في مساء الثلاثاء 25 من يوليو 2023 م رحل عن عالمنا فضيلة الشيخ الدكتور علي السالوس، أحد كبار علماء الاقتصاد الإسلامي والخبير الفقهي في المجامع الفقهية عن عمر ناهز 89 عاما ميلاديا و92 عاما هجريا.

 

 النشأة والمراحل التعليمية

 ولد الداعيةعلي أحمد علي السالوس في  عام 1353هـ – 1934م، في مصر وتحديدا بمدينة كفر البطيخ محافظة دمياط، ونشأ فيها حتى أنهى الثانوية العامة ثم دخل كلية دار العلوم في القاهرة وحصل على ليسانس كلية دار العلوم (1376هـ -م1957م) .

بعد تخرجه في الجامعة في عام 1957م عمل كمعلم في المراحل الثانوية بمصر والكويت في الفترة مابين (1957-1975م) وفي هذه الفترة شارك في تأليف عدد من الكتب حول طرق التدريس لمدرسي المرحلة الثانوية ، كما أشرف على تأليف عدد منها.

أكمل الشيخ السالوس طلبه للعلم وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الشريعة من كلية دار العلوم في 1975م.

 

العلماء الذين تعلم عليهم أو التقاهم

ومن مآثر الشيخ -يرحمه الله تعالى- أنه تربى على مشايخ العصر، مشايخ كبار، منهم:

الشيخ مصطفى زيد – أشرف على رسالة الماجستير.

الشيخ محمد أبو زهرة – أشرف على رسالة الدكتوراه وبعد وفاته أتم الإشراف عليها الشيخ مصطفى زيد.

الشيخ علي حسب الله.

الشيخ محمد المدني.

 الشيخ عمر الدسوقي.

كما عاصر عددا من العلماء والتقاهم، ومنهم:

الشيخ محمود محمد شاكر (أبو فهر).

 الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله.

الشيخ عبد العزيز بن باز سافر إليه الشيخ وناقشه في مسألة التورق.

الشيخ ابن عثيمين سافر إليه وناقشه في مسألة البيع الآجل.

الشيخ الألباني قابله في قطر وتناقش معه في موضوع حديث الثقلين وذكر ذلك الشيخ في كتابه حديث الثقلين وفقهه.

 

الرحلة العملية

بعد حصول الشيخ علي السالوس على درجة الدكتوراه اتجه للتدريس في الجامعات فعمل بالجامعة المستنصرية بالعراق (1975- 1976م)، ثم انتقل للعمل كأستاذ جامعي في المعاهد العليا بالكويت (1976-1981م) ثم التحق بكلية الشريعة بجامعة قطر 1982م  وعمل كأستاذ للفقه والأصول وأستاذ فخري في المعاملات المالية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي.

 أشرف الشيخ علي السالوس على العقود الخاصة بالتمويل والاستثمار في مصرف قطر الإسلامي (عقد المضاربة – عقد الاستصناع – عقد الوكالة – عقد الشراء مع خيار الشرط – عقود البيع بالمرابحة والمساومة – عقد الإجارة).

عمل الشيخ كخبير بمجمع الفقه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة ثم اختير عضوا بالمجمع، كذلك عمل كخبير وعضو بمجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.

 

التحول في التخصص

بدأ الشيخ علي السالوس حياته العلمية في دراسة المذاهب والفرق إلا أنه تحول إلى التخصص في الاقتصاد الإسلامي والمعاملات المالية المعاصرة وتميز فيها حتى أضحى من أهم خبراء هذا المجال في العصر الحديث.

وذكر الشيخ علي السالوس رحمه الله قصة تحوله إلى الاقتصاد الإسلامي على موقعه الشخصي قال فيها : “أحد السادة العلماء الفضلاء نشر قولا حول تبادل العملات وأباح التبادل بالأجل فيها وأن الربا في الذهب والفضة فقط ولا يسري في النقود الورقية ، وكنت ساعتها في الكويت فانتظرت أن يرد عليه أحد ولكن لم يرد أحد فعرفت أن هذا صاحب مدرسة كبيرة في الكويت ومن يرد عليه يتعرض لمخاطر جمة لذلك لم يستطع أحد أن يواجهه فكتبت مقالا عن الصرف وبيع العملات نشر في مجلة اللواء الإسلامي ولم أذكر اسمه  وقلت في المقال أنه عالم فاضل وكذا وكذا وبينت مسألة الصرف وقلت إن لم تنطبق على النقود الورقية إذا لا ربا ولا زكاة.

ففوجئت برده الشديد مع قدر كافي من الشتائم وأنا عادة لا أرد على الشتائم لكن وجدت أنه لابد من رد علمي فرددت برد علمي موسع – أخذ ما يقرب من ثلث أو ربع المجلة – أحكام النقود باقية – ليست قاصرة على عصر الذهب والفضة و إلا لقلنا بعصر بلا نقود ؛ فرد مرة أخرى فلم أرد – ورد عليه اقتصاديون آخرون – وكتبت مقالا لم أنشره لكن ضممته للكتاب الذي كتبته عن النقود وبيع العملات بعد ذلك ؛ وكانت هذه بداية الدخول في الاقتصاد الإسلامي”.

 

من مواقف الشيخ

لم يكن الشيخ الجليل علي السالوس مجرد عالم يحسن التعليم والتدريس والكتابة والحياة بين الكتب والأوراق فحسب، وإنما كان عالما عاملا، صاحب مواقف واضحة وفاصلة لا مجاملة فيها، فكان –رحمه الله تعالى– لا يخشى في الله لومة لائم.

ومن ذلك موقفه من فتوى الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق بحل فوائد البنوك، فوقف الشيخ مع ثلة كريمة من أهل العلم في مصر والعالم الإسلامي ضد هذه الفتوى، وكان الدكتور السالوس من أعلاهم صوتا، فذهب طنطاوي إلى القضاء وعاجله بقضية حكمت عليه بالسجن، وساعتها قال طنطاوي: "حتى يعلم الجميع أني أنا مفتي الدولة"!

وبعد ثورة 25 يناير تنادى مع إخوانه لتأسيس هيئة علمائية في مصر تكون مرجعا للتيارات والجماعات جميعا، فأسس معهم ما عرف باسم: "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح"، وكان لها دور ملحوظ في توجيه الرأي الشرعي فيما تحتاجه ثورة مصر، وكان رئيسا لها، وهي تضم كوكبة من صفوة علماء مصر.

وبعد أن وقعت أحداث 3 يوليو 2013، غادر الشيخ مصر إلى قطر؛ حيث أسلم الروح إلى بارئها في الدوحة أمس الثلاثاء 7 محرم الحرام 1445هـ الموافق 25 يوليو 2023.

 

مؤلفات وأبحاث 

خلف الشيخ علي السالوس رحمه الله عدة مؤلفات وأبحاث أثرى بها فقه المعاملات المالية، بعضها نشر في حوليات كلية الشريعة بجامعة قطر والآخر في إصدارات المجامع الفقهية، كما نشرت له دراسات ومقالات وتعليقات في عدد من المجلات العلمية والصحف العربية والأجنبية، وهذه نماذج من:

  1. معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام
  2. المعاملات المالية المعاصرة في ميزان الفقه الإسلامي
  3. دراسة : النقود واستبدال العملات
  4. الكفالة وتطبيقاتها المعاصرة: دراسة في الفقه الإسلامي مقارناً بالقانون
  5. التطبيق المعاصر للزكاة: مع ترجمة بالإنجليزية
  6. معاملاتنا المعاصرة: دراسة لبعض مشكلاتها في ضوء السنة
  7. الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة (جزءان)
  8. موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والأقتصاد الإسلامي
  9. مخاطر التمويل الإسلامي الزكاة والاستثمار السياسة المالية (معالجة العجز في الميزانية)
  10. السياسة النقدية (دور المصارف في ظل نظام اقتصاد إسلامي). المرابحة في المنافع والخدمات.

 

سبب وفاة الشيخ 

وعقب الاطلاع على عدة مصادر تبين أن الشيخ علي السالوس توفي الثلاثاء الماضي إثر أزمة صحية ألمت به أدت إلى وفاته.

وأضافت المصادر أنه صلي على الجثمان بعد صلاة عصر أمس الأربعاء في مقبرة مسيمير بقطر.

F15yWV5WAAIiPTf.jpeg

وانتشرت العشرات من التغريدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي تطالب بالدعاء بالرحمة والمغفرة ولأهله ومحبيه وعشيرته بالصبر والسلوان على ما أصابهم.

وقال حساب محمد بن ناصر النعيمي عبر "تويتر"، (إنّا لله وإنّا إليه راجعون)لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى انتقل إلى رحمة الله الشيخ الدكتور علي السالوس الرجل الصالح والعالم الورع نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا اللهم اغفر له وارحمه اللهم عافه واعف عنه اللهم أسكنه فسيح جناتك.