قال وزير المياه والري بحكومة السيسي د.هاني سويلم، إن استمرار التحركات الأحادية من جانب إثيوبيا فيما يتعلق بقضية "سد النهضة" يشكل خطرا وجوديا على 150 مليون مواطن.


وترجم "سويلم" الأضرار الكبيرة على مصر في جلسة "الحوار التفاعلى.. المياه والتعاون"، ضمن فعاليات "مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة منتصف المدة" بنيويورك، بعدة أرقام أولها: فقدان 15% من رقعتها الزراعية، وثانيا: تبوير 1.5 مليون فدان من الارض الزراعية، وثالثا: جفاف طويل الأمد، يجبر أكثر من 1.10 مليون شخص على ترك عملهم، بحسب "الوزير".


وخلص "وزير الري" إلى أن "سد النهضة يسبب أضراراً كبيرة في مصر.. الإجراءات الأحادية يمكن أن يكون لها تأثير كارثى"، بالتوازي أعلن مجلس منسقية مشروع سد النهضة في إثيوبيا؛ إكتمال 90% من بناء السد رغم "كل التحديات والضغوط الدبلوماسية"، بحسب زعمه.


وأمام إنشغال عبدالفتاح السيسي بأكبر نهر صناعى فى العالم فى الصحراء، والرد الاثيوبي المتجاهل للقلق الانقلابي قال د. أسامة رشدي العضو السابق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان إن "وزير الري بتاع السيسي بيولول في الامم_المتحدة عن اخطار سد_النهضة اللي رئيسه وقع على شرعيته على بياض وتنازل بذلك عن حقوقنا التاريخية والقانونية ومستقبل البلاد التي ستتغير بالكلية بعد ان تكتمل سدود اثيوبيا".


وأضاف عبر @OsamaRushdi ، "ضيعتم النيل ياعجزة يا من تستأسدون فقط على الشعب".


وكتب الناشط مصطفى عثمان @mostafatwits ، "النيل ضاع باعتراف الخونة و يغعلون المستحيل لاي حل ليس من اجل #مصر ولا من اجل المغيبين في الشيشة واحذية اللاعبين لكن من اجل انقاذ انفسهم ".


اتفاق التنازل

وتزامن فزع "وزارة الري" في مصر وعدم الاعتبار من إثيوبيا مع ذكرى توقيع عبدالفتاح السيسي اتفاق في الخرطوم بعنوان "اتفاق المبادئ" في 2015 تناول فيه عن حقوق مصر في مياه النيل..

وكتب الباحث الأكاديمي د. عادل دوبان عن هذه الذكرى وقال: ".. مرت ثمانية سنوات منذ التوقيع على إتفاق المبادىء حول سد النهضة فى الثالث والعشرين من مارس عام 2015، والذى تم بالخرطوم ببن أطراف الإتفاق الثلاثة؛ مصر وإثيوبيا والسودان".

وأشار عبر "تويتر" إلى ما كتبه قبل ثمانية سنوات متساءلا إتفاق المبادىء يحقق مصلحة من؟! وعلق "ذكرت فيه أن إتفاق المبادىء والذى لم تكن نشرت بعد تفاصيل بنوده العشرة، لا يحقق مصالح مصر ولا يضمن حصة مصر فى مياه النيل ويضيع الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل.".

وعبر @AdelDouban، تابع: "تحقق ما توقعته، فبعد أن كانت الدول المانحة لإثيوبيا؛ أوروبا والصين، توقفت عن تمويل السد، عادت بعد توقيع مصر والسودان لتمويل إثيوبيا، وأصبح الإتفاق تصريحا وموافقة ضمنية من أطرافه؛ مصر والسودان، على بناء السد وتمويله.".

وأكمل "منذ ذلك الحين عقدت عشرات الاجتماعات ودارت جلسات المفاوضات وقدمت العديد من المقترحات، لالزام إثيوبيا بالتوقيع على إتفاق ملزم لإدارة وتشغيل السد، فشلت كلها على صخرة الصلف والتعنت والغرور الإثيوبي".

وعن تخاذل الموقف المصري، أردف "وكان الموقف الأثيوبى المتعنت يقابله للأسف، تخبط وتراجع فى المواقف السودانية، ورعونة وعدم وضوح من الجانب المصرى.. ووصلت المفاوضات لطريق مسدود، نجحت فيه إثيوبيا بعد سنوات من التسويف وتضييع الوقت لقرب اكتمال إنشاءات السد والسد المساعد، وتم ملء الخزان خلال ثلاثة سنوات متتالية، وهى الأن تستعد للانتهاء من تركيب ورفع المقطع الأوسط قبيل الملء الرابع".

وأوضح أن إثيوبيا رفضت ".. إمداد دولتى المصب ببيانات تفصيلية عن السد ومخططات البناء وجداول احتجاز المياه، أو حتى ما تم الإتفاق عليه بإجراء دراسات معمقة حول سلامة السد وتأثيره البيئى والبشرى والاقتصادى، بحجج واهية عن سيادة إثيوبيا على أراضيها.".

وعن الموقف الاثيوبي، "كل ذلك وإثيوبيا ماضية فى مخططها غير عابئة ببيان مجلس الأمن أو تدخلات القوى الكبرى والمفاوضات التى رعتها الولايات المتحدة فى عهد ترامب للتوصول إلى إتفاق افشلتها إثيوبيا، أو حتى المحاولات الخجولة للإتحاد الإفريقي للتقريب بين مواقف الأطراف الثلاثة".


وكتب "الأن، وبعد ثمانية سنوات منذ التوقيع على إتفاق المبادىء، على مصر الإنسحاب من الإتفاق وإعلان رفض المسلك الإثيوبي، والعودة مرة أخرى بشكوى للأمم المتحدة تحت البند السابع لما يحققه بناء إثيوبيا للسد  من أضرار شديدة مؤكدة وأخرى محتملة على دولتى المصب".


ضرب السد

وقال "دوبان ": "علينا قبل بدء الملء الرابع، الاستعداد الجاد لضرب السد المساعد (سد السرج الركامى) لمنع الوصول للسعة التخزينية إلى 74 مليار متر مكعب التى ترغبها إثيوبيا، والاكتفاء بتخزين 20 مليار متر مكعب أمام السد الرئيسي(الخرسانى) والذى يحقق لإثيوبيا توليد الطاقة الكهربائية المطلوبة".

 


مؤتمر الأمم المتحدة

وبعدما نشرت مواقع وصحف محلية عنوان خادعة على غرار "السيسي حلها" في إشارة لمسألة سد النهضة، قال هاني سويلم بعد 8 سنوات إن "سد النهضة الإثيوبي، الذي بدأ بناؤه من جانب واحد في غياب دراسات الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي المطلوبة، يضر بمصر ويسبب ضرراً لا يُحصى للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.


ولفت "سويلم" إلى أن مصر تعتمد "بشكل حصري تقريباً على المياه المشتركة والمتمثلة فى مياه نهر النيل، حيث تسعى مصر دائماً لتعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف دول حوض النيل".


غير أنه اعتبر أن بناء وملء والشروع فى تشغيل السد تستمر بشكل أحادى، وهى الممارسات الأحادية غير التعاونية التى تشكل خرقاً للقانون الدولى بما فى ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقع فى عام ٢٠١٥!!


وعن وضعية المياه في مصر، اعترف وزير ري الانقلاب أن مصر على رأس قائمة الدول القاحلة باعتبارها الأقل على الإطلاق من حيث معدل الأمطار، ومن ناحية أخرى يبلغ نصيب الفرد من المياه سنوياً نصف حد الفقر المائى، ولفت إلى أنها كذلك تعتمد بشكل شبه مطلق على نهر النيل بنسبة ٩٨% على الأقل لمواردها المائية المتجددة، وهى الموارد التى يذهب ما لا يقل عن ٧٥% منها للإسهام فى استيفاء الاحتياجات الغذائية للشعب المصرى عبر الإنتاج الزراعى، علما بأن قطاع الزراعة يمثل مصدر الرزق لأكثر من ٥٠% من السكان، مشيرًا إلى أن لديها عجزا مائيا يصل إلى ٥٥% من احتياجاتها المائية التى تبلغ ١٢٠ مليار متر مكعب.


10 مليارات دولار!
وزعم "سويلم" أن مصر تضخ استثمارات هائلة لرفع كفاءة منظومة المياه لديها، تعدت الـ ١٠ مليارات دولار خلال الخطة الخمسية السابقة، كما تقوم بإعادة استخدام المياه عدة مرات فى هذا الإطار، وتضطر لاستيراد واردات غذائية هائلة بقيمة نحو ١٥ مليار دولار، مشددا على أنها تعمل فى إطار استراتيجيتها التعاونية على تعظيم المكاسب الممكنة من الترابط ما بين موضوعات المياه والغذاء والطاقة والمناخ، سواء على المستوى الوطنى أو الإقليمى أو الدولى..


انسحاب من مفاوضات

وقبل يومين، أخطر الوفد المصري دولة الإمارات بالانسحاب من مسار مفاوضات أبوظبي الفنية، بين أطراف النزاع الثلاثة حول سد النهضة، مصر والسودان وإثيوبيا، في الوقت الذي تمسكت فيه إثيوبيا بموقفها الرافض للملاحظات المصرية الخاصة بتشغيل وملء سد النهضة.


مسار مفاوضات أبوظبي شهد نحو 7 جلسات عقدت بين الفرق الفنية من الدول الثلاث، في محاولة لحلحلة الأزمة ومنع أي تصعيد، خصوصاً مع اقتراب أديس أبابا من الملء الرابع المقرر في منتصف يوليو المقبل، والذي يستمر حتى مطلع سبتمبر المقبل.

وبحسب "العربي الجديد" ووفقاً لمسؤول فني مصري، فإن القاهرة "توصلت إلى قناعة بعدم جدوى المفاوضات الفنية مع أديس أبابا، تحديداً في ظل عدم تحقيق أي تقدم ملموس، على الرغم من مرور نحو عام على بدء ذلك المسار برعاية إماراتية".

وكشف المصدر المصري أن "المسؤولين في مصر توصلوا لقناعة أيضاً بأن مسار مفاوضات أبوظبي يؤثر سلباً على الموقف المصري أمام القوى الدولية المعنية بالتوصل لحل للأزمة وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي أبدى مسؤولوها المعنيون بالملف دهشتهم مما وصفوه بالاتهامات المصرية لإثيوبيا".

وقال المسؤول الفني إن "مسؤولين في الإدارة الأميركية، أعربوا أخيراً عدم اقتناعهم بالموقف المصري المتهم لأديس أبابا بالتعنت، معتبرين أن مشاركة الأخيرة في المفاوضات الفنية في أبوظبي هي في حد ذاتها إبداء لحسن النية".


بيان الإمارات في الأمم المتحدة

وفي أغسطس الماضي، تجاهلت معظم وسائل الإعلام المصرية التي تتبع مباشرة جهاز المخابرات العامة، البيان الذي أصدرته البعثة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن الدولي، حول أزمة سد النهضة الإثيوبي.

وأكد مصدر من داخل شركة "المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية" التابعة للمخابرات، والمالكة لمعظم المؤسسات الإعلامية في مصر، أن تعليمات صدرت للمسؤولين في الصحف والمواقع، بعدم نشر بيان دولة الإمارات.


واعتبر خبراء ومراقبون أن بيان الإمارات "لا يخدم المصالح المصرية، بل العكس من ذلك، فهو يدعم الموقف الإثيوبي في القضية".


وجاء في بيان البعثة أن الإمارات "تؤمن بإمكانية اختتام المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي (الكبير) بشكل ناجح، وتقر بالفرصة القيّمة التي يتيحها ذلك لدعم التكامل الإقليمي وتسريع وتيرته مع تعزيز التعاون والتنمية المستدامة في المنطقة وخارجها، وبروح إيجاد 'حلول أفريقية للتحديات الأفريقية'".


وأضاف البيان: "وعليه، تؤكد دولة الإمارات الدور الهام للاتحاد الأفريقي، وترحب بالتزام الدول الثلاث المفاوضات التي يقودها الاتحاد، كما تشجعهم على مواصلة التفاوض بحسن نية".


وتابع البيان: "ومع مراعاة التقدم الذي تم إحرازه من خلال مبادرات مختلفة تم الاضطلاع بها لدعم العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي، تؤمن دولة الإمارات بأن إعلان المبادئ لعام 2015 بشأن سد النهضة الإثيوبي (الكبير) يبقى مرجعاً أساسياً. وتدعم دولة الإمارات هدف الأطراف الثلاثة في التوصل لاتفاق وحل اختلافاتهم لتعظيم المكاسب لهم ولشعوبهم".


ومن جهته كتب وزير الري المصري السابق محمد نصر علام تعليقاً على البيان الإماراتي في الأمم المتحدة، على صفحته الخاصة على "فيسبوك" يقول: "هذا البيان الغريب الصادر من الإمارات كعضو بمجلس الأمن، لا يليق بمكانة الإمارات العربية بقلوب المصريين".


وأضاف علام: "البيان يساوي ما بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، ويدعي أن الدول الثلاث لها نفس الرغبة في التوصل لاتفاق، بالرغم من معرفتها بأن إثيوبيا تعوق أي مسار يؤدي إلى التوصل لاتفاق يلبي احتياجات القانون الدولي، وتلقي الإمارات بالمسؤولية بدفع المفاوضات على الاتحاد الأفريقي العاجز، بالرغم من إعاقة أثيوبيا لجميع المحاولات التي حاولتها كل من مصر والسودان أو الاتحاد الأفريقي".


وختم الوزير السابق بالقول إن "الإمارات مطلوب منها العودة لمسار التآخي الفاضل سريعاً والذي تعودناه منها حكومة وشعباً".


وكانت وزارة الخارجية بحكومة السيسي في أغسطس الماضي أعلنت التوجّه إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي لتسجيل اعتراض مصر ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي من دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل هذا السد".

ودعا الخطاب مجلس الأمن الدولي إلى "تحمل مسؤولياته في هذا الشأن، بما في ذلك من خلال التدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس (سبتمبر 2021) والذي يلزم الدول الثلاث بالتفاوض من أجل التوصل لاتفاق حول سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة".