قال السفير نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إن "أسوأ سيناريو للأزمة الحالية لانقطاع الكهرباء، مرتبط بامتدادها لمنتصف سبتمبر المقبل"، موضحًا أن "الغاز أحد مدخلات إنتاج الأسمدة، وسيتم تعويض أصحاب المصانع بعد عودة الأمور لطبيعتها".

وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية، أحمد موسى، مُقدّم برنامج "على مسئوليتي"، عبر قناة "صدى البلد"، مساء اليوم السبت، أنه كلما تحسنت درجات الحرارة سوف يخفف الضغط على الاستهلاك من المازوت، لافتًا إلى أن الأزمة الحالية متوقفة على انخفاض درجات الحرارة.

وأشار إلى أن الوضع كان مختلفًا العام الماضي، بالنسبة لارتفاع درجات الحرارة والاستهلاك الطبيعي، قائلًا إننا نستهلك من 34 ألف إلى 35 ألف ميجاوات يوميًا من الكهرباء، خلال فترة ارتفاع درجات الحرارة الحالية.

وتابع: "الدولة توقفت عن استيراد المازوت من مارس الماضي؛ بسبب ارتفاع أسعاره عالميًا، بجانب وجود أزمة في الدولار، لذا اتجهت الدولة على الاعتماد على الانتاج المحلي من المازوت، وتوجيه الدولار لشراء احتياجات المواطن الأساسية".

وأوضح أن مصر تستورد مازوت بقيمة 300 مليون دولار من الخارج، للخروج من شهر أغسطس بأقل قدر من تخفيف الأحمال في التيار الكهربائي، مؤكدًا أن المازوت المستورد من الخارج سيصل قريبًا، ويكفي استهلاكنا المحلي، وفقًا لصحيفة "الشروق".

 

تخبط حكومي

وكانت عضوة لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، آمال عبد الحميد، قد تقدمت بسؤال برلماني، الأربعاء الماضي، حول أسباب الانقطاع المتكرر والمستمر خلال الأيام الماضية.

وقالت النائبة، إنها رصدت تضاربًا وتخبطًا بين الجهات المعنية داخل وزارة الكهرباء، إذ أرجع رئيس الشركة القابضة للكهرباء الانقطاع إلى تخفيف الأحمال عن المحطات الكبرى التي تشهد زيادة معدلات التشغيل خلال فترة الذروة، بينما أرجع نائب رئيس الشركة القابضة انقطاع الكهرباء إلى أعمال الصيانة لبعض المحولات.

ويوضح عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، محمد أنيس، أن "مصر في عام 2010 كانت تستهلك وتنتج 25 جيجا وات فقط من الكهرباء، وفي نفس الوقت كان لدينا عجزًا أو نقصًا في إنتاج الغاز الطبيعي وكنا نستورد حصة من الغاز".

ويضيف، في تصريحات لموقع "الحرة" أنه "في عامي 2014 و2015، تم زيادة القدرات الإنتاجية إلى 55 جيجا وات، كما ارتفع إنتاجنا من الغاز الطبيعي أيضًا، وبات لدينا فائض نصدره للخارج".

 

غياب التطوير والصيانة

وتكمن المشكلة في شبكتي توزيع الكهرباء وتوزيع الغاز، بحسب أنيس، الذي يشير إلى أنهما "لم يحظيا بالتطوير والصيانة المطلوبة مثلما حدث في محطات توليد الكهرباء".

ويوضح أنه "عندما يزيد الطلب عن حد معين، في شهور الصيف على سبيل المثال، فإن شبكات توزيع الغاز من أماكن الإنتاج إلى محطات الكهرباء لا تتحمل الطلب الزائد، كما أن كفاءة هذه الشبكات تقل في فصل الصيف بسبب الحرارة، كما أن محولات الكهرباء الموجودة في شبكات التوزيع تحتاج إلى تطوير وصيانة حتى تتواكب مع التطوير الذي حدث في محطات توليد الكهرباء، أو في حقول إنتاج الغاز الطبيعي".

 

تنفيذ مشروعات دون دراسة وتخطيط

ويعزو مقرر لجنة الصناعة في الحوار الوطني، بهاء ديمتري، سبب الأزمة إلى "تنفيذ مشروعات من دون دراسة جيدة وتخطيط علمي سليم، ويتساءل: "إذا رفعنا قدرة الكهرباء إلى 55 جيجاوات وليس لدينا وقود كاف أو مشكلة في شبكة التوزيع فما الجدوى".

ويضيف أن "الاستهلاك حاليًا يقترب من 37 جيجاوات، ولذلك فإن الفرق بين هذا الرقم والقدرات الإنتاجية الكبيرة، وتعتبر طاقات مهدرة، استثمرنا فيها أموالًا طائلة، وجاء ذلك على حساب مشروعات أخرى، كان من الممكن أن تكون ذات أولوية وأكثر فائدة".

وفي مارس 2015، وقعت شركة "سيمنز" الألمانية أكبر طلبية لها على الإطلاق، بقيمة عشرة مليارات يورو لإنشاء محطات طاقة، مع مصر.

ويقر أنيس بأن هناك خطأ بكل تأكيد لأن النتيجة واضحة أمامنا"، لكنه يشير إلى أن الخبر الذي يبعث على التفاؤل هو أن نوعية المحولات التي تحتاج إلى التغيير داخل شبكة الكهرباء يتم تصنيعها محليًا بكفاءة عالية ولذلك فمن المفترض توريدها وتركيبها بسرعة.

 

عدم الاستعداد للأزمة قبل حدوثها

وينتقد ديمتري من جهته عدم الاستعداد للأزمة قبل حدوثها، مشككا في سرعة تركيب المحولات "لأن تصنيعها يأخذ فترة طويلة".

ويضيف أن "الحكومة تتحدث عن حل الأزمة على المدى القصير، لكن القضية أكبر من ذلك ولابد من أخذها على محمل الجد"، مشددًا على أنه "يجب حل مشاكلنا بطريقة علمية والاهتمام بقضايا تغير المناخ لتخفيف وطأة الأزمة". 

ويضيف: "الحكومة شنت حملة لقطع الأشجار وإزالتها، كما أننا استثمرنا بشكل كبير جدًا في المحطات الغازية والأحفورية، بينما تضاءلت إسهامات محطات إنتاج الكهرباء من خلال مصادر الطاقة المتجددة مثل السد العالي، إذ انخفضت إلى 12% من استهلاك مصر من الطاقة".

وأوضح أنه "كان يجب أن يكون هناك توازنًا بين المحطات التي لا تلوث البيئة ولا تسهم في مزيد من أزمة تغير المناخ مع الإجراءات الأخرى".

من جهته يقول أنيس إن الحكومة المصرية وقعت بالفعل اتفاقيات عدة خاصة بإنشاء محطات طاقة شمسية ورياح لإنتاج الكهرباء والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.

ورفعت حكومة الانقلاب، أسعار الكهرباء المقدمة للمنازل بالتدريج على مدار سنوات، في إطار خطة الدولة لإزالة الدعم الحكومي عن هذا القطاع، وهو ما أدى إلى زيادة ضغوط الأسعار على الأسر خلال الصيف.

وتفاقمت أزمة انقطاع الكهرباء عن المنازل في مصر لمدة أربع ساعات في المتوسط يوميًا، إثر نقض الحكومة تعهدها بإنهاء الأزمة منتصف الأسبوع الجاري، بدعوى عدم القدرة على تدبير كل الكميات اللازمة من الغاز لإنتاج الكهرباء، أو توفير الدولار لشراء المازوت لمحطات التوليد.

وتسبب تكرار انقطاع الكهرباء بشكل يومي في حالة من الغضب بين المواطنين، بسبب تزامن ذلك مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، والتمييز فيما بينهم ارتباطًا بالمناطق التي يقطنون فيها، في ظل استثناء بعضها من قطع التيار، من دون إبداء أسباب موضوعية.

وتنقطع الكهرباء أربع مرات بواقع ساعة واحدة في كل مرة في مناطق القاهرة الكبرى، تزيد إلى خمس مرات بإجمالي خمس ساعات في محافظات الدلتا والصعيد. وفي المقابل، لا تنقطع الكهرباء مطلقًا عن المناطق السياحية مثل العلمين الجديدة وشرم الشيخ والغردقة، وتجمعات ومناطق سكنية بعينها محسوبة على الأثرياء وأسر العسكريين، على غرار التجمع الخامس والرحاب ومدينتي والعاصمة الإدارية، شرق العاصمة القاهرة.