في الوقت الذي توقع فيه كثيرون أن يأتي ردّ المقاومة الفلسطينية على جريمة قصف الصهاينة لقطاع غزة، قويًا وسريعًا، إلا أن ساعات طويلة مرت دون أن يحدث شيء من ذلك، وهو ما أربك توقعات الصهاينة وجعلهم يعيشون تحت رعب انتظار رد الفعل الذي يتوقعونه مزلزلًا وكبيرًا.

 

نشر منظومة القبة الحديدية

وعقب الهجوم الصهيوني، أعلن جيش الاحتلال نشر منظومة "القبة الحديدية" في مناطق مختلفة، لاسيما في الجنوب و"تل أبيب"، وسط تحضيرات إلى إجلاء آلاف الإسرائيليين من مستوطنات "غلاف غزة" وسديروت، وذلك في ظل التوتر على جبهة غزة.

وبحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإنه يتوقع أن يغادر، غدًا الأربعاء، 4500 مستوطن من "سديروت" المحاذية للقطاع. ووفقًا لموقع الصحيفة، فإن المستوطنين في "غلاف غزة"، يخشون من إطلاق قذائف صاروخية مكثفة في ظل حالة الترقب اتجاه رد فعل فصائل المقاومة على العدوان الذي نفذ الاحتلال ضد القطاع.

وذكر جيش الاحتلال في بيان له أن تلك الخطوة جاءت استعدادًا لإطلاق الصواريخ من قطاع غزة على "تل أبيب". وبحسب العديد من وسائل الإعلام العبرية، فإنه تم نشر منظومة القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ قرب حدود لبنان والجولان السوري المحتل أيضًا، تحسبًا لأي رد من هناك.

 

فتح الملاجئ وتعطيل الدراسة

وفُتِحت في "تل أبيب" والجنوب الملاجئ، فيما قال مسؤولو ما تسمى "الجبهة الداخلية الإسرائيلية" في بيان مقتضب إن "فتح الملاجئ قرار خاص بالبلديات، ولم نأمر بأي تعليمات خاصة سوى في حدود 40 كم".

وشملت توجيهات مسؤولي "الجبهة الداخلية" التابعة للاحتلال إلى المناطق التي تبعد 40 كيلومترًا من قطاع غزة فقد تم تعطيل الدراسة والبقاء بالقرب من المناطق المحمية، حيث ستبقى هذه التوجيهات سارية المفعول من الآن وحتى يوم الأربعاء الموافق 10 مايو الساعة 18:00.

 

"خطة الإخلاء الطوعي"

فيما أصدر وزير "الحرب الإسرائيلي"، يوآف غالانت، قرارًا بتفعيل ما تسمى "خطة الإخلاء الطوعي" من مستوطنات "غلاف غزة"، وذلك خشية من تدهور الأوضاع الأمنية بشكل كبير بعد اغتيال ثلاثة من قادة حركة الجهاد الإسلامي.

وأفادت القناة 12 العبرية، بأن "خطة الإخلاء" تشمل في المرحلة الأولى نقل 5 آلاف مستوطن من "سديروت" في النقب الغربي، والذين أعربوا عن رغبتهم بقضاء عدة أيام خارج "غلاف غزة". وضمن التحضيرات والاستعداد لأي طارئ، تم إجلاء غالبية جنود الاحتلال من قاعدة "زيكيم" العسكرية شمالي قطاع غزة، مع حظر التنقل على الطرق الرئيسة المحاذية للقطاع والمكشوفة أمام نيران القناصة أو الصواريخ المضادة للدروع.

 

صمت مربك وساحات مختلفة

وعلى الجانب الفلسطيني، توقع الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق، أن تشهد الساعات القادمة مفاجآت في الرد على عدوان الاحتلال على قطاع غزة. ويرى أن الاحتلال فشل في استهداف المقاومة الفلسطينية، التي تعيش حالة تصاعد وتطور مستمرين سواء في قطاع غزة أو الضفة المحتلة.

ولفت إلى أن الخطة التكتيكية لدى المقاومة الفلسطينية ترعب الاحتلال، مشيرًا إلى ما وصفها بـ”حالة الصدمة” التي يشعر بها الاحتلال نتيجة سياسة المقاومة الفلسطينية.

الخبير في الشأن الإسرائيلي عادل شديد، قال إن سياسة الصمت التي تنتهجها المقاومة الفلسطينية أربكت منظومة الاحتلال الصهيوني الأمنية. وأشار إلى أن منظومة الاحتلال الأمنية عاجزة عن وضع فرضيات لطريقة رد المقاومة الفلسطينية. وأوضح أن سلوك الاحتلال الإسرائيلي مبني على فرضية عدوانية ضد الشعب الفلسطيني.

 

أعلى درجات سلم الردّ

المحلل السياسي حسن عبده، يقول إنّ فصائل المقاومة تتبع أسلوبًا جديدًا يتمثل في التريث ومنح فرصة للجهات المعنية لترتيب الرد بما يوازي حجم الجريمة، موضحًا أن ما يحدث يختلف عن الردود السريعة التي شهدتها عمليات الاغتيال السابقة.

ويعتقد “عبده” أن هذه “الاستراتيجية سيكون لها ما بعدها في مواجهة الجرائم، فكما باغت الاحتلال المقاومة بعمليات اغتيال جبانة، ستلجأ الأخيرة لذات الأسلوب وبالطريقة التي تراها مناسبة”.

وبحسب وصف “عبده” فإن السيناريو القديم المتمثل بإطلاق رشقات صاروخية صوب مدن ومستوطنات الاحتلال، والذي كانت تتبعه المقاومة عند أي عملية اغتيال أصبح “مملًا”، والمعطيات تُشير إلى أنّ “المقاومة لا تريد اتباع هذا النهج حاليًا”.

ويُتابع: “التقديرات تُخبرنا بأن الرد سيكون بحجم الجريمة كونها تمثل أعلى مستويات العدوان، وستُقابل بأعلى درجات سلم الرد”. ويلفت إلى أن “توقيت الرد ومداه وطبيعته تحدده قيادة فصائل المقاومة، وحتى اللحظة لا نعرف جغرافية الرد ولا حجمه، وهل سيقتصر على قطاع غزة أم مناطق أخرى”.

لكن “المحسوم أن استراتيجية العزل والفصل بين ساحات المواجهة أو الفصائل قد انتهت، والرد اليوم يقوم على تعزيز فكرة إنهائها بشكل تام ورفع مستويات التنسيق”، وفق ما أورده “عبده”.

وكان الاحتلال الصهيوني العدوان قد شنّ عدوانًا، فجر اليوم الثلاثاء، على قطاع غزة، حيث استشهد 15 فلسطينيًا، من بينهم 3 من قادة "سرايا القدس" الذراع المسلح لحركة "الجهاد الإسلامي"، وأصيب 50 آخرون جراء غارات طيران الاحتلال على منازل للمدنيين ومواقع للمقاومة في مناطق مختلفة بقطاع غزة.