يضع الإحتلال الصهيوني أهدافا عدة لغاراته منها تدمير مصانع الأسلحة والمواقع الجديدة التي تكشف عنها قدرات غزة ومقاومتها في حماس والجهاد الإسلامي، ثم اختبار أي قدرات جديدة من المقاومة ابتكارتها حماس في تنظيم قواتها العسكرية في غزة، وكذلك اختبار مدى نجاح التطور الذي يحدثه جيش الإحتلال في نظام القبة الحديدية في كل معركة تستهدف بها غزة.

 

وعلى مستوى القيادات، رأي مراقبون أنه باستهداف قادة الجهاد للمرة الثانية بأقل من عام تصل لقادة الجهاد الإسلامي العسكريين، وإلى الآن وقبل سنوات -ربما تصل إلى التسعينيات واغتيال يحيى عياشلم تصل استخبارات الإحتلال إلى رأس القائد محمد ضيف الذي يصفه المحلل الفلسطيني وديع عواودة بأنه طائر العنقاء الفلسطيني الذي يخرج من بين الرماد رغم فقده أجزاء حيوية في جسده منها عينه أو أحد أطرافه أو كلتا رجليه.

 

ولكن الضيف يعيد منذ 2009 ليستخلص دروس وإخفاقات المقاومة خلال حرب «الرصاص المصبوب» وبضغطه تم عزل قيادات عسكرية في القسام وشرع بتطوير قدراتها الهجومية والاستخباراتية واللوجستية ومنع الشاباك من اختراقها والاستعداد لاجتياح إسرائيلي بري واسع تشمل القتال بمناطق مأهولة وبالأنفاق، بحسب عواودة.

 

المضادات الأرضية

 

في عميلة "سيف القدس" 2021، وبعيد أغسطس 2022، فاجأهم الضيف وجنود الكتائب والغرفة المشتركة بسلاح الستريلا وآخر صناعة محلية لاستهداف الطائرات بصواريخ محمولة على الكتف بأنواع مختلفة بمدى يمنع الطائرات الحربية من التحليق على ارتفاعات منخفضة خشية استهدافها بهذه النوعية التي استقطت فعليا طائرتين أخيرا علاوة على مدفع (14) الشهير في مصر بالجرينوف والذي تم تطويره ليكون مضاد للطيران المروحي والزنزانة (بدون طيار).

وفي عام 2013 كشفت القسام، امتلاكها صاروخ "ستريلا 2"، ويعني بالعربية "السهم"، واستخدمته لأول مرة في أبريل 2022، في التصدي للطيران الحربي في أجواء غزة.

والستريلا نظام صاروخي روسي خفيف الوزن وموجه بالأشعة تحت الحمراء، وهو منخفض الارتفاع مع رأس حربي شديد الانفجار، ويبلغ مداه نحو 5 كيلومترات وينطلق بسرعة 580 متراً في الثانية.

أما النسخة الامريكية منه فهو صاروخ (سام 7)، وله نسخ ألمانية وتشيكية يمكن أن تكون لدى حماس بعضها.

 

ومقابل مضادت المقاومة بغزة الأرضية، أدخل جيش الاحتلال (بحسب إعلامه العبري) مقلاع داوود لإسقاط الصواريخ التي يتم إطلاقها من مسافة 100 إلى 200 كيلومتر، وهو جزء من الدرع الصاروخي الذي يشمل نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى ونظامي آرو-2 وآرو-3 لاعتراض الصواريخ طويلة المدى.

 

وقال جيش الاحتلال إن 270 صاروخا على الأقل أطلق من قطاع غزة عبر 205 منها المجال الجوي وتم اعتراض 62 من قبل منظومة القبة الحديدية.

 

وأكد الجيش أنه “يقصف حاليا البنية التحتية لإطلاق الصواريخ لمنظمة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة”، مشيرا إلى أن الضربات تستهدف مواقع في “الأجزاء الشمالية والجنوبية” من القطاع.

وقال في بيان منفصل إنه “استهدف أكثر من 40 قاذفة صواريخ وقذيفة هاون تابعة لحركة الجهاد الإسلامي”.

 

ناحل عوز

 

الضيف يفاجأهم في كل معركة بتطور نوعي ففي 2014 فاجأهم قائد كتائب عز الدجين القسام بالصواريخ (أرض -أرض) الموجهة والتي قصف بها الباصات العسكرية المحيطة بغلاف غزة وفاجأهم أيضا في 2018 ببندقية القنص التي مداها إلى 2 كيلو والتي تطورت لاحقا وأحيانا يكون التطوير متعلقا بسلاح الضفادع البشرية وعملية ناحل عوز، ولتكشف المقاومة عن أن الحصار مكنهم من استخلاص مواد متفجرة من السفن الحربية الغارقة قبالة غزة.

 

وعشوائيا تسقط لنشات الاحتلال الصهيوني القنابل المائية لإعاقة عمل الضفادع البشرية الذين تملك منهم المقاومة وحدات بحرية متخصصة في العمليات المتطورة القتالية والتكتيكية من جهة البحر.

الجاهزية والروح القتالية والتدريب التقني والمباغتة الإعلامية التي لطالما ربحت بها المقاومة جولات من الردع النفسي عند العدو وجماهير الإحتلال، جعلت هذه العناصر الضفادع البحرية في طليعة القوة الضاربة.

وتناول مسلسل (قبضة الأحرار) الذي انتجته المقاومة الفلسطينية في غزة، تصور في إطار السيناريو عن الغواصة الحربية التي تدعم بها وحداتها البحرية وهو تطور تقني (إن تحقق) فإن منصات الغاز التي يسرقها الاحتلال الصهيوني من فلسطين في البحر المتوسط في مرمى أهداف المقاومة.

 

 

الصواريخ محلية الصنع

 

وأرهقت المقاومة جيش الإحتلال وهو يقصف ورش الحدادة في القطاع المعلن منها والمخفي بمساعدة العملاء، بحثا منها عن الصواريخ محلية الصنع، والمستوردة منها، أبرز أنواع الأسلحة التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية، وتستخدمها بكثافة خلال موجات التصعيد مع الاحتلال.

 

وراكمت المقاومة من قوتها بالصواريخ، ونجحت في تطوير قدراتها العسكرية الذاتية بإمكانات بسيطة، فوصلت إلى تل أبيب والنقب بل والإجزاء الشمالية بأنواع مختلفة من الصواريخ المطورة في المدى والقوة التفجيرية.

أحد تلك الصواريخ يصل مداه لقرابة الـ250 كيلومتراً، ولديها قدرة على حمل رؤوس متفجرة يصل وزنها إلى قرابة الـ40 كيلوغراماً.

 

رجال الانفاق

 

أصبع (أبو عبيدة) -الذي بات أداة إنذار وتهديد للكيان الهش- يشي أنه من رجال الانفاق الذين حفروه بايديهم فزاده صلابة على صلابته كمقاوم، ويعتبر متحدث كتائب القسام الإعلامي من أوائل المطلوبين في قوائم الاغتيال لاعتباره الشريان الرئيسي للحرب النفسية والإعلامية التي تفرضها "حماس".

 

رجال الانفاق التي (توسعت خارج محيط القطاع) بحسب الاحتلال الذي رصد فتحات في غلاف غزة، تطورهم اللافت يعني حياة المقاومة من جذور الانفاق كأحد الأسلحة الاستراتيجية التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية، وتستخدمها في الهجوم على مواقع عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى استخدامها منضات لإطلاق الصواريخ بأي اتجاه تحدده.

 

الأنفاق وفرت بحسب مراقبين للمقاومين الفلسطينيين غطاء للتخفي وتوسعا ميدانيا وقدرة على الوصول من سطح الأرض فضلا عن مساحات من فوهات قاذفات الصواريخ غير المتوقعة، نجح جيش الاحتلال في هدم بعضها إلا أن البدائل والشبكات يبدو أنها متشعبة ومن الصعب اقتلاعها أو رسم خريطة محددة بشأنها حتى من قبل العملاء.

 

ووظفت المقاومة الأنفاق في البدايات لتنفيذ العمليات الهجومية أو التفجيرية ضد مواقع وتحصينات جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ونجحت بذلك في إيقاع خسائر فادحة لم تكن بالحسبان.

 

حالة طموح

 

أما الكاتب مجدي علي فوصف تصنيع حماس لسلاحها عبر "فيسبوك" بأنه حالة طموح وأن أفضل مثال لذلك "هو ما فعلته وتفعله حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وذراعها العسكري "القسام" من القيام بتصنيع احتياجاتها من أسلحة وذخائر لتنفيذ هدفها في القدرة على مواجهة العدو الصهيوني والوصول الى حالة الندية تمهيدا للوصول الى هدفها الأكبر وهو تحرير أرض فلسطين التاريخية من البحر الى النهر..".

 

وأضاف أنه لم يفت في عضد الطموح الحمساوي ذلك الفارق الرهيب في توازن القوى بين الاحتلال والمقاومة وكون العدو يمتلك أفضل تسليح على مستوى العالم يتفوق في بعض جزئياته على أمريكا نفسها التي تتزعم العالم الغربي الاستعماري بقوتها الهائلة وتكنولوجيتها المتقدمة..".

 

وأبان أنه "لم يفت في عضد الطموح الحمساوي ذلك الحصار الرهيب الذي تفرضه كل القوى الاستعمارية العالمية والدول الإقليمية المحيطة.. هذا الذي يمنع كل وسائل الحياة عن قطاع غزة الذي يحتضن حماس..".

 

وفي مقاله الذي نشره بعنوان (طموح "حماس".. في مقابل أطماع "العسكر")، أشار إلى أن أهم انجازات الطموح الحمساوي هو الوصول الى حالة من توازن الرعب والضربات المؤلمة وانعدام الأمن بينها وبين هذا العدو الشرس المتسلح بأفضل تسليح على مستوى العالم..".

 

درع بشري

 

الأكاديمي رضوان جاب الله عبر "فيسبوك" قال: إن غزة الأبية أكبر درع بشري معاد للصهيونية ويمثل ردعا جزئيا  أو كليا حال الرغبة الصهيونية في احتلال سيناء وقد قالها ليبرمان أن أخطر شيء على الكيان الصهيوني هو أن تقدم مصر على تسليح استراتيجي لغزة حال تعرض سيناء لغزو صهيوني ودون الحاجة لوضع جيشها في صحراء مكشوفة وخطرة وهو كفيل ليس بتحرير سيناء بل بزوال دولة الكيان الصهيوني.

 

وأضاف جاب الله إن وجود حماس في غزة أكبر عوامل الاطمئنان لمصر حيث عداؤها لإسرائيل عداء عقائدي واستراتيجي وليس عداء مصالح وبالتالي أي اتفاق معها سيكون بمثابة درع من أقوى دروع الحماية.