قبل 4 أيام من جولة الإعادة في الانتخابات التركية، يتسابق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكيلجدار أوغلو اللذان استطاعا أن يصلا لهذه المرحلة على الظفر بأصوات ناخبين جدد، حيث ظهر ذلك جليا من خلال ملامح الخطابات الانتخابية بين الطرفين، حي يشكل حاليا الخطاب السياسي والإعلامي والتحالفات أساسا لتقييم نقاط القوة والضعف لكل منهما.

ويتمتع الرئيس أردوغان بثقة عالية بعد الموقع المتقدم الذي حصل عليه في الجولة الأولى، إذ يفصله عن منافسه الرئيسي نحو 4.5 نقطة، فيما كان ينقصه فقط 250 ألف صوت لحسم النتيجة بحسب الهيئة العليا للانتخابات.

كما أن نتيجة الانتخابات البرلمانية التي حصل تحالف الشعب بقيادة أردوغان على غالبية مقاعد البرلمان أيضا صبت في مصلحته، مما يجعله خيارا مفضلا للرئاسة من قبل بعض الناخبين الذين يفضلون الاستقرار السياسي.

أما المنافس الآخر كليجدار أوغلو والذي تمكن من الحصول على 44.9% من الأصوات، وهي نسبة غير مسبوقة لمرشح من المعارضة منذ تحوّل اختيار الرئيس إلى الانتخاب الشعبي عام 2014.

لكن هناك  أصوات أكثر من 12 مليون ناخب لم يصوتوا أو أبطلت أصواتهم في الجولة الأولى، يسعى كلا المرشحين على نيل ثقتهم بالإضافة إلى أصوات المرشحين الخاسرين.

 

 

المؤشرات تشير لاكتساح أردوغان

يرى الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش أنه من الواضح على الأقل أن الانتخابات لن تؤدي إلى إحداث تحول سياسي كبير في تركيا، لأن المعارضة فشلت في السيطرة على السلطة التشريعية بعد فوز التحالف الحاكم بأكثرية مقاعد البرلمان الجديد، وهي ضرورية لتغيير النظام الرئاسي وإنشاء نظام برلماني مُعزز.

كما أن تقدم أردوغان بفارق يقترب من 5 نقاط مئوية عن كليجدار أوغلو في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يجعل أردوغان بالفعل الأوفر حظا للفوز في جولة الإعادة. سيكون من الصعب الجزم بشكل نهائي أن جولة الإعادة ستنتهي لصالح أردوغان، لأن الصناديق هي من ستُقرر ذلك، لكن في لغة السياسة والأرقام يُمكن القول إن الانتخابات التركية انتهت بالفعل في 14 مايو بهزيمة المعارضة وفوز أردوغان.

 

المعارضة مازالت ضعيفة

لا تزال المعارضة أضعف من حيث القدرة على إحداث تحول سياسي كبير في تركيا، وأن القوة القصوى التي وصلت إليها في هذه المنافسة الانتخابية لا تزال غير كافية لإنهاء حكم الرئيس رجب طيب أردوغان. لقد نجح كمال كليجدار أوغلو في بناء شبكة معقدة من التحالفات تُحسب له كزعيم معارض استطاع جمع معظم أحزاب المعارضة على هدف الإطاحة بأردوغان من السلطة.

مع ذلك، فإن الهندسة الانتخابية التي انتهجها جاءت بنتائج عكسية للغاية، لأنها لم توازن بدقة بين تحالفه مع حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي وبين الحد من ارتدادات هذا التحالف على جبهة المعارضة، خصوصا لجهة الأصوات القومية الرافضة لهذا التحالف.

 لم يول كليجدار أوغلو أهمية لطمأنة هذه الكتلة بالقدر الذي فعله لكسب أصوات حزب "الشعوب" الكردي. كانت تقديراته تقوم على أن حسم المنافسة الرئاسية من الجولة الأولى ستُجنبه الوصول إلى مثل هذه الموازنة الصعبة، لكنه فشل في ذلك.

 

أصوات المرشحين الخاسرين

ورغم أن هناك 12 مليون صوت انتخابي لم يكن لهم دور في 14 مايو الماضي حيث لا يعول عليهم المرشحين في أن يحدثوا فارقا لكن يبقى الأهم أصوات المرشحين الخاسرين والذي استطاع الرئيس رجب طيب أردوغان أن يستميل  إليه المرشح السابق والقومي المتشدد، سنان أوغانو يحصل على دعمه، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في تركيا المقررة الأحد.

وقال أوغان الذي حاز 5,2 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى "أطلب من الناخبين الذين صوتوا لنا في الجولة الأولى أن يصوتوا لأردوغان في الجولة الثانية".

ورغم دعم أوغان إلا أن أصوات ناخبيه مشتتة بين عدة أحزاب وحركات سياسية، لكن نتائج الانتخابات التركية البرلمانية والرئاسية في جولتها الأولى التي جرت في 14 مايو الجاري، كشفت التيار القومي التركي بات مؤثرا، بحكم الصعود اللافت لأصوات قواه والتي وللمفارقة توزعت على التحالفين المتنافسين الرئيسيين، وتحالف ثالث خاص بهم.

على الجانب الآخر أعلن رئيس حزب الظفر، أوميت أوزداغ، دعمه مرشح تحالف الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية التركية.

 

وخلال مؤتمر صحفي، قال أوزداغ إنّ "هناك اقتراح من قبل حزب الظفر، بشأن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم في غضون عام مع ضرورة احترام حقوق الإنسان".

وأضاف أوزداغ أنّه "إذا كنتم تريدون إعادة 13 مليون نازح إلى بلادهم عليكم التصويت لكليجدار أوغلو".

وفور إعلان أوزداغ دعمه لمرشح المعارضة، تداول مغردون مقطع فيديو سابقا له يقول فيه إنه إذا فاز كليجدار أوغلو بالانتخابات الرئاسية فسوف تندلع حرب أهلية.

 

تحالف أردوغان هو الأقوى

على عكس الاعتقاد الذي كان سائدا قبل الانتخابات بأن حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي سيكون صانع الملوك في هذه الانتخابات وسيدفع باتجاه فوز كليجدار أوغلو بالانتخابات الرئاسية، فإن نتائج 14 مايو أظهرت عكس ذلك. لقد دفع كليجدار أوغلو أثمانا باهظة للتحالف مع الحزب الكردي بشكل جعل هذه الفوائد أقل أهمية مما كان يتوقع.

لقد بالغ كليجدار أوغلو في استمالته للأصوات الكردية لدرجة أنه أعطى انطباعا قويا لدى كتلة قومية وازنة في التحالف السداسي أنه أبرم "صفقة قذرة" مع حزب الشعوب ومن خلفه حزب "العمال الكردستاني" المحظور تُهدد وحدة تركيا وتُضعفها في صراعها مع المشروع الانفصالي.

 كما أن هذه المبالغة ساعدت الرئيس رجب طيب أردوغان في تركيز جزء كبير من خطابه الانتخابي على مخاطر "الصفقة القذرة" لحث الناخبين القوميين في التحالف السداسي على التمرد على خيارات أحزابها.

 

مشروع  أردوغان مقابل تناقضات لأوغلو

اعتمد الرئيس التركي رجب طيب على وعوده بتحسين الاقتصاد وإطلاقه مشاريع كبيرة تساعد في دفع عجلة الاقتصاد التركي على المدى الطويل، فقد كان المواطنون يرغبون في مكاسب اقتصادية على المدى القصير، عبر الحد من التضخم.

في المقابل، فإن المرشح المعارضة كليجدار أوغلو على مستوى بعض القضايا، مثل تعهده بإلغاء اتفاقية إعادة القبول التي وقعتها تركيا مع الاتحاد الأوروبي، والتي تقضي بإعادة اللاجئين السوريين الواصلين إلى الجزر اليونانية مقابل منح تسهيلات للمواطنين الأتراك فيما يخص تأشيرة الشنغن، بينما أطلق وعودًا بإلغاء تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي للمواطنين الأتراك، وهو ما يتناقض مع وعوده بالانسحاب من الاتفاقية الوحيدة التي تسهل هذه العملية.

 

انتخابات الخارج

تجاوز عدد الناخبين الأتراك بالخارج المليون و700 ألف ممن أدلوا بأصواتهم بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وذلك منذ انطلاق التصويت صباح السبت.

ومن المقرر أن تتواصل عملية التصويت بالممثليات الخارجية التركية حتى نهاية هذا اليوم، وتستمر في المعابر الحدودية حتى 17:00 بالتوقيت المحلي من يوم 28 مايو.

وكانت تركيا قد شهدت يوم 14 من الشهر الجاري انتخابات رئاسية وبرلمانية، وتنافس بالرئاسة كل من مرشح "تحالف الجمهور" الرئيس أردوغان، ومرشح "تحالف الأمة" زعيم حزب الشعب الجمهوري كليجدار أوغلو، ومرشح "تحالف أتا" (الأجداد) أوغان.

وقد أعلنت الهيئة العليا للانتخابات رسميا إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بين أردوغان وكليجدار أوغلو يوم 28 مايو، وذلك لعدم حصول أي مرشح على "50% من الأصوات + صوت واحد".

فقد حصل أردوغان على 49.52% من أصوات الناخبين، في حين نال كليجدار أوغلو 44.88%، وأوغان 5.17%، وفق النتائج النهائية التي أعلنتها الهيئة العليا للانتخابات الجمعة.