قرر قائد الانقلاب العسكري، عبدالفتاح السيسي، بشكل مفاجئ عدم التجديد لمفتي الجمهورية شوقي علام، ما يعني الإطاحة به “بشكل لائق”، لما له من دور في إقرار إعدام مئات المصريين السياسيين، حيث صدق على إعدام 1600 معتقل منذ 2013 حتى 2021 فقط”.

وقال علام عبر صفحته على فيسبوك، أنه بذل طوال هذه المدة كل الجهود لدعم المؤسسات الدينية الوطنية، وفي مقدمتها دار الإفتاء المصرية، حيث قدم لها كل أنواع الدعم المادي والمعنوي الذي ساعدها لتخطو خطوات جادة في تطوير الخطاب الديني وضبط الصناعة الإفتائية وتقديم صورة مشرفة للدين الإسلامي الحنيف.

ويقول الكاتب أحمد في مقال له، “في أحد تصريحاته المثيرة للجدل قال شوقي علام مفتي الديار المصرية، الذي عيّنه الرئيس الشهيد محمد مرسي، في فبراير 2013، ومدد له السيسي، ثم جدد له عاماً في منصبه، خلافاً للدستور: “إن في مصر ضمانات لأحكام الإعدام لا توجد في دولة أخرى”! وذلك رداً على المطالب المتكررة بإلغاء عقوبة الإعدام.

 وأضاف علام -بثقة وخيلاء- عبر إحدى القنوات المحلية، في 27 أغسطس 2020، أن أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي وجهوا له -قبل سنوات- بعض الأسئلة التي جمعها في 4 ورقات كبيرة، عن هذه القضية.

وطمأن علام هؤلاء (حسب كلامه)- حينها- بشأن وجود ضمانات قانونية للإعدام، وأن الفارق شاسع بين مصر- التي تأتي في صدارة الدول الأكثر تنفيذاً لأحكام الإعدام- والدول الأخرى، موضحاً: “عندنا ضمانات قانونية وإجرائية، بالإضافة إلى الرأي الاستشاري للمفتي، ثم الضمانات التحقيقية، ولدينا احترافية كبيرة”.

ولم ينسَ المفتي الإشادة بالدولة- التي تغالي في تنفيذ الإعدامات- والادعاء أن الدين الإسلامي يحض على الإعدامات، الدين أم الدولة هي التي تحض؟.

ولم يختلف رأي المفتي الديني- في قضية الإعدامات- عن رأي السلطة، في رفض وقف عمليات الإعدام التي ازدادت وتيرتها بشكل مرعب، بإشارة مباشرة من السيسي في جنازة النائب العام الأسبق هشام بركات، في 30 يونيو 2015، حينما قال: “مش هينفع إن إحنا نمشي كده، إحنا بنتكلم في أكثر من سنتين، لا المحاكم بالطريقة دي وفي الظروف دي هتنفع، ولا القوانين في الظروف دي هتنفع”.

في 24 مارس 2014، قضت محكمة جنايات المنيا برئاسة القاضي سعيد يوسف صبرة بإحالة أوراق 529 من معارضي النظام في المحافظة إلى المفتي، وقضت نهائياً بإعدام 37 شخصاً منهم، قبل أن تحيل 682 متهماً في قضية أحداث عنف المنيا للمفتي أيضاً. وأهاب القاضي بعد النطق بالحكم بالنيابة العامة، الطعن على الحكم أمام محكمة النقض، لأن المحكمة استعملت الرأفة في غير محلها وعلى غير أهلها!

النقض في تلك المرحلة ألغت الأحكام برمتها، قبل أن تغير توجهها بضغوط سياسية، وتصّدق على الأحكام لاحقاً.

الغريب في تلك القضية أن القاضي أطلق حكمه بإعدام المئات في جلسة واحدة، مُنع فيها المحامون من الترافع ولم تقدم النيابة أي أدلة تدينهم.

نفس القاضي كان قد برأ- سابقاً- مدير أمن بني سويف من تهمة قتل المتظاهرين في أحداث ثورة 25 يناير، وأحيل بعد هذه الفضائح إلى الصلاحية، وسط حديث عن وجود خلل في قواه العقلية.

أما في قضية فض ميدان رابعة، فلم يحضر 6 أشخاص، ضمن 12 شخصاً محكوماً عليهم بالإعدام، لحظة الفض، لأنهم كانوا قبلها بأسابيع، رهن الاعتقال، ومنهم شقيقان، هما محمد ومصطفى الفرماوي، كانا على ذمة قضية أخرى، رغم ذلك صّدق المفتي على الإعدامات كما صدّق على عدد كبير من إعدامات المنيا.

 

في قضية أخرى، أبلغ المتهم محمود الأحمدي، قاضي التحقيقات أثناء جلسة المحاكمة يوم 16/8/2016 بما تعرض له من تعذيب داخل مقر الأمن الوطني في لاظوغلي، وكشف عن آثار التعذيب في ساقه، وقال: “اتكهربنا كهربا تكفي مصر لمدة عشرين سنة”، وأضاف: “إديني يا فندم صاعق كهربائي وأخليلك أي حد هنا يعترف إن هو اللي قتل السادات”.

أما أحمد وهدان فتم القبض عليه في نفس القضية، قبل اغتيال النائب العام بـ45 يوماً، والاثنان تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهما في فبراير 2019، ضمن تسعة شبان آخرين، تتراوح أعمارهم بين 23 و30 سنة، صّدق المفتي على إعدامهم جميعاً.

ومن ضمن قرارات قضائية، بإحالة نحو 1814 شخصاً إلى مفتي الجمهورية (الذي يعد رأيه استشارياً)، وافق المفتي على إعدام نحو 757 منهم، ورفض ما يقارب 1100، وحتى من صدّق على إعدامهم قُبل الطعن من أغلبهم، فأين هي الضمانات الإجرائية والاحترافية؟

وأضاف مفرح، “وحتى تتخيل بوضوح حجم الجريمة التي يشارك فيها مفتي الجمهورية، فيكفيك أن تعلم أنه منذ انقلاب 2013 وحتى أغسطس 2021، وافق المفتي شوقي علام على إعدام أكثر من 1600 مواطن في قضايا ذات طابع سياسي فقط! ناهيك عن القضايا ذات الطابع الجنائي، لتحتل مصر في عهد هذا المفتي المراتب الأولى في الدول التي تصدر أحكاماً بالإعدام على مستوى العالم.
وكانت “كوميتي فور جستس” قد رصدت تنفيذ 87 حكم إعدام في مصر خلال شهري أكتوبر، ونوفمبر 2020 فقط، بينهم 17 سياسياً.