دعا إعلاميون وخبراء إلى تبني يوم للصحافة الفلسطينية بعد الجرائم التي ترتكب بحقهم والتي راح ضحيتها 66 صحفيا خلال العدوان الأخير على قطاع غزة من بينهم 6 صحفيات، إضافة إلى استهداف المئات من عائلات الصحفيين في القطاع.

الدعوة جاءت خلال ندوة "الاحتلال يغتال الصحفيين... جريمة صهيونية لقتل الحقيقة" التي نظمها "مركز إنسان للدراسات الإعلامية" بالتعاون مع منتدى فلسطين الدولي للإعلام الصحفيين العرب، يوم الأربعاء 29 نوفمبر الجاري، واستنكر المشاركون فيها الصمت العالمي الرسمي الذي يصل إلى حد التواطؤ، كما استنكروا تغييب القوانين والمواثيق الدولية، وعدم تفعيلها أمام العدوان الصهيوني على غزة وطالبوا بضرورة التضامن مع الصحفيين الفلسطينيين، ودعمهم.

وطالب شعبان عبد الرحمن مدير مجلة المجتمع الكويتية السابق ومدير جريدة الشعب المصرية سابقا، بضرورة تحديد يوم يطلق عليه يوم الصحفي الفلسطيني، حتى نتذكر الجرائم التي ارتكبت بحقهم.

فيما أشار الدكتور سليمان صالح أستاذ الإعلام بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، إلى أن الاحتلال يقتل الصحفيين بدافع إدراكه لخطورة الإعلام ونقل الحقيقة على صورته ومستقبله.
ونبه صالح إلى خطورة الحرب الإعلامية التي يمارسها الاحتلال ضد شعوبنا منذ عقود، وأكد على استخدام الاستعمار لها منذ نابليون الذي أصر على اصطحاب المطبعة معه إلى مصر، وانتظر اكتمالها 3 أشهر، ليستخدمها في طباعة المنشورات لإلقائها على المصريين.

 

استهداف عائلات الصحفيين
وأرسل الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح مدير مكتب الجزيرة في غزة بمداخلة خاصة للندوة، أكد فيها على تعمد استهداف الاحتلال لعائلات الصحفيين للضغط عليهم وإسكاتهم، تماما كما حدث معه عندما فقد زوجته وابنه وحفيده من بين 14 من أفراد عائلته قتلوا في هذا القصف المتعمد، وأكد أنهم على الرغم من كل هذه الآلام والأوجاع، إلا أن الصحفيين الفلسطينيين تعالوا عليها، وظلوا على رأس عملهم، يقومون بواجبهم، ويؤدون رسالتهم النبيلة.
وتكلم في الندوة أيضا الدكتور أيمن خالد رئيس اتحاد الإعلاميين الأجانب في تركيا، والذي ربط في كلمته بين التضليل الإعلامي والفعل الإجرامي، وأشار إلى قاعدة "لا دفاع شرعي ضد دفاع شرعي، ولا مقاومة ضد الفعل المباح"، أشار إلى ضرورة مراجعات المعاهدات غير المتكافئة كمعاهدات أوسلو، وكمب ديفيد، ووادي عرفة، وغيرها، لافتا النظر إلى القاعدة القانونية "إذا زال المانع، زال الممنوع".


وأكد عادل الماجدي منسق "التحالف الحقوقي لنصرة القضية الفلسطينية"، ونائب رئيس جمعية ضحايا التعذيب في في كلمته أن ما يحدث في غزة ليست حربا بل إبادة حقيقية، وأكد أن صمود الشعب الفلسطيني قد قلب المعادلة، مؤكدا أن من حرك الحكومات هو المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، وأضاف أن المنظومي الحقوقية قد انهارت أمام العدوان الصهيوني على غزة.


وفي كلمته أكد بلال خليل مدير منتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال "تواصل" أهمية الصورة الصحفية وأهمية العمل الصحفي، وتحدث عن حجم الإعلام وتأثيره في المعركة، وأوضح أن بعض الشهداء تحولوا إلى أيقونات بسبب صورة التقطها لهم صحفي قدر في الوقت والمكان المناسبين، وأشار في هذا الصدد إلى صورة محمد الدرة التي أحدثت دويا أثر على صورة الاحتلال، حتى أن الاحتلال حاول أن يسوق أن محمد الدرة إسرائيلي، وأشار أيضا إلى فيديو "يعقوب" الذي انتشر عام 2021، وكان باللغة الإنجليزية، الذي قال فيه لمنى الكرد عندما سألته: أسترق بيتي؟ قال: "إن لم أسرقه أنا سيسرقه غيري!"، وأوضح خليل كيف كان هذا الفيديو فارقا عند الكثير في الغرب.


تراجع البروباجندا الإعلامية الصهيونية

وأضاف خليل أن البروباجندا الإعلامية الصهيونية كانت متجذرة في الغرب، لكنها قد تراجعت مؤخرا بفعل الجهد الذي بذله الزملاء الصحفيون في فلسطين، وبفعل السوشيال ميديا، والموبايل الذي أصبح في يد كل مواطن، مؤكدا أن الصحفيين الفلسطينيين من اليوم الأول قد أدوا دورهم في نقل الصورة الحقيقية أداء أزعج الاحتلال، الذي يريد أن يقتل الفلسطينيين ويهجرهم في صمت.


واستطرد خليل: إنه من أجل كل ذلك تعمد الاحتلال قتل الصحفيون، والتنكيل بهم، وبعائلاتهم، وأوضح أن الاحتلال لا يخفي ذلك، وأشار في هذا الصدد إلى رد المتحدث باسم حكومة الاحتلال، عندما سأل عن مقتل عائلة الدحدوح، فأجاب: نحن تعمدنا استهدافهم، حتى يكف عن كذبه، وافترائه علينا في الإعلام! كما أشار إلى الرسالة التي وجهت إلى الصحفي أسامة الشريف، والتي هدد فيها لمغادرة شمال غزة.

قضية إنسانية
وبدوره أكد المحامي محمود جابر مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان في كلمته أن قضية فلسطين قضية إنسانية، وأضاف جابر إننا عندما ننظر إليها من المنظور الإنساني، فإننا نفضح العالم المتواطئ بحكوماته ومؤسساته ومنظماته الحقوقية والقانونية، والمجتمع الدولي الذي نصب من نفسه مدافعا عن حقوق الإنسان، والذي خط بيديه منذ 70 عاما إعلانا، أسماه "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
وأشار جابر إلى أن الأمم المتحدة قد استحدثت قانونا خاصا لحالات النزاع هو "القانون الدولي الإنساني"، بخلاف القانون العام "القانون الدولي لحقوق الإنسان".

واستطرد أنه في 2 نوفمبر احتفلت الأمم المتحدة ومؤسساتها ب "اليوم الدولي لمنع إفلات مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين من العقاب"، وأوضح أن هذا اليوم قد دشن من أجل صحفي فرنسي قتلا في مالي.
وأضاف أنه على الرغم من كل هذا فقد قتل مئات من الصحفيين على مدى 70 عاما، منهم 66 صحفيا في ال 50 يوما الأخيرة!! وأشار إلى حالة من التواطؤ الضمني والصريح مع الاحتلال من حكومات الغرب، ومن مؤسسات دولية.
وأوضح مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان أن المؤسسة مع مجموعة منظمات حقوقية، ومحامين دوليين قد دشنوا مع بداية هذا العدوان تحالفا حقوقيا قانونيا دوليا من أجل القضية الفلسطينية، شمل أكثر من 40 منظمة دولية، هو الأول من نوعه كما وكيفا، وأوضح أنه قد انبثق عن هذا التحالف مجموعة من المحامين، قادت تحركا قانونيا دوليا أمام الجنائية الدولية، ويرأسه فريق قانوني.
وأكد محمود جابر أنهم في حرب مع القانون الدولي والمؤسسات الدولية، حيث أوضح أن السلطة الفلسطينية وقعت على ميثاق روما منذ 2015، ولكن الجنائية لم تقبل دعوى ضد إسرائيل إلا هذا العام.
وأضاف أنه الآن توجد هناك 3 دعاوى أمام الجنائية الدولية لصالح الصحفيين فقط.

ووصف جابر ما يحدث في غزة من جرائم وانتهاكات بأنه قتل عمد وإبادة جماعية اكتملت أركانها الست.


إصرار على الاستمرار

وأكد في نهاية كلمته استمرارهم في نضالهم القانوني والحقوقي الدولي، وفي ملاحقتهم لهذه السلطة المحتلة القاتلة نصرة لقضية فلسطين، تلك القضية الإنسانية العادلة.

واستعرض صادق الرزيقي رئيس اتحاد الصحفيين الأفارقة ونائب رئيس الصحفيين العرب جهود الصحفيين، ودور الاتحادات الصحفية الدولية في حماية الصحفيين، والتعامل مع الأحداث الأخيرة.
وفي إشارة لأهمية وتأثير جهود النقابات والاتحادات والمنظمات الصحفية الدولية، أشار الرزيقي أنه في 2014 عندما قرر الاتحاد الدولي طرد دولة الكيان من عضوية الاتحاد كان ذلك بضغط من الهيئات والاتحادات الصحفية العربية، مشيرا إلى أن رئيس الاتحاد الدولي كان في زيارة إلى فلسطين، وأن للاتحاد صفحة دائمة، وتقرير دولي يفضح الجرائم والانتهاكات، وثمن جهود اتحاد الصحفيين العرب، ولفت إلى أن النظام الرسمي العربي هو المتقاعس، وهو الذي لم يتح الفرصة للاستفادة من أدوات الضغط العربي الشعبي.


واستطرد الرزيقي مستعرض جهود ومواقف اتحاد الصحفيين الأفارقة، ودعمهم ككتلة أفريقية للمرشحين الفلسطينيين، وأشار إلى محاولة الكيان اختراق الإعلام الإفريقي، ومواجهةالصحفيين الأفارقة له.
وعرج على الفضاء الرسمي والشعبي في أمريكا الجنوبية ومساندته للقضية الفلسطينية، وتحدث عن جدية وفاعلية اتحاد الصحفيين في آسيا، أكبر كتلة من الصحفيين في العالم، وأكد الرزيقي على أهمية وضرورة الاستفادة من هذه التجمعات والاتحادات.