أظهرت أرقام صادرة عن مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي) تراجع إنتاج الغاز الطبيعي في مصر إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023.

وأثار انقطاع التيار الكهربائي هذا الصيف بشكل متكرر لساعات طويلة تساؤلات حول إمدادات الغاز، التي تمثل 77% من توليد الكهرباء في مصر في عام 2022، بحسب ما ذكرت شركة "بي.إم.آي. ريسيرش" للأبحاث.

وكانت حكومة الانقلاب قد قررت في عام 2022 ترشيد استخدام الكهرباء، حتى تتمكن من تصدير المزيد من الغاز لجلب كمية أكبر من الدولارات، لكن زيادة الطلب المحلي ألغى خططها باستمرار تصدير الغاز حتى الخريف المقبل، وفقًا لـ"سكاي نيوز".

وتواجه مصر طلبًا متزايدًا على الغاز من سكانها البالغ عددهم 105 ملايين نسمة، كما أنها تسعى للعب دور في تزويد المنطقة بالغاز من خلال بيع إنتاجها من الغاز وإعادة تصدير الغاز الصهيوني في شكل غاز طبيعي مسال إلى دول الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا.

 

انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي في مصر

وكشفت العديد من الدراسات مؤخرًا عن تراجع إنتاج حقل ظهر من الغاز، حيث ذكر موقع "ميدل إيست إيكونوميك سيرفاي" المعني بالدراسات الاقتصادية للشرق الأوسط، أنه "تراجع إنتاج الحقل بنسبة 11% عن العام الماضي إلى 2.45 مليون متر مكعب في اليوم".

وانخفض إنتاج الغاز الطبيعي من يناير إلى مايو بواقع 9% على أساس سنوي و12% مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2021، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز، الاثنين.

وخفضت وكالة فيتش في يوليو توقعاتها لإنتاج الغاز في مصر في عام 2023، بواقع 4%، بعد أن توقعت في وقت سابق ارتفاعه 1% على أساس سنوي. وعزت الوكالة قرارها إلى انخفاض الإنتاج وارتفاع معدلات النضوب في الحقول الحالية.

 

أسباب تراجع إنتاج الغاز وكيفية المواجهة

وقال محللون ومصدر في قطاع الغاز إن الإنتاج تقلص بسبب مشكلات تتعلق بتسرب المياه في حقل ظهر، الذي تُقدر احتياطياته من الغاز بنحو 30 تريليون قدم مكعب، وتبلغ قدرته الإنتاجية 3.2 مليار قدم مكعبة يوميًا.

وتوقع كبير محللي الغاز الطبيعي المسال في بورصة لندن، أولوميد أجايي، أن"يكون لانخفاض الإنتاج من الحقل تأثير ملحوظ على إنتاج الغاز، إذ يوفر الحقل نحو 40% من إجمالي إنتاج الغاز في البلاد".

ويرى الباحث المتخصص في شؤون الطاقة والعلاقات الدولية، خالد فؤاد، أن هناك حلولًا فنية قادرة على وقف هذا التراجع وتبقي على معدلات الإنتاج الحالية، وهناك مساران لمواجهة الأزمة، المسار الأول، هو زيادة الاستثمارات في الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز، إلا أن نتائجها تظهر على المدى البعيد من 3 إلى 5 سنوات"، وفقًا لـ"عربي 21".

وتابع فؤاد: "المسار الثاني والأهم الذي توقعناه من فترة هو أن مصر سوف تتعرض لانتهاء الاكتفاء الذاتي من الغاز لأن معدلات استهلاك الغاز أعلى معدلات الإنتاج، ولذلك فإنه يجب أن تكون هناك خطة بعيدة المدى لمواجهة العجز من بينها الاعتماد على استيراد الغاز، ولكن ليس الغاز الصهيوني لأن الاعتماد عليه بشكل منفرد دون أن يكون هناك بدائل أخرى يجعل الكيان الصهيوني يستخدم الغاز كأداة ضغط سياسي، لذلك فإنه يجب تنويع مصادر الاستيراد".

 

خلل فني وخسارة إنتاجية

بدوره، أكد خبير شؤون النفط والطاقة، الدكتور نهاد إسماعيل، وجود عيوب فنية أدت إلى تراجع إنتاج الحقل، وقال: "هناك خلل فني يتعلق بتسرب المياه إلى الحقل، هذا أمر فني ويمكن معالجته بمساعدة شركات طاقة مثل إيني وشل ولكن الخسارة الإنتاجية حوالي 9 بالمئة".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "إنتاج مصر من الحقل بلغ 2.7 مليار قدم مكعبة يوميًا قبل تسرب الماء والآن حوالي 2.3 مليار قدم مكعبة يوميًا"، مشيرًا إلى أن "حقل ظهر يحتوي على احتياطيات من الغاز تقدر بنحو 33 تريليون قدم مكعب".

أما في ما يتعلق بخيارات الحكومة للتعامل مع أزمة نقص الغاز، فأوضح إسماعيل أن "الحقل قادر على إنتاج 3.2 مليار قدم مكعبة يوميًا، والانخفاض ويمثل 40 بالمئة من الإنتاج العام وقد تضطر الدولة لاستيراد غاز من مصادر أخرى لتعويض النقص، لكن هذه الأزمة ستكون قصيرة الأمد".

وأعلنت حكومة الانقلاب في يوليو الماضي، عن تدشين برنامج تصل قيمته إلى 1.8 مليار دولار لحفر آبار للتنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط ودلتا النيل، واستكشاف حقل نرجس البحري الذي يُتوقع أن يصل حجم احتياطاته إلى نحو 2.5 تريليون قدم مكعبة.