على سبيل السخرية من مسرحية الانتخابات الرئاسية التي بدأت اليوم، رصد متابعون خلو اللجان من الناخبين إلا المجبرين على النزول إلى أخذ اللقطة، في لجان خاوية على عروشها تماما كمشهد الأكاديميين ونظار المدارس في مصر وهم يقفون في صباح يوم شديد البرودة وسط ساحات الجامعات أو أمام المدارس، مع (دي جي) يتابعون تعليمات مكاتب الأمن الوطني المشددة، فباتت لافتات السيسي أكبر عددا من المجبرين على تأييده مقابل 300 جنيه لليوم و900 جنيه للثلاثة أيام.
ويتنافس في الانتخابات بالإضافة إلى السيسي، رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة، ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، الذي يقدم نفسه على أنه المعارض الوحيد للسلطة الحالية.
الحشد الأمني
ولا ينطلق أي من المرشحين من برامج انتخابية بل فقط حملات دعاية يتسيد فيها السيسي بدعم من رجال أعمال وتعليمات من الأمن الوطني في مكاتبها المنتشرة على أصحاب المحال والمنافذ التجارية والاجتماعية والتعليمية لإعطاء إحساس كاذب بالحشد الجماهيري.
وبحسب تقارير يسود تخوف لدى الأجهزة الأمنية من أن القلق لا يكمن في المنافسة نفسها؛ بل في احتمال انخفاض نسبة إقبال الناخبين، وأن يُنظر إلى الانتخابات على أنها انتخابات غير شرعية وذات نتيجة مفروغ منها.
أجهزة السيسي شنت حملة مكثفة لترهيب أصحاب الأعمال مناطق مختلفة في جميع أنحاء مصر لإجبارهم على إظهار الدعم للسيسي.
وقال أصحاب شركات صغيرة ومتوسطة في 3 مدن إن "ضباط الأمن" زاروهم وقاموا بطباعة لافتات لدعم السيسي، وعرضوها في الساحات الرئيسية لتعبئة الناخبين في أيام الانتخابات.
المصريون منذ الصباح يقترعون برعاية موظفي حكومة السيسي، لتجديد فترة رئاسة مدتها 6 سنوات، تبدأ من أبريل 2024، وحتى عام 2030، في مسرحية هزلية بطلها قائد الانقلاب الذي برع في تعطيش المصريين وتجويعهم، حتى بان يعيش 60% من سكان مصر الذين يناهز عددهم 106 ملايين نسمة، تحت خط الفقر. في وقت تتصدر المشكلة الاقتصادية الاهتمامات، في بلد يواجه أكبر أزمة اقتصادية في تاريخه، مع معدل تضخم يلامس 40%، وعملة محلية فقدت 50% من قيمتها، ما أدى إلى انفلات الأسعار.
العدوان على غزة
وانصرف الناس في غالبيتهم عن السيسي وانتخاباته المحسومة مسبقا، بحرب غزة التي طغت أحداثها، فالمرشحون غائبون و"الانتخابات" بلا ضجيج.
وخلال ما يسمى "انتخابات" اختفى في الشارع أي نوع من الحراك السياسي والحشد، وتغيرت أجندة المواطنين، وتبدل الحديث من الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار إلى الحديث عن بشاعة الاحتلال والأمن القومي المصري ومخططات التهجير ومتابعة مجريات العدوان على غزة.
تعديلات مقصودة
وكانت التعديلات الدستورية التي رعاها السيسي في 2019 تضمنت تمديد فترة الولاية الرئاسية إلى 6 سنوات بدلاً من 4 سنوات، وتضمنت مادة انتقالية سمحت بذلك وأتاحت له الترشح لفترة ثالثة وفقاً للقواعد الجديدة.
وحاول معارضان المشاركة في مسرحية "الانتخابات"، إلا أن أحدهما، في السجن حاليا وهو الناشر الليبرالي، هشام قاسم، والآخر، هو: (النائب السابق ببرلمان السيسي) المعارض أحمد الطنطاوي، فبدأت محاكمته بتهمة "تداول أوراق تخص الانتخابات بدون إذن السلطات".
فيما دخل منافسو السيسي السباق الانتخابي، بالحصول على تزكيات من أعضاء بالبرلمان الذي يسيطر عليه موالون للرئيس المصري.
كما باتت البرامج التلفزيونية المسائية في القنوات المحلية المقربة من أجهزة المخابرات المصرية، تحاول الآن الربط بين الانتخابات والحرب في غزة.
إنجازات عشرية
ورصد الكاتب الصحفي جمال سلطان للسيسي مجموعة من الإجازات خلال 10 سنوات تمثلت في، أهم إنجازات السيسي في 9 سنوات:
1. انهيار اقتصادي مخيف (خفضت وكالة فيتش تصنيف مصر الائتماني من B إلى B-)
2. انهيار العملة الوطنية، الجنيه بين العملات العشر الأسوأ أداء في العالم (تسلم الحكم والدولار يساوي 7 جنيهات، فوصل اليوم إلى 50 جنيها)
3. انهيار التعليم ، تصنف مصر في عهده بين الأسوأ تعليما في العالم (139 من أصل 140 دولة)
4. هروب الأطباء وتراجع مخيف لمنظومة الصحة
5. في عهده تصنف مصر بين الدول الأكثر فسادا في العالم (130 من بين 180 دولة)
6. ثاني أكبر الدول استدانة من صندوق النقد الدولي
7. أسوأ معدل للادخار الوطني في تاريخ مصر
8. تراكم الديون بما لم يحدث في تاريخها الدين الخارجي حوالي 167 مليار دولار الدين المحلي حوالي 6 ترليون جنيه
9. اتساع الفقر أكثر من نصف الشعب تحت خط الفقر(حوالي 60% وفق تقديرات مستقلة)
10. انهيار منظومة العدالة (مصر في عهده في المرتبة 136 بين 142 دولة) في مؤشر العدالة وسيادة القانون
11. ضياع حقوق مصر في ماء النيل شريان الوجود، وعجز تام عن حماية الأمن القومي في صميمه .
12. هروب جماعي للشباب في هجرات غير شرعبة بحثا عن فرصة عمل أو حياة ، والسيسي يقترح على الشباب بيع دمه دوريا للحصول على المال اللازم لقضاء احتياجاته.
خلفية تاريخية
وفي آخر انتخابات رئاسية عقدت عام 2018، شارك 24.3 مليون ناخب من إجمالي 59.1 مليون مواطن لهم حق التصويت بنسبة مشاركة بلغت 41.05%، وتصدرت المشاركة محافظة الوادي الجديد بنسبة 58.76%.
في مايو 2014، انتخب السيسي القائد السابق للجيش رئيسا للجمهورية بعد فوزه بـ96.9% من الأصوات عقب حملة القمع التي شنتها السلطات على المعارضة، واستهدفت خصوصا جماعة الإخوان المسلمين التي تم تصنيفها "إرهابية".
وكان السيسي يقود فعليا البلاد قبل ذلك بعام، بعد أن قاد تدخلا للجيش للانقلاب على الرئيس الشرعي الشهيد د. محمد مرسي، في يوليو 2013، والذي كان أول رئيس مدني يحكم مصر.