قبل إعلان قرارات لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، التي عقدت اجتماعها اليوم الخميس ولم يتم إعلان نتائجه حتى كتابة هذه السطور، لرفع أسعار الفائدة بما يتراوح بين 200 إلى 300 نقطة أساس في إطار مواجهة الارتفاعات المستمرة في أسعار جميع السلع والخدمات.

ورجحت إدارة البحوث بشركة "إتش سي" للأوراق المالية والاستثمار مواصلة لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي سيادة التشديد ورفع لجنة السياسات النقدية سعر الفائدة 200 نقطة أساس في اجتماعها المقرر عقده، الخميس 30 مارس الجاري، وذلك بهدف السيطرة على معدلات التضخم المتزايدة.

وقالت هبة منير محللة الاقتصاد الكلي بالشركة إنها تتوقع استمرار معدلات التضخم في الارتفاع لتبلغ ذروتها عند 35.9% بحلول يوليو المقبل، قبل أن تتراجع تدريجًا إلى 30.3% بحلول ديسمبر المقبل، وفقًا لـ"إندبندنت".

وتوقعت أن تعكس أرقام التضخم لشهر مارس والأشهر المقبلة التالية زيادة أسعار البنزين بنسب تتراوح بين سبعة إلى 11% في أوائل مارس، وزيادة أسعار زيت الوقود الثقيل (المازوت) بنسبة 20% لجميع الصناعات باستثناء قطاعي الأغذية وتوليد الكهرباء، إضافة إلى الزيادة المتوقعة في الكهرباء المنزلية اعتبارًا من أول يوليو.

 

الدولار والسوق السوداء

وأظهر استطلاع أجرته رويترز يوم الاثنين الماضي أن من المتوقع أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة لليلة واحدة 200 نقطة أساس يوم الخميس في الوقت الذي يكافح فيه للسيطرة على التضخم المتصاعد.

وبحسب متوسط التوقعات في الاستطلاع الذي شمل 15 محللًا، سيرفع البنك سعر الفائدة على الإيداع إلى 18.25% وعلى الإقراض إلى 19.25% خلال الاجتماع الدوري للجنة السياسة النقدية بالبنك، وتوقع 7 من المحللين زيادة قدرها 300 نقطة أساس.

وخلال اجتماعه الماضي في الثاني من فبراير، أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير على الرغم من توقعات المحللين بزيادة قدرها 150 نقطة أساس، قائلًا إن الزيادات الحادة في أسعار الفائدة التي فرضها على مدى العام السابق من شأنها أن تساعد في ترويض التضخم الذي بلغ في ديسمبر 21.3%، في أعلى مستوى منذ خمس سنوات.

ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بما بلغ إجمالًا 800 نقطة أساس منذ أن غزت روسيا أوكرانيا في أوائل 2022.

وخفضت مصر قيمة عملتها بشكل حاد ثلاث مرات منذ أن كشف الغزو الروسي لأوكرانيا عن نقاط الضعف في ماليتها العامة.

ولكن مع كل تخفيض لقيمة العملة، كان البنك المركزي يسعى بعد ذلك إلى الحفاظ على استقرار الجنيه، غير أنه سرعان ما تتجاوز السوق السوداء والعقود الآجلة غير القابلة للتسليم السعر الجديد.

 

ضعف العملة وارتفاع التضخم

وقال جيرجي يورموشي من بنك سوسيتيه جنرال إنه مع تجاوز سعر الجنيه في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لمدة 12 شهرًا 40 للدولار، فإن تخفيض قيمة الجنيه على نطاق واسع مسألة وقت.

وأضاف يورموشي "لا يوجد وقت مثل الوقت الحالي لمواءمة أسعار الصرف مع الأساسيات"، مضيفًا أن إعلان السياسة في 30 مارس هو "أحد أكثر الأحداث المتوقعة في منطقة" أفريقيا، وفقًا لـ"investing".

كما أن ضعف العملة وارتفاع التضخم، الذي بلغ أعلى مستوى في خمسة أعوام ونصف العام في فبراير عند 31.9%، زادا من الضغط على البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة حتى لو زاد ذلك تكاليف خدمة الديون الحكومية المتصاعدة.

ومن بين ديون مصر الخارجية الكبيرة، هناك 3.5 مليار دولار من المدفوعات لبرامج صندوق النقد الدولي السابقة التي تستحق بحلول نهاية هذا العام.

وتظهر السوق السوداء استمرار نقص العملة الصعبة الذي تعاني منه مصر منذ ما يزيد على عام.

 

4 إجراءات مؤلمة

وقال فاروق سوسة من جولدمان ساكس "الطلب على النقد الأجنبي مستمر في تجاوز المعروض مما يوفر الظروف لنمو السوق الموازية".

وأضاف "تقلصت خيارات مصر إلى خيار بسيط: إما تحسين وضع المعروض من النقد الأجنبي من خلال مبيعات الأصول والإصلاحات، أو خفض الطلب على العملة الصعبة عبر مزيد من الإجراءات المؤلمة".

وأضاف سوسة أن مثل هذه الإجراءات ستشمل على الأرجح:

- مزيدًا من خفض قيمة الجنيه.

- ورفع أسعار الفائدة.

- وستؤدي إلى زيادة التضخم.

- وخفض مستوى معيشة المواطن المصري العادي.

 

تعهد لم يتحقق

سعت مصر إلى تجنب تلك الإجراءات عندما أعلنت عن خطة طموح لبيع الأصول الحكومية قبل عام.

ومع ذلك، توقف البرنامج مع عدم وجود مبيعات كبيرة منذ أن اتفقت مصر على حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر. وفي إطار هذا الاتفاق، تعهدت القاهرة أيضًا "بتحول دائم إلى سعر صرف مرن" لم يتحقق بعد.

ويقول محللون إن ضعف العملة وتعويمها سيقلل من استنزاف الدولار عن طريق عدم الإقبال على الواردات مع زيادة التحويلات الدولارية من المصريين العاملين في الخارج وتنشيط السياحة.

ويقول مصرفيون إن المصريين في الخارج يخشون في الوقت الحالي من اتجاه الجنيه إلى مزيد من الضعف، لذلك فهم إما يحتفظون بما يجنونه أو يستخدمون تجار السوق السوداء لإرسال الأموال إلى مصر.

في غضون ذلك، ابتعد المستثمرون عن سندات الخزانة المصرية وسندات الخزانة المصرية بالعملات الأجنبية (يوروبوندز)، مما جعل النقد الأجنبي لدى الحكومة المصرية شحيحًا مع تراكم واردات بمليارات الدولارات في الموانئ بسبب نقص العملة الأجنبية لتخليصها.

ويقول مصرفيون إن العملات الأجنبية جفّت تمامًا في سوق ما بين البنوك (الإنتربنك) مع اضطرار معظم المصارف إلى الاعتماد على مشتريات العملاء بالجنيه أو على تحويلات المصريين العاملين في الخارج.

وقالت مونيكا مالك من بنك أبوظبي التجاري "من المتوقع على نطاق واسع تخفيض قيمة العملة مرة أخرى، لكن ذلك في حد ذاته لن يجلب على الأرجح تدفقات رأس المال التي تشتد الحاجة إليها".

وأضافت "يجب أن تكون هناك علامات ذات مغزى على المضي في الإصلاح للمساعدة في بدء إعادة بناء ثقة المستثمرين، ومنها أن يكون الجنيه مرنًا حقًا والسياسة النقدية وبرنامج الخصخصة أكثر تشددًا".

معبرة عن اعتقادها بأن سعر الجنيه سيستقر حينها بين 36 و38 مقابل الدولار بعد أن يتجاوز ذلك المستوى في البداية.