عادت العلاقات السعودية الإيرانية، الجمعة الماضية، بعد النجاح في إنهاء قطيعة تجاوزت 7 أعوام، وذلك عبر إبرام اتفاق برعايةٍ صينية لعودة العلاقات التي قطعت عام 2016.

وأعلنت السعودية وإيران، استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، بحسب بيان مشترك للبلدان الثلاثة.

وإيران والسعودية قوتان إسلاميتان كبيرتان ومصدران كبيران للنفط، تحظيان بموقع جيوبولوتيكي وإستراتيجي مهم في الشرق الأوسط والخليج. مرت العلاقات بين البلدين بمراحل تاريخية مختلفة، تشوبها توترات واضطرابات مستمرة وتحسن وتقارب لفترات لم تستمر طويلًا.

 

أول قطيعة 1943

لعل أول قطيعة بين البلدين حصلت عام 1943 في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، على خلفية إعدام حاج إيراني. واستمرت هذه القطيعة نحو أربع سنوات. لكن حينها لم تكن بين إيران الشيعية والسعودية السنية خلافات إيديولوجية، كما حصل بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

فقبل الثورة الإيرانية، كانت إيران والسعودية حليفين رئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية، والأخيرة كانت الناظم والضابط للعلاقات بينهما، غير أن ذلك تغير تمامًا بعد الثورة الإٍسلامية في إيران، إذ انتقلت طهران أولًا من مربع الحلفاء إلى صف أعداء الولايات المتحدة الأمريكية، وثانيًا أصبحت ترسم سياساتها وعلاقاتها الخارجية على أساس هذا العداء المدفوع بإيديولوجيا تعتمد تصدير الثورة الإسلامية ومنازعة السعودية على زعامة العالم الإسلامي، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وعليه، فقد أصبح التوتر السمة الأبرز للعلاقات الإيرانية السعودية منذ 1979 إلى يومنا.

ووفقًا لـ"الأناضول" فقد مرت القطيعة بالعديد من المحطات التاريخية والبيانات الرسمية، وصولًا إلى انتهائها:

 

أولًا - 2016.. ميلاد القطيعة الثالثة والأكبر بتاريخ البلدين

2 يناير - شرارة القطيعة

أعدمت الرياض 47 محكومًا بينهم رجل الدين الشيعي نمر النمر، لإدانتهم بتهم بينها "الإرهاب"، قوبلت بانتقادات إيرانية.

اعتدى إيرانيون على سفارة الرياض في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد (شرق)، احتجاجًا على إعدام النمر.

3 يناير - قطع العلاقات

قطعت السعودية علاقاتها مع إيران، خلال مؤتمر صحفي لوزير خارجيتها آنذاك عادل الجبير.

وطالب الجبير البعثة الدبلوماسية الإيرانية الموجودة على أراضي السعودية بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة.

السعودية اتهمت إيران على لسان الجبير بأن "تاريخها مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في الشؤون العربية ودائما ما يصاحبه الخراب والدمار".

وكانت تلك القطيعة، هي الأكبر في تاريخ البلدين، إذ استمرت 7 أعوام من 2016 وإلى 2023.

وسبقتها قطيعتان، الأولى عام 1943، وعادت عام 1946، والثانية عام 1987، واستؤنفت في 1991، على خلفية أزمات مرتبطة بالحجّاج الإيرانيين أثناء أداء المناسك بتلك الفترات، حيث اقتحم إيرانيون سفارة السعودية بطهران وقنصليتها بمشهد في المرة الثانية.

 

ثانيًا - 5 سنوات من التأزم (2016 ـ 2021)

أسفرت القطيعة الثالثة عن 5 أعوام على الأقل من الأزمة، منذ ما بعد إعلان السعودية القطيعة وحتى عام 2021 الذي شهد الربع الثاني منه ولادة وساطة عراقية لحلحلة الأزمة بين البلدين.

4 يناير 2016

ساندت عدة دول خليجية وعربية قرار الرياض، حيث قطعت كل من البحرين والسودان وجيبوتي والصومال العلاقات مع إيران، واستدعت كل من الكويت وقطر والأردن سفراءها من طهران، فيما خفضت الإمارات تمثيلها الدبلوماسي مع إيران إلى مستوى القائم بالأعمال.

7 يناير 2016

وكالة الأنباء الإيرانية تنقل عن متحدث الخارجية حسين أنصاري آنذاك، اتهامات للسعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن منذ 2014، بشن ضربات جوية على سفارتها باليمن، الأمر الذي نفاه التحالف ووصفه بـ"الأكاذيب".

29 مايو 2016

أعلنت منظمة الحج الإيرانية، إلغاء إرسال الحجاج الإيرانيين بسبب ما سمتها "عراقيل سعودية في تأمينهم"، لكن وزارة الحج السعودية نفت ذلك، مؤكدة أنها لبّت جميع احتياجات الإيرانيين.

31 يوليو 2017

دعا المرشد الإيراني علي خامنئي، حجاج بلاده إلى تجنب التسوق من السعودية، باعتبار أن البضائع نفسها موجودة في طهران.

24 نوفمبر 2017

في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خامنئي بأنه "هتلر الشرق الأوسط الجديد".

25 أكتوبر 2017

أعلنت الحكومة السويسرية أنها ستقوم بتمثيل المصالح القنصلية للسعودية وإيران في عاصمة كل منهما.

25 سبتمبر 2018

وزارة الخارجية السعودية، قالت إن "المملكة ترفض وتستنكر الاتهامات الباطلة التي أشار لها مسؤولون إيرانيون حيال دعم المملكة للأحداث التي وقعت في إيران (أسفرت عن مقتل 25 شخصًا نصفهم تقريبًا من أفراد الحرس الثوري الإيراني خلال عرض عسكري بطهران).

18 سبتمبر 2019

الرياض تحمّل طهران مسؤولية هجمات استهدفت منشآتها النفطية، قوبل بنفي إيراني، فيما أعلنت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع طهران مسؤوليتها عن الهجمات.

5 مارس 2020

الخارجية السعودية تؤكد أن السفر إلى إيران ممنوع، منتقدة سماح طهران بدخول سعوديين لبلادها دون ختم جوازاتهم في ظل جائحة كورونا.

 

ثالثًا - 2021 بداية الانفراجة

9 أبريل 2021

استضافت بغداد أول جولة محادثات أمنية ودبلوماسية بين السعودية وإيران، منذ قطع العلاقات في 2016، تلتها حتى سبتمبر 2022، 4 جولات مماثلة لحلحلة الأزمات بين البلدين.

23 يوليو 2022

أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أن بلاده تبادل السعودية الاستعداد لإجراء محادثات سياسية من أجل إعادة العلاقات، مشيرًا إلى عزم الإمارات والكويت إرسال سفيريهما إلى طهران.

19 أكتوبر 2022

رأى كبير مستشاري المرشد الإيراني خامنئي أن إعادة فتح السفارتين السعودية والإيرانية ستحلّ المشاكل بطريقة أفضل، وفق ما ذكره لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إسنا".

14 أغسطس 2022

أعادت الكويت سفيرها إلى إيران.

21 أغسطس 2022

أعلنت الإمارات أن سفيرها سيستأنف مهامه في طهران.

 

رابعًا - 2022 - 2023 تدخل صيني حاسم وولادة اتفاق

16 فبراير 2022

زار الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الصين والتقى رئيسها شي جين بينغ، و"كانت المباحثات مع السعودية ضمن متابعة اتفاقات زيارة الرئيس الإيراني للصين ومن أجل حلّ المشكلات بين طهران والرياض بشكل نهائي"، وفق وكالة الأنباء الإيرانية.

23 فبراير 2022

أعربت إيران عن رغبتها في عودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، باعتبارها "تصب في مصلحة البلدين"، وفق متحدث وزارة خارجيتها ناصر كنعاني.

8 مارس 2023

أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في تصريحات لقناة العربية السعودية، "انفتاح المملكة على الحوار مع إيران".

10 مارس 2023

أعلن البلدان استئناف علاقاتهما الدبلوماسية نتيجة مباحثات في العاصمة الصينية بكين بين 6 و10 مارس الجاري، "بين وفدي السعودية وإيران برئاسة مساعد بن محمد العيبان مستشار الأمن الوطني السعودي، وعلي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران"، بحسب بيان مشترك للسعودية وإيران والصين.

وشمل الاتفاق:

  • الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران.
  • التأكيد على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
  • عقد وزيري الخارجية في البلدين اجتماعًا لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما.
  • الاتفاق على تفعيل اتفاقيات تعاون في مجالات عدة أبرزها الأمني والاقتصادي، والتي سبق توقيعها عامي 1998 و2001.