مها عزام رئيس المجلس الثوري المصري لنافذة مصر:

 

أي انتخابات يكون السيسي طرفًا فيها  فستكون مدبرة من أجل أن يفوز بها

 

  • 30 يونيو جزء لا يتجزأ من الانقلاب والذين شاركوا فيه سيَحكم عليهم التاريخ والشعب أنهم رفضوا مسار التقدم والديمقراطية
  • الحوار الوطني تكتيك هدفه تقوية النظام، تم بضغوط دولية ونتيجة تردي الحالة الاقتصادية.
  • طريق الحوار الوطني مسدود  و لا يمكن أن يحدث انفتاح سياسي او تقدم لهذا الوطن في ظل استمرار الحكم العسكري.
  • انتخاب الرئيس مرسي أحدث ارتجافًا في المنطقة وتخوف من المسار الديمقراطي والمشاركة الشعبية.
  • سيسجل التاريخ أن الأبطال الثابتين على مبادئهم في السجون كانوا الشعلة التي أدت إلى إنهاء الاستبداد في مصر.
  • الشعب المصري على علم تام بكارثة الانقلاب العسكري وأن الأنظمة العسكرية التي حكمت مصر من 70 سنة أدت  إلى إفقاره ومعاناته.
  • عودة المسار الديمقراطي لن تتم إلا بتوحد المجتمع لرفض الانقلاب والتكاتف لإنقاذ مصر من القمع والكارثة الاقتصادية.
  • الرئيس مرسي رفض الوقوع في فخ الانتخابات المبكرة حتى لا يسلم البلد من جديد للعسكر بعد أن تمكن من استخلاصها منهم بإرادة الشعب.
  • الرئيس مرسي دافع عن الشرعية ودفع حياته ثمنًا لذلك وهناك كثير من الرجال والنساء مازالوا يقدمون التضحيات كل يوم في سجون الطاغي.
  • مجتمعاتنا تتطلع للاستقلال الحقيقي والوحدة وبدونهما سنبقى خاضعين لمصالح القوى الخارجية وعملائهم الإقليميين.
  • الحملة التي تقودها الأنظمة المستبدة ضد الإخوان هي جزء من مشروع إقليمي لا يريد التراجع عن خططه ضد الشعوب.
  • على المصريين في الخارج التوحد لرفض الانقلاب والاستمرار في كشف فساده وقمعه

 

عشر سنوات مرت على الانقلاب العسكري على المسار الديمقراطي، أوقف معه العمل بالدستور الذي صوت عليه الشعب قبل شهور معدودة  من تعليق العمل به ، واعتقل أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي، ثم مهد كل الطرق للتخلص من حياته ، واستمر قتل واعتقال وإصدار أحكام قاسية ضد المعارضين للانقلاب في مذابح غير مسبوقة ومحاكمات مُسيَّسة ،  وعندما تفرغ من مهمته أغلق كافة المنافذ الممكنة لأي عمل سياسي، وأهدر ثروات البلاد فانهار الاقتصاد ووصلت مصر مع الانقلاب إلى طريق مسدود.

واليوم وبعد عشر سنوات من هذه الجريمة التي شاركت فيها بعض القوى المدنية في 30 يونيو وحاولت أن تعطيها غطاء أملا في التخلص بقوة السلاح من منافس سياسي، اليوم أصبح الجميع مضارون من هذا الانقلاب وأدرك الجميع أنه السبب وراء ما وصلت إليه مصر من كوارث.

وقد كان من بين القوى التي صدحت بهذه الحقائق وحذَّرت من ذلك المصير، المجلس الثور ي المصري الذي ظل محافظًا على توجهاته في رفض الانقلاب وتحذير كل القوى المدنية من الوقوع في شِراكه.

التقينا الدكتور مها عزام رئيس المجلس الثوري المصري لنقف معها على كثير من الحقائق تحليلًا وتعريفًا وتوضيحًا واستشرافًا للمستقبل فكان معها هذا الحوار:

  • لماذا لم يقدم الرئيس مرسي على انتخابات مبكرة؟ وهل كان يعني هذا تسليم البلد من جديد للمجلس العسكري بعد أن استطاع الشعب أن ينتزعها منه من خلال إنفاذ الدستور وإعادة المؤسسة التشريعية وانتخاب رئيس الجمهورية؟

-في الحقيقة الانتخابات التي طالب بها البعض كان هدفها إعادة العسكر إلى الحكم ولكن من خلال رضوخ الرئيس وبذلك يكون الرئيس والشعب سلموا البلاد للعسكر. الرئيس مرسي فَهِم هذا جيدا، جاء للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة ومن خلال هذا كان الممثل الشرعي للشعب المصري، وعلم جيدًا أنَّ العسكر وحلفاءهم في الدولة العميقة أرادوا أن يجبروه على إجراء انتخابات مبكِّرة ومعهم المجموعة التي خسرت الانتخابات، ولم تكن مستعدة أن تتقبل المسار الديمقراطي.

الرئيس مرسي كان يضع دائمًا مصلحة الشعب قبل كل شيء وعلم أن في هذا المنعطف كان عليه أن يقف بثبات ليمنع استيلاء العسكر على الحكم، ويدافع عن المسار الديمقراطي وعن الشرعية، فإذا أراد العسكر التدخل فعلوا ذلك بشكل واضح أمام المجتمع المصري وأمام العالم أجمع، وهذا بالضبط ما حصل، فاضطروا أن يفعلوا ذلك من خلال انقلاب عسكري؛ لأنهم لم يستطيعوا فعل ذلك من طرق خلفية من خلال إجبار الدكتور مرسي أن يقدم لهم البلاد على طبق فضة.

الدكتور مرسي كان رجل مبدأ، احترم إرادة الشعب وهو يعرف أنه أتى للسلطة عبر صناديق الاقتراع وإرادة الشعب الذي انتخبه، وصوَّت على دستوره، وبذلك بدأت مصر مسارها الديمقراطي، فرفض الرئيس مرسي أن ينخدع بقبول انتخابات مبكرة لتسليم الدولة للعسكر عن رضى بل وقف مدافعًا عن مبادئه وعن الديمقراطية التي انتخبه الشعب المصري لحمايتها.

  • الشعوب العربية والإسلامية تتعلق دائمًا بالشخصيات التي ترفع شعار وحدة الأمة واستقلالها فما هي نظرتكم لدلالات هذا التوجه ؟

-التعلق بفكرة الوحدة والاستقلال مرتبط بأنه ليس بإمكاننا أن نتطور كأُمة إلا إذا اتحدنا وعملنا على تحقيق استقلال حقيقي، فبعد عقود من وجودنا  كدول قومية منفصلة ما زلنا - حتى بعدما تصورنا انتهاء الاستعمار- دولًا ضعيفة ومتخلفة، ولذلك فإن كفاحنا للاستقلال الحقيقي  لا بد أن يستمر، فليس هنالك في دولنا دولة واحدة مستقلة بشكل حقيقي تمتلك سيادتها.

فالأنظمة في دولنا تحت سطوة مصالح إقليمية ودولية تعصف بمصالح الأغلبية، وتستغل مواردهم وتؤكد على حماية مصالحها من خلال استمرارية قمعهم، وعلينا أن  نحمل الاستقلال والوحدة كهدفين حقيقين وليس كشعارات فقط، ومجتمعاتنا وشعوبنا يتطلعون إلى من يرفع هذه الشعارات، لأنهم يعلمون أن هذا هو درب النجاح، وفي النهاية إذا لم نتوحد سنبقى ضعفاء، ولن ننجح في استقلال سياسي او اقتصادي او ثقافي بل سنبقى خاضعين لمصالح قوى خارجية وعملائهم الإقليميين.

  • من خلال رفع الواقع ومتابعة وسائل الإعلام تبيّن أن هناك حملة منظمة بدأت بشكل مبكر منذ بداية شهر يونيو، ففي كل يوم من 20 – 30 مادة بين تقرير ومقال وحوار وتصريح ومداخلة تليفزيونية حول الإخوان و30 يونيو والمنتسبون للحوار الوطني كان لهم دور كبير في هذه الحملة  فلماذا كانت تلك المشاركة الواسعة ؟

هذه مشاركة مدبرة، النظام يستخدم كل وسائل الإعلام وجميع الأدوات لديه لهجومه الممنهج على جماعة الاخوان، وترويج ٣٠ يونيو، هذه البروباغاندا من قبل النظام ليست بجديدة ، وهي محاولة من النظام أن يبرز أن هناك تاييدًا له ،مع أن الفئات المؤيدة له هي نفسها لم تتغير .

وما تقوم به المجموعات المشاركة في هذه البروباغاندا من الحوار الوطني تثبت أن الحوار ليس إلا آلية لترسيخ السيسي، وترويج كذبة أن هناك حوارًا مع أنه غير موجود في الواقع .

الدولة لها آلية بروباغاندا، وتستعمل كل ما لديها لمحاولة تشويه صورة أكبر قوة سياسية واجتماعية  مصرية  ناهضت الديكتاتورية في هذا العقد وفي العقود الماضية.

  • برؤيتكم ما هي بواعث هذه الحملة؟ وهل هي مجرد اسطوانة سنوية يتم تشغيلها أم أن الأمر له ارتباط بأسباب أخرى؟

-هذه الحملة ضد جماعة الإخوان والتركيز على ٣٠ يونيو لها ارتباط بمشروع إقليمي ما زال يريد أن يشوه سمعة الجماعة، وهو مؤشر أن الأنظمة الاقليمية المستبدة لا تريد أي مساومة مع الجماعة، ومؤشر من النظام العسكري أنه مستمر على دربه، وأنه لا يود أن يجد أي حلول قد تؤدي لفتح الساحة السياسية، ولا يريد الخروج عن الخط الذي سلكه في السنوات العشر الأخيرة.

  • بمناسبة الحوار الوطني ما هي رؤيتكم وتقييمكم له تكوينًا ومجريات ونتائج ؟

-الحوار الوطني ليس أكثر من تكتيك هدفه تقوية النظام، تم تحت بعض الضغوط نتيجة الحالة الاقتصادية وضغوط دولية وبالذات من الولايات المتحدة كمحاولة   ليُحسِّن السيسي من هيئته، وينظف من سمعته على الصعيد الدولي، لأن التعامل معه مصدر حرج  لبعض هذه الحكومات الديمقراطية .

هُم لا يهتمون بأن يروا ديمقراطية في مصر، بل يريدون له البقاء وباعتقادهم أنه إذا حَسَّن من هيئته سيصب في مصلحته ومصلحتهم، والحوار الوطني على غِرار استراتيجية التعامل مع حقوق الإنسان فكلاهما في الحقيقة لا يتعديان كونهما حركات تجميلية، تعطي إشارات إلى الغرب أن هناك تحرك بينما في الواقع هما يُمكِّنان سلطة النظام وقمعه، ولذلك وللأسف من يشارك في هذا الحوار بِحُسن نية أو بغير ذلك  يصبح متواطئًا في تمكين نظام يمارس القمع والاضطهاد.

وإن كان هناك من يعتقد أن هذا الحوار سيؤدي إلى تنفيس الحالة السياسية، فسُرعان ما سيكتشف أن العسكر لن يعطيهم شيئًا مما ينشدونه، ومن الواضح أن ما يسمى بالحوار الوطني طريق  مسدود، وإنه لا بمكن أن يحدث انفتاح سياسي أو تقدم لهذا الوطن إذا استمرَّ الحكم العسكري.

  • في تصوركم ما هي مآلات 30 يونيو؟ وماذا خسرت مصر بحدوثها ؟

-نتيجة 30 يونيو كانت كارثية لمصر وشعبها، 30 يونيو كان الغطاء والتمثيلية التي مهدت للانقلاب، كان  تجمعًا لقوى الثورة المضادة التي سعت لتمكين الانقلاب، وعودة العسكر للحكم مثلها كمثل كل القوى الرافضة للديمقراطية في مصر.

يونيو كان  نتيجة تَجمُّع بين الدولة العميقة والقلة المؤمنة أنه بالانقلاب على الخيار الديمقراطي للشعب يمكن لهم المشاركة في السلطة، ورفضوا أن يتفاعلوا مع المسار الديمقراطي، ويشاركوا في بناء مجتمعهم ويتقبلوا تداول السلطة.

٣٠ يونيو جزء لا يتجزأ من الانقلاب الذين شاركوا فيه سيحكم عليهم التاريخ والشعب المصري أنهم رفضوا مسار التقدم والديمقراطية، هناك بعض ممن شارك في ٣٠ يونيو يندم على ما فعل، لكن هذه الأخطاء حملت معها ثمنًا باهظًا لشعب مصر، ولهذا السبب حتى من اعترف بخطئه ليس له من ناحية المبدأ أو من منطلق  مصلحة مصر أن يكون في صدارة القرار السياسي.

  • هناك محاولة لتصوير أن هناك صراعًا وصدامًا بين السيسي وصندوق النقد الدولي والإيهام بأن السيسي يقاوم محاولات الصندوق لتعويم الجنيه .. هل ترون هذه تمثيلية أم محاولة للفكاك من المسؤولية أم غياب الرؤية للخروج من هذه الأزمة ؟

-العلاقة بين صندوق النقد وبين أي دولة تود الاقتراض منه هي علاقة دائن ومدين، وفي أغلب المعاملات التجارية قدرة المدين في التفاوض مع الدائن تعتمد على صلابة ميزانيته وكيفية تفاعله في سداد ديون سابقة، وفي حالة مصر نرى الميزانية ضعيفة، والديون تتراكم والتضخم المالي يزداد والبطالة كذلك، كل هذا يعني أن السيسي لا يستطيع أن يتعامل مع صندوق النقد إلا كمتضرع.

لكن هذا لا يعني أنه لا يخاف نتائج تعويم الجنيه في تقويض سلطته وازدياد غضب الشعب تجاه الفشل الاقتصادي  ولا شك لديَّ أنه يحاول جهده أن يقنعهم أن يبطئوا تعويم الجنيه؛ مهددًا إياهم بأن هذا يضر بسلطته ومن ثم بمصالح القوى الإقليمية والدولية.

ولكنه لا يفعل ذلك دفاعًا عن شعب مصر، ولا من باب قوة، فهو يعلم أن ديون الدولة تزداد، وأن سوء إدارته لاقتصاد مصر؛ يجبره أن يتقبل أي شروط يضعها عليه الصندوق والدائنون الأجانب الآخرون.

  • الانتخابات في تركيا وما صاحبها من منافسة حقيقية، هل ترون أن لها أثرًا في زيادة المخاوف لدى سلطة الانقلاب خوفًا من تطلع الشعب المصري لمثل هذه الانتخابات بهذه الشفافية والنزاهة؟

-النظام المصري مثله مثل الأنظمة الأخرى في المنطقة تشعر بالتهديد من أي دولة إقليمية، تمارس الديمقراطية وتجري انتخابات حرة ونزيهه.

وهذا أيضا كان الحال وقت انتخاب الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي حيث أسفر انتخابه ارتجافًا في المنطقة، وتخوف أن المسار الديمقراطي والشفافية والمشاركة الشعبية والمسائلة التي تتبعها والحرية التي عاشتها مصر- خلال ذلك العام – ستؤثر على الدول الأخرى في المنطقة، ليصبح هذا طلب المجتمعات هناك. لذلك عملوا وتآمروا للقضاء على هذه التجربة الفريدة من نوعها في العالم العربي.

في حالة تركيا وبعد معاناتها لسنوات طويلة من التدخل العسكري نرى الآن ثمار المسار الديمقراطي، وقد أسفر استقرارًا في البلاد، كما أن المشاركة العالية من الشعب التركي في الانتخابات الأخيرة ودفاعهم عن ديمقراطيتهم ضد محاولة انقلاب 2016م، تعد شهادة لتمسك الشعب التركي بالديمقراطية، وهذا في حد ذاته مصدر تحدٍّ للعسكر في مصر و للأنظمة المستبدة الأخرى في المنطقة، ولكنها أيضا مثال لشعوبنا أن الديمقراطية هي الطريقة الأفضل لتحقيق الاستقرار والتقدم .

  • كيف يعود المسار الديمقراطي إلى مصر من جديد بعد تغول الانقلاب على كل مكونات الحياة في مصر ؟

-تدخل العسكر المستمر في السياسة وإدارتهم للدولة هو العائق الأساسي لأيّ انفتاح سياسي في مصر، فما نراه في مصر هي طغمة عسكرية استطاعت التحكم في الدولة والمجتمع والاقتصاد؛ من أجل الحفاظ على مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة، وهؤلاء الحلفاء هم أنفسهم أعداء لشعوبهم.

مسار مصر تجاه الديمقراطية لا يمكن أن يحدث إذا لم تبدأ القطاعات المختلفة في المجتمع في التنسيق والعمل معا؛ من أجل التركيز على إيجاد حركة قوية ترفض الدكتاتورية وترفض وجود العسكر في الحكم، هذه الحركة عليها أن تتكون من جميع مكونات المجتمع سواء  المحامين أو المهندسين او الأساتذة  أو الطلبة او العمال وغيرهم، فعلى جميع مكونات المجتمع المصري أن ترفض الدولة العسكرية وأن تتكاتف من أجل إنقاذ بلدهم من القمع السياسي و الكارثه الاقتصادية التي تعانيها مصر اليوم والتي ستزداد.

وعلى المصريين في الخارج الذين يرفضون النظام الاستمرار في كشف النظام وفساده وقمعه، والوقوف معًا بهدف إنهاء الدكتاتورية في مصر،  ليصبحوا صوت من لا صوت له في الداخل المطالب بإنهاء الدكتاتورية وإعادة الديمقراطية.

لو حدث هذا بشكل منظم على مدى العامين القادمين، وجرت استعدادات من القطاعات في الداخل لكسر حاجز الخوف، تستطيع هذه الحركة وقتها أن تكون حركة قوية لا ترفض السيسي وحسب، بل تطالب بتغيير جذري حتى نعيد بلدنا إلى طريق الديمقراطية والنمو إن شاء الله.

  • ليس هناك مجال للحديث عن تقييم مسار30 يونيو وفشله ولكن من وجهة نظركم لماذا فشل هذا المسار ؟

-أعتقد أنه فشل لأنه مرتبط بشكل جوهري بالنظام، والشعب المصري رأى فشل هذا النظام سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا؛ لقد أنتج  انشقاقًا في المجتمع المصري، لقد أنتج قمعًا سياسيًا غير مسبوق، وسجن الآلاف، وانتشر التعذيب والاختفاءات القسرية والإعدامات، هذا النظام لا يمكنه أن يبقى على قيد الحياة دون استعمال الرعب ضد الشعب، و 30 يونيو كمسار مرتبط بشكل جوهري بهذا النظام و بفشله

كان عملية تجميل أُخرجت للعالم لتبرير الانقلاب، الذين اشتركوا في 30 يونيو وظنوا أن بإمكانهم أن يقتسموا جزءًا من الغنيمة وجدوا أنها منعت عنهم، هؤلاء أنفسهم رأوا نتيجة الانقلاب العسكري، ورؤيتهم الآن - لما يستطيعون تقديمه لمصر- أصبحت ملوثة لأنهم أصلًا أرادوا جزءًا من غنائم الانقلاب دون احترام إرادة الشعب، والإيمان بالمسار الديمقراطي.

  • مصر بين مسار 25 يناير ومسار 30 يونيو ، بين المسار الديمقراطي والمسار الاستبدادي كيف ترون إدراك الشعب للفارق بين المسارين ؟

-أعتقد أن اغلبية الشعب المصري تدرك جيدًا الفرق بين 25 ينايرو 30 يونيو، وتعلم جيدًا أن التضحيات التي قدمها الشعب  في 25 يناير كانت من أجل تحقيق أهداف الحرية والعدالة الاجتماعية،  وأن 30 يونيو كان تحركًا مُدارًا استمر فقط لساعات، وكان هدفه محاولة تبرير الانقلاب العسكري.

الشعب المصري على علم تام بكارثه الانقلاب العسكري وهو على علم أن الأنظمة العسكرية التي حكمت مصر 70 سنة أدت  إلى إفقاره ومعاناته.

الشعب المصري من خلال  25 يناير فتح الباب لإمكانية مستقبل أفضل وكان من أهم مكتسبات 25 يناير انتخابات 2012م، و اختيار رئيس منتخب ديمقراطيًا.

التحدي أمام المصريين اليوم هو أنه في ظل الضغوط الاقتصادية الشديدة والقبضة الأمنية غير المسبوقة كيف يمكن لهم أن يكسروا حاجز الخوف؟ لكي يجابهوا هذا النظام، ولكن مثلهم مثل دول كثيرة عبر التاريخ حيث إن الشعب يمتلك قوة أكبر مما يتصور، ويمثل الأغلبية بينما الذين في السلطة يمثلون قلة تخاف من الشعب، وتعلم أنه متى نهض الشعب لا يمكنهم البقاء، مصر لا تختلف عن هذه الأمثلة والنظام العسكري متمسك بالحكم بكل الوسائل المتاحة والقمع الشديد؛ لأنه يعلم أنه لا يمتلك الشرعية أو تأييد الشعب، وأنه لا يستطيع تقديم أي شيء ملموس لهم.

  • كيف ترون مستقبل مصر في  ظل حالة الانسداد السياسي والاقتصادي ؟

-الانسداد السياسي والاقتصادي في مصر لن يزداد إلا تعمقًا إذ لم يتحقق تغيير حقيقي، النظام لا يمكنه إقامة هيكلة اقتصادية قابلة للنمو-التي تفيد المواطنين- نظرًا لسيطرة العسكر على كل نواحي الاقتصاد مع انعدام الكفاءة وانتشار الفساد، ولا يستطيع البقاء كنظام دون قمع مستمر، لذلك هذه الحالة لا يمكنها إلا أن تضعف مصر كدولة، وتنتج معاناة أكبر لشعبها.

دعوني أضيف نقطة هامة: صور قائد الانقلاب في المؤتمرات الدولية ومصافحته  لقادة عدد من الدول ليست دليلًا على أن مصر لديها  نفوذ حقيقي .

هذه فقط محاولات من أجل أن يستمر في الحصول على مساندتهم من خلال شراء أسلحتهم غير الحديثة، وإعطائهم عقود تجارية لا تفيد أغلبية المصريين ومن خلال بيع أصول مصر بأسعار بخسة،  كل هذا يعتبر ضمن محاولات النظام للحفاظ على المساندة الخارجية له بينما الانسداد  السياسي والاقتصادي يستمر داخل مصر. 

  • لو استقبل القطاع المخدوع في مسار 30 يونيو  من أمره ما استدبر هل ترونه يعيد الكرة من جديد أم يستوعب الحقيقية ويتشبث بالمسار الديمقراطي مهما كانت الظروف؟

-يبدو لي أن السؤال الذي علينا ان نسأله لأنفسنا ليس إذا كان مَن أخطأ في ٣٠ يونيو أو انخدعوا- كما وصفتهم في سؤالك - سيتمسكون مستقبلًا بالمسار الديمقراطي، هذا يضع الأمل فقط في ألا يحدث  مثل هذا  "الخطأ" او الجريمة مرة أخرى، ما علينا فعله  هو أن نُعدَّ بوضوح وبطريقة صحيحة للتأكد أن مَن قوَّض المسار الديمقراطي  لن يُسمح له بفعل ذلك مرة أخرى، إذا لا بد أن يقع العبء على من آمن بالمسار الديمقراطي، ويريد تطبيقه بعد سقوط الديكتاتورية.

ومن هذا المنطلق  هؤلاء الذين شاركوا في ٣٠ يونيو- كما أشرت سابقًا - لا يمكن أن يُسمح لهم أن يكونوا في ريادة الجولة القادمة في ثورتنا.

  • هل كان بالإمكان أن يفرز 30 يونيو مسارًا ديمقراطيًا ؟

-من المستحيل أن يفرز نظامًا ديمقراطيًا، لأن ٣٠ يونيو كان تعبيرًا عن استراتيجية وتنفيذًا لتكتيك العسكر في الاستيلاء على السلطة والقيام بانقلاب، 30 يونيو كان جزءًا لا يتجزأ من ٣ يوليو، ولا يمكن الفصل بينهما.٣٠ يونيو كان هدفه هدم الديمقراطية وليس تأسيسها.

  • هل يمكن أن يقبل السيسي بانتخابات حقيقية شفافة يكون طرفًا فيها ؟

-أي انتخابات سيكون السيسي طرفًا فيها ستكون مدبرة من أجل أن يفوز بها، ولا يمكن أن تُعقد انتخابات حرة ونزيهة إذا كان السيسي جزءًا منها.

من المهم أن نؤكد أن السيسي مسؤول عن جرائم ضد الإنسانية. فهو مسؤول عن مذابح رابعة والنهضة وغيرها في مصر، يداه ملطختان بالدماء، واستولى على السلطة من رئيس منتخب، السيسي قوَّض الأمن القومي المصري ودمَّر اقتصاد مصر، هو مسؤول عن جرائم متعددة ضد الشعب المصري، وعليه أن يقف للمحاسبة أمام الشعب، قائد الانقلاب هدفه الوحيد الحفاظ على السلطة مهما كان الثمن.

  • الرئيس مرسي قدم حياته للحفاظ على المسار الديمقراطي إلى أن لقي ربه ثابتًا على موقفه، ولكن هناك عشرات الآلاف داخل السجون والمعتقلات مازالوا يقاومون وصامدين ويرفضون التنازل عن مواقفهم وعن المسار الديمقراطي ما تحليلكم لهذا؟

-الرئيس الشهيد الدكتورمحمد مرسي وفَّى بعهده أمام الله وأمام الشعب المصري في أن يدافع عن الشرعية، ودفع حياته ثمنا لذلك، والرجال والنساء الذين ضحوا من أجل حرية مصر  ومن أجل حقوق المصريين ما زالوا موجودين في السجون والمعتقلات، ويضحون كل يوم في سجون الطاغية.

هؤلاء هم أبطال مصر الذين يُزج بهم في سجونها اليوم، وهم ثابتون على مبادئهم ولم يُشيروا أبدا أنهم سيعملون غير ذلك، هؤلاء هم قدوتنا جميعًا، ومن أجلهم لابد أن نستمر في إعلاء صوتهم في الخارج، ونبقى على العهد، لقد ضحوا من أجل مبادئ نبيلة، وهم - رجال ونساء- قدموا لبلدهم ووقفوا أمام الطغيان، وبلدنا والأمة لن تنسى أبدا تضحياتهم. وسيسجل التاريخ أن هؤلاء الأبطال كانوا الشعلة التي أدت إلى إنهاء الاستبداد في مصر.