رفعت شركات وتجار الذهب أسعار المصنعية على المشغولات الذهبية بنسبة تصل إلى 10% مع بداية مايو الجاري، في استجابة مباشرة لارتفاع تكاليف الإنتاج وتغيّرات السوق، وسط تراجع حاد في معدلات الشراء بفعل ضعف القوة الشرائية وارتفاع أسعار الذهب عالميًا ومحليًا.

وأكد ثلاثة من تجار الذهب أن الزيادة الجديدة تأتي بعد أشهر قليلة من زيادات سابقة، ما أدى إلى وصول مصنعية جرام الذهب عيار 21 إلى ما بين 170 و300 جنيه في بعض المناطق، بينما تراوحت أسعار المصنعية لعيار 18 بين 200 و400 جنيه في محافظات أخرى، مثل الوجه البحري.
 

ضغوط الإنتاج والعملة والفائدة
   يرى نائب رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، لطفي المنيب، أن رفع المصنعية خطوة متوقعة في ظل التغيرات المتواصلة في الأسواق.
وقال إن الشركات تُعيد تقييم سياساتها التسعيرية بشكل دوري، في ضوء ارتفاع أسعار المواد الخام والطاقة والضرائب والجمارك.

وأوضح المنيب أن "أي تغيير في تكلفة رأس المال أو سعر صرف الجنيه أو أسعار الفائدة ينعكس تلقائيًا على الأسعار"، مشيرًا إلى أن رفع المصنعية "جزء من آليات السوق القائمة على العرض والطلب".

وكان البنك المركزي المصري قد خفّض منتصف أبريل الماضي أسعار الفائدة بنسبة 2.25%، لتسجل 25% على الإيداع و26% على الإقراض، في محاولة لتحفيز الاقتصاد، في حين واصلت العملة المحلية تراجعها أمام الدولار، ما زاد من كلفة الاستيراد وشراء الذهب الخام.
 

تكاليف متصاعدة.. والشركات تتأقلم
   من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الذهب (فضل عدم ذكر اسمه) إن ارتفاع تكاليف الإنتاج بنسبة 20% تقريبًا، يشمل أسعار الوقود وأجور العمالة، ما أجبر الشركات على رفع المصنعية لتعويض هذه الزيادة.
وأضاف أن "الشركات امتصت جزءًا من هذه التكاليف لفترة، لكن الاستمرار أصبح غير ممكن دون تعديل في الأسعار".

في السياق نفسه، قال تاجر الذهب مصطفى السنوسي إن زيادة المصنعية طالت جميع الشركات دون استثناء.
وأوضح أن المصنعية كانت تتراوح بين 150 و275 جنيهًا، لكنها ارتفعت لتتراوح حاليًا بين 170 و300 جنيه، وفي بعض المحافظات بين 200 و400 جنيه للجرام الواحد.

وأشار السنوسي إلى أن نسبة "الهالك" أثناء تصنيع المشغولات تُعد من العوامل التي تضغط على المصنعية، موضحًا أن "كلما ارتفع سعر الذهب الخام، زادت قيمة الفاقد في الإنتاج، وبالتالي ارتفعت كلفة المنتج النهائي".
 

الذهب يرتفع.. والمبيعات تتراجع
   وبينما تواصل أسعار الذهب ارتفاعها عالميًا، مدفوعة بالتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، شهد السوق المحلي في أبريل الماضي قفزة غير مسبوقة في سعر الذهب، إذ تخطى جرام الذهب عيار 21 حاجز 5 آلاف جنيه لأول مرة في تاريخه.

جاء ذلك بالتزامن مع فرض واشنطن وبكين رسومًا جمركية جديدة على وارداتهما بنسبة 125% إلى 245%، ما عزّز الطلب على الذهب كملاذ آمن، فرفع أسعاره عالميًا، وأثّر تباعًا على السوق المصري.

لكن هذا الارتفاع في الأسعار ترافق مع تراجع في الطلب المحلي، إذ كشف تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي أن مشتريات المصريين من الذهب تراجعت بنسبة 16% خلال الربع الأول من عام 2025، لتسجل 11.1 طن مقابل 13.2 طن في نفس الفترة من العام الماضي.

وأرجع تجار الذهب هذا التراجع إلى ضعف القوة الشرائية، وسط زيادات متتالية في أسعار السلع والخدمات، جعلت الذهب رفاهية مؤجلة لدى غالبية المواطنين.