نقلت "الجارديان" البريطانية عن وزارة الدفاع الأمريكية توصلها إلى أن الإمارات قد تقدم بعض التمويل لعمليات فاجنر  في ليبيا. ووثقت فاجنر  صلاتها مع  قوات الدعم السريع وحفتر نظرا لمشاركتها في تجارة الذهب في السودان والدول القريبة.

كما توصل جورجيو كافيرو، المختص في تحليل المخاطر الجيوسياسية، بمقال له على "الجزيرة نت" إلى أن "مصلحة الإمارات من السودان هو في السيطرة على موانئ البحر الأحمر".

وتوقع كافيرو في ضوء هذه المعلومات وأكثر أن "الصراع الراهن في السودان قد يتطور إلى صدام بين مصر والإمارات"، في وقت تعتمد فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على نفوذ كل من أبوظبي والرياض في الخرطوم.


وتابع : "مع ورود تقارير عن قيام مصر بتقديم دعم عسكري للجيش السوداني، بينما يدعم اللواء الليبي المنشق خليفة حفتر وآخرون حميدتي، هناك احتمال أن تفاقم جهات عربية وأفريقية مختلفة الصراع عبر تسليح الأطراف المختلفة في السودان".



وأردف أن "مصر تدعم البرهان وترى أن الجيش السوداني مثل الجيش المصري هو المؤسسة الوحيدة القادرة على الحفاظ على استقرار السودان". وقال مشامون إن "مصر تعتبر حميدتي مرتزقا".

 

وفي تحليله نقل عن مراقبين غربيين قولهم "المصريون يعارضون بشدة حميدتي.. رأينا في السنوات الأخيرة خلافات تتطور بين مصر والإمارات حول ما يحدث في ليبيا وحول من يدعم كلا الجانبين في إثيوبيا".

 

واستطرد: "والآن لديك السودان، حيث من الواضح أن الإماراتيين دعموا البرهان، ولكن في الوقت نفسه دعموا حميدتي أيضا وهم اثنان من الرجال الأقوياء.. وهذا النهج لن يستمر".

 

وقال صموئيل راماني، زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة: "إذا بدا أن حميدتي له اليد العليا في الصراع ضد البرهان، أعتقد أن الإماراتيين يمكن أن يدعموه بقوة أكبر".


وتابع أن "صفحات حميدتي على وسائل التواصل الاجتماعي تُدار من الإمارات، وينسخ حميدتي العديد من الروايات الإماراتية عن الإسلام السياسي، حيث يساوي بين البرهان والإسلام السياسي بعد نزع الشرعية عن حميدتي".

ورجح الباحث كافيرو "بوجود سبعة حدود دولية، يمكن للعنف في السودان أن يمتد إلى العديد من البلدان الأخرى، ومن منظور دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات وقطر والكويت وسلطنة عمان والبحرين)، فإن مخاطر الأزمة، التي لها آثار مزعزعة للاستقرار في الخليج ومصر (الجار الشمالي للسودان)، مثيرة للقلق بشكل خاص".

 

وتابع أن "مسؤولي دول مجلس التعاون الخليجي يأملونه في رؤية جامعة الدول العربية وأعضائها يكثفون الجهود الدبلوماسية لإنهاء هذا العنف قبل أن يخرج عن نطاق السيطرة".

 

أندرياس كريج اعتبر أن "القلق الرئيسي هو أن يصبح هذا صراعا إقليميا محتملا يمتد إلى مصر." وقال كافيرو إنه "مع دعم القاهرة للبرهان ودعم أبو ظبي لحميدتي، فإن مصر والإمارات ليستا في الجانب نفسه".

وبالنسبة للإمارات يعد هذا المشروع الكبير جزءا من سياسة أوسع في البحر الأحمر وأفريقيا، حيث يحاول الإماراتيون توسيع دائرة نفوذهم وبناء شبكة من البؤر الاستيطانية الاستراتيجية".

وأضاف كافيرو أن "الاضطرابات في السودان تثير قلقا شديدا في دول مجلس التعاون الخليجي التي لها مصالح في مستقبل البلاد". حيث (الاستثمارات والأمن الغذائي).


وواشنطن وأبوظبي

وبحسب السفير الأمريكي الأسبق في تونس جوردون جراي فإن "الولايات المتحدة نسقت منذ فترة طويلة مع الإمارات والسعودية بشأن السودان، على الرغم من بعض التوترات بشأن قضايا أخرى مثل إنتاج النفط".


وتابع: "حتى قبل الأزمة الحالية، كانت إدارة بايدن تنسق جهودها الدبلوماسية ضمن ما تُسمى ب"الرباعية" (الرياض وأبوظبي ولندن وواشنطن) بشأن الجهود المبذولة لإنشاء حكومة مدنية في السودان".

 

وأردف جراي: "إدراكا منه لعدم وجود دولة عربية لها القدر نفسه من النفوذ على حميدتي مثل الإمارات، يرى البيت الأبيض أن أبو ظبي تلعب دورا مهما بشأن محاولة كبحه. لكن ليس واضحا ما يمكن للقيادة الإماراتية القيام به للتأثير على حميدتي في هذه المرحلة".

 

وقال كريج: "الإماراتيون كانوا ساذجين للغاية في الاعتقاد بأن حميدتي شخص يمكنك السيطرة عليه.. كنا نعلم أن هذه الأزمة كانت في طور التكوين، والجميع يغض الطرف، ولا سيما الولايات المتحدة".

 

واعتبر أن "حقيقة أنه يتعين على الولايات المتحدة الآن التواصل مع الإمارات والسعودية تظهر فشل استراتيجية الولايات المتحدة في أفريقيا".


لاعبون خبثاء

وقالت صحيفة “الجارديان” في تقريرها إن لاعبين خبثاء قد يزيدون من حرارة النزاع السوداني. ملمحا إلى أن "القوى في الخليج والولايات المتحدة وأوروبا تدفقت على السودان بعد انتفاضة عام 2019 التي أطاحت بحكم الرئيس السابق عمر البشير وكانت كل واحدة منها حريصة لتعميق مصالحها المالية أو التعامل مع واحد من الرجلين عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد ومحمد حمدان دقلو، نائب البرهان في مجلس السيادة ".

 

ونقلت الصحيفة عن جيفري فيلتمان، الدبلوماسي الأمريكي المخضرم والمبعوث السابق إلى القرن الأفريقي قوله إنه “كلما طال أمد هذا فمن المحتمل محاولة لاعبين من الخارج دعم جنرال أو آخر ويشحنون القتال ويحولونه إلى صراع مشابه للوضع في سوريا وليبيا”.

 

وبعد الإطاحة بعمر البشير، كانت السعودية حريصة على الاستثمار في الأراضي الخضراء حيث تمتد المحاصيل على ضفاف النيل الأزرق والأبيض، كطريقة لاستغلال المصادر المائية السودانية والاحتفاظ بما تبقى من مياه في الخليج.

 

وأقامت دولة الإمارات علاقات قوية مع حميدتي الذي تسيطر قوات الدعم السريع التابعة له على معظم مناجم الذهب السودانية ولها علاقة بتصدير الذهب السوداني إلى دبي.

 

وفي العام الماضي وقعت مجموعة من الشركات بما فيها واحدة مرتبطة بالصندوق السيادي الإماراتي اتفاقا بقيمة 6 مليارات دولار لبناء محور صناعي ومنشأة في ميناء بورتسودان على ساحل البحر الأحمر.


رسائل البرهان

والسبت 28 أبريل الجاري، استقبل وزير خارجية السيسي السفير دفع الله الحاج علي المبعوث الخاص لرئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، بمقر وزارة الخارجية في القاهرة، واجتمع الأحد 30 أبريل مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، في وقت وصل مبعوث آخر من البرهان إلى الرياض للقا مع وزير الخارجية السعودي.

والمعلن أن الاتفاق بين البرهان والقاهرة والرياض بات واضحا يشعرح في رسائلة ما يتعلق بتطورات الأوضاع في السودان ومشاورات وثيقة مقابل مشاروات أبوظبي وحميدتي!


ورلما تحمل الرسائل ما أعلن عنه السبت 29 أبريل رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، من أن الصراع بين الجيش وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية في بلاده قد يتحول إلى واحدة من أسوأ الحروب الأهلية في العالم "إذا لم يتم وقفه مبكرا".

وقال حمدوك إن "الصراعات في سوريا واليمن وليبيا ستبدو صغيرة" مقارنة بما يمكن أن يؤول إليه الوضع في السودان، بحسب ما نقلته وكالة "بلومبرج".

 

وأوضح أن "السودان بلد ضخم ومتنوع يضم مجموعات عرقية ودينية مختلفة، مشددا على أن "الحرب الشاملة ستكون كابوسا للعالم".

 

ودعا إلى استمرار الجهود الرامية إلى الضغط على الطرفين المتحاربين من أجل وقف الق

الوجود المصري

وتمتلك مصر وجودا عسكريا متمثلا في سرب من الطائرات المقاتلة في منطقة مروي شمالي السودان كان يمكن استخدامه ضد الدعم السريع إذا اختار المواجهة، لذلك سارع حميدتي للسيطرة على هذه الطائرات.


وقالت قوات الدعم السريع يوم 16 أبريل إن قواتها في بورتسودان تتعرض إلى هجوم من طيران أجنبي، محذرة من التدخل الأجنبي.


كما أعلنت أنها أسقطت طائرة سوخوي دون تحديد مكانها، وهو ما نفاه الجيش، وهذا هو نفس النوع من الطائرات التي تستخدمها مصر في تدريبات السودان.


ومنذ الكشف عن وجود قوة عسكرية مصرية في مطار مروي، اعتقلتهم قوات حميدتي والسؤال يتردد: ماذا يفعل الضباط والجنود المصريون هناك؟

 

وتساءلت وكالة “رويترز” في 15 أبريل عن سبب وجود القوات المصرية في مروي، مؤكدة أنه ليس هناك تفسير واضح، لكن القوات المصرية والسودانية تجري بشكل دوري مناورات عسكرية مشتركة هناك في أعقاب التوترات مع إثيوبيا.

 

وعام 2021 جرت مناورات عسكرية بين الجيش السوداني والجيش المصري، اتخذت بعدها هذه القوة المصرية من مطار مروي، قاعدة عسكرية، بموافقة البرهان.

 

لكن مع توالي ظهور صور وفيديوهات الجنود والضباط المصريين المهينة من السودان، والحديث عن دور لها في الصراع الداخلي، اضطر الجيش المصري لإصدار بيان رسمي يوضح أنهم هناك لتدريبات عسكرية مشتركة، وجارٍ التنسيق لضمان سلامتهم.

 

وأظهر فيديو نشرته قوات الدعم السريع عددا من الرجال يرتدون زيا عسكريا وهم جالسون على الأرض ويتحدثون إلى أفراد من قوات الدعم السريع باللهجة المصرية العربية إلى جنود يرتدون زي قوات الدعم السريع.

 

وعقب نشر صور العسكريين المصريين وهم يعاملون بطريقة مهينة في السودان سعى “حميدتي” لتهدئة مصر بتأكيده لقناة “سكاي نيوز” في 15 أبريل، أن القوات المصرية الموجودة في مطار مروي “بأمان وغير محتجزة”، وتقديره لمصر.





ويشهد السودان، اشتباكات دموية بين الجيش، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية، بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهو ما يعتبره مراقبون صراعا على السلطة والنفوذ في بلد يأمل في العودة إلى الحكم المدني.

 

وحتى 27 أبريل الجاري، خلَّفت الاشتباكات 528 قتيلا و4 آلاف و599 جريحا، معظمهم مدنيون، بحسب وزارة الصحة السبت. وتجددت صباح السبت، اشتباكات في مناطق متفرقة بالعاصمة الخرطوم، رغم هدنة إنسانية معلنة مساء الخميس لمدة 72 ساعة، بناء على مساع أمريكية سعودية.