أغلق باب التصويت في أعنف انتخابات تشهدها نقابة الصحفيين منذ فترة طويلة، حيث شهدت منافسة شرسة بين تيارين؛ أحدهما يدعم استقلال النقابة ويدعو إلى عدم الرضوخ للحكومة بالشكل الذي كانت عليه الدورة الماضية؛ حتى يتمكن الصحفيون من استعادة حرية نقابتهم المفقودة وإنقاذ المهنية التي اختفت وسط سيطرة كاملة من الدولة على الصحف والمواقع وباقي وسائل الإعلام.

ويقود ذلك التيار خالد البلشي الذي يترشح لمنصب النقيب للمرة الأولى بعد أن كان عضوا بمجلس النقابة لعدة دورات سابقة، فيما تضم من المرشحين لعضوية المجلس هشام يونس ومحمود كامل وعمرو بدر ومحمد الجارحي، وقريبا منهم جمال عبد الرحيم.

فيما جاءت المنافس القوي هو التيار الحكومي الذي يتمثل في خالد ميري لمنصب النقيب بالإضافة إلى محمد شبانة وعدد من الوجوه الجديدة منها سامي عبد الراضي ومحمد كمال ومحمد السيد.

كما ترشح أبو السعود محمد وممدوح الصغير وعبد الرؤوف خليفة، الذين لم يحالفهم التوفيق في الدورات السابقة، إلى جانب عدد كبير من الأسماء التي تخوض الانتخابات للمرة الأولى على أمل الانضمام إلى عضوية المجلس الذي يقود إحدى أبرز النقابات المهنية في مصر.

وجاءت الخدمات والبدل ومبنى النقابة الذي أنفق على ترميم واجهته 8 ملايين جنيه وميزانية المجلس السابق؛ على رأس القضايا التي ثار حولها الجدل خلال الأيام الأخيرة قبل الانتخابات، وامتلأت "جروبات الصحفيين" على فيسبوك وواتس آب بالكثير من المساجلات التي تتبنى رأي هذا الطرف أو عكسه.

كما حرص المرشحون على زيارة المؤسسات الصحفية لحشد الدعم والتأييد من أعضائها والاستماع إلى مشاكلهم وتطلعاتهم خلال الفترة المقبلة.

 

وضع سيء للصحافة 

وجاءت انتخابات الصحفيين هذه المرة وسط أجواء شديدة السواد للصحافة في مصر التي تصنف دوليا بالمرتبة الثالثة في حبس الصحفيين بنحو مئات الصحفيين وإغلاق نحو 600 موقع وصحيفة ونافذة إعلامية.

وفي يناير الماضي، أصدر المرصد العربي لحرية الإعلام تقريرًا عن انتهاكات حرية الإعلام في عهد السيسي خلال عام 2022، حيث بلغ عدد المحبوسين 47 صحافيًا، وحجب 600 موقع.

وتضمن التقرير انتهاكات حرية الإعلام في مصر خلال عام 2022، رصد فيه استمرار حجب المواقع وملاحقة الإعلاميين المعارضين، والقبض على 16 صحافياً، إضافة إلى تسجيل 393 انتهاكاً مختلفاً على امتداد العام الماضي.


دعم المعتقلين

وقبل بدء التصويت انعقدت الجمعية العمومية للصحفيين، وشهدت مناقشات حامية انتهت إلى رفض الميزانية وإقرار 2000 جنيه لأسرة كل معتقل، وكان لافتا حديث نقيب الصحفيين المنتهية ولايته ضياء رشوان عن المعتقلين في الجمعية العمومية عن توجهه للنائب العام والجهات القضائية، للإفراج عن كل الزملاء والزميلات المحبوسين احتياطيا على ذمة التحقيق بضمان نقابة الصحفيين، أو أي ضمان تراه جهات التحقيق، مؤكدا أنه خاطب النائب العام للمطالبة باخلاء سبيلهم بضمان النقابة، وأن مجلس النقابة خصص 3 مليون جنيه، كدعم لأسرهم خلال ٤ سنوات، وعرض النقيب مقترحا للموافقة على تقرير دعم مالي شهري ٢٠٠٠ جنيه لأسر الزملاء المحبوسين احتياطيا بالإضافة إلى ما يتقاضونه من بدلات أو بدل بطالة.


ورأى مراقبون إن إيقاف ضياء رشوان والمساعدون له في مجلس نقابة الصحفيين سلالم النقابة (التي كانت متنفسا للاحتجاج) في حد ذاته أكبر فشل حقوقي يمكن أن يكون في أجواء حرة أن يكون سببا في عقد جمعية عمومية غير عادية لإقصائهم فالنقابة ما زالت بحسب كثيرين من المنتمين للمهنة نقابة رأي وليست نقابة (بدل) مالي تحت زعم التكنولوجيا أو استجداء حقوقي لعشرات المعتقلين من أبناء مهنة الصحافة التي هي ليست جريمة..

واختار الصحفيون، إلى جانب النقيب 6 أعضاء للمجلس، من بين 40 مرشحًا، من بينهم 12 على مقاعد المجلس «فوق السن»، و28 مرشحًا على مقاعد «تحت السن».

وانعكست أوضاع المجلس السابق للصحفيين على نسبة الحضور؛ فرغم فتح أبواب التصويت في العاشرة من صباح الجمعة إلى أن اكتمل النصاب القانونى لانعقادها الثانى، والبالغ 25%+1، والذى يبلغ 2461 عضوًا، كان بعد صلاة عصر الجمعة، بعد فشل الانعقاد الأول في الجمعة الأولى من مارس.


وقال مراقبون إنه ومنذ الجولة الأولى (قبل أسبوعين) التي لم يحضر فيها من الصحفيين سوى نحو 300 صحفي، وهذه الجولة جرت انتخابات نقابة الصحفيين في جو من العصبية والتوتر في صفوف انتظار الناخبين وسط ومشادات كلامية بالجمعية العمومية ورفض إقرار الميزانية، وعلى الهامش وزع مرشح الحكومة وجبات من أبو شقرة على المحيطيين به.

 

تعطيل الجلسات 
واشتكى أعضاء بمجلس النقابة منهم؛ محمد خراجة هشام يونس ومحمد سعد عبدالحفيظ وغيرهم، من تعطيل النقيب والمرشحين الموالين للنظام اجتماعات المجلس بشكل دوري، حيث أصدروا بيانات فردية ومجمعة أن انعقاد مجلس النقابة لإتخاذ قرارات محورية مثل إقرار ميزاينة دهانات النقابة وتجديد الواجهة وقرارات التدخل مع المعتقلين كان ضعيفا جدا حيث لم ينعقد خلال العامين الماضيين سوى 4 مرات على أقصى تقدير وانعقادات سريعة ومدمجة..


ومن الأوضاع العامة للصحافة في مصر، انخفاض نسبة توزيع الصحف المقروؤة وغلبة المواقع الالكترونية حتى من غير الصحفيين، هذا في أوضاع عالمية مشابهة  للصحف التي باتت تفقد الموزعين، ففي هدوء شديد، أعلنت شركة أمازون أنها لن تبيع الصحف والمجلات الورقية أو نسخها الإلكترونية على تطبيق كندل بداية من  ٩ مارس الماضي، بعدما باتت الصحف منتج يصعب بيعه وقليل الأهمية لشركات التوزيع.
 

وقررت الجمعية العمومية للصحفيين رفض الميزانية المقدمة لها للعام الثاني على التوالي، وقررت منح إعانة ثابتة شهرية لأسر المعتقلين تقدر ب2000 جنيه مصري، وعدم قطع البدل عن الصحفيين المفصولين تعسفيًا، وسط مطالبات عامة بإلغاء عقوبة الحبس الاحتياطي.

 

رفض التطبيع
وجددت الجمعية العمومية، رفض التطبيع مع إسرائيل، والدعوة لإصدار قانون حرية تداول المعلومات، وإلغاء الحبس في قضايا النشر باستثناء ثلاث حالات واردة في دستور البلاد، وإصلاح كل التشريعات الموجودة في البلاد جنائية ومدنية بما يتناسب مع حريات الصحافة الواردة في الدستور، والحفاظ على المؤسسات الصحفية القومية.


واستكمالا لدوره، الذي امتد لدروتين انتخابيتين، رفض ضياء رشوان النقيب المنتهية ولايته السماح للصحفيين الذين تقدموا بطلبات للإدلاء بكلمة (في أقل تقدير للصحفيين)، بحجة عدم تعطيل التصويت.


وترأس الجمعية العمومية للصحفيين ولجنة الإشراف على الانتخابات نقيب الصحفيين ضياء رشوان، المنتهية ولايته، والذى لن يخوض المنافسة لشغله المقعد دورتين متتاليتين.


الحد الأدنى للأجور

وعن المال السياسي لنيل مرشحي حكومة السيسي رضا الصحفيين، تناول رشوان قرار المجلس في يناير الماضي، بصرف بدل التدريب والتكنولوجيا لكل المقيدين من النقابة دون الحاجة لأي مستند آخر طالما كانوا موجودين داخل البلاد، وخاطب به المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام، مضيفا أنه اقترح رفع الحد الأدنى للعقد الثلاثي للصحفيين مع المؤسسات الخاصة، إلى الضعف ليبلغ 2400 جنيه، على أن يكلف مجلس النقابة القادم مع كل الجهات المعنية بالحد الأدنى للأجور، من أجل الوصول إلى الحد الادنى لكل الصحفيين، مع الحظر الكامل والشامل لوقف بدل التدريب والتكنولوجيا في حالة الفصل التعسفي، وعدم الاعتداد بأي خطابات تخالف ذلك.


واعتذر رشوان لمن أسماهم "المغمورين" بزيادة بدل الشهرة، موضحا أن 214 عضو تقدموا بطلبات لذلك، لكن لم يتمكن المجلس من البت في حالاتهم، واقترح النقيب أن تكلف الجمعية العمومية المجلس المقبل، بوضع بدل مناسب للشهرة، كما تلا النقيب مقترحا بمطالبة الهيئة الوطنية للصحافة بالتعجيل بتعيين منظم واضح ومهيكل لكل المتعاقدين بالمؤسسات الصحفية القومية من اجل تعيينهم.