على الرغم من بدورها استنكار هيئة الأوقاف الأردنية (المشرف على الشؤون الدينية داخل المسجد الأقصى) اعتداءات الاحتلال على المعتكفين في الأقصى بل ودعت إلى شد الرحال إليه، بعدما أعلن بيان للإحتلال مساء الأحد أن إخراج المعتكفين بالقوة من المسجد الأقصى كان بالتنسيق مع هيئة الأوقاف الأردنية!

حمل الباحث المقدسي زياد إبحيص في مقال نشره "المركز الفلسطيني للإعلام" بعنوان "طرد المعتكفين من المسجد الأقصى بالتنسيق مع الأوقاف: ادعاء أم تظهير لتفاهمات سرية؟"، مشيرا إلى بيان لشرطة الاحتلال الصهيوني يتحدث عن "اتفاق مع الأوقاف في رمضان، بينما تولى موظفون من الأوقاف التفاوض مع المعتكفين لإخراجهم معتبرين الاعتكاف “تهلكة”، فيما تتجنب الأوقاف والحكومة الأردنية أي تعليق على الاعتكاف وحتى الاعتداء على المعتكفين، وهذا يعزز الشكوك بأن هناك اتفاقاً فعلياً على منع الاعتكاف وليس ادعاءً تدعيه شرطة الاحتلال فحسب".

ولفت البيان إلى تناول بيان شرطة الاحتلال بأنه "تم تجهيز المساجد خارج منطقة الحرم القدسي للمبيت"، وهو نفس فحوى كلام حارس الأوقاف المعتكفات بالأمس، ونفس توجيه الأوقاف علناً على سماعات المسجد الأقصى للمعتكفين ليلة التاسع من رمضان الماضي؛ فهل هذه مجرد مصادفة بريئة؟ أم دليل فعلي على وجود تفاهمات سرية مع شرطة الاحتلال على منع الاعتكاف في الأقصى حتى العشر الأواخر؟

وتساءل ابحيص (أحد أبناء مدينة القدس)، محذرا من أنه "إذا ما علمنا أن العدوان الذي يبيته الاحتلال على الأقصى في الفصح العبري سيأتي في الأسبوع الثالث من رمضان، فإن تأجيل الاعتكاف حتى العشر الأواخر يضمن تمرير العدوان دون وجود حشد بشري من المرابطين مقابله، وهنا يمسي التفاهم لا ينحصر بالاعتكاف، بل يتعداه لتمرير العدوان الصهيوني على الأقصى وتفويت فرصة مواجهته، وهذا يفرض سؤالاً أخطر: هل ما زالت الأوقاف تدير الأقصى كمقدس إسلامي ائتمنت عليه، أم تمكن المحتل من جرها لتصبح إدارة وسيطة تنفذ إرادته؟".

وكانت شرطة الاحتلال أصدرت بياناً بعد عدوانها على المسجد الأقصى وطرد المعتكفين منه بالقوة، لمحاولة تبرئة ساحتها، تزعم فيه أن هناك اتفاقاً مبرماً مع الأوقاف معتبرةً الاعتكاف “يتناقض تماماً مع الاتفاق مع إدارة الأوقاف في رمضان”!!

وطرحت شرطة الاحتلال نفسها باعتبارها هي من تدير المسجد الأقصى بلا منازع، وأنها “حريصة على السماح للمسلمين بحرية العبادة الكاملة خلال رمضان” ما يعني أنها هي مَن تقرر، وأن هناك أوقاتاً لا يسمح فيها للمسلمين بحرية العبادة..

واعتبر "ابحيص" أن ذلك إعلان صهيوني رسمي لأول مرة بأنها تتبنى تقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود كهدف مركزي لطالما كانت تحاول إخفاءه وتجنب الإفصاح عنه!


عكرمة صبري

وكشف شيخ الأقصى د. عكرمة صبري أن "الاحتلال بدأ حملته المسعورة على المسجد الأقصى، ويحارب عبادة الله فيه ويفرغه من المصلين المعتكفين".

وأضاف متساءلا: لماذا يحاول الاحتلال تفريغ الأقصى من المرابطين، موضحا أن وهو رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس المرابطين منعوا الاحتلال الوصول لما يخطط له تجاه المسجد الأقصى لاستباحته من المستوطنين.

وشارك الشيح صبري الباحث أبحيص تخوفاته من أن الاحتلال يهدف إلى التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، مشددًا على أن “ما يحاول الاحتلال تحقيقه في المسجد لن يكون بإذن الله”.

ولفت إلى أن المستوطنين لا يجرؤون على اقتحامات الأقصى إلا بحماية قوات الاحتلال، وهذا يدلل على أن حكومة الاحتلال تتحمل المسؤولية.


مفتي فلسطين

بدوره، أدان الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الأحد، قيام سلطات الاحتلال باقتحام المسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين المعتكفين داخله بالضرب، وإخراجهم بالقوة.

وقال الشيخ حسين، في بيان صحفي، أن سلطات الاحتلال تشدد من إجراءاتها القمعية على مداخل المسجد الأقصى المبارك وأبوابه، وتمنع المصلين من دخوله، وتحتجزهم لفترات طويلة، واصفا الاعتداء بالخطير جدا، حيث إن إخراج المعتكفين هو اعتداء على مشاعر المسلمين وعقيدتهم، وسلطات الاحتلال بهذا الاعتداء تسير قدما في تأجيج المصلين بهدف تحقيق مصالح مجموعات المستوطنين المتطرفين التي تسعى إلى حرب دينية في المنطقة.

 

وندّد بالتهديدات التي أطلقتها ما تسمى بـ"جماعات الهيكل المزعوم" حول نيتها اقتحام المسجد الأقصى المبارك، خلال شهر رمضان المبارك، وتحديدا في السادس من الشهر المقبل، بذريعة الأعياد اليهودية، مؤكدا أن المسجد الأقصى المبارك، سيكون سدا منيعا في وجه كل من تسول له نفسه تدنيس ساحاته وأروقته.

 

ودعا الأمتين العربية والإسلامية، والمجتمع الدولي بمؤسساته كافة، إلى وقفة حقيقية لرد هذا العدوان الآثم على المسجد الأقصى، محذرا من التداعيات الخطيرة على المنطقة بأسرها جراء هذا الصمت على هذه الأفعال، التي تنتهك الشرائع السماوية والأعراف والمواثيق الدولية كافة، والتي تعتبر الأماكن المقدسة، الإسلامية والمسيحية، جزءا أصيلا من القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، مجددا دعوته لشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك لنصرته، والذود عنه في ظل هذا الاستهداف الخطير والممنهج.



مفتي سلطنة عمان

ومن جانب مواز، كان مفتي سلطنة عمان ونائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، دعا إلى دعم الشعب الفلسطيني حتى "يظل صامدًا" في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وذلك تزامنًا مع دخول شهر رمضان المبارك.

وقال الخليلي عبر حسابه الرسمي في تويتر، الجمعة، إن “شهر رمضان المبارك موسم رابح للأعمال الصالحة”، وحث على المسارعة في الخيرات خلال الشهر الكريم.

وأضاف مفتي عمان أن أفضل البر وأبر الإحسان هو “إمداد الشعب الفلسطيني المجاهد بما يحتاج إليه من عون مادي ليظل صامدًا في وجه الاحتلال”.

وتابع الشيخ الخليلي في التغريدة التي لاقت رواجًا واسعًا عبر مواقع التواصل “رمضان موسم رابح للأعمال الصالحة، فالحسنة تضاعَف فيه أضعافًا كثيرة".

 

شهر رمضان المبارك موسم رابح للأعمال الصالحة، فينبغي لكل من أراد الخير لنفسه وقد آتاه الله من فضله أن يسارع إلى الخيرات في هذا الشهر، ومن أفضل البر وأبر الإحسان إمداد الشعب الفلسطيني المجاهد بما يحتاج إليه من عون مادي ليظل صامدا في وجه الاحتلال.

وحيّا الفلسطينيين المرابطين في المسجد الأقصى، وقال “إننا وبكل فخر نحيّي إخوتنا المرابطين في الأرض المقدسة ومسجدها المبارك على وقفتهم النبيلة في وجه من يحاول تدنيسه من أعداء الله المفسدين".

 

اقتحامات الأحد

واقتحمت مجموعات كبيرة من المستوطنين، صباح اليوم الأحد، باحات المسجد الأقصى المبارك، بحماية مشددة من قوات الاحتلال، عقب إخلال المعتكفين منه بالقوة الليلة.

وقامت قوات الاحتلال فجر اليوم بإفراغ ساحات المسجد الأقصى من المصلين، لتأمين اقتحامات المستوطنين، وأخرجت الشبان من ساحات المسجد تزامنًا مع الاقتحامات.

وشددت من إجراءاتها في القدس القديمة وعند أبواب المسجد الأقصى، واحتجزت بطاقات هويات الشبان الذين يدخلون لأداء الصلاة لإجبارهم على الخروج من المسجد في أعقاب الصلاة.

ورغم تضييقات الاحتلال، توافد مئات المقدسيين وفلسطينيي الداخل الفلسطيني المحتل، لأداء صلاة فجر الرابع من رمضان في المسجد الأقصى المبارك.

وصدح المرابطون بالتكبيرات في الأقصى لمواجهة اقتحام المستوطنين، الذي تزامن معه تحليق طائرات تصوير مسيرة تابعة للاحتلال في سماء الأقصى.

وكانت قوات الاحتلال اقتحمت المصلى القبلي في المسجد الأقصى المبارك في وقت متأخر من ليلة أمس، وأفرغته من المعتكفين والمعتكفات داخله، قبل أن تعتقل عدداً منهم.