على الرغم من توقيع معاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيوني عام 1979، إلا أن بطولات المصريين الرافضة للممارسات الصهيونية في فلسطين لم تنته؛ فبين كل عدة أعوام تظهر عملية جديدة، وبأسماء أبطال لا يعرف عنهم الشارع المصري كبير نضال أو مقاومة للتطبيع ضد الصهاينة.

وعلى مدار العقود الأربعة الماضية، حفرت أسماء مثل سليمان خاطر، وسعد حلاوة، وأيمن حسن، وأحمد الشحات الشاب الذي أنزل علم إسرائيل من فوق مبنى السفارة واستبدله بعلم مصر، وصولاً إلى الجندي المصري الذي قتل ثلاثة من الجنود الصهاينة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة – أسماءها في قلوب ووجدان المصريين.

ومنذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر والكيان الصهيوني، سقط العديد من الشهداء المصريين، ما بين ضابط ومجند كانت مهمتهم حماية الحدود المصرية مع الصهاينة وقطاع غزة، ورغم عدم وجود إحصاء دقيق بعدد هؤلاء فإن مراقبين ومحللين يقدرونه بنحو 29 شهيدًا، اعتمادًا على الأخبار التي كانت تنشرها وسائل الإعلام عن حوادث قتل وإصابة الجنود على الحدود الصهيونية.

ولم تكن عملية مقتل ثلاثة جنود صهاينة على يد شرطي مصري، اليوم السبت، هي الوحيدة على الحدود المصرية الفلسطينية، وإنما سبقتها أكثر من عملية على مدار نحو 4 عقود سابقة، أدت إلى مقتل عشرات الصهاينة، وفي كل مرة يقع الاحتلال الصهيوني في حيرة كبيرة، وتشهد العلاقات مع مصر شدًا وجذبًا لفترات ليست بالقصيرة، ومن أهم هذه العمليات:

 

سليمان خاطر وعملية رأس برقة عام 1985

عملية رأس برقة عام 1985، التي نفذها المجنّد سليمان خاطر، وأدت إلى مقتل 7 صهاينة، بعد محاولة الصهاينة تجاوز نقطة الحراسة التي يخدم فيها.

التحق سليمان بالخدمة العسكرية الإجبارية، وكان مجندا في وزارة الداخلية بقوات الأمن المركزي، وفى 5 أكتوبر عام 1985، وأثناء قيامه بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برجة بجنوب سيناء فوجئ بمجموعة من السياح الإسرائيليين يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته فحاول منعهم وأخبرهم بالإنجليزية أن هذه المنطقة ممنوع العبور فيها، إلا أنهم لم يلتزموا بالتعليمات وواصلوا سيرهم بجوار نقطة الحراسة التي توجد بها أجهزة وأسلحة خاصة فأطلق عليهم الرصاص وأسقط منهم 7.

تمت محاكمة سلمان عسكريًا، وصدر الحكم عليه في 28 ديسمبر عام 1985 بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عامًا، وتم ترحيله إلى السجن الحربي بمدينة نصر بالقاهرة.

وبعد أن صدر الحكم عليه تم نقله إلى السجن ومنه إلى مستشفى السجن بدعوى معالجته من البلهارسيا، وهناك وفى اليوم التاسع لحبسه، وتحديداً في 7 يناير 1986 أعلنت الإذاعة ونشرت الصحف خبر انتحار الجندي سليمان خاطر في ظروف غامضة.

وقال أخوه "لقد ربيت أخي جيدًا وأعرف مدى إيمانه وتدينه؛ إنه لا يمكن أن يكون قد شنق نفسه، لقد قتلوه في سجنه"، وفقًا لـ"المصري اليوم".

 

أيمن حسن وعملية رأس النقب

عملية رأس النقب، عام 1990، التي نفذها الجندي أيمن حسن، بعد أن تسلل إلى داخل أراضي الاحتلال وقتل 21 صهيونيًا، بينهم ضباط ومسؤولون، ثأراً لما حدث من مجزرة آنذاك في المسجد الأقصى.

كما تأثر حسن عندما رأى أحد الجنود الصهاينة في عام 1990 وهو يمسح حذاءه بالعلم المصري، وازداد غضب البطل المصري بعد أن رأى الجندي الإسرائيلي وهو يمارس الجنس مع جندية إسرائيلية على العلم المصري.

كان حسن يعمل بفريق الرماية بمنطقة رأس النقب بوادي سهل القمر أمام المطار الصهيوني، فقرر أن ينتقم، فانطلق يوم 26 نوفمبر 1990 داخل الحدود الصهيونية من موقعه العسكري على التبة الصفراء بمنطقة رأس النقب في جنوب سيناء، وحمل معه الأسلحة والذخيرة لقتل أكبر عدد من الضباط والجنود وعلماء مفاعل ديمونة النووي من العسكريين وجيش الدفاع.

تسلل أيمن حسن داخل الحدود الفلسطينية المحتلة حتى وصل لكمينه الذى اختفى فيه، والذي يقع بين نقطتي العلامتين الحدوديتين «80، 82».

وأطلق الرصاص على سائق باص صهيوني لإيقافه وأفرغ في صدره خزينة سلاح كاملة، ثم وصل الباص الثاني، حاملاً ضباط مطار النقب العسكري الإسرائيلي، وقام بإجراء مناورة للتمويه حتى يشاهد الضباط الباص الأول المضروب، فيتوقفوا ليحاولوا إنقاذ ركابه الجرحى، وبالفعل توقف الباص، فباغتهم بإطلاق نيراني مفاجئ على مقدمته ولقى سائقه حتفه فورًا، ثم واصل إطلاق الرصاص وقتل الضباط الأربعة فوراً واختبأ الفرد الذى يجلس بالمقعد الفردي على الباب الأمامي المجاور للسائق، وخفض رأسه وقام بغلق أبواب الباص حتى لا يمكنه من الصعود.

وظل «أيمن» يطلق الرصاص على الجنود بالباص الصهيوني حتى أصيب بطلقة سطحية بفروة رأسه، وبعدها تماسك حتى نجح في الاختباء ومواصلة إطلاق النيران عليهم، وقابله قائد المنطقة العسكرية الذي قال له: «أشعر بالفخر لما قمت به». وتمت بعدها محاكمة أيمن حسن عسكريًا، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات، وخرج في عام 2000 ليعمل سباكًا باليومية.

 

نظمي شاهين ومقتل مديرة الجناح الصهيوني بسوق القاهرة الدولي

انضم نظمي شاهين، وهو من عابدين، لتنظيم ثورة مصر الذي أسسه الشقيقان محمود وعصام نورالدين، ونجل الرئيس جمال عبد الناصر، عام 1984 وألقى القبض عليه في سبتمبر 1987، بإجمالي 4 عمليات فدائية، بدأت بالهجوم على زيفي كيدار أحد أعضاء الموساد عند خروجه من بيته في المعادي يونيو 1984، وأصيب «كيدار» بجرح في يده نتيجة لطلق ناري ونقل إلى مستشفى السلام بالمعادي.

العملية الثانية التي قام بها التنظيم كانت ضد مسؤول الأمن بالسفارة الصهيونية، وتمت بعد مراقبة أماكن تواجد البعثة الصهيونية بالمعادي، وعلى أثر المراقبة تحدد الهدف، وفى 20 أغسطس 1985 قام أربعة من التنظيم، هم محمود نورالدين ونظمي شاهين وحمادة شرف وسامي عبد الفتاح بإطلاق النار على ألبرت أتراكشي «37 سنة» وزوجته وسكرتيرته الشخصية، والحادث كان بالقرب من بيت السفير الصهيوني، وصدر بيان المنظمة ليعلن عن اغتيال أتراكشي وإرساله إلى الجحيم.

العملية الثالثة كانت فى مارس 1986 وعرفت بـ«عملية معرض القاهرة الدولي»، وجاءت على خلفية مشاركة إسرائيل في سوق القاهرة الدولي بأرض المعارض بمدينة نصر.

وخرجت المظاهرات ترفض وتحتج على مشاركة إسرائيل، وهتف الطلبة في المظاهرات «ثورة مصر طريق النصر»، وذلك بعد أن حفرت المنظمة لنفسها مكانًا في قلوب المصريين. فجاء الرد الفوري باغتيال «إيلي تايلور» مديرة الجناح الصهيوني بسوق القاهرة الدولي.

 

عمليات أخرى

- عدة عمليات لأفراد من جماعات جهادية أو مهربين، أدت إلى مقتل عدد من أفراد جيش الاحتلال، ما دفع الاحتلال لبناء الجدار عام 2013، إلا أنّ عمليات التهريب، وكذلك استهداف جنود الاحتلال، لا تزال مستمرة.

 

الجدار الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة

ويفصل بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة جدار حدودي أقامته الحكومة الصهيونية على طول الحدود، فيما كانت في الأصل محاولة للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين من البلدان الأفريقية.

وبدأ البناء في 22 نوفمبر 2010، إلا أنه في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، ونشاط الجماعات المسلحة في سيناء، عمدت حكومة الاحتلال إلى تحديث مشروع الحاجز الفولاذي ليشمل كاميرات ورادارات وكاشفات حركة، فيما تم الانتهاء من بناء الجدار في ديسمبر 2013.

ويبلغ طول الجدار بين الأراضي التي يحتلها الصهاينة والأراضي المصرية حوالي 246 كيلومتراً طولاً، من مثلث الحدود بين قطاع غزة وسيناء والأراضي الفلسطينية المحتلة شمالاً، وحتى إيلات جنوباً، وفقًا لـ"العربي الجديد".

 

ضعف تسليح قوات حرس الحدود المصرية

ولا تملك قوات حرس الحدود المصرية آليات ثقيلة خلال حراستها للحدود مع الكيان الصهيوني، بل تقتصر على سيارات دفع رباعي (جيب) قديمة مر على استخدامها عشرات السنوات، وتعاني كذلك من ضعف في الخدمات اللوجستية في ظل وجودها في مناطق صحراوية نائية، يصعب التحرك فيها، فيما يأتي الجيش بالأفراد من المحافظات المختلفة، وفي مقدمتها محافظات الصعيد، للخدمة على الحدود، وسط ظروف معيشية صعبة للغاية.

وكان الكيان الصهيوني ومصر وقّعا اتفاقية سلام، في عام 1979، وتحافظان على علاقات أمنية وثيقة، رغم أن القتال على طول الحدود المصرية الفلسطينية المحتلة المشتركة أمر نادر الحدوث.

وبحسب وكالة أسوشيتد برس، فإن تبادل إطلاق النار كان حول معبر "نيتسانا" الحدودي بين (إسرائيل) ومصر.

ويقع المعبر على بعد 40 كيلومترا جنوب شرق النقطة التي تلتقي فيها حدود فلسطين المحتلة مع مصر وقطاع غزة. ويتم استخدامه لاستيراد البضائع من مصر المتجهة إلى الكيان الصهيوني أو قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس الفلسطينية.

وشيد الكيان الصهيوني سياجًا على طول الحدود المليئة بالثغرات قبل عقد من الزمن لوقف دخول المهاجرين الأفارقة وجماعات الجهاد الناشطين في صحراء سيناء.