أظهرت معطيات أصدرها البنك المركزي، الأربعاء، ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج 66 بالمئة على أساس سنوي، في يونيو الماضي.
وقال المركزي، في بيان، إن تحويلات المصريين العاملين بالخارج صعدت خلال يونيو للشهر الرابع على التوالي، 65.9 بالمئة لتسجل 2.6 مليار دولار، صعودا من 1.5 مليار دولار خلال يونيو 2023.
وبذلك ترتفع التحويلات بأكثر من الضعف عما حققته قبل الإجراءات الإصلاحية المتخذة في 6 مارس 2024، حيث بلغت 1.3 مليار دولار في فبراير الماضي.
وفي مارس الماضي، أعلن البنك المركزي تحرير سعر صرف الجنيه ليحدده العرض والطلب في السوق المحلية، تبعته إجراءات شملت خفض الدعم ورفع أسعار سلع رئيسة.
ونمت التحويلات خلال الربع الثاني 2024 بنسبة 61.4 بالمئة مسجلة 7.5 مليارات دولار، مقابل نحو 4.6 مليارات دولار خلال الفترة المناظرة من العام الماضي.
يأتي صعود التحويلات بعد أن أدى تحرير سعر صرف الجنيه، إلى إنهاء السوق الموازية التي كانت هدفًا لجزء من التحويلات من الخارج للاستفادة من فروق أسعار الصرف.
تهديدات البحر الأحمر
وعلى الجانب الآخر، فقد أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأربعاء، "التأثير المباشر للتهديدات الأمنية للملاحة في البحر الأحمر على الاقتصاد"، داعيًا إلى "تضافر الجهود لخلق بيئة آمنة لمرور السفن وطمأنة شركات الشحن الدولية".
جاء ذلك خلال استقبال عبد العاطي قائد العملية البحرية الأوروبية بالبحر الأحمر "أسبيدس" فاسيليس جورباريس بالقاهرة، وفق بيان للخارجية.
وأكد وزير الخارجية المصري على "أهمية تضافر الجهود لخلق بيئة آمنة لمرور السفن بالبحر الأحمر وطمأنة شركات الشحن الدولية".
وأشار إلى "التأثير المباشر للتهديدات الأمنية للملاحة في البحر الأحمر على الاقتصاد المصري نظرًا للانخفاض الهائل في عوائد قناة السويس، الأمر الذى يجعل مصر من أكثر دول العالم تأثرًا بالوضع الحالي".
وفي يوليو الماضي، كشفت إحصاءات الملاحة بالقناة خلال العام المالي 2023/ 2024؛ عن عبور 20148 سفينة بإجمالي حمولات صافية قدرها مليار طن محققة إيرادات قدرها 7.2 مليارات دولار، مقابل عبور 25911 سفينة خلال العام المالي 2022/ 2023 بإجمالي حمولات صافية قدرها 1.5 مليار طن، محققة إيرادات قدرها 9.4 مليارات دولار، وفق بيان لهيئة قناة السويس آنذاك.
وقال الوزير إنه "من الضروري العمل على معالجة الأسباب الحقيقية لحالة التصعيد غير المسبوقة، وهى استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة (منذ 11 شهرًا) وسياسة الاغتيالات وانتهاك سيادة دول المنطقة".
و"تضامنا مع قطاع غزة" الذي يواجه حربًا إسرائيلية مدمرة منذ 7 أكتوبر الماضي بدعم أمريكي، تستهدف جماعة الحوثي اليمنية بصواريخ ومسيّرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر.
وفي 19 فبراير الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي انطلاق عمليات مهمة بحرية أوروبية باسم "أسبيدس" لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر من هجمات جماعة الحوثي.
خسائر قناة السويس
ووفقا لأرقام الحكومة وبيانات صندوق النقد الدولي، فقد خسرت قناة السويس نحو 60% من إيراداتها في أول شهرين من العام الجاري، وبما يعادل 745 مليون دولار، في حين تراجعت أعداد السفن المارة إلى 2.3 ألف سفينة مقابل نحو 3.9 آلاف خلال الفترة نفسها من العام 2023.
وعلى الرغم من حجب الحكومة أرقام إيرادات القناة عن الخمسة شهور الأولى من عام 2024، وعدم الكشف عنها حتى الآن، إلا أن وزير المالية محمد معيط قال في 20 مايو الماضي إن تقديرات بلاده تشير إلى تراجع الإيرادات بنسبة 60%، بسبب توترات البحر الأحمر القائمة. واعتبر أن أزمة البحر الأحمر، إلى جانب تباطؤ النشاط الاقتصادي وتراجع حركة التجارة والسياسات التقييدية المتبعة من قبل البنوك المركزية للتعامل مع الآثار التضخمية للأزمات العالمية، تؤثر سلبا على إيرادات مصر.
هذا في حين توقع رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، بداية مارس الماضي، انخفاض إيرادات مصر من القناة خلال العام 2024 إلى نحو 5 مليارات دولار مقابل نحو 10.249 مليارات دولار بالعام 2023 ونحو 7.9 مليارات دولار في 2022، وذلك في حال استمرار توترات البحر الأحمر وتهديدات الحوثيين للملاحة عند باب المندب.
ويوم 28 إبريل الماضي خرجت علينا وزيرة التخطيط، هالة السعيد، قائلة إن إيرادات قناة السويس انخفضت 50% بسبب اضطراب حركة الشحن في البحر الأحمر، ولم تحدد فترة زمنية. لكن الأرقام الرسمية أشارت إلى تراجع الإيرادات إلى نحو 575.1 مليون دولار خلال إبريل الماضي بانخفاض 36.5%، عن إبريل عام 2023 والتي سجلت خلاله عائدات بنحو 904.5 ملايين دولار.
وعلى مستوى عدد السفن المارة عبر قناة السويس، فقد تراجعت بنسبة حادة بلغت 85% في الأشهر الستة الماضية، في حين زاد عدد السفن المارة عبر مسار رأس الرجاء الصالح أكثر من الضعف، وفقًا لبيانات مارين ترافيك.
ومن المتوقع أن تتعمق خسائر قناة السويس في الفترة المقبلة وحتى نهاية الحرب على غزة، مع استمرار زيادة التوترات والمخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، حيث أدت هجمات الحوثيين على السفن التجارية المتوجهة لإسرائيل إلى تحويل مسار إبحارها إلى طرق أخرى وبعيدًا عن قناة السويس، أهم القنوات والمضائق حول العالم، وذلك لصالح رأس الرجاء الصالح، وقرار هيئة قناة السويس تمديد العمل بعدد من قرارات تخفيض رسوم عبور السفن والناقلات والتي تتراوح بين 15% و75% حتى نهاية 2024.
هذه الخسائر ستحرم مصر من مليارات الدولارات هذا العام، حيث إن قناة السويس تعد مصدرًا رئيسًا للنقد الأجنبي الذي تعاني البلاد ندرة منه. كما تراهن الدولة على زيادة وتعظيم تلك الإيرادات مع شق تفريعة جديدة بلغت كلفتها 8 مليارات دولار في أغسطس 2015. من يعوّض مصر عن خسائر قناة السويس التي تقدر بمليارات الدولارات؟
إسرائيل التي تصر على إشعال منطقة الشرق الأوسط وحرق قطاع غزة وقتل من فيه؟ أم الحوثيون الذين يربطون بين تبريد البحر الأحمر ووقف العدوان على غزة، أم الولايات المتحدة التي فشلت ضمن تحالف دولي في وقف هجمات الحوثيين وقمع ضرباتهم المتزايدة، أم دول إقليمية تعودت على سداد فاتورة دولة الاحتلال من وقت لآخر ودون مبرر واضح؟