أكد الدكتور محمد جمال راشد، أستاذ الآثار والدراسات المتحفية المساعد أن المتحف المصري الكبير به سوء تخطيط، وسوء إدارة للمشروع وغياب المسئولية بالتدخل لمعالجات مثل مشاكل الخطيرة في تصميماته الإنشائية مقترحا وضرورة إشراك الخبراء المختصين وليس الاستناد لأهل الثقة دون الخبرة.

وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر سقوط الأمطار داخل البهو العظيم للمتحف الكبير وعلي تمثال الملك رمسيس الثاني بالبهو، في حين أن المتحف كان في طريقه للافتتاح عن قريب وصدر بيانًا رسميًا بهذا الشأن من وزارة السياحة والأثار بالرد الرسمي نقلًا عن المسئولين بالمتحف اللواء عاطف مفتاح مساعد رئيس الهيئة الهندسية والمشرف على المتحف الذي اعتبر سقوط الأمطار مدروسة ومخطط لها!..


وعبر منصته على فيسبوك Mohamed Gamal Rashed قال : "..التصميم الحالي المنفذ يفتقر للعديد من العناصر التي تساعد في تأديته للغرض الوظيفي المصمم له."

وأوضح أن ".. السقف الحالي الذي يسمح بدخلو الأمطار والأتربة خاصة وأن المتحف يقع في منطقة معروفة بكثرة العواصف الترابية والزحف الترابي من الصحراء الغربية. وقد أثبتت تجربة التشغيل خلال الأشهر الماضية الوضع المزري لأرضية البهو التي تتسخ يوميا بصورة سريعة جدا".
 

وأوضح أن المتحف من المتوقع أن يستقبل أكثر من 20.000 زائر يوميا يمرون مرتين علي الأقل بالبهو الكبير بإعتباره المدخل والمخرج الرئيسي للزوار، وارتباطها بكافة الخدمات اللوجستية للزوار. ومن المتوقع أن يكون بهذا البهو أكثر من 5.000 زائر علي مدار الساعة.
 

وعن كم الأتربة الناجمة عن الرياح التي ستعكر الأجواء بشدة لهم خاصة وأن لا يوجد ملجأ أخر للزوار سجل عدة ملاحظات خطيرة منها:

1. تضرر الزوار من الأتربة الناجمة عن الأجواء الخارجية بصفة يومية أو الأمطار المسومية.

2. الإتساخ المستمر للبهو بسبب الأتربة أو الأمطار مع حركة ألاف الزوار؛ صعوبة تنظيف البهو خلال ساعات عمل المتحف بالتأكيد.

3. انتقال الأوسخة والأتربة العالقة بأحذية الزوار لداخل صالات العرض بالمتحف فلنتخيل ثلاثون ألف حذاء متسخ يوما داخل المتحف.

4. التلوث البيئي الضار للأثار والزوار من عوادم السيارات علي تقاطع المريوطية والدائري الغربي وطريق مصر الإسكندرية.

5. تضرر الأثار الحجرية بالبهو علي المدي الزمني البعيد.

6. افتقاد البهو للصورة التي يسعي لرسمها عن عظمة المتحف والحضارة المقدمة داخل نتيجة للأسباب السابقة.

7. عدم قدرة البهو علي القيام بدوره لخدمة الزوار بفعالية كبيرة خاصة في حال الأحوال الجوية المتغيرة.
 

أين الخلل؟

ولكن.. هل أصل المشكلة في تنفيذ وتشيد سقف البهو أم في التصميم المعماري الأصلي؟!

أجاب أن "المشكلة ليست في عملية تنفيذ سقف البهو، فقد نفذ بالفعل وفقا للمخطط له؛ ولكن المشكلة في التصميم الأصلي والأعمال التطويرية له والتي لم تراعي أي من المعايير العالمية ولا الغرض الرئيسي الذي صمم لأجله وبالتالي سوف يفقد قيمته ودوره سريعا".
 

وحدد أن المسئولية مشتركة للعديد من المسئولين والمشاركين علي مدار سنوات عدة بداية من تطوير التصميم المعماري ووضع المخططات الإنشائية وصولا لمراحل التنفيذ الفعلي.
 

نتيجة واحدة
وخلص د.محمد إلى أنه تم " ..إهدار للمال العام، سوء تخطيط، سوء إدارة للمشروع عبر أكثر من عقدين من الزمن، غياب المسئولية بالتدخل لمعالجات مثل هذه المشاكل مبكرًا".
وأشار إلى أنه لن يوجه اللوم لأحد بخصوص المسئولية، وإن اعتبرها "..مسئولية جسيمة يجب علي القائمين علي الأمر حاليا التحرك حيالها بشكل جدي وشفاف وإشراك الخبراء المختصين وليس الاستناد لأهل الثقة دون الخبرة"، موضحا أن "هناك العديد من المشاكل الأخرى في التصميم المعماري والإنشائي للمتحف في مختلف قطاعاته".

الغرض من البهو
وكشف ضمن هذا الإطار أن كان هناك أخطاء فادحة في التصميم المعماري للمتحف المصري الكبير، فمن المسئول عن ذلك؟ علمًا بأن هناك إدارات عدة تعاقبت علي المتحف ما بين 2010 وحتي اليوم وهي الفترة التي بدأ فيها تطوير المخطط الأصلي للمبني، الموافقة عليه، ووضع موضع التنفيذ.
وتحدث عليما عن عمارة المتاحف اليت شهدت تطورًا ملحوظًا ارتبط بتطور المتاحف ودورها؛ موضحا أنه من بين عناصر البناء المعماري للمتاحف "مراعاة العوامل البيئية المؤثرة فيها" ضمن "هوية التصميم المعماري لأي مبني".

وأن التصميم هو مجموع العمليات والخطط التي يضعها المصمم من خدمات وعناصر لوجستية ووظفية مع وضع في الإعتبار "حساب الأبعاد للفراغات والحمولات المختلفة والمتغييرات البيئية كالرياح، الأمطار والثلوج، الفيضانات، إلخ، وتأثيرها علي القدرة الإنشائية للمبني وقيامه بوظيفته"، بحسب نقل مقتصب.


تصميم البهو
وقال "راشد" إن البهو الرئيسي عادة ما يحتوي علي منصات الاستعلامات والإرشادات للزوار، نقاط اتصال بمختلف أجنحة المتحف، دورات المياه، الأمانات. وفي بعض الحالات قد يعرض فيه بعض المقتنيات الرئيسية ضخمة الحجم للترحيب بالزائر. وقد يخلو من العروض المتحفية، ويكرس كاملًا لخدمات الزوار كما هو الحال في البهو العظيم بالمتحف البريطاني وصالة كوور بوجيه بمتحف اللوفر. فيما نجد البهو العظيم بمتحف المتروبولتان للفن، وقد عرض به تمثال ضخم لأحد الملوك المصريين القدماء؛ وفي المتحف المصري الكبير نجد تمثال بإرتفاع ثمانية عشر مترًا لرمسيس الثاني يستقبل الزوار في بهو تصل مساحته لأكثر من 5000م2. وفي متحف التاريخ الطبيعي بلندن، نجد الهيكل العظمي لديناصور، وهي نفس الصور المتوافرة في العديد من متاحف التاريخ الطبيعي.

واستدل أستاذ الأثار والدراسات المتحفية المساعد على رؤيته بنماذج البهو في "خدمة الزوار، وتهيئتهم بخلق بيئة مناسبة آمنة ومعزولة عن تقلبات الأجواء الخارجية. ويمكن في ذلك مقارنة تصاميم البهو الكبير في كل من المتحف البريطاني، متحف اللوفر، متحف المتروبولتان للفن، متحف التاريخ الطبيعي في نيويورك ولندن وواشنطن؛ وغيرها من مئات التصاميم لمتاحف كبري بحجم وأهدافه مشابهة للمتحف المصري الكبير".

وأوضح أن الفكرة التصميمية للبهو العظيم للمتحف المصري الكبير علي غرار بهو متحف اللوفر والبريطاني، المساحة الهائلة والسقف المرتفع الزجاجي الذي يسمح بوصول الضوء الطبيعي ويمثل مرحلة انتقالية ما بين البيئة الخارجية وصالات العرض الدائم"، وأنه رغم ذلك حدث الواقع الذي تابعه العالم.