يوم 17 يونيو 2019، وبينما كان الرئيس محمد مرسي، يحذر رئيس المحكمة الطاغية محمد شيرين فهمي مجددا من أنه يتعرض للقتل داخل سجنه بطرق مختلفة بينها دس أشياء في طعامه، والقاضي لا يعيره اهتماما، سقط الرئيس شهيدا خلال جلسة محاكمته بالإهمال الطبي والعمدي بهدف قتله.

بدلا من محاكمة القتلة الذين تسببوا في قتله قبل خمسة سنوات أهانه إعلام الانقلاب بصورة غير مغتفره وظل الجميع ينفي عنه صفة “رئيس” ويسمونه باسمه المجرد ويسردون أكاذيب عن خيانته لمصر وتخابره مع حماس وقطر وغيرها ويبررون قتله ويصفونه بالإرهاب.

مرت خمس سنوات والشعب يتذكره وينعاه بينما يرجم قاتله السيسي ويدعو عليه بعدما أفقر الجمع ونهب أموال وخيرات مصر وفرط في منها ومياهها وتركها عزبة للصهاينة وتخلي عن أهل غزة.

اعلام الانقلاب الذي ينصح المصريين بألا ينبشوا في ماضي أي متوفي من مؤيدي الانقلاب، لم يتورع عن شن حملات هجوم متدنية تتضمن كم هائل من الاكاذيب عن الرئيس الشهيد بعدما بدأ المصريون يقارنون بين خيانة السيسي وتنازله عن أمن مصر واراضيها وسيادتها، وفشله في السياسات الخارجية، فبدأ إعلان الانقلاب في تشويه الحقائق ونشر قصص كاذبة عن تنازلات للرئيس مرسي ما هي في حقيقتها سوي تنازلات السيسي.

مرسي: انا في خطر!

واشتكي الرئيس محمد مرسي عدة مرات اثناء محاكمته من انه يتعرض للقتل قائلا: أنا في خطر .. انا باموت” ومع هذا لم تستمع له المحكمة بسبب الزجاج السميك الذي يفصل بينه وبينها ومنع الصوت وظل يعاني الإهمال الطبي ورفض المحكمة علاجه او نقله للمستشفى، وتجاهل إعلام السلطة نشر استغاثته وسخر منها أحيانا.

ففي 29 نوفمبر 2017 اشتكي الرئيس مرسي للمحكمة الإهمال الطبي الذي يتعرض له في السجن، لكن دون جدوى، وقبلها تقدم بطلب للمحكمة للعلاج في 8 أغسطس 2015، ورغم تصريحات المحكمة بانتداب طبيب متخصص في مرض السكر، إلا أنه لم يحضر حتى وفاته.

وكانت هناك شكوك بإصابته بأمراض مزمنة بالكبد والكلى نتيجة سوء التغذية وحرمانه من دخول الطعام المناسب لظروفه الصحية ومتطلبات سنه، بالإضافة إلى رفض تزويده بالملابس أو معدات النظافة الشخصية وكذا الكتب والصحف.

وفي 17 مايو 2018 أصدرت أسرة الرئيس محمد مرسي، بيانا حول طبيعة وظروف احتجازه هو ونجله أسامه قال أن “رئيس مصر الشرعي والمنتخب الدكتور محمد مرسي خلف الجدران سيئة السمعة مع حالة من الحصار والتعتيم المتعمد عن طبيعة وظروف احتجازه منذ الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر سنة 2013 ودون أن يسمح له بحقه الطبيعي في مقابلة أسرته وفريقه القانوني على مدار سنوات الاعتقال”.

وأضاف البيان: “أسرة الرئيس لا تعلم شيئا عن مكان وظروف احتجاز الرئيس، ولا طعامه وشرابه فضلاً عن حالته الصحية وخاصة بعد حديث الرئيس عن تعرض حياته للخطر والتهديد المباشر داخل مقر احتجازه في أكثر من مرة خلال جلسات المحاكمة الهزلية أبرزها كان بتاريخ 8 أغسطس 2015، و6 مايو 2017، و23 نوفمبر 2017”.

تعليمات بالقتل!

وقال الحقوقي أحمد مفرح أن لديه معلومات تؤكد أن “قطاع السجون كانت لديه تعليمات من وزير الداخلية، اللواء محمود توفيق، والذي كان يقود جهاز الأمن الوطني قبل شغله المنصب الحالي، بعدم الاستجابة نهائياً لمطالب أي من قيادات جماعة “الإخوان”، الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، بالعلاج المناسب”.

https://x.com/AhmedMefreh9/status/1140657045789728768

لذلك دعا “مفرح” المقرر الخاص المعني بالقتل خارج إطار القانون بالأمم المتحدة إجراء تحقيق في ظروف وملابسات مقتل الدكتور محمد مرسي وما يتصل بها من أوضاع متعلقة باحتجازه واعتقاله وغيرة من المئات داخل السجون المصرية.

وسبق لـ “كريسبن بلنت” عضو مجلس العموم البريطاني القول: “وجدنا أن ظروف احتجاز رئيس مصر السابق محمد مرسي قد ترقى إلى حد التعذيب وفقاً للقوانين الدولية والمصرية وأن احتجازه يقع في مصلحة الحكومة الحالية لذا يمكن نظرياً اتهامها بجريمة التعذيب تحت الولاية القضائية العالمية”.

وقالت كريسبن بلانت: “حذرنا في تقرير سابق لنا من أن ظروف اعتقال مرسي قد تؤدي لوفاته، والسلطات المصرية رفضت طلبا منا لزيارة محمد مرسي في سجنه.

لهذا يقول الحقوقيون أن وفاة د محمد مرسي “جريمة قتل عمد” مسؤول عنها السيسي والقضاة وأفراد النيابة العامة المشتركين بمحاكمته لمنعه العلاج بموجب المادة 41 العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 45/111 الصادر 14/12/1990، واتفاقية مناهضة التعذيب وضروب المعاملة اللاإنسانية 1984.

مع هذا سعي الاعلام لتصوير الامر على انه وفاة بسبب أزمة قلبية عادية واكتفي ذلك ثم بدأ في تشويه صورة الرئيس الشهيد في محاولة لتبرير قتله والتشفي في ذلك.

وعقب وفاة الرئيس مرسي يونيو 2019، منعت السلطات إقامة جنازة له، وأجبرت أسرته على دفنه في جنح الظلام تحت حراسة أمنية مشددة، لمنع مشاركة المصريين.
وتجاهلت وسائل الإعلام خبر وفاته، وتم ذكر اسمه فقط من دون أن يسبقه أي لقب (رئيس)، وخرجت صحف أخري بين متجاهلة وأخرى سبقت اسمه بـ “الخائن” في خبر صغير بالصفحات الداخلية وصفحة الحوادث!.

https://x.com/qhtaan/status/1141060800154611713

ورفضت السلطات تسليم الجثمان لأسرته، حيث تم تغسيله في مستشفى السجن بحضور 9 من أفراد عائلته، وتم أداء صلاة الجنازة عليه داخل السجن أيضا بحضور 10 أشخاص فقط في منتصف الليل، ونقل الجثمان فجرًا للمقابر.

كما رفضت السلطات طلبًا بدفنه بمقابر أسرته في قرية العدوة بمحافظة الشرقية تنفيذًا لوصية الراحل وتم دفنه بمنطقة الوفاء والامل شرق القاهرة حيث مدفن مرشدي الجماعة، بينما سمحت بدفن مبارك في مقبرته ومساحتها ألف متر.

وبينما حظرت السلطات على الصحفيين الاقتراب من مقبرة أو منزل الرئيس مرسي، لمنعها العزاء فيه، نجح مراسل القناة 11 (كان) بالتليفزيون الإسرائيلي “روعي كييس” في دخول المقبرة وتصويرها ما أثار تساؤلات.

وحاول المراسل الإسرائيلي الايحاء أن القاهرة لم تتأثر بوفاة مرسي قائلا: إن “الدراما الكبيرة التي حدثت خلال مداولات محاكمة مرسي ووفاته في قفص الاتهام ودفنه فجرا وسط حراسة مشددة، كل ذلك لم يكن له ذكر بالشارع وكأن شيئا لم يحدث”.

https://twitter.com/salehelnaami/status/1141661512588832768

وصل الأمر لإصدار وزارة الأوقاف أمرا للمساجد بمنع صلاة الغائب على شهداء جماعة الإخوان خاصة الرئيس مرسي ومهدي عاكف “دون تصريح”، لمنع من يحاول الصلاة عليهم بعد المنع الرسمي بالمخالفة للعقيدة الإسلامية.

تعليمات يوم استشهاده

كشف صحفيون في صحف حكومية وخاصة رفضوا ذكر أسماءهم لحساسية الامر لـ “الجزيرة مباشر” 18 يونيو 2019 أن تعليمات وردتهم عبر تطبيق واتس اب الذي يتعامل بها مسئولون أمنيون وسياديون مع رؤساء ومديري تحرير الصحف بتجاهل الوفاة وعدم ابراز الخبر والاقتصار في حالة النشر على البيانات الرسمية.

وقالوا إن الرقابة على الصحف باتت تتم على وجهين: (الأول) إرسال التعليمات عبر واتس اب، و(الثاني) تواجد رقيب (غالبا ضابط كبير من أمن الدولة) في مطابع الصحف لقراءة البروفة الاولي للطباعة قبل طبعها وإصداره تعليمات بحذف او تعديل ما يري.

وأكدوا أن هذا يفسر صدور غالبية صحف اليوم الحكومية بدون أي تغطية قوية لوفاة اول رئيس منتخب ونشر بعضها الخبر على عمود واحد 4 سم في 4 أسطر أسفل الجريدة، أو على سطرين فقط ونشرته اخري في صفحات داخلية.

https://x.com/Ragab/status/1140918724708438016

مقابل تجاهل الصحف الحكومية والخاصة لخبر وفاة ودفن الرئيس مرسي، حاز الخبر على اهتمام أكبر في برامج التوك شو مساء أمس، في صورتي بث الخبر دون تعليق أو هجوم عنيف على الراحل ووصفه بانه “عميل وجاسوس”.

كان خبر الوفاة محور حديث أشهر اعلامي مصري موالي للسلطة (عمرو أديب) في برنامجه “الحكاية” مساء أمس (شاهد 4:08 دقيقة) الذي حرص على تأكيد ان مرسي وكل قادة الاخوان محكوم عليهم بالسجن مدد تصل الي 100 سنة، ومرسي كان محكوما عليه بـ 45 سنة.

أبرز “اديب” عزاء امير قطر والرئيس التركي اردوغان للرئيس مرسي ووصفه بانه “شهيد”، وعزاء فنانين ومعارضين أخرين، بصورة إخبارية، بما فيهم من انتقدوا الراحل في تويتات عزاءهم مثل الكاتبة فاطمة ناعوت.

كان المذيع أحمد موسى المحسوب علي الأجهزة الأمنية المصرية هو أكثر من أثار الجدال بهجومه الشديد علي الرئيس السابق محمد مرسي، خلال برنامج «على مسؤوليتي» على قناة “صدى البلد” المملوكة لرجل الاعمال “أبو العينين”، حيث هاجم مرسي بعنف، وهاجم كل مَن تعاطف معه أو دعا له بالرحمة.

علق “موسى” على وفاة مرسي أثناء محاكمته قائلًا: “سيظل جاسوس وقاتل، وإلى جهنم وبئس المصير”، و”محمد مرسى مات موتة ربنا وربنا ياخد أردوغان وتميم”.

https://youtu.be/m7hgptOksNY

وزعم “موسي” أن “مرسي كان لديه مخطط لبيع الأراضي المصرية، وأنه قاتل، وقدم وثائق سرية خاصة بالجيش والشرطة إلى الإرهابيين، وأدعي أن “جميع التنظيمات الإرهابية من ليبيا إلى كتائب القسام، تهدد بتنفيذ عمليات ضد مصر انتقاما لوفاته” بينما باع السيسي الأرض وسلم مصر للصهاينة.

نشرت قناة اكسترا نيوز التابع للمخابرات (شركة إعلام المصريين) خبر وفاة الرئيس محمد مرسي مصحوبا بصورة بمقر جماعة الاخوان وهو مُحطم ومخرب مؤكده على شاشتها أن “الاخوان جماعة إرهابية حكم القضاء”، ما اعتبره نشطاء على مواقع التواصل محاولة لإجهاض أي تعاطف شعبي مع الرئيس الراحل.

أردوا طمسه فزاد ذكره

قد اعتبر د. محمد الصغير أن ما فعله أعلام الانقلاب وسلطة الانقلاب لطمس وتشويه سيرة مرسي جاء عكسيا وربما لو تركوه يكمل فترته لنجحوا أكثر في تشويهه لكن تعجيلهم التخلص منه زاد من ذكره ورسخ سيرته بين المصريين.
قال: من أراد أن يتأمل أقدار الله، ويتعلم مما يُكشف من أسرارها، فليتأمل سيرة هذا الرجل، الذي لو أكمل مدته الرئاسية، ربما لم ينتخب لفترة ثانية، ولذهب ذكره، وطمس أثره، كما فُعل بالرئيس محمد نجيب الذي حكم ضعف مدته.

لكن الأقدار أرادت بمرسي شأنا آخر، ليخلد اسمه، وتلهج ألسن الأحرار بالثناء عليه، وأصوات الأبرار بالترحم عليه، ويرتقي مقتولا مظلوما، صابرا محتسبا، إلى ساحة الحَكَم العدل الذي يقتص للشاة الجَلحاء من الشاة القَرناء التي نطحتها، ولا تضيع عنده المظالم.

قال: من اللحظة الأولى أدرك الرئيس مرسي أنها عملية استشهادية، وأن الرئاسة هي طريقه إلى الشهادة، وبالفعل كانت محطة سريعة، لم تتجاوز العام الواحد، حَصَّلَ بعدها من رفعة الذكر، وعلو المكانة، ومحبة الخلق في شتى أصقاع الأرض، بما لم يخطر لأحد على بال أو يتوقعه، فأصبح رمزا للثبات على الحق، والموت في سبيل المبادئ، وشرَّف كلمة الرئاسة بإضافة إلى الشهادة، ليكمل حبات العقد الفريد، بعد الإمام الشهيد، والأستاذ الشهيد، فكان الرئيس الشهيد الذي تربى في مدرسة حسن البنا، وسيد قطب، وكُتب اسمه في السطر نفسه.

قال: انتصر محمد مرسي على الإعلام الفاسد، والقضاء الجائر، والشرطة الظلمة، والعسكر الغدرة، ومن ورائهم من أصحاب المال القذر، وخفافيش الثورة المضادة.

تزييف الحقائق التاريخية

ضمن السياسة الإعلامية للانقلاب بـ “تزييف الحقائق التاريخية”، عبر استهداف الشخصيات الرموز بضراوة وتشويهها أو طمسها وتهميش وجودها، جاءت عمليات تشويه صورة الرئيس الراحل الشهيد محمد مرسي في مقدمة اهتمام إعلام الانقلاب.

لم يكتف اعلام السلطة بتشوية صورة الرئيس مرسي عبر ادعاءات تتعلق باتهامه بالإرهاب والتخابر والمسئولية عن كل مشاكل مصر مع أنه لم يحكم سوي عام واحد في ظل مؤامرات الدولة العميقة، ولكنه سعي لطمس فترة حكمة وإلغاءها بعدما وجد تعاطفا شعبيا أكبر ورد فعل عكسي على محاولات تشويه صورته.

ضمن هذه المحاولات، حرص وزير السيسي سامح شكري خلال زيارة الوزير التركي مولود تشاووش أوغلو لمقر وزارة الخارجية المصرية مارس 2023، أن يبين له قائمة برؤساء مصر ليس من بينها الرئيس الراحل محمد مرسي الذي قطعت تركيا علاقتها بالسيسي بسبب الانقلاب عليه.

حيث غابت صورة الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، عن قائمة صور لرؤساء مصر معلقة على أحد الجدران في مبنى وزارة الخارجية المصرية، وذلك بحسب ما أظهره مقطع فيديو من زيارة وزير الخارجية التركي إلى مبنى الوزارة بالقاهرة، ما أثار ردود أفعال على شبكات التواصل الاجتماعي.

وكان المذيع عمرو أديب اعترف بأنهم كانوا يشوّهون صورة الرئيس الشهيد محمد مرسي، ويقللون من شأنه، ويبحثون له عن الثغرات.

https://x.com/TurkiShalhoub/status/1566553693066911744

والمفارقة أن عدلي منصور رئيس مؤقت عينه العسكر كومبارس طرطور ومع هذا تم وضع صورته ضمن رؤساء مصر، بينما تم تجاهل صورة الرئيس مرسي المنتخب كأول رئيس مدني، مع أنه لم يتم وضع صورة صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب الذي تولي الرئاسة مؤقتا مثل الطرطور عقب اغتيال الرئيس السادات


https://x.com/MfaEgypt/status/1637164577635856387

مع هذا ظلت صفحة الرئاسة المصرية التي كانت مدشنة منذ عهد الرئيس مرسي، بذكر الرئيس محمد مرسي والتعريف عنه ضمن رؤساء مصر السابقين، وعدم إلغاء وجوده كما فعلت وزارة الخارجية.

وقال الدكتور “ابراهيم حمامي” أنه مهما حاول السيسي المرعوب من الرئيس الشهيد محمد مرسي رحمه الله طمس الحقيقة فإن التاريخ سيذكر دائما أن مرسي هو أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر وإن ذكر السيسي فسيذكر أنه انقلابي سفاح أفلس مصر وباعها وانهارت في عهده البائس..سيترحم الناس على مرسي ويلعنون السيسي إلى يوم الدين.

https://x.com/DrHamami/status/1637396396096516097

وكتب الصحفي جمال سلطان يقول إن محمد مرسي هو الرئيس الخامس لمصر ومحاولة إسقاط اسم مرسي من ذاكرة الدولة سلوك غير دستوري كما هو غير أخلاقي، ودستوريا يعني إسقاط شرعية جميع قراراته، وما ترتب عليها من مناصب عسكرية بما فيها تعيينه للسيسي.

https://x.com/GamalSultan1/status/1637394170665893892