بين مخاوف عزل المغرب ومواجهة تحديات المنطقة

على الرغم من منطقية الطرح المسوق في الاعلام الجزائري والتونسي والليبي، بأن الاجتماع التشاوري الأول الذي عقد بين البلدان الثلاثة، يوم الاثنين 22 أبريل 2024، في تونس، بأنه جاء لمواجهة مخاطر تزايد أعداد الهجرة غير النظامية، عبر الصحراء الافريقية، وتصاعد التوترات الليبية المسلحة مجددا، بجانب مخاطر التهديدات الأمنية القادمة من منطقة الساحل، إلا أن استبعاد كلا من المغرب وموريتانيا، عن القمة الثلاثية كان لافتا، ويحمل العديد من الدلالات، ويصب في الهوة المتنامية بين المغرب والجزائر، والتي تنعكس سلبا على المنطقة المغاربية ككل، وسط دعوات جزائرية بإيجاد اتحاد إقليمي بديل للاتحاد المغاربي، المجمد، إثر الخلافات البينية المتفاقمة..

أولا: اللقاء التشاوري الثلاثي الأول،التوقيت والنتائج:

وجاء الاجتماع التشاوري الأول لقمة الرئيس التونسي قيس سعيد ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في مسار تكثيف التنسيق الأمني على الحدود والتصدي للهجرة غير النظامية المتنامية وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية.

-الثاني بعد قمة الغاز:

وبدعوة من الرئيس التونسي قيس سعيد، انعقد الاجتماع بقصر قرطاج بالعاصمة تونس وهو الأول من نوعه بعد القمة السابعة للغاز بالجزائر التي انعقدت من 29 فبراير  إلى الثاني من مارس 2024. 

واتفق حينها القادة الثلاثة على تكرار الاجتماع بالتناوب مرة كل 3 أشهر في إحدى عواصم الدول الثلاث، وذلك دون المغرب التي لم تدعى، وموريتانيا التي اعتذرت.

-نتائج القمة الثلاثية:

وتضمن إعلان القمة الثلاثية نقاط تعاون وشراكة عدة على المستوى الأمني، مثل تكوين فرق عمل مشتركة لتنسيق الجهود لحماية أمن الحدود المتلاصقة بين البلدان الثلاثة من مخاطر الهجرة غير النظامية، خاصة من دول جنوب الصحراء وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة.

ويأتي الاجتماع بعد زيارة أجرتها، الخميس 18 أبريل، رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني بهدف مقايضة تونس بمساعدات مالية في ظل ما تعيشه من أزمة مالية، مقابل دفعها للعب دور الحارس البحري للبوابة الأوروبية للتصدي للمهاجرين التونسيين والأفارقة.

كما تضمن البيان الصادر عن اللقاء التشاوري الأول، بتونس،  توجه لتوحيد المواقف في التعاطي مع الدول المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية في البحر المتوسط، وتنسيق العمل لدفع المشاريع والاستثمارات المشتركة في الطاقة والزراعة وفتح خط بحري بين البلدان الثلاثة وتسهيل حركة الأشخاص والسلع وتنمية المناطق الحدودية بينها.

كما شدد الاجتماع على الرفض التام للتدخلات الأجنبية في الشأن الليبي ودعم الجهود الساعية للتوصل إلى تنظيم انتخابات تحفظ سلامة و أمن ليبيا واستقرارها، والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلدان الثلاثة. 

كما  تقرر تكوين نقاط اتصال لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من قبل القادة ، تمهيدا لعقد اللقاء القادم بعد التشاور فيما بينهم.

وفي الجزائر ذكر تقرير لصحيفة “الخبر” أنه وفي الشأن الإقليمي، تتفق الجزائر وتونس في مقاربتها لحل الأزمة في ليبيا، خاصة دعم التوجه لإجراء انتخابات رئاسية تضمن توحيد ليبيا وإعادة الشرعية لسلطة موحدة. كما تتفقان أيضا، وفق ما يبرز من مواقفهما، على رفض التدخل الأجنبي بكل أشكاله في الشأن الليبي.

وأكدت أن هذه القمة المستحدثة بين الدول الثلاث تنعقد في ظل تطورات إقليمية بالغة الخطورة، كما تتسم بتناحر القوى الدولية عليها وبروز أجندات وتدافع القوى الخارجية للسيطرة عليها.

وتربط تونس والجزائر علاقات اقتصادية قوية، إذ تمرر الجزائر الغاز لإيطاليا عبر تونس مقابل عائدات مالية وحصة من الغاز. كما قدمت الجزائر عددا من القروض بالعملة الصعبة لتمويل موازنة تونس في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها.

كما تربط تونس وليبيا علاقات اقتصادية متينة، لا سيما فيما يتعلق بتصدير السلع الغذائية إلى ليبيا. وتنتعش التجارة في جنوب تونس بفضل توريد السلع من الجارة ليبيا.

ثانيا: تداعيات اللقاء الثلاثي التشاوري الأول:

اللقاء التشاوري الثلاثي الأول ، العديد من التداعيات  الاستراتيجية على المنطقة المغاربية عموما، وعلى ملفاتها الملتهبة، خاصة بين الجزائر والمغرب… 

-مخاوف استراتيجية

وقد فجر اللقاء العديد من المخاوف الاستراتيجية ، على الصعيد السياسي والجيوسياسي…ومنها:

-اثارت مخاوف حول محاولة عزل المغرب :

ومع استمرار  تأزم ملف العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر، الذي يعيش مرحلة الحرب الباردة،  لم يكن مستغربا أن تفسر العديد من الدوائر السياسية ، المغاربية والعربية ، بل والدولية، اللقاء الثلاثي بأنه محاولة عزل المغرب عن محيطها الإقليمي المغاربي…

وذلك على الرغم من تأكيدات الدول الثلاثة على أن اللقاء لا يستهدف ذلك، وأنه جاء من أجل ترقية التنسيق والعلاقات المشتركة  بين بلدانهم..

ووفق رواية الدول الثلاث المشاركة باللقاء، فقد جاء اللقاء على خلفية مخاوف عدة، إذ تستشعر الجزائر وجود مخاوف أمنية محدقة على حدودها البرية مع جارتها ليبيا نتيجة انتشار النزاعات والأسلحة وتغلغل أجنبي في ليبيا بقوات عسكرية من أميركا وتركيا وروسيا. وهو ما يشكل تهديدا مباشرا على الحدود الجزائرية والتونسية..

كما يخشى الموقف التونسي من تفجر الأوضاع الأمنية في ليبيا، علاوة على الضغوطات بسبب ما تواجهه البلاد من تدفق المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء القادمين من ليبيا والجزائر..

في المقابل، يرى  مراقبون أن الاجتماع الذي استبعد المغرب وموريتانيا، قد يكون مقدمة لتأسيس كيان مغاربي جديد على أنقاض اتحاد المغرب العربي المعطل منذ 1994.

خاصة أن العلاقة بين تونس والمغرب قد توترت بسبب استقبال الرئيس سعيد رسميا زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي في 26 أغسطس 2022 بالمطار الرئاسي، بمناسبة مشاركته في الدورة الثامنة لندوة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا. 

وايضا في التشابكات السياسية والخلافات التي تضرب مسار العلاقات المغربية الجزائرية، تثير الكثير من المخاوف على الصعيد المغاربي،  إزاء اللقاء التشاوري الأول..

إذ تُعد العلاقات بين المغرب والجزائر من أكثر العلاقات تعقيدًا في شمال إفريقيا، فبينما يُفترض أن تُشكل رابطة الأخوة واللغة والتاريخ المشترك أساسًا للتعاون والتكامل، تُخيم على هذه العلاقات أجواء من التوتر والعداء منذ عقود.وتُشبه حكاية المغرب والجزائر قصة شقيقين متخاصمين، تربطهما رابطة الدم والتاريخ، لكن الخلافات تعكر صفو علاقتهما، فعلى الرغم من أن البلدين يجمعهما الكثير، من لغة مشتركة وتاريخ عريق، إلا أن التوتر يُخيم على علاقتهما فلا يمكن تجاهل التراكمات التاريخية، التي يؤججها الخطاب الإعلامي السلبي في بعض الأحيان.

-الدفع باتجاه إنشاء تكتل إقليمي بديلا للاتحاد المغاربي:

ومن ضمن ما رشح عن الدوائر السياسية في البلدان المغاربية، قد يكون الاجتماع التشاوري نواة لتأسيس “تكتل مغاربي جديد” ردا على حالة الجمود التي يعاني منها اتحاد المغرب العربي…وهو ما طالبت به الجزئر مرات عديدة في أوقات مختلفة…ويضم  الاتحاد المغاربي، إلى جانب الدول الثلاث، كلا من المغرب وموريتانيا.

وسبق لقادة الدول الثلاثة أن اجتمعوا في مارس الماضي، خلال “قمة الغاز” بالجزائر، على إجراء هذه الاجتماعات كل ثلاثة أشهر، حيث يُعقد الاجتماع الأول في تونس، وأكد الرئيس الجزائري آنذاك أن هذا التكتل لا يستهدف أية جهة وأن الباب مفتوح أمام جميع دول المنطقة.

وكانت الجزائر قد مهّدت لشكل جديد من التعاون مع تونس وليبيا وموريتانيا، في فبراير 2024، عندما أوفد وزير خارجيتها أحمد عطاف إلى المنطقة المغاربية في جولة شملت تونس وطرابلس ونواكشوط، لكن موريتانيا رفضت الالتحاق بهذه الاجتماعات.

كما أكد القادة الثلاثة على أهمية تنظيم هذه اللقاءات التشاورية بشكل دوري، ليس فقط لمناقشة القضايا السياسية بل أيضاً للبحث في قضايا اقتصادية واجتماعية. 

وفي آخر لقاء له مع الصحافة الوطنية، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رغبة الجزائر في تعميق التكامل بين الدول الثلاث وتوسيعه إلى دول أخرى منها موريتانيا، كما تحدث عن مشروع تكتل مغاربي سيكون، حسبه، نواة لـ”إحياء العمل المغاربي المشترك وتنسيق العمل من أجل توحيد كلمة هذه الدول حول العديد من القضايا الدولية”.

وشرح  تبون مبررات إنشاء التكتل من منطلق “الفراغ الموجود حاليا على المستوى الإقليمي وانعدام أي عمل مغاربي مشترك”..

مشيرا إلى أن “عقد اللقاءات الدورية سيكون دون إقصاء أي طرف..وأن الباب مفتوح للجميع”. 

 

اللقاء التشاوري الثلاثي “الجزائر وتونس وليبيا”

-غضب مغربي مكتوم:

وعلى الرغم من أن المغرب لم يصدر أي موقف رسمي عن الخطوة الجزائرية، إلا أن وسائل إعلام مغربية اتهمت الجزائر بمحاولة تشكيل تحالف ضد المغرب، وهو ما نفاه وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، معتبرا أن المبادرة تهدف إلى سد فراغ تركه الاتحاد المغربي العربي الذي يعاني من شلل تام.

ولعل تقييم الخبراء للخطوة، لا يبعد كثيرا عن الاتهام المغربي، إذ أكد الديبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت في تصريحات صحفية، “من الكوارث التي تعرفها المنطقة أن نهدم اتحادا بخمس دول لنبني آخر ثلاث دول، كانت هناك آمال كبيرة لدى الشعوب المغاربية بأن يكون هناك تعاون وتنسيق بين هذه الشعوب التي هي في الأصل واحدة ولا يفرقها إلا الخصومات التي لا معنى لها”.

وأكد زيتوت أن “هذا الهروب إلى التجمع الثلاثي ولد ميتا وسيستمر ميتا، وسيزيد من الخلافات المغاربية التي سيستفيد منها الأجنبي الراغب في السيطرة على مختلف دولنا..”..

متابعا، “الحديث عن مواجهة التطبيع ليست إلا تضليلا، هذه قضية حق يراد بها باطل، وكلاهما لا علاقة له بالمقاومة وفلسطين، بل يدعمون عباس والتنسيق الأمني، ولا يوجد لا في تونس ولا في الجزائر قانون ضد التطبيع، هذه شعارات خادعة يستخدمونها للتضليل”، وفق تعبيره.

وكانت وسائل إعلام جزائرية ألمحت في وقت سابق أن التحركات الدبلوماسية الجزائرية تستهدف مقاومة التطبيع مع اسرائيل، في تلميح إلى اتفاق التطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني…

يذكر أن اتحاد المغرب العربي، الذي تأسس عام 1989 في مراكش، يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، لكنه واجه تحديات بسبب التوترات المستمرة بين أكبر عضوين فيه، هما المغرب والجزائر، خاصة حول النزاع في الصحراء.

-فرص ترقية التكتل الثلاثي دون المستوى:

وعلى الرغم من حيوية القضايا التي نوقشت خلال الاجتماع الثلاثي ورهانات التكتل الجديد وفعاليته، إلا أن التجارب السابقة بالمنطقة، قد لا تبشر بتوسع دور الائتلاف الثلاثي، وهو ما قد يكرر  تجربة الاتحاد المغاربي المجمد..إذ أنه في عام 1989، أسست الدول المغاربية اتحاد “المغرب العربي” بطموح صنع تكتل اقتصادي وسياسي قوي، لكن وبعد بدايات موفقة ونشاطات كثيفة، تحولت الهيئة من نشاط محدود إلى توقف شبه نهائي.  ولم يعقد أي اجتماع قمة لهذا الاتحاد منذ 1994.

وعلى الرغم من الفرص التي تبدو غير كبيرة لتطور التحالف الثلاثي،  إلا أن التكتل  لا يزال في مراحله الأولية قبل تقييمه أو الحكم عليه، وتبقى الطموحات الواعدة التي يحملها والمتمثلة في الخط البري الذي من شأنه أن يعزز تنقل السلع والأشخاص بين الدول الثلاثة، وفرص التعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية…أي دخول الدول مرحلة التنسيق السياسي والاقتصادي، دون دخول في مواجهة مع المغرب أو غيرها، لأن عند تلك النقطة ستقرر كل دولة الحياد على  مايبدو..

ولعل ما يؤكد ذلك ، أنه وبعد أقل من 24 ساعة على عقد الاجتماع التشاوري بتونس، استقبل وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بالرباط، مبعوث رئيس المجلس الرئاسي الليبي، سامي المنفي، حاملا رسالة خطية إلى الملك محمد السادس، من شقيقه محمد المنفي. وحضر اللقاء أيضا القائم بأعمال السفارة الليبية بالمغرب، أبو بكر إبراهيم الطويل، والذي قال إن هذه الزيارة “تأتي لتؤكد تميز العلاقات الأخوية التي تربط بين ليبيا والمغرب”.

وأضاف المسؤول الليبي، أن الزيارة تندرج أيضا  في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز اتحاد المغرب العربي من أجل تحقيق تطلعات شعوب المنطقة لمزيد من الاستقرار والازدهار، مبرزا الدور الفعال الذي يضطلع به المغرب لصالح الاندماج المغاربي، حسبما نقلته وكالة الأنباء المغربية.

وذكرت هذه الأخيرة، أن مصدرا مقربا من المجلس الرئاسي الليبي “كان قد رفض، مؤخرا، جملة وتفصيلا، كل محاولة تروم إلى خلق إطار بديل يحل محل اتحاد المغرب العربي، مشددا على الحاجة الملحة لتعزيز هذه المجموعة الإقليمية، التي أرست أسسها بلدان المنطقة الخامسة في مراكش سنة 1989”. 

وعبرت زيارة المبعوث الليبي للمغرب، رغبتها في تأكيد رسالة إلى الرباط، بأن التكتل ليس موجها ضدها، وأن طرابلس لا تريد أن تكون طرفا في الصراع بينها وبين الجزائر، خاصة في ظل الجهود الكبيرة التي يقوم بها الجانب المغربي من أجل حلحلة الأزمة الليبية.

-استمرار التحشيد العسكري بين الجزائر والمغرب يؤجج المخاطر:

وإلى جانب التصعيد السياسي المستمر بين البلدين الجارين، خاصة بعد قطع العلاقات الدبلوماسية في 2021،  يخشى مراقبون من تعيد عسكري ، قد يكون وشيكا، على إثر الأزمات التي تضرب كافة مجالات العلاقات بين البلدين، سواء السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية والرياضية والاعلامية..

وكان مؤشر «غلوبال فاير باور» السنوي ، كشف مؤخرا، أن الجزائر والمغرب يمتلكان أفضل جيشين تمويلاً في القارة في عام 2024، إذ تبلغ موازنة جيش الجزائر 21.6 مليار دولار وتبلغ موازنة جيش المغرب 12.1 مليار دولار. وهو ما يخشى معه من أن يؤدي الحشد العسكري إلى صراع أكبر.

ففي وقت تتكرس فيه مؤشرات غاية في السلبية، كتلك المرتبطة بالزيادة الرهيبة في معدلات التسلح لدى الدولتين، يمكن أن تغري أطرافاً داخل النظامين بالتفكير في استعمال القوة العسكرية، ولو بشكل محدود، لتحريك الملف الراكد منذ عقود..

وفي هذا المضمار، يستبعد ألبرتو فرنانديز، نائب رئيس معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط للرصد والتحليل، في تصريحات اعلامية،  نشوب الحرب بين البلدين ولئن ساءت العلاقات بينهما. فكتب يقول: ”من المحتمل أن يسفر سباق التسلح واستعراض الأسلحة بين البلدين عن استمرار التوتر دون انفجار فعلي، وكثرة الكلام والتحريض، واقتراب الحرب ولكن دون نشوبها أبداً.“

-حياد موريتاني:

وإلى جانب المغرب، غاب البلد المغاربي الآخر، موريتانيا عن التكتل الثلاثي الجديد، وهو ما يرجع إلى رغبة من نواكشوط في تبني “الحياد”، ونأت بنفسها عن الأزمة بين البلدين اللذين تجمعهما معها روابط اقتصادية وسياسية وأمنية مؤثرة.

ووفق تقديرات استراتيجية، تفضل نواكشوط الابتعاد عن التكتلات الإقليمية في الظروف الراهنة، فيما تذهب نحو تقوية العلاقات الثنائية المباشرة مع كل البلدان.

ثالثا: خلفية الصراعات بين المغرب والجزائر  يؤشر لمستقبل قابل للانفجار:

ولعله من  جملة المخاطر التي تهدد الوطن العربي ككل،  في المنطقة الغربية، حدة الصراعات وتشعبها بين الجارتين الأكبر بالمنطقة، وهو ما يدفع نحو مزيد من الأزمات التي تثقل كاهل العرب، سواء في الشرق من العدوان الصهيوني على الفلسطينيين، والذي يلعب دورا آخر في تغذية الصراعات بين الجزائر والمغرب، عبر تصريحات وتحركات سياسية وإعلامية، تزيد الاحتقان بين الدولتين، عبر اثارة  مسئولين إسرائيليين، أحاديث عن  اختراق ايراني للجزائر ، وتمدد إسرائيلي في المغرب ، بعد توقيعها رسميا اتفاقية ابراهام للتطبيع مع اسرائيل، وهو الأمر الذي تجلى في مسألة انضمام اسرائيل للاتحاد الإفريقي بصفة مراقب…وكذا فإن تفاقم الخلافات والصراعات الممتدة لعقود، يدفع نحو مستقبل أكثر اضطرابا في المنطقة الغربية…ومن أبرز تلك الخلافات: 

-الخلاف حول قضية الصحراء المغربية :

إذ تشهد العلاقات بين الجارتين الجزائر والمغرب توترات متلاحقة، منذ أكثر من  40 سنة بسبب النزاع حول الصحراء الغربية التي تعتبرها الرباط جزءا لا يتجزأ من أراضيها وتقترح حكما ذاتيا لإدارتها، بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب باستفتاء لتقرير مصيرها.

– خلافات رياضية حول واقعة قمصان فرق  كرة القدم :

ومؤخرا، حرى إلغاء مباراة فريقي “اتحاد العاصمة” الجزائري، و ضيفه “نهضة بركان” المغربي في ذهاب نصف نهائي بطولة كأس الاتحاد الأفريقي.

سبب الإلغاء هو رفض لاعبي الفريق المغربي النزول إلى أرضية الميدان بعد مصادرة السلطات الجزائرية قمصانهم التي تحتوي على خريطة المغرب، التي تضم كذلك إقليم الصحراء الغربية، وهو الإقليم الذي يؤكد المغرب سيادته التامة عليه، بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب باستفتاء حول مصير الإقليم يفضي إلى انفصاله.

السلطات الجزائرية من جهتها تقول إن الفريق المغربي يضع “خريطة لا تتوافق مع خرائط الأمم المتحدة”، في حين يؤكد الفريق المغربي أنه سبق ولعب بنفس القميص في عدة مباريات من هذه المنافسة الإفريقية، كما يدعمه في هذا الإطار قرار الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) الذي أكد أن القمصان معتمدة بالفعل من الهيئة القارية.

بينما يستدل الطرف الجزائري بقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم حسب تصريحات رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، وليد صادي، وكذلك المدير الرياضي لفريق “اتحاد العاصمة” توفيق قريشي. وتنصّ المادة الرابعة الموجودة في هذه اللوائح، نسخة 2021، على التالي: “لا يجوز ارتداء أو استخدام أي عنصر (من أدوات اللعب أو الملابس أو المعدات الأخرى أو غير ذلك)، إذا رأى فيفا أنها: خطيرة أو مسيئة أو غير لائقة، أو تتضمن شعارات أو تصريحات أو صور سياسية أو دينية أو شخصية، وما لا يلتزم بالكامل بقوانين اللعبة”.

كما تشير المادة الخامسة من القانون الرابع، ضمن قوانين اللعبة الذي يصدره مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، الهيئة المقننة لكرة القدم داخل فيفا، أن المعدات ” يجب ألا تحتوي على أي شعارات أو بيانات أو صور سياسية أو دينية أو شخصية. يجب على اللاعبين عدم الكشف عن الملابس تحت القمصان التي تظهر عليها شعارات أو بيانات أو صور سياسية أو دينية أو شخصية أو إعلانات بخلاف شعار الشركة المصنعة”.

ويشير موقع “ليت بلاي الأول” الذي يدعم لعب الكرة دون أيّ شعارات حقوقية أو سياسية، أنه خلال المباريات المؤهلة التي سبقت كأس العالم لكرة القدم 2018، قام الفيفا بتأديب 20 فريقًا، ينتمون أو يمثلون 16 دولة بالإضافة إلى بلدان المملكة المتحدة، بسبب “انتهاكات تتعلق بالسياسة أثناء المباريات”.

وفي عام 2013، أعلن فيفا عن قرارات تأديبية بحق الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، بعد قيام بعض من لاعبي منتخب الأرجنتين برفع لافتة مكتوبا عليها “جزر فوكلاند أرجنتينية” قبل بداية مباراتهم الودية أمام سلوفينيا، في دلالة على نزاع مع المملكة المتحدة حول السيادة على هذه الجزر.

كما تم تغريم الاتحاد الأيرلندي لكرة القدم عام 2016 بسبب عرضه “رمزًا سياسيًا” لشارة تحيي الذكرى المئوية للانتفاضة ضد الحكم البريطاني. وفي عام 2021،  أمر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) أوكرانيا بإزالة شعار “سياسي” من قمصان المنتخب الأوكراني قبل انطلاق بطولة يورو 2020، هي عبارة “المجد لأبطالنا”، بعد النظر في شكوى تقدمت بها روسيا بهذا الشأن.

وكان شبيبة الجزائر قد تعرض للموقف ذاته قبل مواجهة فريق الرجاء المغربي في نهائي كأس الكونفدرالية في 2021 في بنين، حيث احتج وقتها الفريق المغربي على وجود الرمز الأمازيغي على قمصان “شبيبة القبائل”. وعلل مسؤولو الرجاء ذلك بمنع «الفيفا» استخدام أي رموز سياسية أو ثقافية، رغم تبرير “شبيبة القبائل” بأن الأمازيغية لغة وطنية وفقاً للدستور الجزائري. ورأى الاتحاد الأفريقي (الكاف) أن “شبيبة القبائل” خالف اللوائح، ومنعه من ارتداء القمصان.

وكان مصدر مغربي مطلع في تصريحات لموقع «هسبريس» المغربي إن إدارة الجمارك الجزائرية رفضت الترخيص لمسؤولي “نهضة بركان” بمغادرة المطار، مؤكدة لهم رفض مسؤولي البلاد أن يوجد الفريق البركاني بالأراضي الجزائرية بقمصان تحمل خريطة المغرب، علماً أن الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم صادقت على القميص منذ فترة، مؤكداً أن لاعبي “نهضة بركان” تعرضوا للاحتجاز في مطار الهواري بومدين، بعد ساعة ونصف تقريباً من وصولهم، في انتظار قرار السلطات الجزائرية.

يشار إلى أن  قوانين الاتحادات القارية تتيح تنظيم شؤون منافساتها، وبما أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم قد أقر هذه القمصان للفريق المغربي في المنافسات السابقة، فهذا القرار قد يستدل به “نهضة بركان” في حال رفع القضية إلى المحكمة الرياضية الدولية، خصوصاً أن الاتحاد الجزائري أو أي طرف آخر لم يقدما أيّ شكوى ضد قميص الفريق المغربي في المباريات السابقة.

ومما قد يستدل به الطرف المغربي كذلك أن الاحتجاج على ارتداء هذه القمصان لم يكن بشكل رياضي أو خلال المنافسات الرياضية بل تمت مصادرتها في المطار، وهو ما أخرج النقاش من الجانب الرياضي الصرف إلى جانب أمني.

وهناك نقطة ثالثة قد يركز عليها الجانب المغربي أن الاتحاد الجزائري قام بتوفير قمصان بديلة لأجل ارتدائها، علمًا أن الاتحاد الجزائري غير مخول قانونيًا بالقيام بهذه الخطوة التي من اختصاص شركة خاصة يتعاقد معها الفريق المعني، ولا يمكن استبدال القمصان دون موافقة أو التنسيق مع الشركة ومع الفريق المتعاقد معها.

وهذه ثاني مرة في منافسات كرة القدم خلال أقل من سنتين يقع فيها نقاش قانوني بين المغرب والجزائر، المنتخب المغربي للمحليين لم يسافر إلى الجزائر للمشاركة في بطولة العام الماضي لأنه كان يطالب بتوفير رحلة مباشرة إلى الديار الجزائرية بمبرّر أن الخطوط الملكية المغربية هي الناقل الحصري للمنتخبات الوطنية المغربية. وفي النهاية أُلغيت مباريات المنتخب المغربي في المنافسات، لكن لم تُتخذ أي عقوبات في الملف خصوصًا أن تلك الدورة كانت آخر دورة من هذه المنافسات ولم يتم تجديدها وهي غير معترف بها من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم.

-إنشاء مكتب لـ”جمهورية الريف الانفصالية” بالجزائر:

وفي مطلع مارس الماضي، أعلن في الجزائر عن إنشاء مكتب تمثيلية ما سمي “جمهورية الريف” لـ”نشطاء انفصاليين”  من المغرب.

وجاء الإعلان عن افتتاح التمثيلية في فيديو بثّه أعضاءٌ من “المجلس الوطني الريفي” منخرطون في “الحزب الوطني الريفي”، مع كلمة بالمناسبة “حول نضال منطقة الريف”، وتضمن “رفع علم جمهورية الريف على أنغام النشيد الوطني الريفي”.

ووفق دوائر مغربية، فهذه خطوة تصعيدية متهورة . بل تعد الخطوة الجزائرية أيضا، مضرة بالبلدين وهي أشبه بقنبلة تدميرية..

وجمهورية الريف” هي المنطقة الشمالية للمغرب المطلة على البحر الأبيض المتوسط. من أهم أقاليمها الحسيمة والناظور وشفشاون وتطوان والعرائش والدريوش. وهي حاليا تسمى “الريف المغربي”. تأسست قديما في 18 سبتمبر 1921 عندما كان المغرب يعاني من الاستعمار الفرنسي والإسباني ودامت خمس سنوات فقط، تزعمها في تلك الفترة محمد عبد الكريم الخطابي وكانت مدينة أجدير مركزا لها، حُلَّت في 27 مايو 1926م.

وكان والد محمد بن عبد الكريم الخطابي، هو أول من قاد الهجوم على المستعمر الإسباني سنة 1920 بمحاصرة موقع تفرسيت الاستراتيجي (وهي البلدة التي ينحدر منها وزير الداخلية المغربي الحالي عبد الوافي لفتيت)، لكنه توفي بعد 22 يوما من الحصار، ليتسلم بعده “الأمير محمد” مشعل مقاومة المستعمر.

وشرع الخطابي في توحيد قبائل المنطقة من ريافة (أمازيغ) وجبالة (عرب)، ليخوض معركة أنوال الحاسمة ضد الجيش الإسباني في مايو 1921، حيث ألحق بالمستعمر هزيمة كبيرة.

وبحكم أن المغرب كان يخضع في تلك الفترة للحماية (الاستعمار) الإسبانية، بشماله وجزء من صحرائه، و للحماية الفرنسية (الاستعمار) ببقية مناطق البلاد ما بين 1912 و1956، فقد خطط الخطابي لإعلان قيام “الجمهورية الاتحادية لقبائل الريف” واستقلالها عن “الحماية الإسبانية”، لمواصلة مكافحة الاستعمار بكافة التراب المغربي، وبدول الجوار، بشكل منظم.

ولم يثبت أن الخطابي، كان انفصاليا، أو دعا إلى سحب البيعة عن سلطان المغرب، بل كانت له فقط استقلالية في قيادة المقاومة، وتقديرات سياسية بعد “استسلامه” للجيش الفرنسي، لمواصلة مقاومة الاستعمار بكافة التراب المغربي، و بالدول المغاربية.

وفي سنة 1908، قام الخطابي بتبليغ السلطان عبد العزيز (ملك المغرب وقتها)، بتكليف من والده، دعم قبيلته “بني ورياغل” لمحاربة الجيلالي بن إدريس الزرهوني (بوحمارة)، الذي أعلن تمرده ضد العرش العلوي، وهدد وحدة الدولة المغربية قبيل الفترة الاستعمارية. وكان وقتها طالبا يدرس بجامعة القرويين بفاس.

-حدبث دباوماسي مغربي عن ضرورة استقلال منطقة القبائل الجزائرية:

ويبرر مراقبون جزائريون إعلان  تأسيس مكتب  “جمهورية الريف” في الجزائر، بأنه جاء رداً على ما بدر من ممثل المغرب في الأمم المتحدة السفير عمر هلال، الذي يعيد في كل مرة الحديث عن استقلال منطقة القبائل في الجزائر، وتتهم السلطات الجزائرية الرباط بدعم حركة استقلال منطقة القبائل، التي يقودها المغني المقيم في باريس فرحات مهني.

وسبق للسفير المغربي عمر هلال أن سلّمَ مذكرة، في اجتماع على مستوى حركة عدم الانحياز، تدعم تقرير مصير ما وصفه بـ “شعب القبائل الشجاع” في الجزائر، وكان من نتائجها قطع العلاقات بين البلدين في أغسطس 2021. وعلّق الوزير الأول المغربي سعد الدين العثماني، وقتها، بأن هذا الموقف كان “احتجاجياً”، ولا يعبّر عن الموقف الرسمي المغربي، لكن الجزائر رفضت تلك التبريرات وطالبت بتوضيح رسمي.

وكانت شخصيات مغربية مدنية وسياسية، قد شكلت في 22 أبريل الجاري، في مدينة أغادير”اللجنة المغربية لدعم استقلال دولة القبايل”، من شخصيات مدنية وسياسية ،  وذلك لدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، والتجاوز التدريجي الإرث الاستعماري الذي طمس الهوية الثقافية للشعب الأمازيغي في شمال إفريقيا”، على حد تعبير تلك الشخصيات.

أما على المستوى الرسمي، فأعلنت حركة تقرير مصير منطقة القبائل استقلالها عن الجزائر يوم 20 أبريل الجاري، وقيام “دولة سادسة” في المنطقة تنتظر الاعتراف الأممي؛ فيما لا تبدو الرباط -رسميا- متحمسة للخطوة رغم الأزمة المتصاعدة مع الجزائر؛ التي تحرص على دعم انفصاليي البوليساريو بجميع الوسائل.

وتقول “حركة القبائل “في أول عدد من جريدتها الرسمية عبر موقعها الرسمي الذي يؤطر إعلان الاستقلال إنه “حتى عام 1857 كانت منطقة القبائل تعيش دائما تحت سلطة ولاياتها الفيدرالية”، مردفة: “أول المؤرخين الذين شهدوا على ذلك هم اميانوس مارسيلينوس ثم بروكوبيوس، القيصري الذي سجل في القرنين الرابع والسادس الميلادي وجود اتحاد كونفدرالي للخمسينيات”.

ولم يخف فرحات مهني، رئيس حركة استقلال القبائل، مرات عديد، رغبته في الحصول على الدعم والاعتراف المغربي؛ فيما كانت الإشارة الوحيدة إلى رأي الرباط في الأمر ما جاء على لسان ممثل الرباط الدائم بالأمم المتحدة، عمر هلال، الذي قال: “إذا كانت الجزائر تدعي حقا الدفاع القانون الدولي فيجب عليها أن تطبق ذلك على الشعب الذي جاء قبل الدولة الجزائرية وهو القبائل”.

وتؤكد المادة العاشرة من إعلان استقلال القبائل عن الجزائر أن هذا المستجد موجه إلى جميع الحكومات الموجودة في الأمم المتحدة والمنظمات فوق الوطنية وشركاء شعب القبائل.

إعلان فرحات مهني، رئيس الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل؛ المعروفة اختصارا بـ“ماك”، من أمام مقر الأمم المتحدة بالولايات المتحدة الأمريكية قيام دولة جمهورية القبائل الديمقراطية وعاصمتها تيزي وزو، وذلك برفع الأعلام الوطنية وترديد النشيد الوطني للدولة الجديدة.

وقبل أسبوع راسل فرحات مهني، زعيم الحركة، السلطات المغربية من أجل دعمها ومساندتها في خطوة إعلان ميلاد “الدولة القبائلية” في مدينة نيويورك الأمريكية.

-مصادرة عقارات ملك للسفارة الجزائرية في الرباط:

وفي مارس 2024، وفي فصل جديد من السجال بين الجزائر والمغرب، تحدثت تقارير إعلامية مغربية عن مشروع مصادرة عقارات ملك للسفارة الجزائرية في الرباط، في خطوة نددت بها وزارة الخارجية الجزائرية وعدتها “استفزازاً”..

وبعدما أعلن المغرب عن مشروع لتوسيع مباني وزارة الخارجية في قرار نشره في  العدد “5811” من الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 13 مارس 2024.

واعتبرا الجزائر أن هذا التحرك يشكل «مرحلة تصعيدية جديدة… وانتهاكاً صارخاً لحرمة وواجب حماية الممثليات الدبلوماسية للدول..

وقال المغرب في القرار المنشور بالجريدة الرسمية: «المنفعة العامة تقتضي… نزع ملكية العقارات اللازمة لهذا الغرض». وتضمنت المباني التي شملها القرار عقارات تابعة للجزائر.

أما البيان الجزائري فوصف الأمر بأنه «عملية سلب متكاملة الأركان»، وقال إن حكومة الجزائر «سترد على هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة. كما أنها ستلجأ إلى كافة السبل والطرق القانونية المتاحة، لا سيما في إطار الأمم المتحدة، بغرض ضمان احترام مصالحها».

وأفاد البيان، بأن “المشروع المغربي، يتنافى مع الممارسات الدولية المتحضرة، وينحرف بشكل خطير عن التزامات اتفاقية فيينا حول العلاقات الدبلوماسية، التي تفرض عليها احترام وحماية السفارات المتواجدة على ترابها مهما كانت الظروف”.

وبحسب الخبير في العلاقات الدولية، عبد الفتاح الفاتحي، فالخطوة المغربية فيما يخص تعاملها مع  الأملاك “سليمة وقانونية تعتمدها كل الدول”، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بـ”أراضي شبه خاصة” يسري عليها “قانون المنفعة أو المصلحة العامة”.

معتبرا  أن إشارة البيان الجزائري إلى التزامات اتفاقية فيينا “ليس في محله”، لأن هذه الممتلكات ليست تابعة للسفارة الجزائرية أو مصالحها الدبلوماسية، بل هي عقارات شبه خاصة، تعود لملكية الدولة الجزائرية.

وعلى الجانب الآخر، فيرى أستاذ العلاقات الدولية الجزائري، توفيق بوقاعدة، أن ما قام به المغرب “يعتبر تعديا على حقوق الدولة الجزائرية وتجاوزا للأعراف والتقاليد والقوانين الدبلوماسية”.

مشيرا إلى أن العقارات محل النزاع “مسجلة باسم الدولة الجزائرية وتستغلها المصالح القنصلية والسفارة الجزائرية، وبالتالي لا يوجد جدل بشأن الملكية بل حول أحقية المغرب في نزعها”.

ويتعلق المشروع المغربي بنزع ملكية ثلاثة عقارات مملوكة للدولة الجزائرية وتقع بالعاصمة المغربية؛ ويسمى العقار الأول بـ “كباليا” وتبلغ مساحته 619 مترا مربعا.

والثاني يسمى “زانزي” وتبلغ مساحتها 630 مترا مربعا، وبه دار للسكن من طابقين ومكاتب بالطابق الأرضي ومرافق.

أما العقار الثالث فهو “فيلا دي سولاي لوفون” وتبلغ مساحتها 491 مترا مربعا وبها مرافق.

-قطع العلاقات  الدبلوماسية نهائيا في 2021 :

ومنذ 24 أغسطس 2021، قطعت العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والرباط ، حيث تزامن القرار الذي اتخذته الجزائر من طرف واحد مع أسوأ سلسلة حرائق غابات في تاريخها أودت بحياة قرابة 100 شخص، بخاصة في منطقة القبائل.

واتهمت السلطات الجزائرية، جماعات «إرهابية»، بأنها وراء تلك الحرائق، منها منظمة انفصالية تدعى «حركة استقلال القبائل» وتعرف اختصاراً بحركة «ماك»، يقودها مغني الطابع القبائلي السابق، فرحات مهني، الذي يتخذ من فرنسا منفى اختيارياً له.

وصنفت الجزائر حركة «ماك» منظمة إرهابية، هي حركة «رشاد» ذات التوجه الإسلامي، التي يقودها الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت المقيم ببريطانيا.

وكانت خطوة قطع العلاقات الدبلوماسية «الباردة» أصلاً بين البلدين بسبب شكوك الجزائر بأن الرباط تدعم حركة «ماك»، وهو ما عبَّر عنه صراحة وزير خارجيتها السابق رمطان لعمامرة، موجهاً أصابع الاتهام إلى المغرب بأن “الأعمال العدائية ضد الجزائر لم تتوقف”..

-التحريض الإسرائيلي  حاضر لا يغيب:

ولا تتهم الجزائر الرباط بدعم الحركة الانفصالية «ماك» وحسب، بل والسماح لإسرائيل بأن تهددها من الأراضي المغربية. فقد تزامن هذا مع زيارة للمغرب قام بها في 12 أغسطس  2021 وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يائير لابيد الذي رد على حملة قادتها الجزائر ضد قبول إسرائيل عضواً مراقباً في الاتحاد الأفريقي، قائلاً: “نحن نشارك المملكة القلق بشأن دور دولة الجزائر في المنطقة، التي باتت أكثر قرباً من إيران، وتقوم حالياً بشن حملة ضد قبول إسرائيل في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب”..

كما تحشد اسرائيل الدعم الدولي للمغرب في مواجهة الجزائر، وهو ما يؤجج العديد من الصراعات بين البلدين..

-وقف الجزائر توريد الغاز نحو إسبانيا عبر الأنبوب العابر للأراضي المغربية:

وفي أكتوبر  2021 ، قررت الجزائر فرض عقوبات اقتصادية على جارتها، بتوقيف توريد الغاز نحو إسبانيا عبر الأنبوب العابر للأراضي المغربية، الذي كان يستفيد منه المغرب بنسبة 7 % من الكمية المنقولة ما يؤمّن له أكثر من 3 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً، وهو ما يمثل قرابة 65%  من الطلب الداخلي على الغاز.

-مسار  تاريخي مأزوم:

لكن جذور الأزمة ضاربةٌ في عمق العلاقات من قبل، في الحدود البرية بينهما موصدة منذ 1994 بعد أن فرض الملك المغربي الراحل الحسن الثاني تأشيرة على الجزائريين قبل الدخول إلى الأراضي المغربية، وذلك على خلفية تفجير فندق بمراكش.

وقتها كانت الجزائر تعاني أزمة أمنية عصفت بها منذ توقيف المسار الانتخابي عام 1992، بعدما تقرر إلغاء نتائج انتخابات تشريعية فازت فيها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» بالأغلبية.

ورد الرئيس الجزائري آنذاك اليمين زروال على الملك الحسن الثاني بإعلان غلق الحدود البرية بين البلدين ابتداء من عام 1994.

وسبق للبلدين أن تواجها عسكرياً؛ أول مرة بعد عام من استقلال الجزائر، وكان ذلك بسبب نزاع على الحدود التي رسمت في معاهدة بين الرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين وملك المغرب الحسن الثاني في عام 1972.

وسرعان ما عادت المعارك بين الطرفين في 1976 لدى هجوم الجيش المغربي على جنود جزائريين تقول التقارير الجزائرية إنهم «كانوا ينقلون مساعدات إنسانية إلى مخيمات (جبهة البوليساريو) التي تسعى لإقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية”..

وأعلنت الجزائر منذ ذلك الوقت دعمها لـ«جبهة البوليساريو» التي تبحث عن استقلال الصحراء الغربية، بينما يريد المغرب الذي يسيطر على قرابة 80 % من الأراضي الصحراوية منحها حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية. وفي مارس 2023، قال تبون إن العلاقات بين البلدين وصلت إلى نقطة «اللاعودة».

رابعا: ملخص المحطات في العلاقات بين البلدين:

  • 1516: باتت الجزائر ولاية عثمانية، وقد نشب صراع بين العثمانيين والدولة السعدية في المغرب حول منطقة المغرب الأوسط (الجزائر حالياً) وتركز النزاع حول تلمسان.
  • 1830: خضعت الجزائر للاحتلال الفرنسي الذي شرع في التدخل في شؤون المغرب، 
  • وفي عام 1844 وقعت معركة “إسلي” التي هُزمت فيها القوات المغربية، واستمر التدخل الفرنسي حتى تم فرض الحماية الفرنسية على المغرب في عام 1912.
  • 1884:  بدء الاستعمار الإسباني للصحراء الغربية.
  • 1934: الصحراء الغربية تصبح إقليماً إسبانياً يحمل اسم الصحراء الإسبانية.
  • نوفمبر 1956:  نيل المغرب استقلاله.
  • 1957:  المغرب حديث الاستقلال يؤكد أحقيته في الصحراء الغربية.
  • يوليو 1962: حصول الجزائر على استقلالها.
  • أكتوبر 1963: وقوع خلاف حدودي بين البلدين حول منطقتي تندوف وبشار اللتين طالب بهما المغرب، وأدى ذلك الخلاف إلى اندلاع مواجهات عسكرية بينهما عرفت بـ”حرب الرمال”.
  • 1965:  الأمم المتحدة تطالب إسبانيا بإنهاء احتلالها للصحراء الغربية.
  • 1973: تأسيس جبهة البوليساريو.
  • أكتوبر 1974 : المغرب يحيل ملف الصحراء الغربية إلى محكمة العدل الدولية التي أبدت رأيا استشاريا غير ملزم رأت فيه الرباط ما يدعم وجود “روابط تاريخية” بينها وبين القبائل التي تسكن المنطقة.
  • نوفمبر 1975: الحسن الثاني ينظم ما عرف بـ” المسيرة الخضراء” التي دعا فيها 350 ألف مغربي للذهاب إلى الصحراء الغربية، وانسحاب إسبانيا من المنطقة لتندلع حرب عصابات بين جبهة البوليساريو ) الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والقوات المغربية استمرت 16 عاما.
  • ديسمبر 1975: الجزائر تطرد آلاف المغاربة المقيمين فيها بعد مرور شهر على تنظيم المسيرة الخضراء، وتؤكد أن العملية أتت ردا على عدم تعويض المغرب للجزائريين المقيمين فيه بعد تأميمه الممتلكات والأراضي الزراعية العائدة لأفراد وكيانات أجنبية.
  • 1975-1976: المغرب يضم ثلثي الصحراء الغربية بعد انسحاب إسبانيا منها. وجبهة البوليساريو تعلن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وحكومتها في المنفى في الجزائر. وآلاف من اللاجئين الصحراويين يفرون إلى غرب الجزائر ليقيموا مخيمات قرب بلدة تندوف.
  • مارس 1976: قطع العلاقات بين المغرب والجزائر، على خلفية دعم الأخيرة لجبهة “البوليساريو”.
  • 1979: موريتانيا تنسحب من الصحراء الغربية، والمغرب يضم حصتها من المنطقة.
  • يونيو 1981: موافقة المغرب، على تنظيم استفتاء في الصحراء.
  • نوفمبر 1984: انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية (أصبحت لاحقا الاتحاد الإفريقي)، على خلفية قبول المنظمة لعضوية البوليساريو فيها.
  • مايو 1988: تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر.
  • فبراير 1989: تأسيس “اتحاد المغرب العربي” بمدينة مراكش المغربية، ويتألف من 5 دول هي: ليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وموريتانيا، وذلك من خلال التوقيع على ما سُمي بـ”معاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي”.
  • أبريل 1991: صدور قرار مجلس الأمن رقم 690، القاضي بإنشاء بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) من أجل مراقبة وقف إطلاق النار (بين المغرب والبوليساريو) وتنظيم الاستفتاء.
  • سبتمبر 1991: إعلان وقف إطلاق النار في الصحراء.
  • 1994: إغلاق المغرب حدوده مع الجزائر.
  • 1999: انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجزائر، وصدور إشارات إيجابية من طرف المغرب مهدت للتحضير للقاء بين البلدين في صيف 
  • 1999، إلا أن وفاة العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، أدت إلى إرجاء اللقاء.
  • سبتمبر 1999: فشل التقارب بين البلدين، بعد اتهام الجزائر للمغرب بإيواء جماعات جزائرية مسلحة معارضة.
  • يوليو 2001: إعلان الأمم المتحدة لمشروع اتفاق الإطار الخاص بالحكم الذاتي في الصحراء، والذي قوبل بمعارضة جزائرية شديدة.
  • مارس 2003: مذكرة من المغرب إلى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، أكد فيها أنه حسم موقفه وفق مفهوم الحل السياسي الذي كان يقدم دائما كحل وسط، يرتكز أساسا على حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية.
  • مايو 2004: رسالة من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إلى محمد عبد العزيز زعيم البوليساريو، عبر فيها عن دعم بلاده لقضية الصحراء.
  • سبتمبر 2004: مذكرة توضيحية موجهة من المغرب إلى الأمم المتحدة، شرح فيها مسؤولية الجزائر في النزاع.
  • مارس 2005: عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الجزائري، والعاهل المغربي محمد السادس، يلتقيان لأول مرة بصفة رسمية في الجزائر.
  • يوليو 2005: الأمين العام للأمم المتحدة حينئذ كوفي عنان، يعين الهولندي بيتر فان فالسوم، مبعوثا خاصا للصحراء، من أجل التشاور مع الأطراف ودول المنطقة للخروج من المأزق الراهن.
  • فبراير 2006: رسالة من الرئيس الجزائري إلى كوفي عنان، أشار فيها إلى أن الأمر يتعلق بنزاع بين المغرب و”الشعب الصحراوي”.
  • أبريل  2007: المغرب يوجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة حول “انتهاكات” حقوق الإنسان الحاصلة بمخيمات “تندوف”، ومسؤولية الجزائر بخصوص “الخروقات” التي ترتكب فوق أراضيها.
  • يونيو  2007: إجراء الجولة الأولى من المفاوضات في مانهاست (في نيويورك)، تحت رعاية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.
  • أبريل 2008: المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء بيتر فان فالسوم، يصرح أمام مجلس الأمن بأن “استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقعيا”.
  • يونيو 2011: انطلاق الجولة السابعة من المفاوضات غير الرسمية، المنعقدة في مانهاست، بين المغرب من جهة و”البوليساريو” والجزائر من جهة أخرى.
  • يناير 2012: زيارة سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي حينئذ الجزائر، لتعزيز العلاقات في زيارة لأول وزير خارجية منذ 2003.
  • ديسمبر 2013: الجزائر تقرر مقاطعة الاجتماعات والنشاطات السياسية التي قد تقام في المغرب بعد حكم القضاء المغربي بمعاقبة شاب أهان العلم الجزائري بشهرين حبسا مع وقف التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 250 درهم (نحو 22 يورو).
  • نوفمبر 2015: العاهل المغربي محمد السادس، يدعو الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى تطلعات الشعبين، والعمل على بناء اتحاد المغرب العربي، وذلك في برقية تهنئة بمناسبة احتفال الجزائر بالذكرى الستين لاندلاع ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي.
  • 2016: وفاة محمد عبد العزيز الأمين العام لجبهة البوليساريو ورئيس الجمهورية الصحراوية وتولى إبراهيم غالي القيادة خلفاً له.
  • 2016: منطقة الكركرات تشهد توتراً بين جبهة البوليساريو والمغرب، والبعثة الأممية لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية (مينورسو) تتدخل لمنع المواجهات، والطرفان يسحبان قواتهما بعد دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
  • مارس 2017: مشادة كلامية بين مندوب المغرب والجزائر بالجامعة العربية، على خلفية رفض المندوب الجزائري إدراج بند لمشروع القرار الذي سيرفع المندوبون الدائمون لاجتماع وزراء الخارجية يرحب بعودة المغرب للاتحاد الإفريقي.
  • أبريل 2017: المغرب يستدعي السفير الجزائري لدى الرباط، ويعرب عن “قلقه البالغ” إزاء أوضاع نازحين سوريين على الحدود مع الجزائر، والخارجية الجزائرية، تعلن استدعاء السفير المغربي لإبلاغه رفضها القاطع لما وصفته بـ”الادعاءات الكاذبة” التي وجهها المغرب لجارته الشرقية بمحاولة ترحيل رعايا سوريين نحو أراضي المملكة.
  • أكتوبر 2018: دعت الأمم المتحدة المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو إلى إجراء محادثات في جنيف بشأن الصراع الدائر في المنطقة الصحراوية.
  • أكتوبر 2020: ناشطون صحراويون يغلقون المعبر الحدودي الوحيد الذي افتتحه المغرب عام 2002 لإيصال منتجاته إلى غرب أفريقيا عبر الأراضي الموريتانية.
  • نوفمبر 2020: المغرب يعلن إقامة حزام أمني لتأمين تنقل الأشخاص ونقل السلع عبر معبر الكركرات الحدودي، وجبهة البوليساريو تعلن انتهاء وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه عام 1991.
  • يوليو 2021: ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة يدعو إلى “حق تقرير المصير” لسكان منطقة القبائل في الجزائر.
  • 24 أغسطس 2021: الجزائر تقطع علاقاتها مع المغرب.
  • 25 أغسطس 2021: المغرب يعرب عن أسفه لقرار الجزائر بقطع العلاقات.
  • 31 أكتوبر 2021: الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يعلن عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري مروراً بالمغرب.

خاتمة:

وأمام ذاك المشهد، فمن المتوقع أن تتفاقم الأزمات ، بين البلدين،  في ضوء الواقع المرير المعاش بين النظامين، علاوة على السلبية الكبيرة مؤسسات العمل العربي المشترك، وعدم فاعلية القوى الإقليمية الأخرى لتلطيف الأجواء..

اذ يُنافس المغرب والجزائر على النفوذ في المنطقة المغاربية، خاصة في ظل سعي كل منهما إلى تعزيز دوره كقوة إقليمية. ويتجلى هذا التنافس في العديد من الملفات، مثل دعم الأطراف المتنازعة في ليبيا، ومحاولة التأثير على دول الساحل الأفريقي.

ويُؤثر التوتر بين الجزائر والمغرب على استقرار المنطقة بأكملها، فهو يُعيق التعاون الإقليمي في مجالات الأمن والتنمية، ويُؤدي إلى تصعيد حدة الصراعات في بعض الدول، مثل ليبيا.

كما يُساهم الخطاب الإعلامي السائد في البلدين في تأجيج التوتر بين المغرب والجزائر، حيث تُطلق وسائل الإعلام في كلّ بلد تصريحات واتهامات عدائية ضدّ البلد الآخر، مما يُؤدّي إلى خلق جوّ من عدم الثقة والشعور بالعداوة.

ويساهم الاختلاف في وجهات النظر حول القضايا التاريخية في تأجيج الصراع بين البلدين مثل حرب التحرير الجزائرية ضد فرنسا، فبينما يشيد المغرب بدور الملك الراحل محمد الخامس في دعم الثورة الجزائرية، تُقلل الجزائر من أهمية هذا الدعم.جرى العديد من المحاولات لحل الأزمة بين المغرب والجزائر، لكنها لم تكلل بالنجاح، ففي عام 2000، وقعت اتفاقية لتشكيل لجنة مشتركة للحدود، لكنها لم تعقد أي اجتماع منذ عام 2004.

وفي عام 2022، أطلق العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، مبادرة لرأب الصدع بين المغرب والجزائر، بعد أشهر من قطع الأخير علاقاته مع الرباط، لكنها لم تكلل بالنجاح.

وهكذا  لا يلوح بالأفق القريب أو البعيد فرص لحلحلة الأزمات بين الجارتين، وهو ما يعرقل جهود  التعاون والتنسيق بين   دول المنطقة، إذ أن أي تقارب بين أي من دول المنطقة وأي من الطرفين يفسر على أنه يستهدف الطرف الآخر، ما يفتح المجال أمام شلل سياسي واسع يضرب المنطقة المغاربية، يؤثر سلبا على عموم المنطقة العربية…

…………….

مراجع:

  • الجزيرة، بغياب المغرب وموريتانيا.. ما وراء لقاء سعيّد مع تبون والمنفي؟، 23/4/2024
  • أسوشيتد برس، لوموند: انتكاسة غربية كارثية في منطقة الساحل بالنيجر، 23/4/2024
  • القدس العربي ، لماذا عرضت إسبانيا وساطتها على الجزائر والمغرب؟21 نوفمبر 2023
  • نزار بولحية، كيف دخلت إسرائيل على خط خلاف الجزائر والمغرب؟، القدس العربي، 21 أغسطس 2023
  • عربي 21، الجزائر تعلن إنشاء مكتب “جمهورية الريف” الانفصاليين من المغرب.. ما هي رسالتها؟، 2 مارس 2024
  • الشرق الأوسط، العلاقات بين الجزائر والمغرب تزداد توتراً،18 مارس 2024
  • الحرة، بين “المصلحة” و”الاستفزاز”.. ما خلفيات الخلاف الجزائري المغربي حول عقارات؟، 18 مارس 2024
  • عربي 21، اجتماع تشاوري مغاربي بين تونس والجزائر وليبيا يستثني المغرب وموريتانيا، 21 أبريل 2024
  • الحرة،  بدون المغرب وموريتانيا.. ماذا وراء ​تكتل الجزائر وتونس وليبيا؟، 24 أبريل 2024
  • بي بي سي، الأزمة بين الجزائر والمغرب: ما أبرز المحطات في علاقات البلدين؟، 27 أغسطس 2021
  • موقع DW ، من حرب الرمال إلى نزع ملكية العقارات.. تطورات الصراع بين المغرب والجزائر، 19 مارس 2024
  •  منبر الدفاع الإفريقي ، «مستوى جديد من التصعيد» بين المغرب والجزائر، 2  أبريل 2024
  • DW ، جدل القمصان.. ماذا تقول القوانين في واقعة المغرب والجزائر؟، ٢٢ أبريل ٢٠٢٤
  • الأناضول، الجزائر تتهم إعلاما مقربا من الرباط بنشر “أخبار كاذبة”.. ما علاقة الانتخابات؟، 25 مارس 2024
  • الحرة، أزمة جديدة بين الجزائر والمغرب بسبب قمصان رياضية، 20 أبريل 2024 
  • الحرة، أزمة “مصادرة ممتلكات سفارة الجزائر”.. رد مغربي “لائق” ينهي الخلاف،  27 مارس 2024
  • هسبريس،  لجنة مغربية تدعم استقلال دولة القبايل، 21 أبريل 2024 
  • هسبريس، محاربة الانفصال تدفع المغرب إلى الابتعاد عن تأييد استقلال “دولة القبائل”، 23 أبريل 2024 
  • مدار 21، بعد إعلان استقلال القبائل.. فرحات مهني : نتطلع لتمثيل رسمي بالمغرب،  22 أبريل 2024