"كانت تلك النتيجة الأسوأ التي يمكن أن تتخيلها المعارضة في البلاد. وبدا أن المنافسين يتجهون إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو بقوة جيدة. ولكن بحلول الساعة 10 صباحًا من اليوم التالي، ومع فتح أكثر من 99% من صناديق الاقتراع، حصل كمال كيليجدار أوغلو، مرشح تحالف الأمة، وهو ائتلاف من ستة أحزاب معارضة، على 45% فقط في الانتخابات الرئاسية".

هكذا صدّرت مجلة الإيكونوميست البريطانية تقريرها، مساء الأحد الماضي، الذي تناولت فيه الانتخابات التركية، وقدرة الرئيس أردوغان على قلب التوقعات في الانتخابات الرئاسية التي انتهت الجولة الأولى منها دون حسم، وهو ما يعني التوجه إلى جولة إعادة بعد أسبوعين.

تقول المجلة إن ما حدث يكفي لأن يُدخل أربكان مرة أخرى، وهو الذي حصل بحلول ذلك الوقت على 49.4%، في جولة الإعادة. لكنها كانت أقل بكثير مما توقعه منظمو استطلاعات الرأي، وكذلك كيليجدار أوغلو نفسه.

 

أسوأ نتيجة توقعتها المعارضة

المجلة الأسبوعية التي هاجمت أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم قبل الانتخابات بأيام، قالت في التقرير إن ما جرى في الجولة الأولى التي انتهت الأحد، كان “أسوأ من أسوأ توقعات المعارضة التركية”، التي تخيلت قبل دخول الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أنها تمتلك أسبقية جيدة حسب استطلاعات الرأي، لكن مرشح المعارضة الرئيسي كمال كليجدار أوغلو حصل على نحو 45% من الأصوات مقابل أكثر من 49.4% حصل عليها أردوغان، بينما حصل سنان أوغان مرشح اليمين المتشدد على أكثر من 5%، وهو ما تجاوز توقعات الجميع.

وجاء أداء تحالف كليجدار أوغلو أشد سوءًا في التصويت البرلماني، إذ تشير آخر النتائج إلى أن التحالف لن يحصل إلا على نسبة 35% فقط من الأصوات، وهو ما يعني أن التحالف سيحصل على نحو 211 من أصل 600 مقعد بالبرلمان؛ أما كتلة أردوغان، المعروفة باسم تحالف الجمهور، -التي يقودها حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية اليميني- فتمكنت من الحصول على 326 مقعدًا، وهي أغلبية مريحة، قبل اكتمال عملية الفرز. وحصل تحالف المعارضة الآخر -بزعامة أكبر الأحزاب الكردية التركية، حزب الشعوب الديمقراطي- على نسبة 10.3% من الأصوات (أي نحو 65 مقعدًا).

 

"صانع الملك".. لمن تذهب أصوات حزبه؟

ورأت المجلة أن سنان أوغان ربما أصبح قادرا في ظل الوضع الحالي على أن يتحول إلى “صانع الملك”، إذ صرّح في لقاء متلفز أنه وحزبه يريدان حقائب وزراية في الحكومة المقبلة مقابل إعلان الدعم لأحد المرشحَين في جولة الإعادة، كما سيضغط أوغان في الغالب على المعارضة -حال تحالفه معها- لتنأى بنفسها عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الذي يعُدّه أغلب الأتراك، خاصة القوميين المتشددين، امتدادًا للجماعات المسلحة الكردية المصنفة إرهابية في تركيا والغرب. ورغم ذلك فإن إيكونوميست ترى أن كليجدار أوغلو بحاجة إلى الحصول على أصوات جميع أنصار أوغان، ليحظى بفرصة للفوز بالجولة الثانية، لكن أردوغان الذي تصدّر الجولة الأولى يبدو أكثر قدرة على الفوز بها.

وأشارت المجلة إلى استطلاعات الرأي التي أُجريت قبل يومين من الجولة الأولى، والتي أظهرت تقدّم كليجدار أوغلو وحصوله على أكثر من 50% من الأصوات، ما أعطى انطباعًا بإمكانية حسمه الانتخابات في الجولة الأولى، مضيفة أن التوقعات أشارت إلى أن أنصار المرشح الذي انسحب قبل أيام من الانتخابات (محرم إنجه) سيعطون أصواتهم لكليجدار أوغلو، لكن اتضح أنها كانت خاطئة، فقد اتجه أغلبهم إلى التصويت لسنان أوغان.

 

كيف نجح أردوغان في الجولة الأولى؟

وفي تصريح للمجلة، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بايكوز (أحمد خان) إن المفتاح الرئيس لنجاح أردوغان في الجولة الأولى هو قدرته على إقناع الناخبين بأن الانتخابات لا تتعلق بالوضع الاقتصادي والتضخم الذي وصلت نسبته إلى 43%، وإنما تتعلق بهوية البلاد وأمنها القومي، كما قدّم لهم طيفًا واسعًا من المشروعات الضخمة، بينها أكبر سفينة حربية تركية، وأول سيارة كهربائية تركية، ومفاعل نووي روسي، إضافة إلى إشاعة الخوف من نتائج التغيير، وإصراره على ربط المعارضة بحزب العمال الكردستاني، المصنف منظمة إرهابية.

وتختم إيكونوميست بالقول “5 سنوات إضافية لأردوغان في الحكم ستعزز من قبضته في الحكم، بينما تزعم أن فوز المعارضة في جولة الإعادة - رغم أن ذلك أصبح غير مرجَّح - سيوفر فرصة لإعادة البلاد إلى حكم الديمقراطية ومسار الاستقرار الاقتصادي”.

لمطالعة التقرير من مصدره ( من هنا )