طالبت منظمات عمالية ونقابية وممثلو أمانات العمال، في أحزاب المعارضة السياسية المصرية، بالإفراج الفوري عن العمال والنقابيين المحبوسين، ووقف الضغوط الممارسة على العمال المتظلمين من ظروف العمل، وتوقف الحكومة عن سياسات الاستدانة وبيع أصول الدولة. جاء ذلك في رسالة بعثت بها المنظمات العمالية رسالة إلى وزير العمل الجديد محمد جبران، تتضمن قائمة من المطالب الملحة والعاجلة للعمال من الحكومة الجديد، أشار لها موقع “القدس العربي”. ووفق الرسالة التي وقع عليها عدد كبير من المنظمات العمالية بينها دار الخدمات النقابية ولجنة الدفاع عن الحريات النقابية، فإن البلاد شهدت خلال العامين الأخيرين أزمات اقتصادية متصاعدة حيث قفز الدين الخارجي في الفترة من 2016 إلى 2022 بنسبة 614٪ ليصل إلى 2526 تريليون جنيه، بينما قفز الدين المحلي الداخلي خلال نفس الفترة بنسبة 109٪ بزيادة قدرها 2497 تريليون جنيه. خفض الدعم كما بلغ إجمالي الدين العام الداخلي والخارجي ما يعادل 113٪ من الناتج المحلي في آخر يونيو/ حزيران 2023، وبلغت نسبة أعباء الدين المقرر سدادها إلى الإيرادات المتاحة 113٪ في العام المالي 2023/2024، تبعا للمنظمات التي بينت أن مؤشرات خدمة الدين في الموازنة، تبدو في وضع حرج عند قياسها بالنسبة للصادرات والاحتياطات العامة التي تحدد قدرة الدولة على خدمة الدين حيث تبلغ نسبة الدين المستخدم لتمويل العجز 90٪ أي أنه ليس ديناً لتمويل استثمارات تضيف طاقة إنتاجية للمجتمع، ولم ينخفض معدل التضخم الأساسي الذي وصل في مارس الماضي إلى مستوى قياسي متجاوزاً 35 في المئة كما تضاعفت أسعار الغذاء والسلع الأساسية على نحو غير مسبوق على خلفية خفض قيمة العملة المحلية (الجنيه) والنقص القائم في العملة الأجنبية، وتأثير نقص المواد الخام، والتأخيرات المستمرة في دخول الواردات التي تتراكم في الموانئ انتظاراً لسداد رسوم الجمارك حيث يفسد جانب منها مخلفاً أزمة جديدة. وانتقدت المنظمات إقدام الحكومة منذ بداية شهر يونيو الماضي على تخفيض قيمة دعم الخبز الذي يعد الغذاء الرئيسي للمصريين، بينما تشرع في تقليص دعم الكهرباء والمواد البترولية على النحو الذي يؤدي عملياً إلى تآكل الأجور. وتناولت في رسالتها، ما يعانيه عمال القطاع الخاص من شروط عمل قاسية، إذ قالت: إذا كنا ندرك التأثيرات السلبية للأزمة الاقتصادية الراهنة على رجال الأعمال المصريين، ونطالب بمعالجتها، غير أننا -في الوقت نفسه-نرفض اتجاههم إلى التخلص من أزماتهم أو الحد منها فقط من خلال حملهم على العمال والانتقاص من حقوقهم على النحو الذي يسلمهم وعائلاتهم حرفياً إلى الجوع. وزادت: مع تصاعد احتجاجات ومطالبات عمال القطاع الخاص بتطبيق الحد الأدنى للأجور بواقع 600 جنيه عليهم، على الأخص بعد استجابة الحكومة لاحتجاج عمال قطاع الأعمال العام وتطبيق الحد الأدنى للأجور عليهم، اجتمع المجلس القومي للأجور، وأصدرت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية القرار رقم 27 لسنة 2024، بتقرير الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص، والذي نص في المادة الأولى منه على أن «يكون الحد الأدنى للأجر بالقطاع الخاص ستة آلاف جنيه فقط لا غير» وذلك اعتبارًا من أول مايو الماضي، ويستثنى من تطبيق هذا القرار المنشآت متناهية الصغر التي يعمل بها عشرة عمال فأقل، إلا أن كل هذه القرارات لا تعدو حبرا على ورق. أجور زهيدة وبينت المنظمات أن أكثر من نصف المصريين يعملون في ظل ظروف عمل هشة، وغير مستقرة، وبأجور زهيدة غير منتظمة، كما أنهم غير متمتعين بأي نوع من الحماية الاجتماعية، وهو ما يجعلهم أكثر تأثراً بالأزمات الاقتصادية، وأكثر تعرضاً للوقوع تحت خط الفقر بشكل مضاعف. ولفتت إلى المسح الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء على عينة من 23864 أسرة في أنحاء البلاد، وبين أن أكثر من 75٪ من الشباب المصري يعمل أعمالاً غير رسمية، دون أي عقود عمل، ما يعني أن 75 ٪ الشباب يعملوا في ظروف عمل غير مستقرة، وغير آمنة ودون مظلة تأمينية تكفل لهم الحماية في أحوال التعطل أو الإصابة أو المرض، أو بلوغ سن التقاعد. كما يتحمل العمال، وذوو الدخول الثابتة والمنخفضة، فاتورة هذه الأزمات الاقتصادية الخانقة، وقد أدى ذلك إلى تواتر الإضرابات والحركات الاحتجاجية العمالية منذ بداية العام الحالي في مختلف القطاعات للمطالبة بزيادة الأجور، حيث كشفت هذه الإضرابات والتحركات عن غياب التنظيم النقابي الفاعل الذي يحظى بثقة العمال ويمكنه التفاوض نيابة عنهم. وأضافت أن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر (الحكومي) لم يزل أقرب ما يكون إلى مؤسسة حكومية وليس منظمة جماهيرية، يحتكر تمثيل العمال، بينما هو غائبٌ عن مشاكلهم، ولا يتبنى مطالبهم ولم تزل الأغلبية الساحقة من عمال القطاع الخاص بلا نقابات، بل لم تزل غالبية العمال المؤقتين الذين يعملون في الهيئات التابعة للحكومة ذاتها غير ممثلين في المنظمات النقابية
ولأن غالبية الإضرابات والحركات الاحتجاجية يلجأ إليها العمال تلقائياً دون منظمات نقابية إزاء غياب آليات المفاوضة الجماعية، وامتناع أصحاب العمل – بمن فيهم الهيئات الحكومية – عن التفاوض مع العمال، فإن هذه الإضرابات والحركات الاحتجاجية غالباً ما تواجه بصور شتى من القمع التي تبدأ بالتحقيق الإداري وتوقيع العقوبات على العمال، وتنتهي بتحقيقات النيابة، واحتجاز البعض منهم في أقسام البوليس أو مقرات الأمن الوطني غزل المحلة وتناولت الرسالة الأحداث التي شهدتها شركة غزل المحلة: كان من شأن قرار زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين في الأجهزة الحكومية إلى 6 آلاف جنيه، أن يرى عمال شركات قطاع الأعمال العام «المملوكة للدولة» أنه من غير المنطقي استبعادهم من تطبيق الحد الأدنى للأجر خاصة وأن الحد الأدنى الذي قررته الحكومة للعاملين في أجهزتها هو بغير شك الحد الأدنى اللازم لكي يتمكن العامل أو لنقل الإنسان من الوفاء بالتزاماته واحتياجاته واحتياجات أبنائه الضرورية، وهو حق لعمال مصر جميعهم. وتابعت: بسبب ذلك كانت الأحداث المتصاعدة التي شهدتها شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى منذ صباح الخميس الموافق 22 فبراير الماضي حيث تجمعت العاملات بمصانع الملابس البالغ عددهن حوالي 3700 عاملة معربات عن احتجاجهن على أجورهن المتدنية ثم تجمع العمال بساحة طلعت حرب يوم 24 فبراير الماضي مطالبين بتطبيق الحد الأدنى للأجر الذي قررته الحكومة للعاملين فيها عليهم، ومعلنين إضرابهم عن العمل الذي استمر لمدة أسبوع مع التزامهم بالتعبير عن مطالبهم بالوسائل السلمية المشروعة، واستثناء الأقسام المنوط بها إنهاء طلبيات التصدير من الإضراب، ولدى تدخل أعضاء اللجنة النقابية التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر (الحكومي) لحمل العمال على فض التجمع والإضراب قوبلوا برفض العمال واستنكارهم. وواصلت: قطاع الأعمال العام رقم 16 لسنة 2024 الذي تضمن زيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين في شركات قطاع الأعمال العام إلى 6000 جنيه شهرياً، ورغم عدم الاستجابة لمطالب عمال غزل المحلة الأخرى، إلا أنهم قرروا إنهاء إضرابهم والعودة إلى العمل بمجرد تلقيهم رسالة إيجابية من الحكومة وبالرغم من ذلك تعرض عمال غزل المحلة طوال مدة إضرابهم، للكثير من الضغوط، وممارسات التهديد والترويع، حيث تم استدعاء ما يزيد على سبعين عاملاً وعاملة من قبل جهاز الأمن الوطني، وتم احتجاز معظمهم لعدد طويل من الساعات دون أن يعلم أحد مكان احتجازهم وما يجري معهم ثم قام جهاز الأمن الوطني يوم 29/2 وبعد عودة العمال للعمل باحتجاز ثلاثة عشر عاملاً، وفيما تم لاحقاً بعد أكثر من يومين إطلاق سراح عدد منهم، استمر اختفاء كل من وائل محمد أبو زويد، ومحمد محمود طلبة، إلى أن فوجئ ذووهم وزملاؤهم بظهورهما أمام نيابة أمن الدولة العليا التي أصدرت قراراً بحبسهما خمسة عشر يوماً على ذمة القضية رقم 717 لسنة 2024 حيث تم اتهامهما بالتهمتين الشائعتين: الانضمام إلى جماعة مُشكلة على خلاف القانون، ونشر إشاعات وأخبار وبيانات كاذبة. وتابعت الرسالة: رغم انتهاء إضراب العمال في شركة غزل المحلة، استمر حبس وائل محمد أبو زويد، ومحمد محمود طلبة لمدة ثلاثة أشهر إلى أن تم الإفراج عنهما يوم الأحد الموافق 26 مايو 2024 دون أن يكون لهذا التعسف ما يبرره، اللهم إذا كان محاولة لتحميل أحد مسؤولية الإضراب رغم أن الحكومة وحدها هي من تتحمل المسؤولية، أو إذا كان رغبة غير مفهومة في الانتقام من عمال غزل المحلة تتجسد في التنكيل باثنين منهم دون سبب أو سند من الواقع. الحبس الاحتياطي وزادت الرسالة: لم يكن وائل ومحمد طلبة هما فقط العمال المحبوسين الموجهة إليهم ذات الاتهامات المكررة، فلا يزال هناك غيرهم من النقابيين محبوسين وموجهة إليهم هذه الاتهامات المتهافتة وهم سامح زكريا من العاملين في هيئة الإسعاف الحكومية محبوس على ذمة القضية رقم 2412 لسنة 2022، وأحمد عبد الفتاح الأمين العام المساعد لنقابة العاملين بشركة شرق الدلتا للنقل والسياحة محبوس على ذمة القضية رقم 2124 لسنة 2023، والنقابي شادي محمود من الإسكندرية وتم القبض عليه وحبسه مؤخراً يوم 29 إبريل الماضي. وأكدت أن الموظفين المتضررين من القانون رقم 73 لسنة 2021 والمتظلمين من قرارات إنهاء خدمتهم يتعرضون للكثير من الضغوط الأمنية، حيث قامت قوات الأمن بفض تجمعاً للعشرات منهم وألقت القبض على ثلاثة عشر موظفاً منهم من محيط نقابة الصحافيين في الأول من يونيو الماضي، لتتم إحالتهم إلى النيابة التي وجهت لهم تهمة التظاهر بدون ترخيص بالمخالفة للقانون رقم 107 لسنة 2013، وتم التحفظ عليهم لمدة يومين بقسم قصر النيل رغم نفيهم الاتهامات الموجهة إليهم كونهم قد قاموا بإرسال إخطار بالتظاهر إلى مأمور قسم قصر النيل قبل أكثر من أسبوع، كما أنهم امتثلوا للأوامر الأمنية بالانصراف.
ولفتت الرسالة، إلى أن عشرات الآلاف من الموظفين في الهيئات والمؤسسات الحكومية قد تم إنهاء خدمتهم على سند من القول بتعاطيهم المخدرات بعد إجراء تحليل مفاجئ لهم تنفيذاً للقانون رقم 73 لسنة 2021، ويشكك غالبية هؤلاء في صحة نتائج التحاليل التي تقوم اللجان بإجرائها ومدى التزامها بالحيادية، ومعايير الشفافية والنزاهة.