على غرار دعوات التوبة من جرائم يونيو 2013، لتقف هذه الخريطة الجهنمية التي وصعت فيها مصر منذ 3 يوليو 2013 وإلى اليوم، كتب المهندس يحيى حسين عبد الهادى، وهو السياسي المعروف بمحاربة الفساد والمعتقل السابق في سجون عبدالفتاح السيسي؛ مقالا بعنوان "مِنْ هنا نبدأ" على غرار مقال شهير آخر للكاتب الإسلامي الراحل خالد محمد خالد.


وأوضح أن "ما يجب أن نبدأ به الآن وفوراً دون انتظارٍ لزوال الغُمَّة (ولن تزول إلا به) هو خَفْضُ منسوب الاحتقان ومكايدات الصغار وتَلاسُن العِيال بين فصائلنا وتياراتنا نحن الشعب المقموع".

وأضاف ".. ليس مطلوباً الآن تغيير الانحيازات والرايات (فضلاً عن استحالة ذلك) .. رَكِّز يا أخي في الدفاع عن رايتك، لا في تمزيق راية غيرك .. أَلَا يمكن أن نصطَّفَ براياتنا الآن تحت رايةٍ أكبر في مواجهة المستبد الفاشل؟."


المقال:
وقال "عبدالهادي" إن "العنوان مُقتَبَسٌ من اسم الكتاب الأشهر للشيخ خالد محمد خالد .. وقد جالَ هذا العنوانُ بخاطري وأنا أُتابع اجتهادات كثيرٍ من المخلصين لأولويات الإصلاح بعد زوال الغُمَّة .. وكُلُّها اجتهاداتٌ صائبة، لكن أجمل ما فيها أنها تَنُّمُ عن تَفاؤلٍ بأن الغُمَّة ستزول.
أكتفي هنا على سبيل المثال لا الحصر بما كَتَبَه الصديقان: المهندس/ تامر شيرين شوقي (مشوار العودة صعبٌ وصعبٌ جداً ولكنه يرتكز على ٣ ركائز أساسية: العدل/ التعليم/ الحقوق والواجبات) .. والدكتور تامر النحاس (لو أن ربك أراد لنا أن نرى النور فإنني أرى هذا الدرس وحده كبداية: يجب ألا يُستدعى الجيشُ أبداً مرةً أخرى .. لا في نزاعٍ سياسي ولا في إدارة الدولة).
لا أظن أن أحداً يختلف عما ذهب إليه التامِران .. ويمكن لي ولغيري إضافة مساراتٍ أخرى نبدأ بها على التوازي صبيحة اليوم التالي .. غير أنني أرى أنَّ ما يجب أن نبدأ به الآن وفوراً دون انتظارٍ لزوال الغُمَّة (ولن تزول إلا به) هو خَفْضُ منسوب الاحتقان ومكايدات الصغار وتَلاسُن العِيال بين فصائلنا وتياراتنا نحن الشعب المقموع.
لِكُلٍّ مِنَّا (نحن المقموعين) انحيازاته التي لن تتغير .. الأيدلوجية السياسية، الأيدلوجية الاقتصادية، الانحياز الاجتماعي، الديانة .. إلخ .. ليس مطلوباً الآن تغيير الانحيازات والرايات (فضلاً عن استحالة ذلك) .. رَكِّز يا أخي في الدفاع عن رايتك، لا في تمزيق راية غيرك .. أَلَا يمكن أن نصطَّفَ براياتنا الآن تحت رايةٍ أكبر في مواجهة المستبد الفاشل؟.
ليس مطلوباً أن يتخلى أحدُنا عن قناعاته، فذلك ضَرْبٌ من الخيال .. فقط، لا تهاجم انحيازات الآخرين فتستفزهم ويشتبكون معك بدلاً من الاصطفاف في وجه من يقمعكما معاً.
لماذا يَحُّكُ أحدُنا أنفَ أخيه؟ .. كُلٌّ مِنَّا يرى أنَّ أخاه هو الذي أوصَلَنا لما نحن فيه ولا بُدَّ أن يعتذر أولاً .. يا سادة لقد وَصَلْنا للقاع بالفعل، وهذه الجَدلية العقيمة التي لن تنتهي والتي تورث العِنْدَ وتُعَّمِقُ التَمَّزُقَ، تشغلنا عن طلب الاعتذار ممن بَطَشَ بنا جميعاً (ولا يزال).
لستُ واهماً حتى أحلم بانتهاء هذه المعارك العبثية تماماً، إذ سيظل بيننا من يُؤججُ نيرانها سواء من اللجان العبرية أو لجان السُلطة أو من الذئاب المنفردة السابحة في الفضاء الإلكتروني .. كُلُّ ما نرجوه أن ينخفض منسوب الاحتقان .. ومِنْ ثَمَّ فالخطابُ مُوَّجَهٌ للعقلاء والكِبارِ في كل التيارات والفصائل.
أخي المقموع .. قُلْتُها من قبلُ وسأظلُ أُكررها .. أنا وأنتَ خصمان غريقان مُقَّيَدان بسلسلةٍ في قاع البحر .. فلنُؤَجل شِجارنا لما بعد النجاة .. أَمَّا الآن فلنحاول معاً فَكَّ السلسلة .. غير ذلك سَفَهٌ .. بل خيانةٌ.
ينتظرنا عملٌ شاقٌ ومُضنٍ في اليوم التالي لزوال الغُمَّة، لكن التسامي على هذه المعارك العبثية هو واجب الساعة الآن .. من هنا نبدأ.
مهندس/ يحيى حسين عبد الهادي
 

">http://