عشر سنوات على جريمة فض ميداني رابعة والنهضة عبر مذبحة دموية شاهدها العالم كله عبر اقتحام الجيش والشرطة لساحات التظاهر، مرتكبين جريمة ترقى إلى “جريمة ضد الإنسانية”، حيث تُعتبر الجريمة الأبشع في تاريخ مصر الحديث؛ ولن تسقط بالتقادم، أو بسن تشريعات جديدة لمعافاة المسؤولين من المُساءلة والعقاب وفقع أعين العدالة.

 

مرور عشر سنوات على مذبحة رابعة التي وقعت يوم 14 أغسطس 2013، وشاركت قوات الشرطة بالتعاون مع الجيش بفض اعتصامات رافضي انقلاب 3 يوليو 2013 في مصر، إلا إنه لم تتم محاسبة المسؤولين عن المذبحة حتى الآن.

 

وشهدت الاعتصامات الرئيسية في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة وميدان النهضة بالجيزة، بالإضافة إلى العديد من الاعتصامات في باقي المحافظات عدوانا دمويا، أعقبه سلسلة من عمليات الإخفاء القسري والإعدامات خارج نطاق القانون على نطاق لم ترَ مصر مثيلاً من قبل.

 

أرقام الضحايا بحسب توثيق الانقلابيين

عكف الانقلابيون من اللحظة الأولى لإعلان أرقام متغيرة لتشتيت الرأي العام وعمل تضارب لتشتيت الرأي العام فالتقديرات حول عدد القتلى والمصابين في الأحداث كان بها تضارب كبير؛ فبعد 14 ساعة استغرقتها عملية فض الاعتصام، تعددت التقديرات الخاصة بأعداد القتلى.

 

وجاء في أول تقرير أعلنته وزارة الصحة في 15 أغسطس 2013 أن أعداد الضحايا في رابعة العدوية بلغ نحو 288 قتيلاً.

 

وفي 13 سبتمبر 2013، قال المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعي هشام عبد الحميد، إن إجمالي عدد الوفيات في أحداث فض اعتصام رابعة العدوية بلغ 333 حالة، بينهم 247 حالة معلومة (هويتها) و52 حالة مجهولة، و7 حالات من الشرطة.

 

وفى 5 نوفمبر 2013، أعلن الطب الشرعي فى بيان رسمي جديد له، أن إجمالي عدد ضحايا رابعة 377 قتيلاً، منهم 31 جثة مجهولة الهوية.

 

كذلك أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان المعيَّن من قبل حكومة الانقلاب تقريراً قال فيه إن أعداد قتلى اعتصام رابعة العدوية 632 قتيلاً.

 

وفي 25 نوفمبر 2014، أصدرت لجنة تقصي الحقائق المعروفة باسم لجنة تقصي 30 يونيو برئاسة الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض تقريرها النهائي بشأن أحداث رابعة والنهضة، وقال التقرير إن إجمالي الضحايا 860 قتيلاً.

 

بيانات تحالف الشرعية والمنظمات الحقوقية

في15 أغسطس 2013، قال التحالف الوطني لدعم الشرعية إن إجمالي الوفيات فى فض رابعة العدوية وحدها بلغ 2600 شخصا، وهو نفس العدد الذي تحدثت عنه المستشفى الميداني في رابعة في ذلك الوقت.

 

وفي مايو 2014، قدّر موقع ويكي ثورة عدد القتلى في أحداث رابعة العدوية والنهضة بـ 1542.

 

أما في 20 أغسطس 2013، قالت منظمة هيومان رايتس ووتش فى بيان لها، إن استخدام قوات الأمن للقوة فى فض اعتصام رابعة العدوية يعد أسوأ حادث قتل جماعي فى التاريخ المصري الحديث، حيث بلغ عدد الضحايا على الأقل 337 قتيلاً، لكن جاء في آخر تقرير لـ “هيومان رايتس ووتش”، والمكون من 188 صفحة والذي أعلن رسمياً يوم 12 أغسطس 2014 تحدثت فيه عن قتل 1150.

 

كما ذكرت منظمة العفو الدولية في بيان أصدرته يوم 16 أغسطس 2013، أن “عدد الضحايا تعدى ستمائة شخص بعدما استخدمت قوات الأمن القوة المميتة غير المبررة ونكثت بوعدها بالسماح للجرحى بمغادرة الاعتصام بأمان”.

 

وقدرت مؤسسة الكرامة الدولية لحقوق الإنسان فى يوم 17 أكتوبر 2013 عدد الضحايا بـ 985 شخصا. وأصدرت مجموعة من النشطاء السياسيين يوم 14 يناير2014 كتابا إلكترونيا بعنوان “رابعة بين الرواية والتوثيق”، قالوا إنهم نجحوا في توثيق 825 حالة قتل في فض رابعة.

 

عدالة عمياء وانتقام من الضحايا وذويهم

بعد مذبحة الفض مباشرة قام القضاء المصري بفتح تحقيق فى الواقعة التي هزت العالم كله، لكن لجنة تقصي الحقائق التي أنشأها عدلي منصور والمعيَّن من قبل السيسي والمؤسسة العسكرية، كان نهجها بأن لا أحد من الجيش أو الشرطة يُحاكَم في هذه الجرائم.

 

وتحول المعتصمون من ضحايا إلى متهمين في محاكمات أُلقي فيها اللوم على قادة الاحتجاجات بعد وقوع الضحايا في رابعة، وقُبِضَ على مئات ممن حضروا الاعتصامين، ومن بينهم بعض الصحفيين والمصورين الذين كانوا يزاولون عملهم في تغطية الأحداث، وقُدِّمُوا إلى محاكمة جماعية جائرة.

 

وقد سمحت هذه الثغرة الواسعة في تطبيق العدالة لقوات الأمن بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من بينها استخدام القوة المفرطة بشكل مميت، وتنفيذ عمليات إخفاء قسري، دون حسيب أو رقيب.

 

بالإضافة إلى أحكام الإعدام واستهداف المعارضين في الخارج والداخل وتلفيق الاتهامات لهم، الأمر الذي من شانه أن يهدم أي استنتاجات أو تحليلات بشأن أنه كان هناك احتمالية حدوث أي مصالحات فى هذا الوقت بين النظام وجماعة الإخوان.

 

ورغم محاولات السيسي ونظامه محو مذبحة فض رابعة داخل مصر وخارجها، فإن شبح رابعة يطارده في كل مكان؛ ورغم البطش والقتل والتنكيل الذي يواجهه المعارضون في الداخل والخارج إلا أن مازالت رابعة في قلوبهم حية لم تمت رغم كل العقبات التي تواجههم على مدارعشر سنوات، فالتاريخ يؤكد بأنه ما ضاع حق وراءه مطالب.