كشف الدكتور يحيى القزاز المعارض البارز لنظام الانقلاب، عن حرمان زوجته من السفر في مطار الأقصر، بينما كانت تستعد للسفر في أداء العمرة، وذلك بعد أسبوع من منع هو الثاني من نوعه لأبنه من السفر.


وعبر منصته على (اكس)، أضاف "القزاز"، قال إن الأجهزة لم تمتع زوجته فقط، من السفر لأداء العمرة، ولكن "رافضـين يرجعولها جواز السفر إلا بعد التوقيع على إقرار بإنها ممنوعة من السفر لأسباب أمنية، وعاوزينها ترجع للقاهرة على طيران داخلي".


وأبدى الأكاديمي يحيى القزاز (استاذ متفرغ) بقسم الجولوجيا بكلية العلوم جامعة حلوان تعجبه "معقول الذي يحدث لسيدة عمرها 65 سنة"!

 


مقال القزاز الأخير

ونشر ناشطون جزءا من مقال "تخطت كل الخطوط" الذي كتبه يحيى القزاز قبل ساعات وقال فيه:

من د. يحيى القزاز إلى :
حاكم مصر المستبد الأكبر على مدى تاريخها الطويل، ماذا تنتظر منى، وأنا أسمع انهيار زوجتى، يمنعها جُندك من السفر في مطار الأقصر لتأدية العمرة في الأراضى الحجازية، وكأنها لص هارب وهى الأمينة التي لم تسرق ولم تخن ولم تبدد ولم تستغل وظيفتها حتى انتهاء مدة خدمتها وخروجها على المعاش “مدير عام”؟! خرس لسانى عجزا.. فأكمل ابنى -الممنوع من السفر قبلها- الحديث معها. حاولت التواصل مع المتحكمين في الأمور لأعرف متى ينتهى حظر السفر على أبنائى-لم أحظ برد- وإذا بالحظر يمتد إلى زوجتى.. سره باتع! عقاب جماعى مقيت.

أيها المستبد كيف لرجل كل رأس ماله اعتزازه بحريته وتقاليده القروية أن “ينظر في عينيى زوجته” وهو المكلف بحمايتها.. ولا يقدر؟! مأساة.. لحظات كان الموتُ فيها أمنيةً عزيزة المنال لرجل صعيدى يعرف أن للعرض (كل عرضٍ) حق وحرمة تصل لحد القداسة، الحفاظ عليه فريضة سادسة، وكل الفرائض جاءت لإقامة حدود العدل والحفاظ على الحرمات، وهى فريضة يمكن وصفها بأم الفرائض. 

الأمس.. كان يوما أسودا في حياتى، وأنا في آواخر قطار العمر الذى تدنو عجلاته من محطة السبعين؛ نهاره طويلا طول المسافة بين الأرض والشمس.. بلا شمس، وليله مظلما ثقيلا ثقل الجبال جاثما فوق الصدر، يحشرج النَفَس ولا يعجل بصعود الروح. الموت صار عقارا أبحث عنه للراحة والاستشفاء من بطش سلطة تتربعون فوق عرشها.. اختفى كغالبية الأدوية الفعالة الناقصة في السوق بسبب التضخم الاقتصادى وعدم توفر عملة صعبة. فرطتم في الأرض وفى النهر، وبعتم الأصول والتاريخ، واعتديتم على حرمة الموتى، ونزعتم المقابر من أماكنها قرون عديدة، سلبتم المنازل من أصحابها، وهدمتموها فوق رؤوسهم من أجل حلم غير مشروع، أهنتم الناس وفرضتم عليهم إتاوات نظير الإقامة في الوطن المسلوب، وحولتموهم من مواطنين إلى رهائن، حتى العرض المؤتمنون عليه.. لم تحافظوا عليه.. أهنتموه ومازلتم تهينوه، وما حدث في السجن الحربى وقت أن كنت مديرا للمخابرات الحربية واعترافكم به خير دليل على انتهاك الأعراض. تجيدون تصفية الحسابات بطرق لا تليق بأنظمة حكم دستورية.. وتتغنون بديمقراطية لا مجال لها إلا في اختياركم وتأييدكم فقط، والهلاك لمن يعترض. ديمقراطية مكسورة الجناح كسيحة ككل شيء في عهدكم الكسيح. هل لم يعد في الدولة الغارقة في الديون المهددة بالانهيار بسبب سوء سياساتكم شيء يصنعه رجال الأمن سوى تتبع أسرتى ومنعها من السفر عقابا لهم على أرائي بينما أنا موجود بينكم لم أهرب، ويمكن استدعائى في أي وقت؟! يا للعار. إنها خطة الخراب والوقيعة بين الأسر لتفكيكها. فعل لم يعرفه شيطان من قبل. ماهى الاستفادة من كل هذا؟ الحكام يسعون لترك تاريخ ناصع فيه بعض الهنات، وأنتم تسعون لتاريخ دموى لم تنج أسرة من جروحه. تتحدثون وتأمرون و”تشخطون وتنترون” وتهينون من يرد ويبدى رأيا لصالحكم، وتحرمون الكلام على الناس.. لماذا؟ احتكرتم الوطنية وجردتم المختلفين معكم من الجنسية وبعتم الجنسية وكأن الدولة عزبة تملكونها من حقكم منح من يشاء تصريح عمل فيها أو طرده حسب المزاج.. لماذا؟

الله سبحانه وتعالى يتجرأ بعض الجهلة عليه، لم يصب غضبه الآنى عليهم يمهلهم ربما يتوبون، ولم تتقدم السلطات ببلاغ على من يخرج عن شرع الله لعقابه بالقانون، بينما انتقادكم بسبب سياساتكم ومآسيها محرم، ويرقى للكبائر عقوبته الاختفاء أو السجن، وترك المرضى فى السجون بلا علاج حتى الموت. لماذا؟! فأنتم لستم فوق الله جل وعلا ولا نحن عبيد عندكم.. فاتقوا الله. لقد حان وقت الرحيل.

إن كنتم تعتبرون أسرتي رهينة لأرائي، فهاأنذا أيها الحاكم المستبد جئت لأفك الرهن.. أن أدفعه بنفسى من حر نفسى لتحرير أسرتي في وطن حر، وأتمنى تحرير كل معتقلى الرأي. آن لمصر أن تتحرر من سجنها. وما زلت في انتظاركم أو أحضر لسجونكم لأسدد بنفسى قيمة الرهن لتحرير رهائنى لديكم.

بعد ذاك اليوم لم يعد للدنيا قيمة ولا للحياة طعم، وليس لدى ما أخسره ولا ما أحرص عليه في وطن يحكم بشريعة الغاب. اعتديتم على حق زوجتى عرضى فى السفر ومنعتموها.. لماذا؟ وطلبوا منها في المطار التوقيع على إقرار تقر فيه أن عدم سفرها بسبب إجراءات أمنية.. لماذا؟! من الذى منعها؟! أليست السلطة في المطار؟! أليسوا هم المخولون بإبداء رأي المنع كتابة على جواز سفرها لنتحرى مصداقيته بالقانون؟! إنهم يريدون إهانة المواطن وإذلاله، يريدون اعترافا منها يدينها! هل هذه دولة قانون أم دولة “أبو كيفه” على كيفه؟! تعسف في استخدام السلطة بغيض، وأنا لا أرضاه ولا أعترف بسلطة متعسفة مترجلة راحلة (إن شاء الله) بعدما صار شعارها: الشعب رهائن لا مواطنون.. الشعب وما يملك ملك من يحكم.

عد ذاك اليوم لم يعد للدنيا قيمة ولا للحياة طعم، وليس لدى ما أخسره ولا ما أحرص عليه في وطن يحكم بشريعة الغاب. اعتديتم على حق زوجتى عرضى فى السفر ومنعتموها.. لماذا؟ وطلبوا منها في المطار التوقيع على إقرار تقر فيه أن عدم سفرها بسبب إجراءات أمنية.. لماذا؟! من الذى منعها؟! أليست السلطة في المطار؟! أليسوا هم المخولون بإبداء رأي المنع كتابة على جواز سفرها لنتحرى مصداقيته بالقانون؟! إنهم يريدون إهانة المواطن وإذلاله، يريدون اعترافا منها يدينها! هل هذه دولة قانون أم دولة “أبو كيفه” على كيفه؟! تعسف في استخدام السلطة بغيض، وأنا لا أرضاه ولا أعترف بسلطة متعسفة مترجلة راحلة (إن شاء الله) بعدما صار شعارها: الشعب رهائن لا مواطنون.. الشعب وما يملك ملك من يحكم.

نحن مواطنون أحرار لا رهائن ولا عبيد. لا نملك سوى الكلمة في وجه سلطة مستبدة جائرة. ماعاش من خاف ولااستقر من جبن. المقاومة هي الحل. ومازلت في انتظار الاستدعاء أو الهجوم على منزلى. طبعا يستطيعون تدمير كل شيء نكاية في شخصى إرضاء للطاغية.
فى الختام.. استودع الله أسرتى. وأعتذر لهم عن كل مالحق بهم من أذى بسببى. لم أقصد أن أسبب لكم مشاكل تعوق مسيرة حياتكم.. فسامحونى.. وأرجوكم لا تزوروني في قبرى إن قتلت، ولا في سجنى إن حبست ولن أقابلكم إن جئتم لى في موعد زيارة. ستعرفون بعد فوات الآوان أننى أحببتكم وحاولت أسعدكم، وكنت على استعداد للتضحية بحياتى من أجلكم.. لكنها السلطة التي لا تعرف شرف الخصومة. لم أكن طالب سلطة ولا شهرة ولا جاه، فلقد أغنانى الله بفضله وبوجودكم في حياتى ومحبة الناس، وحبانى بقناعة ومكانة علمية ووظيفة مرموقة، لكنه الإحساس بالقهر الذي يدفع المرء لمواجهة الظلم دون أن يدرى. كنت أصنع هذا بشعور لا إرادى دفاعا عن حريتى وعن حقى في الحياة، وربما يكون من أجل مستقبل حر لكم ولأحفادى.. بدون دراية منى أيضا. لا أدعى أنى مناضل ولا بطل يدافع عن الوطن، أنا رجل بسيط جندي مثلكم، وطن بحجم مصر لا يدافع عنه ولا يحرره إلا جميع المصريين، وخسأ من يدعى غير ذلك. عشتم وعاش المصريون أحرار. وعاشت فلسطين حرة وغزة قلعة النضال. الحرية لمصر.. الحرية لفلسطين.
المواطن 

د. يحيى القزاز أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان
21 فبراير 2024.

 

والدكتور يحيى القزاز أكاديمي وسياسي كان عضوا في الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" وحركة 9 مارس لاستقلال الجامعات.

وواعتقل الدكتور القزاز مرتين الأولى في 2017 والتانية في 2018، والمرتين بسبب آرائه ومواقفه السياسية، واستمر التضـييق عليه بعد خروجه من السجن ومنع من تمثيل قسمه في مجلس كلية العلوم وتجاوزته الإدارة في الترتيب لأنه له مواقف.