انتقدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الخطة التي أعلنها وزير التربية والتعليم لمواجهة العجز في أعداد المعلمين، واعتبرتها إعادة تدوير لتصريحات المسؤولين السابقين ولم تأت بجديد، حيث أن خطة الوزارة المعلنة تفشل في حل الأزمة القائمة، وتعكس غياب الإرادة الحقيقية في إجراء إصلاحات جذرية لعلاج النقص في أعداد المعلمين وتحسين أوضاعهم. وطالبت المبادرة المصرية بإعادة تقييم التحديات التي تواجه التعليم بشكل عام كحق لكل المصريين، والخطوات التي اتخذتها الحكومة في سياق الحديث عن إجراءات إصلاح التعليم، ما يتطلب مناقشة ميزانية التعليم ومدى الالتزام الدستوري بها وما آلت إليه أوضاع المعلمين، واتخاذ خطوات جادة في تدريبهم مهنيًا لأداء متطلبات وظيفتهم، خصوصًا أن أبرز الانتقادات التي توجه إلى منظومة التعليم تتمثل في انفراد وزارة التربية والتعليم بوضع السياسات وتنفيذها والرقابة عليها مع استبعاد جهات تمثيل المعلمين والمؤسسات المجتمعية ذات الصلة. وتضمن بيان الوزارة الذي أعلنه وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الأربعاء، 14 أغسطس، أن العجز بلغ 469 ألفا و860 معلمًا، وأن سد هذا العجز من أولويات الوزارة في الفترة المقبلة. مضيفًا أن الوزارة مستمرة في تطبيق المبادرة الرئاسية لتعيين 30 ألف معلم سنويًا، كما ستعمل على تفعيل قانون مد الخدمة، من أجل الاستفادة من خبرة المعلمين الذين بلغوا سن المعاش، والتعاقد مع 50 ألف معلم بالحصة في مختلف الإدارات التعليمية حسب حاجتها، والاستعانة بالخريجين لأداء الخدمة العامة بالتعاون مع وزارتي التعليم العالي والتضامن الاجتماعي. ويؤكد الدستور في المادة 22: “المعلمون، وأعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم، الركيزة الأساسية للتعليم، تكفل الدولة تنمية كفاءاتهم العلمية، ومهاراتهم المهنية، ورعاية حقوقهم المادية والأدبية، بما يضمن جودة التعليم وتحقيق أهدافه.” ولذلك، يجب الاشارة إلى أن المعلمين بالحصة يتقاضون أجورًا منخفضة، لا تزيد عن عشرين جنيها للحصة وبحد أقصى 24 حصة أسبوعيًا، أي ما يعادل 1920 جنيه شهريًّا وهو أقل من الحد الأدنى للأجور الذي يبلغ 6 آلاف جنيه. وتحذر المبادرة المصرية أن التوسع في الاعتماد على المعلمين المؤقتين يرسخ للتمييز والظلم وانتهاك حقوقهم الدستورية في الأجر العادل والضمانات الاجتماعية وعدم الفصل التعسفي، وهو ما ينعكس على جودة التعليم بشكل عام. وترى المبادرة إنه كان أحرى بالوزارة أن تعدل عن المعايير التمييزية غير الدستورية التي أضافتها كمسوغات للتعيين في مسابقة 30 ألف معلم، والتي شملت للمرة الأولى في تاريخ التعيينات بالوزارة اجتياز تدريبات للياقة الطبية والبدنية والذهنية وكشف الهيئة بالكلية الحربية، وهي جهة غير مختصة، ولديها نفوذ يحد من حق المتضررين في رفض قراراتها والطعن عليها أمام الجهات التنفيذية والقضائية المختصة. وتنظر دائرة العدل بالمحكمة الإدارية بالعباسية منذ إبريل الماضي 106 طعونًا تقدمت بهم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية نيابة عن معلمات ومعلمين، ضد قرار وزير التربية والتعليم باستبعادهم رغم اجتيازهم الاختبارات المؤهلة للتعيين ضمن مسابقة “30 ألف معلم” التي دعا لها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في يوليو 2022. كانت الحكومة قد دعت عن طريق الجهاز إلى المشاركة في المسابقة المؤهلة لتعيين 30 ألف معلم سنويًا، لسد العجز الذي تعانيه المدارس المصرية في الكوادر البشرية، إلا أن أعدادًا كبيرة من الناجحات والناجحين في المسابقة فوجئوا باستبعادهن/هم لأسباب تمييزية صريحة، بالمخالفة لنصوص الدستور والقانون، تتعلق بالوزن الزائد، والطول، والحمل، والولادة الحديثة، أو عدم اجتياز تدريبات عُقدت للياقة الطبية والبدنية والذهنية وكشف الهيئة، عُقدت جميعها في مقر الكلية الحربية بالقاهرة وتحت إشرافها. وجاءت تقارير هيئة المفوضين لدى المحكمة الإدارية لوزارة العدل جميعها لصالح المدعين، واستندت إلى توفر كافة شروط المسابقة المعلنة، وتطابقها على المدعين من كافة النواحي. وأكدت الهيئة أن اجتياز البرنامج التدريبي لوزارة التربية والتعليم ما هو إلا تمهيد لصدور قرار التعيين وإعلان ذلك القرار، وهو ما توافر في شأن المدعين، لا سيما أن الجهة الإدارية امتنعت عن الرد على موضوع الدعوى، وتقديم المستندات التي تستند إليها، ولم تقدم بيانًا مفصلًا بجميع الإجراءات التي سبقت مسابقة التعيين في الوظيفة المذكورة، وأوجه تفضيل المعينين على المدعين المستبعدين وسبب استبعاد المدعين من التعيين على وجه الدقة رغم كون هذه القرارات والإجراءات حاسمة في المنازعة الماثلة.
وتجدد المبادرة المصرية مطالبها للجهات المختصة بإصدار قرار بتعيين كل الناجحات والناجحين في المسابقة والذين استبعدوا على الرغم من اجتيازهم مراحل المسابقة القانونية، وإلغاء الاختبارات والتدريبات الإضافية التي عقدت بالكلية الحربية باعتبارها جهة غير معنية وغير مختصة بالتعينات في الجهاز الإداري للدولة.