أثبت الانتخابات التركية التي جرت في 14 مايو الجاري، فشل التحليلات التي تعتمد على الصحف العربية والغربية التي كانت تقول تشير إلى أن أردغان برلمانيا سيهزم، رئاسيا سيفوز في حين أن الذي حدث العكس، وهو ما يعد دليلا على عدم فهم آلية الانتخابات التركية الجديد الذي يعزز شرط الأكثرية في الدائرة الانتخابية أو فهمهم الآلية وتربصهم نفسيا بخسارة أردوغان وحزبه، وهو يفسر حصول  اليسار الأخضر مقاعد أكثر من القومي رغم  تصويت أقل.

 

سجل الرابحين

اعتبر مراقبون أن فوز أردوغان بهذه النسبة يعتبر فوز ساحق وكبير لعدة أسباب أبرزها؛ الازمة الاقتصادية، وتحالفات المعارضة على مرشح واحد، وخسارة أصوات الأكراد كاملاً المؤيدين سابقاً، وبظل أن نسبة الشباب مواليد 2000 لم تعرف سوى أردوغان وترغب في التغيير ظنا منها أن وضع تركيا سيصبح أفضل.

وبرلمانيا بحصول تحالف الجمهور بقيادة اردوغان على 322 مقعدا بالبرلمان من أصل 600 مقعد يمكن حزب العدالة والتنمية، من تمرير القوانين دون حاجة الى تحالفات من خارج تحالف الجمهور.

وكانت صحف منها "الجارديان" البريطانية، نشرت نتائج استطلاع للرأي أجري قبل الانتخابات التركية، وأشار إلى أن تحالف "الجمهور" (أردوغان وحلفائه) قد يخسر الأغلبية البرلمانية لصالح تحالف "الأمة" (كليجدار أوغلو وحلفائه)، وتحدثت الصحيفة عما قالت إنه تزايد بالانتقادات للحكومة بسبب الزلزال".

إلا أن تحالف "الجمهور" حقق تفوقاً ملحوظاً في النتائج، وحصل هذا التحالف على 49.37% من أصوات انتخابات البرلمان، مقابل حصول تحالف "الأمة" على 35.31%.

وأظهرت بيانات الانتخابات الأربع السابقة في تركيا (بلديات،برلمان،رئاسة)، تقدم حزب "العدالة والتنمية" على باقي الأحزاب، كما أن الحزب عقد تحالفات مع أحزاب أخرى من توجهات مختلفة أبرزها تحالفه مع حزب "الحركة القومية".

وكانت نتائج تحالفات الأحزاب التركية بعد إعلان الفرز أن الأصوات الذي ذهبت لتحالف الجمهور الحاكم تقدر بـ 49.3 %، والأصوات التي حصلي عليها تحالف الشعب المعارض: 35.2 %، فيما حصل تحالف الأجداد على 2.5 %، وتحالف العمل والحرية (الكردي): على 10.5 %.

 

16 وزيراً من العدالة والتنمية

وأسفرت الانتخابات العامة التركية، الأحد 14 مايو عن انتخاب 16 وزيراً من مجلس الوزراء الرئاسي التركي كنواب لحزب العدالة والتنمية في البرلمان الجديد.

وانتخب الشعب التركي أعضاء الحكومة الذين تم ترشيحهم على رأس قوائم حزب العدالة والتنمية في 16 منطقة انتخابية و15 مدينة كبيرة، ليكونوا أعضاءً في البرلمان بدورته الـ28.

ودخل البرلمان بعد الانتخابات العامة التركية كل من نائب رئيس الجمهورية فؤاد أوقطاي كنائب عن أنقرة، ووزير العدل بكير بوزداغ في شانلي أورفة، ووزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية دريا يانيق في عثمانية، ووزير العمل والضمان الاجتماعي وداد بيلغين في أنقرة.

وانتخب أيضاً وزير البيئة والتخطيط العمراني والتغير المناخي مراد قوروم في إسطنبول، ووزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو في أنطاليا، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز كعضو في البرلمان الجديد عن إسكي شهير.

وتم انتخاب وزير الشباب والرياضة محمد محرم قصاب أوغلو في إزمير، ووزير الخزانة والمالية نور الدين نباتي في مرسين، ووزير الداخلية سليمان صويلو في إسطنبول، ووزير التربية والتعليم محمود أوزر في أوردو.

وفي قيصري تم انتخاب وزير الدفاع خلوصي أكار، ووزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى ورانك في بورصة، ووزير الزراعة والغابات وحيد كيريشجي في قهرمان مرعش، ووزير التجارة محمد موش في صامصون، ووزير النقل والبنية التحتية عادل قره إسماعيل أوغلو كعضو في البرلمان الجديد عن طرابزون.

فيما انتخب وزير العدل السابق عبد الحميد غول عضواً في البرلمان عن غازي عنتاب، بينما انتخب الوزير السابق فاروق جليك عن ولاية أرتوين.

 

دواود أوغلو وباباجان

ومن أكثر الرابحين أيضا في الانتخابات التركية 2023 أحمد داود أوغلو رئيس حزب المستقبل، وعلي باباجان رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، وهما القياديان المنشقان عن حزب العدالة والتنمية، حيث حصل حزب الأول والثاني وحزب السعادة على 34 نائباً من قوائم حزب الشعب الجمهوري، بينما نسبة اصواتهم لا تتعدى 2%، وكلها من المقاعد التي كان يفوز بها حزب الشعب الجمهوري وليس من رصيد حزب العدالة والتنمية.

ووفقاً لهذا، فإن مقاعد حزب الشعب الجمهوري والبالغة 168 ستتراجع إلى 135 مقعداً لصالح أحزاب المستقبل برئاسة أحمد داوود أوغلو، والديمقراطية والتقدم برئاسة علي باباجان فيما يسمى بتحالف "الأمة" المعارض.

في هذا الصدد، أظهرت النتائج الأولية للانتخابات التركية أن حزب المستقبل سيدخل البرلمان بحصوله على 10 مقاعد، وذلك للمرة الأولى منذ تأسيس الحزب في 2019، كما حظي حزب "الديمقراطية والتقدم" على 13 مقعداً، وحزب "السعادة" 10 مقاعد.

 

سنان أوغلو وأربكان

وكان أهم ما كشفته نتيجة الدور الأول من الرئاسيات والبرلمانيات التركية هو بزوغ نجمي المرشح الرئاسي سنان أوغان، ورئيس حزب الرفاه الجديد فاتح نجل نجم الدين أربكان.

وسنان أوغان (55 سنة)، قومي متطرف من أصل أذربيجاني، أكاديمي معروف (باحث في العلوم السياسية)، كان عضواً في حزب الحركة القومية (يرأسه دولت بهشلي) ثم طرد منها، معروف بمواقفه المتشددة تجاه المهاجرين، حصد أكثر من 05% من أصوات الناخبين.

أما فاتح أربكان (44 سنة)، فإلى سنة 2018 كان عضواً في حزب السعادة، ثم انشقّ عن حزب والده، وأسس حزبا سماه الرفاه الجديد، ونال أكثر من 2% من أصوات الناخبين في البرلمان بعد أن دخل ضمن تحالف الجمهور الحاكم.

ويحمل أربكان شهادة الماجستير في الهندسة الكهربائية والإلكترونيات، والدكتوراه في علوم الإدارة والتنظيم، وسيكون أربكان وأوغان أبرز السياسيين في الساحة التركية في السنوات المقبلة، الأول ممثّلاً للمحافظين والثاني ممثّلا للقوميين المتطرفين.

وحقق حزب "الرفاه الجديد" من تحالف "الجمهور" مفاجأة بدخوله البرلمان وذلك لأول مرة منذ تأسيسه، وحصل الحزب الذي يقوده فاتح أربكان، نجل الزعيم التركي الراحل نجم الدين أربكان، على 5 مقاعد بالبرلمان مع فرز 99.27% من أصوات الانتخابات البرلمانية.

 

أبرز الخاسرين

واشار المراقبون إلى أن وضع  كليجدار أغلو أصعب في الجولة الثانية لأن اردوغان يحتاج لنسبة بسيطة جدا من الأصوات التي ذهبت ل سنان أوغان وأصوات داوود أوغلو و علي باباجان على قلتها ربما لم تعد متحمسة للمشاركة في الانتخابات بعد حصولها على المقاعد اللازمة بالبرلمان ومفاعيل استطلاعات الرأي الموجهة انتهت.

وأشار بعضهم إلى أنه على المدى البعيد فأن أكثر من خسر هو حزب الشعب الجمهوري، إذ أن قاعدته الصلبة من العلمانيين تراه متحالفا مع أقصي يمين الإسلاميين (حزب السعادة) ويمين الوسط الممثل في باباجان وداوود أوغلو، وما يتبع ذلك من تنازلات ثم بعد ذلك التحالف مع حزب الشعوب الكردي وما يتعلق به من إشكاليات.

وقال المحلل سعيدالحاج إن كليجدار اوغلو وحزبه الشعب الجمهوري  اكبر الخاسرين في هذه الانتخابات التركية حيث

- لم يفز ب الانتخابات الرئاسية وتخلف بفارق كبير عن اردوغان

- لم يكسب تحالفه اغلبية البرلمان

- خسر زهاء 30 مقعداً في البرلمان الاحزاب الصغيرة دون ان يستفيد منها

- سيعود الحزب الجيد للتعامل بندية معه

حتى أن القيادي في حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، جيواد غوك، قال إن قادة الطاولة السداسية أخطأوا بترشيح كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب للانتخابات الرئاسية ومنافسة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وأضاف غوك في لقاء مع الجزيرة مباشر، أن ميرال أكشينار زعيمة حزب الجيد كانت محقة في معارضتها لترشيح كليجدار أوغلو، ومطالبتها بترشيح أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول أو منصور ياواش رئيس بلدية أنقرة.

واعتبر غوك أن كليجدار أوغلو وجه مستهلك في الحياة السياسية التركية، وليس بالشخصية الجديدة القادرة على منافسة أردوغان وتقديم البديل لغالبية شباب تركيا، وقال “تركيا تغيرت وهناك الكثير من الشباب الذين يتوقون للتغيير والتصويت على مرشحين شباب”.

وأضاف أن “فشل كمال كليجدار أوغلو أمام أردوغان في 9 جولات انتخابية سابقة تعد سببًا كافيًا لعدم الدفع به مرشحًا للمعارضة”.

وخلص القيادي في حزب الشعب الجمهوري إلى القول “كنا نتمنى أن يتم ترشيح منصور ياواش، لأننا كنا نرى فيه المنافس الحقيقي لأردوغان”.

في النتائج شبه النهائية في الانتخابات العامة التركية، حصل تحالف “الجمهور” (أردوغان) على 49.31% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية، فيما حصل تحالف “الأمة” (أوغلو) على 35.21% من الأصوات، وتوزعت الأصوات بين بقية الأحلاف الأخرى، وذلك بعد فرز 97.77% من الأصوات.