قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا: "إن الأحكام الجماعية التي صدرت بحق عشرات المعارضين الإماراتيين أول أمس الأربعاء الموافق 10 تموز / يوليو الجاري هي أحكام مسيسة وجائرة تنتهك المعايير الدنيا للعدالة، وقد جاءت نتيجة إعادة محاكمة النشطاء على نفس التهم التي حوكموا عليها قبل عقد من الزمان وصدرت بحقهم أحكام مختلفة في حينها وهي تعبر عن إمعان السلطات في قمع وإرهاب المعارضين وعدم احترام القوانين الداخلية والدولية". وأشارت المنظمة، التي تتخذ من العاصمة البريطانية مقرا لها في بيان أرسلت نسخة منه لـ "عربي21"، إلى أن المحاكم الإماراتية شهدت ثاني أكبر محاكمة جماعية في تاريخ البلاد، بعد المحاكمة الشهيرة المعروفة باسم "الإمارات 94"، ففي هذه المحاكمة، مثل 84 من نشطاء المجتمع المدني والمعارضين الإماراتيين أمام القضاء بتهمة تأسيس "لجنة العدالة والكرامة"، وهي التهمة نفسها التي وُجهت إلى بعضهم من المعتقلين السابقين على خلفية قضية "الإمارات 94" مع آخرين، مما يعني أن الأغلبية يواجهون المحاكمة للمرة الثانية بتهمة مشابهة. وبينت المنظمة أن هذه المحاكمة، التي وصفتها بـ "الهزلية" أسفرت عن أحكام بالسجن تراوحت بين 10 سنوات والمؤبد، بالإضافة إلى غرامات مالية تتراوح بين 10 و20 مليون درهم. وأشارت إلى أن هذه الأحكام بُنيت على الأدلة القديمة نفسها المستخدمة في القضية الأولى، دون تقديم أي دليل حقيقي. كما تم التلاعب بشهادات الشهود وتلقينهم ما يقولونه. وأضافت المنظمة أن هذه المحاكمة رافقها كغيرها العديد من الانتهاكات المنهجية في الإمارات مثل التعذيب الجسدي، والإجبار على التعري، وانتزاع الاعترافات تحت التهديد، والإكراه على التوقيع عليها. بالإضافة إلى ظروف الاحتجاز التعسفية التي تتضمن التعرض لموسيقى صاخبة لفترات طويلة والحرمان من النوم ومنع التواصل مع العالم الخارجي، وعدم تمكين المحامين من مقابلة محاميهم أو التحدث إليهم. ولفتت المنظمة الانتباه إلى أن قضية "الإمارات 94" والتي بدأت أحداثها عام 2013، عندما قام عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين في الإمارات بتأسيس منظمة حقوقية تحت اسم "لجنة العدالة والكرامة"، والتي قوبلت بقمع شديد من قبل النظام، الذي اعتقل العشرات منهم وقدم 94 شخصًا لمحاكمة جماعية أسفرت عن إدانة 69 شخصًا بأحكام سجن تتراوح بين 5 و15 عامًا، قبل أن تعاد محاكمة بعضهم مع آخرين من جديد عن ذات التهمة. وأكدت أن الصمت الدولي، الذي وصفته بـ "المخزي" شجع السلطات الإماراتية على التمادي في انتهاك حقوق المعتقلين، حيث أعلنت في ديسمبر 2023 عن ثاني أكبر محاكمة جماعية في تاريخ البلاد أثناء انعقاد قمة المناخ (COP28) في دبي، ليُظهر النظام الإماراتي عدم اكتراثه بالانتقادات الدولية، مما سمح له بالمضي قدمًا في هذه المحاكمات الجائرة على مرأى ومسمع من قادة العالم الذين تجمعوا في البلاد لتقديم الأولوية للمصالح الاقتصادية والسياسية على حساب حقوق الإنسان. وأوضحت المنظمة أن الأحكام صدرت ضد 53 شخصًا، حُكم على خمسة منهم بالسجن 15 عامًا وخمسة آخرين بـ10 سنوات وعلى 43 بالسجن المؤبد، مع انقضاء الدعوى عن 24 شخصا، لافتة أنه من بين المعتقلين في القضية القديمة والجديدة المعتقل البارز عبد السلام درويش المرزوقي وسلطان بن كايد القاسمي، واللذين حُكم عليهما بالسجن المؤبد مع المعتقل الأكاديمي ناصر بن غيث، كما ضمت قائمة المحكوم عليهم الناشط البارز أحمد منصور، الذي طالبت الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة بالإفراج عنه لكن السلطات الإماراتية تجاهلت كل هذه الطلبات. وأشارت المنظمة إلى أن قائمة الاتهامات كاملة لا تزال غير معروفة إذ قيدت السلطات الوصول إلى ملفات القضية ولم تسمح للمحامين بالحصول على نسخ مطبوعة أو إليكترونية من الملفات، بل لم تسمح لهم بالاطلاع عليها بحرية وأجبرتهم على مشاهدتها عبر شاشة داخل غرفة محاطين بأفراد الأمن الذين منعوهم من التقاط أي صور لما جاء في الملفات. وشددت المنظمة في نهاية بيانها على أنه حان الوقت لتدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل واتخاذ إجراءات ملموسة وحاسمة لوضع حد لهذه الانتهاكات وإنقاذ مستقبل هؤلاء المعتقلين الذين كانت جريمتهم الوحيدة هي التعبير السلمي عن آرائهم. وأصدرت محكمة أمن الدولة في أبوظبي، أول أمس الأربعاء أحكاما تتراوح بين 15 سنة والمؤبد بحق المتهمين في قضية "الإمارات84"، التي تعود جذورها إلى أكثر من عقد من الزمان. تُعرف القضية في الأوساط الحقوقية بـ "الإمارات 84" نظرا للمحاكمة الجماعية لـ 84 شخصا، من بينهم معارضون سياسيون وناشطون حقوقيون وأكاديميون، نحو 66 منهم يقبعون في السجون الإماراتية فيما البقية يحاكَمون غيابيا. أما في الإعلام المحلي الإماراتي، فتُعرف القضية بـ "قضية تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي"، لاتهامهم بالارتباط بحركة الإخوان المسلمين المصنّفة "إرهابية" في الإمارات، عبر تأسيس "لجنة العدالة والكرامة".