رجّح خبراء أن تؤثر عملية "طوفان الأقصى" على سوق النفط العالمية، حيث بإمكانها تعطيل الإمدادات ودفع الأسعار إلى الارتفاع، لكنهم أجمعوا أن الأمر لن يكون مماثلًا لما حدث في سبعينيات القرن الماضي.

وبعد مرور خمسين عامًا على الحظر النفطي العربي عام 1973، أشار خبراء تحدثوا لوكالة أسوشيتد برس إلى أن الحرب الجارية بين حماس والكيان الصهيوني قد تؤثر على سوق النفط بالفعل لكنهم أجمعوا على أن الارتفاع الكارثي في الأسعار وصور الطوابير الطويلة أمام محطات البنزين، التي شوهدت وقتها، "لن تتكرر".

ودفعت التقلبات منذ بداية عملية طوفان الأقصى، أسعار النفط إلى الارتفاع حتى حدود 96 دولارًا، وانخفضت بفضل عدد من العوامل في آخر جلسة يوم الجمعة الماضية إلى 92 دولارًا للبرميل، حيث يعتمد سعر النفط على الكمية المستخدمة منه والكمية المتوفرة.

وقال مايك سومرز، الرئيس والمدير التنفيذي للمعهد الأمريكي للبترول "لقد علمتنا أزمة الطاقة عام 1973 أشياء كثيرة، لكن الأمر الأكثر أهمية في رأيي هو أن قوة الطاقة الأمريكية هي مصدر هائل للأمن والازدهار والحرية في جميع أنحاء العالم".

وفي خطاب ألقاه الأربعاء بمناسبة الذكرى الخمسين لحظر النفط عام 1973، قال سومرز إن الإنتاج الأمريكي الحالي يتناقض بشكل حاد مع "موقف أمريكا الضعيف خلال حظر النفط العربي".

وحث صناع السياسة الأمريكيين على الانتباه إلى ما أسماه دروس عام 1973.

وقال سومرز، الذي انتقد مرارًا سياسات الرئيس جو بايدن التي تقيد عقود النفط الجديدة كجزء من جهود إبطاء التغير المناخي "لا يمكننا أن نهدر ميزتنا الإستراتيجية ونتراجع عن قيادة الطاقة".

أسعار النفط ترتفع إلى 91 دولاراً للبرمیل- الأخبار الأقتصاد - وکالة تسنیم  الدولیة للأنباء

 

مخاوف ارتفاع أسعار النفط

لكن صحيفة الجارديان، ذكرت في تقرير لها، أن المخاوف تتجدد من جديد بين تجار النفط والاقتصاديين من أن الأسواق قد تتجاوز مستوى 100 دولار للبرميل.

وتبدو الأسواق قلقة، وفق تقرير الصحيفة، لأن تصاعد التوترات في المنطقة قد يخنق إمدادات المنطقة التي تعد إمداداتها ضمن الأكبر في العالم، وذلك يهدد الجهود التي يبذلها محافظو البنوك المركزية لترويض التضخم المرتفع.

ويتوقع محللو السوق، وفقًا للصحيفة، أن تقوم الولايات المتحدة قريبًا بتشديد عقوباتها على صادرات النفط من إيران، وهي لاعب رئيس في هذه السلعة، بسبب علاقات طهران مع حماس وحزب الله.

أحد المحللين ذكر للصحيفة أنه من غير المرجح أن يُغلق المضيق، لكن الأنشطة العسكرية في المنطقة ستكون كافية لرفع أسعار النفط إلى مستويات مرتفعة للغاية لفترة قصيرة على الأقل.

 

سعر النفط يبلغ 140 دولارًا في هذه الحالة

وقال محللون للصحيفة إن هناك احتمالًا بانخفاض إنتاج النفط الإيراني بمقدار مليون برميل يوميًا نتيجة للعقوبات الأمريكية المتوقعة، وكذلك انخفاض إنتاج النفط الروسي للأسباب نفسها، وقد يؤدي ذلك إلى وصول أسعار النفط إلى 140 دولارًا للبرميل العام المقبل، ومع ذلك، يمكن تخفيف تأثير هذه العقوبات إذا قامت المملكة العربية السعودية – التي تقيد إنتاجها النفطي – بزيادة صادراتها للمساعدة في استقرار السوق.

وفي السياق نفسه، ذكرت رئيسة الأبحاث الاقتصادية في شركة "أليانز تريد"، آنا بواتا، أن الحرب في الشرق الأوسط، يمكن أن تسبب ارتفاع أسعار النفط، إلى 140 دولار للبرميل، ودفع العالم إلى شفا ركود اقتصادي.

وفي حديثها إلى كريتي جوبتا، الذي بثه تلفزيون بلومبيرج، وضعت المحللة المقيمة في باريس احتمالًا، بنسبة 20% لمثل تلك النتيجة، مع تحول الاعتداءات بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" إلى صراع إقليمي واسع، يوقف إمدادات النفط الخام.

وأضافت "ارتفاع أسعار النفط - هذا هو التأثير المباشر"، موضحة بالتفصيل كيف سيتكشف مثل هذا السيناريو.

وتابعت "يمكن أن نتوقع ارتفاع أسعار النفط من 90 دولارًا للبرميل إلى 140 دولارا، في ذروته، وحتى 120 دولارًا، في المتوسط العام المقبل".

وأي ضرر يلحق بالبنية التحتية النفطية الإيرانية نتيجة لضربة عسكرية من قبل إسرائيل قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على مستوى العالم.

وتلك التوقعات تشير إلى حالة من الرعب من ناحية التكلفة البشرية وكابوس لصناع السياسات، الذين يتعاملون مع التداعيات.

انخفاض أسعار النفط الخام .. وتفاؤل بشأن الطلب الصيني - مصدرين مصر

إغلاق مضيق هرمز

يشار إلى أن مضيق هرمز في الخليج مسؤول عن عبور أكثر من 20% من النفط المستهلك عالميًا وثلث شحنات الغاز العالمية المنقولة بحرًا، مما يجعله شريانًا حيويًا للطاقة للأسواق العالمية.

وإذا سعت إيران إلى إغلاق المسار فسيكون لذلك آثار كبيرة على إمدادات أوروبا من الغاز من قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث تم إرسال حوالي 16% من صادرات قطر إلى الاتحاد الأوروبي العام الماضي، مما يجعل البلاد ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في أوروبا بعد الولايات المتحدة، بينما تعتبر هذه الإمدادات حاسمة بعد انتهاء واردات الغاز عبر خطوط الأنابيب من روسيا العام الماضي.

 

معدلات إنتاج النفط في الشرق الأوسط

على صعيد الإنتاج، تنتج المملكة العربية السعودية الآن حوالي 9 ملايين برميل من النفط يوميًا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، وتقدر الوكالة أن إيران والإمارات العربية المتحدة تنتجان أكثر من ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميًا، وتنتج روسيا، الحليف الرئيسي لأوبك+، حوالي 9 ملايين برميل من النفط يوميًا.

أشار التقرير إلى أن ارتفاعًا كبيرًا في أسعار النفط من شأنه أن يجلب مكاسب كبيرة، لهذه الاقتصادات، ولكن عند حد معين، فبمجرد أن تتحرك الأسعار بشكل ملحوظ فوق 100 دولار للبرميل، فإن ارتفاع تكلفة الطاقة يمكن أن يتسبب في تباطؤ النشاط الاقتصادي وانخفاض الطلب على النفط، ويعد هذا حافزًا للمملكة العربية السعودية لزيادة إنتاجها لكبح جماح أسعار سوق النفط الجامحة.

ارتفاع سعر النفط مجددا وسط إعلان الإمارات التزامها بحصص إنتاج الدول المصدرة

هزيمة الرئيس بايدن

يذكر أنه قبل الهجوم، أكدت المملكة العربية السعودية وروسيا أنهما ستواصلان حجب أكثر من مليون برميل من النفط يوميًا عن السوق العالمية حتى عام 2024 من أجل دعم أسعار النفط، التي بدأت في التراجع بسبب المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي، وإذا لزم الأمر، يمكن عكس هذا القرار إذا هددت صدمة أسعار النفط العالمية بتآكل الطلب.

ولفت التقرير إلى أن ارتفاع أسعار النفط قد يعني هزيمة الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، في الانتخابات الأمريكية العام المقبل، وبالنسبة لروسيا فإن ارتفاع أسعار النفط يشكل أهمية بالغة لدعم خزائن الكرملين في الوقت الذي تواصل فيه حربها ضد أوكرانيا.