أكد أكاديميون وخبراء أن أيادٍ خفية ولكنها واضحة وأهداف استراتيجية غير توفير الكهرباء لإثيوبيا وأبرزها بيع حصص المياه للدول الفقيرة مائيا ومحاصرة مصر ساسيا واقتصاديا من الجنوب، من خلال رغبتها في المزيد من المماطلة في ملف سد النهضة.

وأشاروا إلى أن عدم التوصل لاتفاق ملزم لسد النهضة، سيكون بمثابة سابقة قانونية تستند إليها إثيوبيا في بناء باقي السدود، فلديها خطة إنشاء 33 مشروعا على النيل الأزرق بينهم 3 سدود كبيرة تضاهي سعة سد النهضة.


فمن جانبه، قال الأكاديمي في القانون الدولي العام، الدكتور محمد محمود مهران، إن إثيوبيا تتهرب من التزاماتها التي يفرضها القانون الدولي، وذلك لكسب الوقت للانتهاء من الملء الرابع للسد، بفرض سياسة الأمر الواقع، وبدون اتفاق قانوني ملزم لكافة الأطراف بشأن مواعيد الملء والتشغيل.


وشدد في تصريحات صحفية على أن إثيوبيا تتعمد مخالفة كافة المواثيق والاتفاقات الدولية، وذلك منذ الإعلان عن إقامة السد وإلى أن أكملت مراحل الملء الثلاثة، ثم الإعلان عن استكمال الملء الرابع وكل ذلك باجراءات أحادية.


وأضاف أن التزام مصر بمائدة التفاوض لأكثر من 10 سنوات كان دون جدوى حتى الآن، لافتا إلى أن ذلك كان بالتزامن مع تعنت إثيوبي رافض لأي محاولة من شأنها حل القضية أو مجرد الجلوس والالتزام بالمواثيق الدولية التي تحمي الحقوق المائية لكل دولة والتي تضمن استقرار شعبها وتحقق لها قدرا كافيا من التنمية والبناء.

 

وأوضح أن النزاع القائم حول قضية سد النهضة، تحكمه الاتفاقية الاطارية للأمم المتحدة لعام 1997 بشأن الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية، والتي تنظم استخدامات المجاري المائية الدولية وتنميتها وحفظها وإدارتها وحمايتها، والعمل على تحقيق الانتفاع الأمثل والمستدام بها بالنسبة للأجيال الحالية والمقبلة، وتؤكد أهمية التعاون الدولي وحسن الجوار في هذا الميدان.


استقطاع مياه النيل

وبعد أن اعترفت خاريجة السيسي أن استمرار مفاوضات سد النهضة 10 سنوات دون نتائج دليل على تعنت إثيوبيا، واعترفت كذلك وزارة الرى أن "سد النهضة يمثل ضغطا على موارد المياه المصرية"، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أن هناك مشكلات مخالفة في الاتفاقيات بين مصر وإثيوبيا، بالتزامن مع اتجاه إثيوبيا للتخزين الرابع لسد النهضة، لاعتبار الجانب الإثيوبي أن النهر والأرض والأموال "حق إثيوبي".

 

وأوضح شراقي في تصريحات صحفية أن التخزين الرابع متوقع أن يكون في حدود 18 مليار، وهناك 17 مليار مخزنة، علاوة على تفريغها نحو 5 مليارات م3 من الـ17 المخزنة في الـ3 مراحل الماضية، لافتا إلى أن إيراد نهر النيل هذا العام سيتم تخزينه في إثيوبيا مما سيؤدي لارتباك في توزيع المياه لمصر والسودان.

 

وشدد على "معظم إيراد النيل سيتم استقطاعه من قبل إثيوبيا هذا العام، وهناك شواغل في مصر بشأن كميات المياه التي تحتجزها إثيوبيا".

 

ولم يطل شراقي في نسبة الخطأ إلى اتفاقية الخرطوم التي وقعها السيسي في 2015، بل دار حولها وقال: "القانون الدولي يقول بضرورة التشاور والتنسيق وعدم الضرر لأي من الأطراف، وإثيوبيا ومصر ليستا موقعتان عليه، لكن هناك اتفاقيات آخرها 2015 إعلان مبادئ سد النهضة بشأن تنظيم العمل في السد، وأديس أبابا لا تلتزم بالتشاور والإخطار المسبق وعدم الضرر بمصر والسودان".
 

نوايا خفية
ومن جانب مواز، قالت د. نجلاء مرعي خبيرة الشؤون الأفريقية، في تصريحات صحفية إن "ما تروّج له إثيوبيا بأن نهر النيل هو نهر خاص أو محلي مخالف للأعراف الدولية، لأن نهر النيل دولي، وليس داخلياً، يمكن أن تستغله لمصلحتها الحصرية".


وأضافت أن "إثيوبيا تستخدم المفاوضات كباب خلفي لتكريس حق مطلق لذاتها لتشييد مشروعات مستقبلية أخرى، وقد عبّرت عنه أديس أبابا في خطاب رسمي لوزير المياه الإثيوبي في 8 يناير 2021، جاء فيه أنه لا يوجد أي التزام على بلاده لتوقيع أي اتفاق مع أي دولة لتشييد السد أو أي مشروعات مستقبلية".

 

وأوضحت أن هناك "أهدافا استراتيجية لبناء سد النهضة، لا تنموية فقط كما يروج لها الجانب الإثيوبي، من بينها قضية بيع المياه، ومحاصرة الدولة المصرية سياسياً واستراتيجياً من الجنوب، فإثيوبيا تتعامل مع سد النهضة على أنه النواة التي ستجعل دولتهم فاعلة أو مهيمنة إقليمياً في حوض النيل".

 

ورأت أن "إعلان إثيوبيا عن الملء الرابع، بمثابة إعلان لحالة صراع بين دول حوض نهر النيل، وليس فقط مصر والسودان، لخطورة هذه الخطوة سياسياً، أكثر من الخطورة الاقتصادية أو التنموية، وانفرادها أيضاً بالإجراءات الأحادية هو أمر سلبي، حتى على المستوى الأخلاقي في محيطها الأفريقي، كما أنها لا تلتزم بإعلان المبادئ في 2015، وأفرغته من مضمونه، خاصة في مبدأ التعاون في ملء وإدارة السد".