أكدت ورقة بحثية أن غموضا يلف تحركات عبدالفتاح السيسي مؤخرا في شمال سيناء وتصريحاته المرتبطة بها ترتبط بعودة حزب الليكود اليميني المتطرف إلى صدارة المشهد السياسي في دولة الاحتلال وعودة بنيامين نتنياهو رئيسا لحكومة الاحتلال منذ نوفمبر 2022م، وارتباط ذلك بالتطبيع..

 

وأضافت ورقة بحثية بعنوان "تحركات السيسي الأخيرة في سيناء.. الدلالة والمغزى" التي نشرها موقع "الشارع السياسي" رصدت فارق ضخم في كلفة فاتورة التنمية المزعومة بين رقم السيسي ورقم رئيس الحكومة، (الذي مهدت زيارته وأسامة  عسكر في يناير الماضي لزيارة السيسي) واهتماما من جانب السيسي بسيناء بعد التحولات السياسية في المشهد السياسي داخل "إسرائيل"، واشتمت أن لذلك صلة بمخططات صفقة القرن..

 

وتحدثت الورقة ضمن ما أبرزت عن فروق ضخمة والهائلة بين تصريحات السيسي ومدبولي بشأن فاتورة التنمية في سيناء؛ فالسيسي  يدعي أن تكلفة التنمية تراوحت ما بين 40 و50 مليار دولار خلال السنوات الماضية، (1200 مليار جنيه مصري أو 1500 مليارا بسعر الدولار اليوم)، وأن رئيس الحكومة مصطفى مدبولي تحدث عن رقم مختلف كليا وذلك في نفس اليوم ونفس الاحتفال الاستعراضي، عن محاور التنمية في سيناء تحت عنوان "سيناء.. العبور الجديد"، وقال إن فاتورة التكلفة في سيناء منذ 2014 حتى 2023م بلغت (610 مليار جنيه)!

 

ومن أبرز ما نوهت إليه الورقة أيضا، "أنه يجري حاليا إنشاء طريق خاص للفلسطينيين من غزة إلى سيناء عبر منفذ رفح البري، وهذا الطريق مغلق بجدار إسمنتي، لا يمكن للمسافرين تجاوزه للوصول إلى المطار أو إكمال الطريق إلى قناة السويس ومنها إلى المحافظات المصرية غرب القناة".

 

ومطلع أبريل 2023، زار السيسي شرق القناة (أقصى غرب سيناء) وألتقى مجندين وضباطا في تحرك كان فيه رئيس الأركان أسامة عسكر، هو الثاني من نوعه بعد متابعته استعراض عسكري (26 فبراير 2023) لمعدات تابعة للجيش مصطفة تشارك في مشروعات تنمية سيناء تلفزيونيا ثم مداخلته مع كبار القادة المشرفين.

 

ونقلت الورقة أجزاء من تصريحات السيسي ومنها زعمه أن الدولة لم تنجح فقط في القضاء على الإرهاب بل نجحت أيضا في تحقيق التنمية: "إن التنمية فى سيناء تحققت بفضل الله والجيش والشرطة وأهالي سيناء بعد دحر الإرهاب، الذى كان يعيق التنمية وحياة المواطنين"!

 

 

وسجلت الورقة نحو خمسة ملاحظات على هذه التساؤلات الملحة:

 

الأولى:

أن الاستعراض بمعدات الجيش المشاركة في مشروعات سيناء جرى في إحدى الثكنات العسكرية التابعة للجيش الثاني في محافظة الإسماعيلية على بعد نحو (200) كم عن بؤرة التوتر في شمال سيناء..

 

 

الثانية:

الاستعراض لم يحظ برضا كثير من أهالي سيناء الذين تساورهم الكثير من الشكوك حول وعود السيسي وأجهزته بشأن هذه المشروعات التي لا يستفيد منها السيناوية شيئا، فالسيسي وعد في مداخلته بالعمل من أجل تحسين البيئة الأمنية وضرورة عودة انتشار الشرطة بكثافة، وتحسين خدمات التعليم والصحة، رابطاً غياب إنشاء مشاريع لخدمة أهالي بالمنطقة بـ"وجود الإرهاب" فيها.

 

الثالثة:

كرم السيسي والجيش عدد من أبناء سيناء، العاملين في القطاعات الحكومية المختلفة، إضافة إلى تكريم أصحاب شركات اقتصادية عملت تحت مظلة الهيئة الهندسية لتنفيذ مشروعات سيناء خلال الأعوام الماضية، واستثنى مشايخ أو قادة أو أفراد المجموعات القبلية المساندة للجيش، من التكريم، واستثنى ثانيا عوائل قتلى المجموعات أو المصابين منهم..

 

 

الرابعة:

ونقلت في هذه الملاحظة امتعاض أحد متحدثي المشايخ من هذه الاستثناء لاتحاد قبائل سيناء: "توقعنا برنامجاً مغايراً لهذه الاحتفالية، بأن يتم تقديم أبناء سيناء في واجهة الاحتفال، وتكريم المشاركين منهم، وكذلك توجيه دعم معنوي ومادي ذي قيمة لعوائل شهداء سيناء الذين قدّموا أرواحهم على طريق تحريرها من تنظيم داعش".

 

وأضاف "شعرنا وكأننا في ندوة اقتصادية يتصدّرها رجال الأعمال والقيادات الحكومية والعسكرية، بينما جلس عشرات المشايخ من أبناء قبائل سيناء في مؤخرة الصفوف، من دون إعطائهم أي فرصة للحديث عن هموم ومشاكل المواطنين في المحافظة، وهذا تجاهل ما كان ينبغي أن يتم، فإن كان أبناء سيناء لم يحصلوا على فرصة للحديث بعد الإنجاز العظيم الذي حققوه، فمتى سيحصلون على تلك الفرصة؟!"، بحسب ما نقلت الورقة.

 

 

الخامسة:

تساءلت الورقة عن استخدام عبدالفتاح السيسي لغة غير مؤكدة (أرقام) وهو المسئول الأول في الدولة؛ أليست لديه الأرقام الحقيقية والفعلية لكلفة التنمية؟ فلماذا لم يذكرها بشكل صحيح ودقيق كرجل دولة؟! ولماذا هناك فارق نحو (300 مليار جنيه في كلامه)؟! مضيفة أن الأهرام وصحف النظام وفضائياته استعرضت التصريحات رقم التناقض الكلي.

 

 

وزاد تعجب معد الورقة من أنه رغم الفاتورة الباهظة يصرح السيسي أن سيناء لم تشهد تنمية كبيرة! معللا ذلك بأن حجم التكلفة لعمل بنية أساسية فى مساحتها البالغة 60 ألف كيلو متر مربع كشبكات الطرق ومحطات الكهرباء وغيرها مرتفعة جدا، مما أعاق التنمية فيها خلال تلك الفترة"!.

 

 

السادسة:

أن الكثيرين من أهالي سيناء لا يعرفون حقيقة الدوافع وراء توسيع ميناء العريش ومطاري العريش والبردويل والمحاور الرئيسية وكذلك محطات الكهرباء والماء، والأنفاق الخمسة أسفل قناة السويس، لا سيما في ظل استمرار الظروف الحياتية الصعبة التي تهيمن على أوضاع المواطنين في سيناء، على كافة الأصعدة ، والتي تم تنفيذ مشاريع تخصها، إلا أنها ما زالت مغلقة في وجه أبناء سيناء.

 

وقالت إن السمة التي غلبت على الاحتفالية إلى أن المشاريع في غالبيتها ستكون تجارية واقتصادية واستراتيجية تخدم منظومة الاقتصاد الحكومية والتابعة للقوات المسلحة فقط..

 

السابعة:

أن بعض أهالي سيناء ينظرون إلى هذه المشروعات بوصفها ترجمة حرفية لبنود "صفقة القرن" التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب؛ قبل سنوات.

 

وحسب أبو ياسر السواركة؛ فإن أهالي سيناء لم يستفيدوا من هذه المشروعات شيئا مضيفا أن "إمكانية استفادة الفلسطينيين من المشاريع تبدو أكثر واقعية من استفادة المصريين أنفسهم".

 

ورأى السواركة (شيخ من سيناء) أن المشروعات تشكل جزءاً أساسياً من الحديث عن حالة التطبيع الاقتصادي القائمة مع الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة..

 

وربطت الورقة حديث الشيخ مع ما قاله الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي زياد النخالة نقلاً عن مسؤولين مِصريين التقاهم في 2021 أثناء زيارته للقاهرة، أن القيادة المصرية تريد تحويل قطاع غزة إلى “دبي ثانية”، من جاتب "تسهيلات لأبنائه (قطاع غزة) بما في ذلك حرية السفر، ووقف إجراءات التفتيش المهينة على الحواجز الأمنية المصرية في معبر رفح وفي سيناء، علاوةً على المطارات المصرية، وإقامة مدينة ترفيهية ضخمة قبالة مدينة رفح على حدود القطاع مع سيناء، بلا تصاريح أو إجراءات دخول، وتحتوي على فنادق خمس نجوم، وملاه ودور سينما ومنشآت ترفيهية أخرى".