لم يلتفت كثير من الناشطين والمغردين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى "الأكبر" التي تشغل السيسي وهو يدشن فجر الخميس ما أطلق عليه "مسجد مصر الكبير" قياسا منه على أفعل التفضيل التي يعتني بها أمراء النفط وشيوخ غسيل الأموال في أبوظبي ودبي ولا يجدون حرجا بصناديقهم المليارية وغيرها في حين أن السيسي المدين لصناديق العالم وبنوكها الدولية والمحلية بنحو 5 تريليونات جنيه منها 173 مليار دولار حتى ديسمبر 2022 قرر أن ينفق على مسجد مصر في قلب الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة، ليصنف "أكبر مسجد" في البلاد، بتكلفة تخطت 800 مليون جنيه.
الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل اعتبر أن بناء مسجد كبير آخر في العاصمة الإدارية بتكلفة 750 مليون جنيه مصري بأنه "ضرب من الجنون"، خاصة أن مصر تعاني من قلة الأسرّة الخاصة بمرضى كورونا في المستشفيات وانزلاق القطارات وغيرها من المشاكل".
واستعرضت بسمة شلبي صورة الخديوي إسماعيل وهو ينفق على حفل افتتاح قناة السويس بالدين وصورة السيسي وهو يفتتح أثقل نجفة وأكبر منبر، وقال: "الصورتين بينهم فتره زمنية  صوره افتتاح قناة السويس في عهد الخديوي اسماعيل وصوره افتتاح  العاصمة الإدارية والنتائج واحده في الاتنين بريطانيا احتلت مصر بسبب بذخ الخديوي في الاحتفال والثانيه خراب الاقتصاد  بسبب انشاء عاصمة مالهاش لازمه غير الديون وفتح صالة مزاد لبيع أصول مصر".
وتساءل محمد حلمي: "هو يعني ما ينفعش نبني أكبر مجمع طبي عالمي في كافة التخصصات لعلاج المرضى غير القادرين بالمجان؟".
واعتبر آخرون أن المصريين "ليسوا بحاجة إلى مساجد مزخرفة ومآذن تناطح السحاب في حين يعاني الشعب من أزمة سكن والطرق غير المعبدة والمستشفيات الرديئة".
ورأى محمد أبو نورين أن مسجدا بتلك التكلفة والعظمة في صحراء "فكر عقيم وعدم رؤية للأوليات في بلد التعليم والصحة أصبحا من أسوأ الأشياء فيه".


الهيئة الهندسية
وكالعادة نفذت شركة (المقاولون العرب) المشروع تحت إشراف الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، ويحده طريق رقم 11 والمحور الرئاسي وساحة الشعب من جهة الشمال، وطريق محمد بن زايد الشمالي من جهة الجنوب، على هضبة بارتفاع 24 متر، استغلها السيسي ليماثل في تصميم المسجد الخارجي مداخل المعابد الفرعونية 112 درج سلم المداخل أشبه بأبو سمبل والكرنك بالأقصر أما التصميم العام فكان على الطراز المملوكي.
في يناير 2019، افتتح عبدالفتاح السيسي مسجد الفتاح العليم (الأكبر قبل بناء "مسجد مصر") بالعاصمة الإدارية الجديدة على مساحة 106 فدانين، ويتسع لـ17 ألف مصل، ويبعد عن مسجد مصر الكبيرة 14 كيلومتراً مربعاً أي نحو 14 ألف متر على خرائط غوغل، وهو ما أوجد مساحة من الجدل عن جدوى وجود مسجدين بهذا الحجم في مدينة لم يسكنها أحد بعد حتى الآن.
وعوضا عن ذلك كان حجم إهدار المال العام بالإنفاق المبالغ فيه، وقت كانت كورونا تطيح بملايين المصريين لا يجدون علاجا بالمستفشيات الحكومية، على "مسجد مصر الكبير" في عاصمة السيسي، لا سيما أن حجم الإنفاق اقترب من مليار جنيه مصري..
يبلغ طول مئذنتيه 140 متراً، و12 قبة صغيرة وثماني قباب متوسطة، وقبة رئيسية قطرها 30 متراً، ويتسع لنحو 107 آلاف مصلٍ، ويمتد على مساحة تصل 19100 متر أي نحو كيلومترين.
45 مليون دولار التقدير بالعملة الصعبة لتكلفة المسجد كان بإمكانها بناء 1385 فصلاً دراسياً، أواستصلاح 2826 فداناً، أو بناء وتشغيل 5 محطات مياه نظيفة، أو تجهيز 100 ألف سرير عناية مركزة، بحسب تقرير منصة "رصيف".
الأستاذ بكلية الفنون الجميلة جلال الشايب عن جدوى المشروع في ظل حاجة مصر إلى مدارس ومستشفيات جديدة، وهو ما يعبر عن خلل في ترتيب أولويات الدولة، معتبراً أن بناء ذلك المسجد هو "استمرار في مسلسل إهدار المال العام في مشروعات ضخمة غير ذات جدوى اقتصادية، في دولة بلغت ديونها الخارجية 135 مليار دولار؟".

أزمة اقتصادية بالغة
يأتي إهدار المال العام في مشروعات لا طائل من ورائها، على المدى القريب، في وقت حذر فيه د.مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة في تصريحات صحفية من أن المخرج من الأزمة الاقتصادية سيكون شديد الصعوبة، لأن هناك عجزاً كبيراً في الموازنة وميزان المدفوعات، ومديونية خارجية وداخلية هائلة، وارتفاع معدل الفقر الذي وصل في التقارير الرسمية، إلى ثلث السكان "أكثر من 35 مليون مصري".
وألمح إلى أن مصر تمر بأزمة اقتصادية كبيرة، يعبر عنها عجز الموازنة، وركود اقتصادي، مصاحب لانهيار قيمة الجنيه، وسط أوضاع سياسية محتقنة.
ورجح "مصطفى كامل السيد" أن يكون العام المقبل 2024، سنة فارقة في تاريخ مصر، وستحدد بشكل كبير، مصير عبد الفتاح السيسي، رغم أنه دعا لحوار وطني مشترطاً للمشاركة فيه...