قال الباحث والكاتب الاكاديمي سعيد الشهابي إن هناك عوامل ذاتية لكل من السعودية وإيران والظروف الإقليمية ما يفرض نفسه أحيانا، وقد يؤدي إلى توتر العلاقات مجددا.

وأشار في مقال بعنوان "الوجه الآخر لعودة العلاقات السعودية ـ الإيرانية" إلى أن هذه العوامل التي قد تؤدي إلى تصدّع العلاقات كما حدث قبل أربعة عقود منذ حدوث التغيير السياسي في إيران، حيث "تميز بتوتر تلك العلاقات حتى في حالة عدم انقطاعها".

وأوضح أن الاهتمام الحالي بالاتفاق بين الرياض وطهران "لا يقل الاهتمام الحالي بهذه العلاقات عن الزخم السياسي الذي أحدثته عودة علاقات البلدين في العام 1998، بعد احتضان طهران القمة الإسلامية الثالثة عشرة بحضور الأمير عبد الله بن عبد العزيز، الذي كان ولي عهد السعودية آنذاك".

وأضاف أنه "يومها تنبأ الكثيرون بأن المنطقة ستشهد تغيرات كبيرة نتيجة تقارب البلدين الكبريين، اللذين يفترض أن يكونا الأقرب بسبب الوجه الإسلامي لكل منهما. ولكن، سرعان ما حدث التغير في العراق، وبدأت دورة من التنافس على النفوذ بين البلدين".

ورأى أنه تمخض عن ذلك بروز ظاهرة التطرف والإرهاب التي تغذت في بعض جوانبها على التمويل بالدولار النفطي.

ثم جاء الربيع العربي ليساهم في المزيد من الاستقطاب، خصوصا في سوريا والبحرين واليمن، وهو ما انعكس سلبا على علاقات البلدين.

 

6 عوامل

أولا: انعدام الثقة المتبادلة بعد عقود من اضطراب العلاقات، ولا يحتاج التصدع كثيرا من الجهد، ويكفي صدور تصريح مثير لزعزعة الثقة غير المستقرة.

ثانيها: إحساس كلا الطرفين بالاختلاف مع الآخر، ابتداء بالخصوصيات الدينية، مرورا بالولاءات السياسية، وصولا إلى التحالفات والمصالح المتضاربة.

ثالثها: أن الصراع على النفوذ في الإقليم ليس محصورا بالبلدين، بل هناك حكومات طموحة تسعى لتوسيع نفوذها في مناطق تأثير البلدين.

وأوضح أن الإمارات مثلا أصبحت تقضم من مناطق النفوذ السعودي، خصوصا في منطقة القرن الأفريقي ومصر وسوريا. وليس مستبعدا أن يكون التنافس (إن لم يكن الصراع) على النفوذ مع أبوظبي، من بين دوافع الرياض للتقارب مع طهران.

أما رابع العوامل فأشار الوجود العسكري والسياسي الأمريكي في المنطقة، خصوصا في الخليج عامل سلبي جدا، ولن يرتاح لتقارب البلدين إلا إذا خدم مصالحه، خصوصا في مجالات مثل التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي واإانتاج النفطي والوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وليس مستبعدا أن يفتعل حوادث تساهم في تصدع الثقة وإنهاء التقارب.

واعتبر أن خامس العوامل: تتمثل في أن الاتفاق تم التوصل إليه في مراحله النهائية نتيجة وساطة صينية، وهو أمر لا يروق لأمريكا؛ لأنه يوفر لمنافسها الاقتصادي الكبير موطئ قدم على ضفتي الخليج، الذي تعتبره من أهم مناطق نفوذها في العالم. وليس مستبعدا افتعال أزمات لضمان منع تصاعد الوجود الصيني فيها، وقد يؤدي ذلك لتراجع قيمة الاتفاق وربما إلغائه.
وفي رصد للتغير السياسي الأبرز في المنطقة مطلع العام الجاري 2023، أشار إلى تغييب دور العراق في الاتفاق المذكور، حيث انطلقت فكرته قبل عامين من بغداد التي استضافت عددا من اللقاءات بين وفود إيرانية وسعودية ساهمت في خلق الظروف التي أدت في النهاية لتوقيع الاتفاق بعد وساطة الصين في الساعات الأخيرة. فلماذا تم تغييب الدور العراقي بهذه الصورة المريبة؟

وقال إن سادس العوامل هو أن الكيان الإسرائيلي هو الطرف الأكثر تضررا من التقارب السعودي ـ الإيراني، ومن المؤكد أنه سيسعى لإنهائه بافتعال الأزمات وتحريك الأطراف التي طبّعت معه لتساهم في ذلك، وهذا ليس أمرا مستبعدا، ولا يمكن تجاهل وجود أطراف محلية تمارس عملا سياسيا معارضا للحكومتين الإيرانية والسعودية. ومن المؤكد أن الطرفين اتفقا على عدم دعم أي منها، لكن ذلك لا يعني انتهاءها تماما.

وتوقع أنه سيظل هناك من يطرح مطالب سياسية في البلدين. مستدركا أنه من غير المستبعد أن يؤدي اشتعال الوضع الأمني والسياسي في أي من البلدين، إلى ردود فعل غير محسوبة تعيد الأوضاع إلى المربع الأول وينتهي ربيع التقارب بين البلدين.

 

خلاصة الايجابيات
ولكن الشهابي قال في ختام مقاله إن الأمر المؤكد، أن المنطقة ستستفيد من تقارب أطرافها الكبرى، فذلك يساهم في تبريد البؤر الساخنة، ويؤدي إلى حلحلة الأوضاع، وإنهاء حالة الجمود، ويكسر ما يسمى "الوضع الراهن".