بعد 11 سنة من المعاناة، بسبب فشل سياسات سلطة الانقلاب في كل المجالات، أدرك الشعب المصري، بوضوح شديد، من هو الإرهابي ومن هو القاتل ومن هو الفاشل ومن هو المجرم؟ وصار وعيه عاليا بأن إلصاق التهم بالإخوان المسلمين كان مجرد شماعة لتعليق فساد السلطة وفشلها وإجرامها عليها، والتالي لم يعد مجديا أي خطاب إعلامي كان يستخدم سابقا لتضليل الجماهير، وكلما حاول "السيسي" وأركان سلطته بث رسائل  جديدة زاد سخط الشعب عليهم، وانفجرت وسائل التواصل ببراكين من الغضب والسخرية.

اكتشف الشعب، بعد كل هذه السنوات من التضليل، أن الحكم الفردي الديكتاتوري الاستبدادي، المشبع بالفساد والجهل، كان وراء سقوط أكثر من ثلثي المصريين في براثن الفقر والجوع والمرض، فوق الكوارث الأخرى من التفريط في أرض الدولة ومواردها الطبيعية ومصادرة الحريات العامة واعتقال المعارضين، والقتل خارج إطار القانون والتعذيب.

كل ذلك- وغيره- كان كافيا لكشف حقيقة السيسي وانقلابه الدموي أمام الرأي العام المصري،  حتى المخدوعين بالسيسي وعصابته استفاقوا من مؤامرة الخداع، واقتنع قطاع كبير منهم، عدا المعاندين، ببراءة الإخوان من كل التهم التي كيلت ولفقت لهم،  على مدار العقد الماضي.

في السطور التالية نكشف حقائق الواقع المصري التي أفشلت رواية الانقلاب الكاذبة عن الإخوان، ونرصد مدى التغير في إدراك الرأي العام لحقيقة كل من الانقلابيين والإخوان.

شيطنة لم تفلح
منذ 3 يوليو 2013، وحتى اليوم، يشن النظام المصري الانقلابي، وكل وسائل إعلامه، حملات مسعورة لشيطنة جماعة الإخوان المسلمين، من خلال ترويج تهم ملفقة للجماعة، مثل الإرهاب والقتل والعنف والفشل في إدارة البلاد في سنة حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، بل والتخابر مع دول أجنبية.

ولا ينكر أحد ان هذه الحملة الشرسة على "الجماعة"، في أول الأمر، خدعت الكثير من المصريين، ولكن مع مرور الوقت وانكشاف مخططات النظام، وارتكابه جرائم القتل والاعتقال، والتفريط في تراب الوطن لبعض دول الخليج والصهاينة، وانتشار الفساد في أروقته، والتفريط المستمر في ثروات الدولة وإهدارها، تحول كثير من المنخدعين إلى النقيض بعد أن ظهرت أمامهم الحقائق جلية.

كما لعب الإعلام المعارض خارج مصر لعب دورا كبيرا في نشر الوعي بخطورة النظام الانقلابي، على أمن مصر القومي، وكشف للرأي العام المصري الجرائم التي يرتكبها هذا النظام .

وفي تطور كبير لعملية الوعي، كشفت استطلاعات الرأي تطور فقدان الشعب المصري الثقة في السيسي ونظامه، مثلا: في ديسمبر 2018، أكد  استطلاع رأي أجرته مؤسسات دولية عن الوضع الداخلي في مصر أن 33% من المصريين لا يزالون يعربون عن رأي "إيجابي" حيال "الإخوان المسلمين"، ومنهم 6 في المئة لديهم "رأي إيجابي جدا" حيال الجماعة.

وبيّن "الإستطلاع" أنه رغم ما بذله النظام الانقلابي من جهود جبارة في شيطنة الجماعة، وحظرها  باعتبارها منظمة "إرهابية"، زادت هذه النسبة عن نسب استطلاعين سابقين أجريا في عامي  2015 و2017.

كما أكد "الإستطلاع" أن ثلثي المصريين يبنون موقفا إيجابيا حيال حركة "حماس" التي تعتبر على نطاق واسع فرع "الإخوان" الفلسطيني.

وبشكل عام، أشارت نتائج الاستطلاع إلى استياء شعبي ملحوظ من الإدارة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الداخلية.(1)

كل المؤشرات تقول إن رصيد النظام الانقلابي وصل حده الأدنى لدى المصريين، في حين يتزايد رصيد جماعة الإخوان، وإن ما يجير استطلاعات الرأي أحيانا في اتجاه لا يعكس هذه الحقيقة، هو الخوف فقط .

كثير من الإعلاميين المحسوبين على النظام يرددون من آن لآخر أن الشعب المصري به الكثير من المؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين، ومن هؤلاء عماد الدين أديب لذي أكد في وقت سابق أن "هناك أكثر من خمسة ملايين مصري ينتمون لأفكار الإخوان، و يستطيعون أن يؤثروا في أكثر من ثلث الشعب المصري بشكل فعلى".

ووفق مراقبين، بات أكثر من 90% من الشعب المصري يدركون زيف ادعاءات النظام الانقلابي، وأنه نظام فاسد وفاشل ومخادع، كما أن كثيرا من الساسة والإعلاميين والفنانين الذين أيدوا الانقلاب، أعلنوا خطأ تقديرهم في مناصرة السيسي في 30 يونيو، وتراجعوا عن مواقفهم من فض رابعة وقتل الإخوان في المظاهرات.   

وكان من نتيجة تنامي وعي المصريين بكارثة الانقلاب وتبعاته الثقيلة، على مدى السنوات العشر الماضية، خروج مظاهرات في عامي 2019 و2020 للمطالبة برحيل السيسي ونظامه.

ورغم محدودية هذه المظاهرات بسبب القبضة الأمنية الحديدية، إلا انها كشفت مدى تمكن الغضب من الشارع المصري، كما كشفت استفاقة الشعب من مؤامرة الخداع التي مارسها السيسي.

كما بات واضحا للمصريين مدى خطورة مخطط بعض دول الخليج للاستيلاء على مقدرات مصر وثرواتها، بعد ما قدمت للسيسي أكثر من 100 مليار دولار على شكل منح وقروض لإسناد انقلابه.
زيادة وعي المصريين
السيسي بدأ حكمه بمطاردة جماعة «الإخوان المسلمين» وبمجزرة رابعة الشهيرة التي قتل فيها  الآلاف، ثم امتدت الحملة لتشمل الصحافيين وأصحاب المواقف المعارضة، واعتقل  أكثر من 70 ألف  معارض، ليرهب المصريين ويخرس كل الأصوات المعارضة لنظامه.(2)

وعلى مدار فترة حكمه، تعوّد السيسي على الارتجال في خطاباته الجماهيرية، محاولا إلقاء فشله على "الإخوان" وعلى الأنظمة السابقة.

ومن أشهر سقطاته، في ١١ مارس ٢٠٢٤، توصيفه لما زعمه من "هشاشة وضع مصر" قبل حكمه، بقوله: "لم تكن بلدً.. والله والله أنا ملقتش بلد ..أنا لقيت ’أي حاجة’ وقالوا لي خد دي"!!

تصريحات السيسي الصادمة هذه اعتبرها البعض نيلا من تاريخ مصر العريق وحضارتها وشعبها العظيم، وتهميش لمكانتها.(3)

لكن الحقيقة تعكسها الجرائم التي ارتكبت في حق الوطن والمواطنين، والفشل في كل المجالات  في ظل حكم السيسي، الذي نجحت ممارساته وخطاباته، بامتياز، في إيقاظ الوعى المصريين بما جرى في 30 يونيو و 3 يوليو 2013، وبرأت  الإخوان من الاتهامات التي لفقها لهم.

ومن أهم الممارسات والأخطاء التي ارتكبها السيسي وغيرت وعي المصريين بما حل بهم ما يلي:

الفشل الاقتصادي غير المسبوق:
بالرغم من الوعود التي أغرى بها السيسي أنصاره لحشد دعمهم ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، ومنها تحقيق نهضة اقتصادية غير مسبوقة،  إلا أنه قام بعكس كل ما وعد بعد وصوله للسلطة، وأفقر الشعب بدلا من أن يغنيه، وأضاع هيبة الدولة وسيادتها .

الفشل الاقتصادي ، دفع السيسي الي التوسع  في الاقتراض من الخارج ؛ فلم يترك دولة أو جهة إلا واتجه إليها؛ بغرض تمويل مشروعات غير مجدية اقتصاديا، على غرار «تفريعة» قناة السويس، وبناء عاصمة إدارية جديدة وقصور رئاسية فارهة، وإبرام صفقات سلاح ضخمة، في محاولة لنيل اعتراف بعض الدول بشرعيته.

والآن تخطى الدين الخارجي لمصر حاجز الـ170 مليار دولار، بعد أن كان دون الأربعين مليارا قبل انقلاب السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي، عام 2013، ويمثل الدين الخارجي نحو 43% من إجمالي الدين العام المصري، الذي بلغ نحو ثمانية تريليونات و609 مليارات جنيه في الموازنة المنقضية 2022/2023.

وقد باع السيسي  للإمارات ، في فبراير/شباط الماضي،  منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي في محافظة مطروح المصرية بقيمة 35 مليار دولار، منها 24 مليار دولار في صورة سيولة جديدة تأتي من الإمارات، فيما تُحوَّل 11 مليار دولار من ودائع الإمارات لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات في المشروع بعد تحويلها للجنيه المصري.  

ولم يكتف  السيسي ونظامه  بأموال القروض الضخمة، والمليارات التي ضختها السعودية والإمارات؛ لدعم الجنرال عقب انقلابه على الرئيس المنتخب، بل اتجه إلى جيوب المصريين وقرر رفع الدعم وزيادة الضرائب وأسعار الكهرباء والمواصلات والخبز، حتى اصبحت معيشة المصريين في أدنى مستوياتها.

وفي نوفمبر 2016، بدأ مسلسل تعويم الجنيه المصري، حتي قفز الدولار إلى 70 جنيها في 2023، قبل أن يتراجع إلى نحو  50 جنيها في 2024 بعد صفقة "رأس الحكمة" الغامضة وتحويلات أوروبا وصندوق النقد لدعم السيسي عقب موقفه السلبي من حرب غزة.

وبعد تدهور قيمة العملة وارتفاع سعر الدولار بشكل كبير، زادت معاناة الشعب ليواجه المواطن موجة غلاء فاحش ضربت مختلف الخدمات والسلع.

كما تراجعت مصر في كل المؤشرات الدولية الاقتصادية، بخلاف وقوع اكثر من 60 % من المصريين في براثن الفقر بمختلف درجاته، وذلك بحسب إحصائيات البنك الدولي.(4)

التفريط في أراضي مصر وثرواتها:
عندما أعد السيسي خطة الانقلاب، ركز على بث مجموعة من الشائعات ضد الإخوان المسلمين، منها الزعم ببيع ممتلكات الدولة لقطر وتركيا، ولكنه منذ وصوله إلى السلطة منتصف عام 2014، فعل ما كان يتهم به الإخوان زورا، فمرر عددا من الاتفاقيات الخطيرة المثيرة للجدل، كان أبرزها التنازل عن جزيرتي «تيران» و«صنافير» للسعودية، رغم صدور أحكام قضائية بمصرية الجزيرتين، وهو ما قبض السيسي ثمنه 2 مليار دولار من المملكة.

وفي مارس 2015، وقع «السيسي» اتفاق «إعلان المبادئ» مع إثيوبيا ليمنحها شرعية لبناء «سد النهضة» والتحكم بحصة مصر التاريخية في نهر النيل، وهو ما أوقع مصر في موقف تفاوضي صعب بسبب تعنت إثيوبيا بشأن سنوات ملء السد.

كما أقدم الجنرال على ترسيم الحدود البحرية مع اليونان وقبرص، وتنازل لأثينا عن شريط مائي تساوي مساحته تقريبا ضعف دلتا النيل، وذلك دعما للتحالف الذي أنشأه السيسي مع تلك الدول لمواجهة تركيا في شرق المتوسط، على حساب حقوق الشعب المصري في مياهه الإقليمية وما تحتها من ثروات.

ومقابل الدعم السعودي الإماراتي للسيسي، صارت مصر رهينة الأجندة الإماراتية السعودية، وتم دفعها لدعم «خليفة حفتر» في الحرب الليبية ضد الحكومة الشرعية، بالإضافة إلى مشاركة القاهرة في حصار قطر بين عامي 2017-2021.
كما حصدت الإمارات جملة من الاتفاقات والاستثمارات النوعية في البلاد، لإدارة ميناء العين السخنة، ومعظم الموانئ المصرية، واستولت على مشروعات منطقة قناة السويس الاقتصادية، وقطاعات حساسة كالدواء والاتصالات والنقل البحري، إضافة إلى مشاركة استراتيجية في قواعد عسكرية مصرية.

ولا يمكن ذكر الاتفاقات المشبوهة التي أبرامها السيسي دون الحديث عن اتفاق استيراد الغاز من الاحتلال "الإسرائيلي" بقيمة 15 مليار دولار لمدة 10 سنوات، وذلك رغم اكتشاف مصر لعدد من حقول الغاز الطبيعي والنفط ووصولها لمرحلة الاكتفاء الذاتي.(5)

قتل المعارضين ومصادرة الحريات العامة:
على مدار سنين حكمه، حاول السيسي إلصاق تهم الإرهاب والقتل بالإخوان، لكن الانتهاكات التي ارتكبها السيسي ونظامه في حق الشعب المصري، على مدى 11 عاما، فاقت كل التوقعات، حيث قتل واعتقل وعذب عشرا الآلاف من المعارضين وأصحاب الرأي الحر، فأدرك المصريون مدى إجرام هذا المنقلب وكذبه، وانقلبت الصورة تماما من اتهام الإخوان زورا إلى معرفة الناس من هو الإرهابي الحقيقي.

وقد أجمل تقرير لوكالة "فرانس برس"، صدر في يوليو 2023، مجمل  الوضع الحقوقي بمصر، حيث أكد أن مصر نعمت  قبل عشرة أعوام، بحرية حقوقية غير مسبوقة في تاريخها، أثناء فترة ثورة يناير وعهد الرئيس الشهيد مرسي،  وكانت كرامة كل المصريين -معارضة وموالاة للرئيس مرسي- محفوظة، مهما اشتدت الانتقادات، وتعددت الفعاليات العامة، حتي بدأ عصر الظلام في مصر بعد انقلاب 3 يوليو 2013، بحسب الوكالة.

أضاف التقرير أنه في أعقاب الانقلاب بات القانون في مصر متاهة يعجز حتى الخبراء عن التعامل معها، مؤكدا أنه منذ عقود "يُعتقل ناشطون أو محامون" بسبب آرائهم أو نشاطهم السياسي في البلد العربي الأكثر تعداداً للسكان، وأصبح مواطنون عاديون يتهمون بالإرهاب بسبب مقطع مسجّل على "تيك توك" أو تدوينة على "فيسبوك" تدين غلاء المعيشة.

وقد وصف التقرير العقد الماضي في ظل حكم السيسي، بالعشرية السوداء. وقال  حسام بهجت، مؤسس "المبادرة المصرية" لوكالة فرانس برس: إنّ "الناس كلّهم يخشون اعتقالهم واحتجازهم إلى أمد غير محدّد". أضاف: "هذه أداة للحكم فعّالة جداً، إذ انتقلنا من الرقابة الذاتية إلى وضع بات فيه شعب كامل رهينة".

كما يؤكد ناشطون حقوقيون أدلوا بآرائهم في "التقرير" أنّ القضاء المصري بات خاضعاً، من جرّاء تقديم العلاوات والترقيات أو قرارات نقل عقابية لضمان ولاء القضاة.

ويوضح "حسام بهجت"أيضا  "للوكالة " أنّه قبل الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في عام 2011 وبعدها، كانت الإضرابات والمسيرات الاحتجاجية أمراً عادياً، وكان هذا الحق مكفولا بشكل كامل في عهد الرئيس مرسي،  أمّا اليوم، "فلا تظاهرات على الإطلاق".

وتحدّث عن "عدم توفّر أيّ صحيفة معارضة ولا أيّ وسيلة للتعبير عن رأي معارض بطريقة منظّمة". ووفقاً لمنظمات حقوقية، فإنّ "562 موقعاً" إخبارياً أو تابعاً لحزب أو جمعية حُجبت في مصر.

وأكد التقرير انه في المقابل، تتحدّث الدولة باعتزاز عن "استراتيجيتها لحقوق الإنسان". كما باشرت الدولة المصرية "حواراً وطنياً" يشارك فيه، بحسب منسقه العام ضياء رشوان، "سجناء سابقون" و"يتناقشون بحماسة مع أفراد يمثّلون النظام". كذلك، أصدر السيسي قرارات عفو رئاسي عن عدد كبير من السجناء الجنائيين ومنح بعضهم مناصب في الدولة وامتيازات خاصة،  وألغى حالة الطوارئ لكنه ثبتها بقوانين بديلة غير دستورية.

وأشار التقرير إلى أن مصر تحتل  المرتبة 135 من أصل 140 دولة في التصنيف الدولي لدولة القانون الذي يضعه مركز "وورلد جاستس بروجكت".

وأكد أنه نتج عن هذه العشرية الحقوقية السوداء، حصيلة غير مسبوقة من الانتهاكات، التي رصدتها المنظمات الحقوقية، والتي وصفتها بأنها "انتهاكات ترتقي إلى جرائم حرب"، ومنها:
اعتقال اكثر من 70 ألف معارض سياسي مصري في أقل تقدير.  
 مقتل أكثر من 5 آلاف مصري خارج إطار القانون
 اعتقال أكثر من 3 آلاف مواطنة والزج بهن في السجون.
قتل أكثر من 1100 معارض بالإهمال الطبي المتعمد داخل السجون
هناك أكثر من 10 الاف معتقل يعانون من أمراض قاتلة ويتم إهمالهم طبيا بمقار سجنهم
 سجن أكثر من 30 ألف معتقل تحت مظلة  الحبس الأحتياطي
 إصدار أحكام بالإعدام لأكثر من 2450  معتقلا، و تنفيذ اكثر من 100 حكم حتى الآن وهناك 95 معارضا ينتظرون التنفيذ بعد أن صدرت احكام نهائية وباتة بالإعدام في حقهم.
إخفاء أكثر من 13 ألف معتقل بشكل قسري.
تدوير أكثر من 10 آلاف معتقل على قضايا جديدة من محبسهم.
50 ألف حكم جائر في قضايا سياسية على مدار العقد الماضي
مقتل أكثر من 200 معتقل تحت التعذيب بمقار الاحتجاز والسجون.
 توسع النظام في إنشاء السجون بشكل غير مسبوق، فوصل عددها إلى 85 سجنا، منها أكثر من 40 سجنا تم بناؤها في عهد السيسي.(6)
ومؤخرا طالبت نحو 40 منظمة حقوقية مصرية ودولية، الاتحاد الأوروبي بوقف تصدير السلاح إلى مصر، كونه يتم استخدامه في "القمع وانتهاك حقوق الإنسان".

كما طالبت برلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بدعم معايير الشفافية من خلال تشكيل هيئات لتقصي الحقائق، والتحقيق في إساءة استخدام هذه الأسلحة واحتمالية استخدامها في انتهاكات حقوق الإنسان في مصر

ولم يكتف الجنرال بقمع الإخوان بعد إزالتهم من السلطة، بل شمل القمع جميع أنواع المعارضة، حتى وصل إلى حد التنكيل بأنصاره الذين وقفوا بجواره بعد الانقلاب، وامتدت الاعتقالات لتشمل محامين وأكاديميين وحقوقيين، بتهم منها «استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية محظورة والاحتجاج دون تصريح».(7)

كما توسع النظام في تلفيق التهم لشرفاء الوطن، وأعد قوائم للإرهاب أدرج فيها الرئيس مرسي ومعظم أعضاء مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان، وكثير من الدعاة والنشطاء والمتعاطفين مع الإخوان، أو حتى مع الديموقراطية ومنهم لاعب منتخب مصر والنادي الأهلي محمد أبو تريكة والداعية الراحل الدكتور يوسف القرضاوي.(8)

وقد  أثر هذا الكم من إرهاب العسكر في وعى المصريين، وأظهرت هذه الوقائع، حقيقة من هو الإرهابي الذي قتل المصريين في ميادين الحرية والمظاهرات و الاعتصامات.

معركة طوفان الأقصى فضحت نظام السيسي:
ومن محفزات استيقاظ الوعى لدى الشعب المصري، معركة "طوفان الأقصى"، التي أكدت وكشفت كذب النظام المصري، حيث كان يكيل التهم للإخوان وحماس بتهديد الامن القومي، واختراق الحدود وفتح السجون، ولكن مع انطلاق معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، ظهر للجميع موقف حماس من الأمن القومي المصري، ورفضها التام لمخططات التهجير التي كان السيسي ضالعا فيها بالتعاون مع الكيان الصهيوني.

كما انكشفت مواقف النظام المصري المخزية من المقاومة الفلسطينية، من خلال غلق معبر رفح وفتحه بحسب موافقة العدو الصهيوني، ومنع الغذاء والدواء ومستلزمات الحياة عن الشعب الفلسطيني المحاصر تحت الحرب، وفرض إتاوات باهظة على الفلسطينيين الذين يريدون الخروج من المعبر.   

وعبر المصريون عن غضبهم على نظام السيسي، بعد تصريحات مخزية لرئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، الذي قال إن «مصر دمرت أكثر من 1500 نفق، وقامت بتقوية الجدار الحدودي مع غزة عبر تعزيزه بجدار خرساني، وهناك 3 حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية يستحيل معها أي عملية تهريب، لا فوق الأرض ولا تحتها»، واعتبر المصريون هذه التصريحات اعترافا صريحا بأن مصر تقوم بإحكام الحصار على قطاع غزة وتمنع مرور أي شيء إلى داخله.

وكان الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام، أبو عبيدة، انتقد في خطاب سابق الدول العربية التي قال إنها لم تستطع إدخال شاحنات الإغاثة عبر معبر رفح الذي تسيطر عليه مصر.(9)

وازداد الأمر وضوحا لدى المصريين، بعد ما كشفه الرئيس الأميركي، جو بايدن، حول رفض السيسي فتح معبر رفح لدخول المساعدات إلى  قطاع غزة، وأنه مارس ضغوطا و تحدث معه وأقنعه بفتحه، وقال نصا : "في البداية لم يكن رئيس المكسيك السيسي يريد فتح المعبر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية!.(10)

وهذه المواقف وغيرها اكدت للشعب المصري كذب السيسي على الإخوان وحماس، وأن هذه الجماعة تحافظ على الأمن القومي للدول التي تعيش فيها.

معادلة التأثير الإعلامي
لعب إعلام الخارج المعارض، دورا مهما في معركة عودة الوعى للمصريين، من خلال ما كشفه من فساد وجرائم السيسي ونظامه، ومحاولاتة زرع الفتنة بين أبناء الشعب، من خلال شيطنة أقوى فصيل معارض، ثم مؤخرا بإنشاء كيان للقبائل العربية يقوده إبراهيم العرجاني بميليشيات مسلحة أصبحت تهدد بوضوح وحدة المؤسسة العسكرية المصرية.
كما كشف الإعلام المعارض كيف فتح السيسي الأبواب أمام صبري نخنوخ، أكبر بلطجي في مصر، وأخرجه من السجن بعفو رئاسي ثم ملّكه أكبر شركة أمن خاصة، مايعد خطرا يهدد الشرطة المدنية.

بالتالي تأكد للمصريين كيف يخطط السيسي لزرع ميلشيات مسلحة في مقابل الجيش والشرطة ومن الممكن استخدامها في سيناريو الفوضى وقت اللزوم.

ومؤخرا، أكد تقرير لصحيفة "العرب" اللندنية بعنوان "محاسبة برلمانية بلسان الشارع المصري للإعلام بعد فشله في معركة الوعي الجماهيري" تراجع دور الإعلام المصري، بمختلف وسائله، في تحقيق أهدافه، وانصراف معظم الشعب المصري عن متابعته، ووصفه بالإعلام الفاشل ، وتوجهه للإعلام المعارض.

أوضح التقرير أن الهجمة البرلمانية وتعبير النواب عن  غضب واسع جراء نجاح منصات ومنابر خارجية في الوصول إلى الجمهور المصري سريعا، يعودان إلى أن الإعلام المحلي منكفئ على نفسه ومفتقر إلى القدرة على المواجهة وعدم الحرص على ترميم جدار الثقة مع الناس ليكون أكثر تأثيرا وخدمة لتوجهات الدولة.

و لا يمكن حصر المناسبات والمرات التي هاجم فيها السيسي إعلام المعارضة باعتباره يهدد استقرار البلاد، ويبخس قيمة مشروعاته القومية، على حد وصفه، مما يؤكد مدى نجاح هذا الإعلام في نشر الوعى لدي الشعب.(11)

كل ماسبق يؤكد أن معركة الوعي فازت فيها قوي المعارضة، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، وخسرها النظام الدموي الانقلابي.

المصادر:
1- ديفيد بولوك ، "في مصر، لا يزال ثلث الشعب يميل إلى جماعة 'الإخوان المسلمين' ونصفه يصف العلاقات مع أميركا بأنها 'مهمة'" ، الحرة ، 12 ديسمبر 2018، https://n9.cl/xe58g
2- "ما حكم المصريين على 10 سنوات من حكم السيسي؟" ،  القدس العربي، 6  يوليو 2023 ، https://n9.cl/utjx2
3- "تحليل: مصر .. رئيس الـ"أي حاجة" يثير الغضب مجددا" ، موقع "i24NEWS " ، ١١ مارس ٢٠٢٤ ، https://n9.cl/00a7b
4- " أرقام رسمية عن ديون مصر حتى نهاية 2023: أبرز المقرضين ومواعيد السداد" ، العربي الجديد، 12 مايو 2024 ، https://n9.cl/snvkg
5- "7 سنوات على الانقلاب.. كيف حطم السيسي أحلام المصريين؟" ، رصد، 30 يونيو 2020، https://rassd.com/485024.htm
6- ""أسوأ" عقد في مجال حقوق الإنسان" ، العربي الجديد ، 29 يونيو 2023 ، https://cutt.us/McVUW
7- "منظمات حقوقية تدعو الاتحاد الأوروبي إلى وقف تصدير السلاح إلى مصر" ، الخليج الجديد ،  29 يونيو 2023 ، https://cutt.us/bKh07
8- "مصر: إلغاء إدراج أبو تريكة والقرضاوي و1524 آخرين من قوائم الإرهاب" ، العربي الجديد، 18 مايو 2024، https://n9.cl/tkialr
9- "موجة غضب ضد السيسي على شبكات التواصل بسبب استمرار إغلاق معبر رفح" ، القدس العربي، 27   يناير   2024، https://n9.cl/38ybo
10- "بايدن: أقنعت السيسي بفتح معبر رفح وإسرائيل تجاوزت الحد في غزة" ، الجزيرة نت، 9فبراير 2024، https://n9.cl/4g8dr9
11- "محاسبة برلمانية بلسان الشارع المصري للإعلام بعد فشله في معركة الوعي الجماهيري" ، صحيفة العرب ، 13 يوليو 2023 ، https://n9.cl/onmxd