغ بأن وزارة العدل الأمريكية بدأت تحقيقًا في هذا الموضوع. تعكس هذه التحقيقات قلق الجهات التنظيمية من أي ممارسات قد تؤثر سلبًا على المنافسة في سوق أشباه الموصلات، وهو قطاع حيوي بالنسبة للابتكار التكنولوجي.
تزامن هذا الانخفاض الحاد في سهم "إنفيديا" مع تراجعات جماعية شهدتها الشركات الكبرى المدرجة في "وول ستريت"، مما وصفه البعض بـ "حمام دم عنيف" في البورصة. هذه التراجعات تأتي في أعقاب أزمة الأسهم التي بدأت في 5 أغسطس/آب الماضي، والتي أدت إلى تزايد حالة القلق بين المستثمرين بشأن استقرار السوق.
الهبوط الكبير في سهم "إنفيديا"، والذي بلغ 279 مليار دولار، يمثل أعمق انخفاض في القيمة السوقية لشركة أمريكية في يوم واحد على الإطلاق. هذه الحالة تبرز المخاوف المتزايدة لدى المستثمرين بشأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الناشئة، التي كانت محركًا رئيسيًا لمكاسب سوق الأسهم هذا العام. تشير هذه المخاوف إلى أن المستثمرين أصبحوا أكثر حذرًا بشأن مدى استدامة الأرباح التي تحققها الشركات العاملة في هذا القطاع.
علاوة على ذلك، شهد مؤشر PHLX للرقائق، الذي يتتبع أداء الشركات في قطاع أشباه الموصلات مثل "إنفيديا"، هبوطًا بنسبة 7.75%، وهو أكبر انخفاض له في يوم واحد منذ عام 2020، وفقًا لبيانات وول ستريت. هذا الانخفاض يعكس حالة التوتر والقلق التي تسود قطاع التكنولوجيا.
وتأتي المخاوف بشأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بعد أن قدمت "إنفيديا" توقعات ربع سنوية فشلت في تلبية التوقعات العالية للمستثمرين، الذين كانوا قد دفعوا بأسهم الشركة إلى مستويات مرتفعة بشكل ملحوظ. هذه التوقعات المخيبة للآمال أضافت مزيدًا من الضغط على السهم وساهمت في تفاقم الانخفاض.
كما أصدرت الولايات المتحدة بيانات مخيبة للآمال بشأن نشاط التصنيع، مما زاد من المخاوف من احتمال دخول البلاد في حالة ركود. ارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM قليلاً إلى 47.2 في أغسطس/آب الماضي، من أدنى مستوى له عند 46.8 في نوفمبر/تشرين الثاني 2023. رغم ذلك، جاء هذا الرقم أقل من توقعات السوق عند 47.5، مما يمثل الانكماش الحادي والعشرين في نشاط التصنيع الأمريكي خلال الـ22 شهرًا الماضية.
في الختام، تبرز هذه التطورات التحديات الكبيرة التي تواجهها "إنفيديا" وغيرها من الشركات الكبرى في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، مما يتطلب من المستثمرين والمحللين متابعة الوضع عن كثب والتعامل بحذر مع التغيرات في الأسواق المالية.