حذر مراقبون من غياب التوافق بين توقعات القاهرة وتوقعات الصناديق السيادية الخليجية، بعدما نقلت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية 28 أبريل 2023 عن مصدر مصرفي أن صندوق أبو ظبي السيادي “القابضة ADQ”، أداة الاستثمار الإماراتية الرئيسية في مصر، قد علق مشروعاته داخل البلاد!

ولم تكذب الجهات المعنية في مصر (مسؤولي الانقلاب) ما نشرته الموقع البريطاني، وبل العكس هو ما حدث حيث ظهر رئيس حكومة السيسي مصطفى مدبولي وكأنه يصحح الخطأ! فظهر في اليوم التالي مباشرة السبت 29 أبريل وهو يعلن أن مصر لن تتراجع عن برنامجها لبيع أصول حكومية، مضيفاً أنها ستفي بالتزاماتها المالية.

الصحيفة البريطانية ونقلاً عن مصدر مصرفي قال: “ليست هناك شهية لأي استثمارات جوهرية في الوقت الراهن”، وأردف أن الأوضاع قد تتغير عقب زيارة رئيس الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، للقاهرة خلال الأيام المقبلة في حين زار مصر قبل أسابيع في اليوم السابق مباشرة للقتال الدائر في السودان.

وأعلن مصطفى مدبولي في المؤتمر الصحفي المشار إليه، عن موافقة الجيش المصري على زيادة عدد الشركات المملوكة له التي سيتم طرحها في البورصة، من شركتين إلى أكثر من 10 شركات، ما يعني إتاحة معلومات عن هذه الشركات لم تكن متاحة من قبل.


وأشار إلى أن مصر تهدف إلى جمع مليارَي دولار من خلال طرح الشركات قبل نهاية يونيو 2023، مؤكدا حكومته لن تتراجع عن برنامج الخصخصة، وأنه سيتم طرح شركات حكومية أكبر للبيع.


وعن التأخير في تنفيذ الطروحات حتى الآن أرجع مدبولي ذلك "لحرص الحكومة على تأمين أفضل عائد من البيع".


وأعلن مدبولي عن "وحدة داخل مجلس الوزراء، مختصة بتيسير إجراءات عملية الطروحات للشركات"، و"مستشاراً دولياً لتذليل كافة العقبات أمام الطروحات"،و"خطة واحدة يتم التحرك من خلالها"!!

 

استثمارات الخليج!


وقال أحد المصرفيين الدوليين لفايننشال تايمز: "يتمثل موقف مصر في بيع الأصول بفرق سعر أضخم من أسعار السوق، لأن المصريين يجادلون بأن الأسواق في حالة انخفاض وأن أسعارها الحالية لا تمثل القيمة طويلة الأجل".

وأضاف: "هناك تباعد كبير في وجهات النظر بين الجانبين".


وجاء مؤتمر رئيس حكومة السيسي ليرد على ما شكك بشأنه المراقبون للموقع البريطاني من "استعداد نظام السيسي، الذي يقوده الجيش، لبدء الإصلاحات، بما في ذلك كبح المصالح التجارية للجيش، والتي توسعت بشكل ملحوظ في عهد السيسي، وتمتد من الزراعة ومزارع الأسماك إلى البناء ومصانع الأغذية".


وجزم محللون ل"فيننشال تايمز" أن القاهرة ليس أمامها كثير من الحلول الأخرى، بخلاف بيع الأصول، لجمع رأس المال، في ظل قلق المستثمرين الأجانب وعرقلة القطاع الخاص نتيجة المحنة الاقتصادية وهيمنة الجيش.


ومن هؤلاء فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في شؤون الشرق الأوسط بمصرف  "جولدمان ساكس" الذي قال: "إذا لم ترغب في مواصلة خفض قيمة عملتك وإبطاء النمو من أجل تقليل الطلب على الدولار، فليس هناك خيار سوى زيادة المعروض. والمسار الوحيد المتاح أمام مصر على المدى القصير الآن هو جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر بيع الأصول".
 


تعليقات السوشيال ميديا

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بدا المعلقين بين غير مصدقين انسحاب الكفيل عن دعم "اعتاد الخليج الغني بالنفط إنقاذ جارتها خلال العقد الذي أعقب استيلاء السيسي على السلطة، وكان من المتوقع أن يصبحوا أهم المشترين للأصول المصرية، بحسب موقع الصحيفة"، وآخرين اعتبرو التوجه نحو توقف شراء المشاريع ابتزازا لمواقف بعينها.

ومن المعلقين قال حساب @Mmmm42248968 "استغلال ضائقة مالية ليس أكثر .. الامارات تعلم ان المشاريع المصرية في الموانئ والمدن الجديدة والسياحة والترانزيت وتصدير المحروقات والكهرباء والهيدروجين الأخضر للغرب".

وأضاف على "تويتر"، "تنسف كل اسباب الرخاء لديها لان اقتصادها قائم على مزايا مصر تركتها لهعم في هذه الاستثمارات ايام مبارك فهم يستغلو".

أما أحمد عمر  @VOmaryonn فقال "غدر الامارات شيطان العرب على مصر متوقع ولكنه جاء سريعا فليذهب اولاد زايد إلى الجحيم ومصر ستظل صامدة غصب عن دويلات النفط والغباء".

وبدت داليا زيادة الناشطة الداعمة للانقلاب غير مصدقة فقالت "معلومة : الامارات هي اكبر مستثمر في مصر بعدما ارتفعت استمثماراتها قي مصر بشكل غير مسبوق العام الماضي.. حجم الاستمارات الاماراتية في مصر وصل 28 مليار دولارفي بداية 2023
الاستثمارات في قطاعات الغذا والمصارف والاتصالات والطاقة وغيرها".

واستدركت متفقة مع ما نشره البريطانيون، فقالت إن إشارة التقرير لاحتمالية اسئناف المشاريع بعد لقاء السييسي ببن زايد و"يبدو له كانه مساومة"، مضيفة "لو وافقت مصر على موقف الامارات في السودان تعود المشاريع ولو رفضت وحافظت على سياسة عدم التدخل التي اعلنها (...) قي اجتماعه مع المجلس العسكلاي إذا تستمر الإمارات في وقف المشاريع.".

وعبر @daliaziada أشارت إذا إلى أن "السبب الحقيقي في ظن لتوقف المشاريع بحسب زيادة هو السودان بمعنى أصح رفض مصر دعم مليشيات حميدتي التي تدعمها االإمارات منذ سنوات "، مضيفة "كنت انتظر تكذيب ما نشرته فايننشال تايمز ولكن لم يحدث بل جاءت تصريحات رئيس الوزراء لتؤكده".



التقرير البريطاني

ونقلت فايننشال تايمز عن مطلعين أن الإمارات حافظت على التزامها بمساعدة القاهرة، لكن أبو ظبي صارت أكثر ميلاً لتقديم الدعم عبر برامج صندوق النقد الدولي.

وأنفق صندوق أبوظبي السيادي  نحو 4 مليارات دولار العام الماضي للاستحواذ على حصص أقلية في الشركات المصرية، بما في ذلك أحد المصارف وشركات كيماويات وأسمدة وخدمات لوجستية وتقنية.

وسبق أن صرح مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، لموقع فاينانشيال تايمز البريطاني فبراير 2023 بأن الصندوق زاد من تعاونه مع الدول الخليجية على مختلف الأصعدة، ومنها تصميم برامج الإنقاذ مما يُعد دلالة على تغير نهج تقديم المساعدات.


مواقف خليجية موازية

الصحيفة البريطانية أشارت أيضا إلى قلق خليجي من الاستثمار في مصر حيث كان صندوق الاستثمارات العامة السعودي قد التزم مؤخراً باستثمار 10 مليارات دولار في مصر، لكنه انسحب من محادثات شراء "المصرف المتحد" المملوك للدولة، بعد أن أدى الانخفاض في قيمة الجنيه المصري إلى محو مئات الملايين من القيمة الدولارية للمصرف، وذلك وفقاً لمصرفي دولي وشخص آخر مطلع على المفاوضات.


في الوقت ذاته، رفض جهاز قطر للاستثمار عرضاً للحصول على حصةٍ في شركة تصنيع بسكويت مملوكة للجيش.

 

وقال شخص مطلع على المفاوضات للصحيفة: "القطريون لديهم استعداد لضخ المال، لكنهم يريدون استثماراً ذكياً يُدرّ المال أيضاً، أو يبلغ نقطة التعادل في حالات نادرةٍ على الأقل. ولن يرموا أموالهم ببساطة.. بل يحاولون العثور على الفرصة المناسبة".


ونقلت "فايننشال تايمز" عن مصرفي ثان قوله: "هناك حالة من الانزعاج والإحباط التام في السعودية، حيث يقولون: هل يظن المصريون أنه من السهل خداعنا لهذه الدرجة؟.. هم يريدون رؤية إصلاحات حقيقية ووضع خطة إصلاح هيكلية".

 

وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قد أوضح نهج الرياض في تقديم المساعدات من قبل، عندما قال خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في شهر يناير الماضي: "اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة دون شروط. لكننا نغيّر ذلك الآن. نحتاج لرؤية إصلاحات، ونحن نفرض الضرائب على شعبنا. لهذا نتوقع من الدول الأخرى فعل الأمر نفسه".

 

الجيش سيقاوم!

وأصر يزيد صايغ، الباحث الرئيسي في مركز كارنيجي (الشرق الأوسط) على أن الجيش المصري سيقاوم بيع الأصول التي تدر الأرباح.


وأوضح صايغ: "ومع ذلك، تكمن المشكلة الحقيقية [لدى المشترين] في اعتماد شركات الجيش على التمويل الحكومي بالكامل، وذلك في صورة ضمانها لتدفق عقود المشتريات الحكومية عليها… والدعم والقدرة على تحميل الخسائر لخزانة الدولة. ولن تكون هذه الشركات جذابة للمستثمرين الأجانب إلا في حال ضمان استمرار تلك الامتيازات".


طالبت منظمات حقوقية، من بينها "هيومن رايتس ووتش"، صندوق النقد الدولي بأن يتضمن أي قرض لمصر شروطا تتعلق بالشفافية فيما يتعلق بشركات الجيش التي لا تخضع لأي إشراف مستقل أو مدني، "مما يحرم المصريين من الوصول إلى المعلومات اللازمة لتقييم التكاليف والمستفيدين من المشروعات الممولة ..

ودخلت مصر في أزمة، العام الماضي، بعد أن سحب مستثمرو السندات الأجانب نحو 20 مليار دولار من الديون المصرية في وقت قريب من الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، وسط مخاوف بشأن تأثير الحرب على الأسواق الناشئة.

وخسرت العملة المصرية نحو 35% من قيمتها مقابل الدولار منذ موافقة مصر على الانتقال لسعر صرفٍ أكثر مرونة، وذلك بموجب صفقة صندوق النقد الدولي الموقعة في أكتوبر.

وحددت مصر 32 شركة من شركات القطاع العام التي تخطط لفتحها أمام مساهمة القطاع الخاص، لكنها لم تُعلن عن تحقيق أي مبيعات كبيرة منذ توقيع صفقة صندوق النقد الدولي.