أشار موقع "ميدل إيست آي" البريطاني والمختص بشؤون الشرق الأوسط، إلى أن الصين والسعودية يقتربان بشكل متزايد، لكن يبدو أن الهدف هو تعميق العلاقات الاقتصادية في الوقت الحالي.

وذكر في مقال كتبه "إليس جيفوري" أن قرار السعودية الانضمام إلى منظمة شنجهاي للتعاون التي تقودها الصين كشريك في الحوار، يوم الثلاثاء، تلقى ترحيبًا حارًا باعتباره تطورًا مهمًا لنفوذ بكين المتزايد في المنطقة.

وقال الموقع: "وتم تأطير القرار على أنه مدفوع بالاقتصاد، لكن الآثار الجيوسياسية للصفقة واضحة تمامًا".

 

مفاجأة الصفقة السعودية الإيرانية

بالإضافة إلى احتفاظ السعودية بمكانتها الأولى كأكبر مصدر للنفط إلى الصين في عام 2022، ساعدت بكين أيضًا في التوسط في تحسين العلاقات بين الرياض وطهران في مارس.

ويبدو أن الصفقة السعودية الإيرانية، التي فاجأت العديد من المحللين الإقليميين، تؤكد فقط على نفوذ الصين المتنامي في المنطقة وقدرتها على تشكيل والتوسط بين الخصوم.

وقالت المحللة السياسية السعودية "نجاح العتيبي" لموقع ميدل إيست آي: "الرياض تدرك أن اختيار علاقة مع طرف على حساب الآخر سيكون له تكلفة باهظة".

 وأضافت: "السعودية حريصة على تطوير علاقتها مع الصين، أكبر شريك تجاري لها، مع الحفاظ على العلاقات مع شريكتها الأمنية، الولايات المتحدة".

منظمة شنجهاي للتعاون هي اتحاد سياسي وأمني لدول تمتد عبر معظم دول أوراسيا، بما في ذلك الصين والهند وروسيا، وهي مصممة لتكون بمثابة ثقل موازن للنفوذ الغربي في آسيا.

وتقدمت إيران بطلب للحصول على عضوية منظمة شنجهاي للتعاون في عام 2008 وهي واحدة من أربع دول مراقبة في المنظمة.

 كما وقعت الصين اتفاقية شراكة إستراتيجية مدتها 25 عامًا مع إيران العام الماضي في محاولة لتعميق وتوسيع العلاقات الثنائية بين البلدين.

وتابعت العتيبي: "مع بروز الصين كقوة دولية صاعدة، لا تريد الرياض أن تقتصر علاقات الصين في المنطقة على العلاقات الإستراتيجية مع إيران فقط. والسعودية تهدف إلى تعزيز الثقل الخليجي والعربي في دائرة علاقات الصين مع المنطقة".

وعقب الاتفاق مع السعودية، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية "ماو نينج": "نحن على استعداد لتعزيز التعاون مع الجانب السعودي في إطار منظمة شنغهاي للتعاون لتقديم إسهامات أكبر للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين وتعزيز التنمية المشتركة".

من جانبها، فإن الرياض في خضم برنامج إصلاح طموح يسمى رؤية 2030، وهو ركيزة أساسية في حملة ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" لتحديث المملكة.

وأوضحت العتيبي، أن "العلاقة مع الصين توفر العديد من الفرص الاقتصادية التي تخدم توجهات ولي العهد السعودي الأمير الذي يسعى لتنويع اقتصاد المملكة وجذب استثمارات أجنبية كبيرة في مجالات البنية التحتية والتصنيع والتكنولوجيا".

 

منطقة ما بعد أمريكا

وأوضح "ميدل إيست آي": "يُعتقد أيضًا أن الحكومة الصينية تتطلع بشكل متزايد إلى إرساء أسس نظام ما بعد أمريكي، وعلى نطاق أوسع ما بعد غربي، في المنطقة، وهي إستراتيجية يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها طلقة إنذار في عقيدة كارتر الأمريكية، التي تعتبر إيران مجال نفوذها الحصري".

وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة "جولف ستيت أناليتيكس" للاستشارات "جورجيو كافيرو": "على مدى سنوات عديدة، تعمقت علاقة السعودية بالصين في سياق بيئة متعددة الأقطاب".

وأضاف في حديثه لموقع ميدل إيست آي: "من الصعب المبالغة في أهمية بكين في قرار سياسة الرياض الخارجية"، مضيفًا أن "السعودية لا تزال على بعد سنوات من أن تصبح عضوًا كامل العضوية في منظمة شنجهاي للتعاون".

وأوضح "كافييرو"، أنه في حين لا ينبغي المبالغة في سلطة وتأثير منظمة شنغهاي للتعاون وأن الصين ليست مستعدة لاستبدال دور أمريكا الأمني في المنطقة، فإن الصين تتطلع إلى إبراز نفسها كمحكم أمني.

وتابع "كافييرو": "لا توجد طريقة يمكن من خلالها مقارنة منظمة شنجهاي للتعاون بحلف شمال الأطلسي. إنه ليس تحالفًا عسكريًا. بل هو اتحاد اقتصادي سياسي".

ولفت "ميدل ايست آي" إلى أنه مع اشتداد التنافس بين الولايات المتحدة والصين، يبدو أن العلاقات الاقتصادية المتنامية بين المنطقة وبكين هي العامل الذي يعمل على تليين العلاقات الآخذة في الاتساع.

وأضاف "كافييرو": "السعودية ترى علاقتها مع الصين في غاية الأهمية لمستقبل المملكة".

وأكد أن "السعودية تحاول أن يكون لديها المزيد من السياسة الخارجية غير المنحازة ذات العلاقات الجيدة مع الدول الغربية وكذلك الدول الشرقية".

لمطالعة الموضوع من مصدره ( اضغط هنا ).