لا تزال مشاهد مركبات الدفع الرباعي التابعة لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" والمقاومة وهي تجوب شوارع المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، تؤرق سكان تلك المستوطنات وتنزع النوم من جفونهم، في الوقت الذي لا زالت صواريخ المقاومة تنهال عليهم لتذكرهم بأنهم تحت مرمى النيران الفلسطينية.

وخلال معركة "طوفان الأقصى"، التي أعلن القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف انطلاقها صباح السبت 7 من أكتوبر، عاد مصطلح غلاف غزة ليتردد كثيرًا في وسائل الإعلام، فما هو غلاف غزة؟، وما الأهمية التي توليها "إسرائيل" لهذه المستوطنات؟.

وعندما انسحبت قوات الاحتلال من قطاع غزة وأخلت 25 مستوطنة مقامة داخل القطاع في سبتمبر 2005، أنشأت منطقة عازلة على طول الحدود البرية للقطاع.

 

غلاف غزة

وفي محيط الحدود وعلى مسافة تبلغ نحو 40 كيلومترًا يقع غلاف غزة بعمق يبدأ من 7 كيلومترات، ويضم 47 مستوطنة، يقيم فيها نحو 37 ألف مستوطن على مساحة تصل إلى 735 كيلومترًا، ما يمثل ضعف مساحة قطاع غزة.

ويقسم غلاف غزة إلى 3 مجالس محلية، أكبرها مجلس "أشكول"، ويضم 32 مستوطنة ويمتد على مساحة 380 كيلومترًا مربعًا، ويقيم فيه 13 ألف مستوطن.

ويليه مساحةً مجلس "شاعر هنيغف"، ويضم 11 مستوطنة ويمتد على مساحة 180 كيلومترًا مربعًا، ويقيم فيه 7 آلاف مستوطن.

أما الثالث فهو مجلس "أشكلون"، ويضم 4 مستوطنات ويمتد على مساحة 175 كيلومترًا مربعًا، ويقيم فيه 17 ألف مستوطن.

ويحتوي غلاف غزة على العديد من المدن والبلدات ذات الأهمية البالغة للاحتلال.

ومن أهم المدن "سديروت" التي تقع شمال شرقي قطاع غزة، وتبعد في أقرب نقطة لها عن القطاع 840 مترًا، ويعيش فيها أكثر من 3 آلاف مستوطن.

ويقع كيبوتس "بئيري" شرق وسط غزة، ويبلغ عدد سكانه أكثر من ألف مستوطن.

أما "كفار عزة" فهي كيبوتس يقع على بعد نحو 5 كيلومترات شرقي قطاع غزة، وعدد سكانها نحو ألف مستوطن، فيما تقع "نتيف هاعسيره" شمال غزة، وهي عبارة عن قرية زراعية، وعدد سكانها حوالي 1000 شخص.

في حين يقع كيبوتس "ناحل عوز" جنوب "سديروت" وعدد سكانه أقل من 500 مستوطن، وأما كيبوتس "كيسوفيم" فيقع جنوب "بئيري" وعدد سكانه أقل من 300 مستوطن.

وهناك العديد من المستوطنات الأخرى المهمة في غلاف غزة مثل: "نيتسان"، "جيفارام"، "كارمية"، "نيتسانيم"، "نير يسرائيل"، "تلمي يافيه"، "ياد مردخاي"، "زيكيم"، "بيت شكما"، "بريخيا"، "جيا"، "هيليتس"، "هودية"، "ماشين"، "مافكيم"، "بئر غانيم"، "نيتسان بيت"، "بات هدار"، "كفار سلفر"، و"كوخاف مايكل".

وتسكن مستوطنات غلاف غزة غالبية من اليهود الشرقيين ذوي التوجهات اليمينية المتطرفة، ومعظمهم كانوا يعيشون في المستوطنات المخلاة داخل غزة.

ويحرص الاحتلال على استمرار وجود المستوطنين في غلاف غزة ليشكلوا حاجزًا جغرافيًا وديموغرافيًا، لأن استمرار وجود هذه المستوطنات يعني استمرار الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، وبالتالي تحقيق الهدف الرئيس بمنع قيام دولة فلسطينية متصلة الأراضي.

ويضاف إلى ذلك أن منطقة غلاف غزة تعج بالقواعد العسكرية التي تقيمها قوات الاحتلال.

ولهذا تقدم حكومة الاحتلال معاملة خاصة لسكان الغلاف من خلال تقديم حوافز كبيرة لهم، لكونهم خط الدفاع الأول لقوات الاحتلال من جهة قطاع غزة.

 

إستراتيجية البقاء ومخاوف الإخلاء

الباحث والخبير بالشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد يقول: "إن منطقة غلاف غزة أصبحت فارغة بشكل كبير منذ عملية "طوفان الأقصى"، وهناك حديث عن تفريغ "سديروت" من السكان.

ويؤكد أن الوضع في الغلاف لن يعود كما كان سابقًا، وأن جزءًا كبيرًا من السكان لن يعودوا، لافتًا إلى أن سكان مستوطنة "بئيري" أعلنوا رسميًا أنهم لن يعودوا إليها، ما يشير إلى احتمال حصول هجرة شبه جماعية من المستوطنة.

ويبين أن سكان تلك المستوطنات كانوا يشتكون قبل "طوفان الأقصى" من أوضاع أمنية غير مريحة كما يصفونها، وجاءت هذه الضربة في ظل غياب لقوات الاحتلال بهذا الشكل، مما يعزز مخاوفهم ويدفعهم لعدم العودة.

ووفقًا لأبو عواد، فإن "الاحتلال يُعطي أهمية إستراتيجية لمنطقة غلاف غزة، ويحرص أن لا يتم إفراغها أو أي منطقة في فلسطين، بل استيطانها ومواصلة السيطرة على الأرض، لأن ترك الأرض بدون استيطان سيسهل فقدانها مع مرور الوقت، وهذا يتعارض مع شكل إسرائيل كدولة استيطانية تريد الأرض ولا تريد إخلاؤها".

ويضيف أن "إخلاء المستوطنات في الغلاف سيظهر إسرائيل بأنها دولة عاجزة، الأمر الذي سيسبب لها الكثير من الإشكاليات".