أعلنت محافظة الجيزة عبر منصاتها تغييرها اسم (محور شارع ترعة الزمر) -المواز لشارع جامعة القاهرة، المتصل بشارع مصر والسودان وصولا إلى شارع الملك فيصل- من محور اسمه (الملك سلمان بن عبدالعزيز) إلى محور صار اسمه اللواء (كمال عامر)؟!


ورحب اللجان الالكترونية للشؤون المعنوية بتغيير اسم المحور (الكوبري) الذي كان يلتهم من حيز "بلكونات" المطلة شارع ترعة الزمر القديم في سلسلة أخطاء هندسية من الجهة المنفذة وهي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، معتبرين تغيير الاسم، "ضربة قاصمة إلى السعودية بعد وقف الرز".


وعلق الدكتور مصطفى جاويش، الناشط السياسي على مواقع التواصل أن "محور ترعة الزمر تم تطويره بفرض أنه  محور الملك سلمان ، ثم تم تغيير اسمه  ليصبح  محور الفريق كمال عامر "، مضيفا "..السؤال هو عن العلاقة بين هذا التغيير وبين مقال الصحفى عبد الرازق توفيق رئيس تحرير الجمهورية ضد السعودية والذى اعتذر عنه السيسى بعدها مرتين.".


خلاف ونميمة

صحيفة الأخبار اللبنانية كشفت في فبراير الماضي عن تسريب قريب من الديوان الملكي، قال إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رفض لقاء "السيسي" خلال الشهرين الماضيين أكثر من ثلاث مرات، وأن السيسي ينتظر لقاءه على هامش القمة العربية في مارس القادم بالرياض!


وأضافت الصحيفة أن هذه القطيعتة التي امتدت لمحور الملك سلمان سببها تسريبات نعت فيها السيسي بن سلمان ب"المتهور وقليل الخبرة"، ولذلك فإن محمد بن سلمان رفض لقاء عبدالفتاح السيسي وأصّر على "تأديبه" وحرمانه من الدعم المالي..


وجاء هذا القرار الأخير بعدما قدم السيسي 3 اعتذارات عن مقال نشرته جريدة الجمهورية عبر موقعها الالكتروني منسوب لرئيس تحريرها عبدالرزاق توفيق وفيه إساءات لإخوتنا في مهد الحضارات ومهبط الرسالات خير أرض خرجت عليها الشمس وشعبها الكريم المعطاء الذين اختصهم الله بفضله وشرفهم بصحبة ونصرة خير خلقه، ثم استأمنهم على بيته وخصهم فكانوا ومازالوا خير خلق الله على أطهر أرض الله لا ينال منهم إلا حاسد يرد الله كيده في نحره وينتكس على عقبيه"، بحسب بيان الاعتذار..


وعبّر إعلاميون وشخصيات مقربة من الرياض عن غضبهم من سوء الإدارة الذي أبداه السيسي في حكم مصر منذ توليه السلطة قادماً عقب انقلاب عسكري منتصف 2013.


وقوبلت هذه الحملة على نظام عبدالفتاح السيسي بحملة مضادة من السب والقذف ل"إعلاميين" و"صحفيين" مقربين من رأس السلطة في القاهرة، لتنطلق واحدة من أكثر الأزمات حرجاً بين الخليج ومصر منذ سنوات.

 

الأكاديمي السعودي علي الشهابي، المقرب من ولي العهد ومستشار إعلامي لـ"بن سلمان"، دخل على خط تلاسن إعلامي مشتعل بين السعودية وإعلام الأذرع وغرد الشهابي باللغة الإنجليزية، عبر حسابه على تويتر: "تستمر مصر في الاعتماد على إنقاذها باستمرار، لكن شهية المانحين تتضاءل الآن بشكل كبير".
 

وأضاف، "مصر عبارة عن ثقب أسود لن يغلق أبدًا ما لم تكن الحكومة قادرة على إجراء إصلاحات هيكلية مادية"، مضيفا "نشهد الآن فترة صعبة في التكيف مع هذا الواقع الجديد".


وسبق الجميع الكاتب السعودي تركي الحمد، المقرب أيضا من بلاط الرياض، ونشر تغريدات تطرّق خلالها للوضع السياسي والاقتصادي المصري، وقال إن "مصر بواقعها الحالي، هي مصر البطالة والأزمات الاقتصادية والسياسية ومعضلات المجتمع وتقلباته الجذرية العنيفة".


وذكر في حديثه ثلاثة أسباب لتلك المشكلات، تتعلق بـ"هيمنة الجيش المصري المتصاعدة على الدولة وخاصة الاقتصاد، والبيروقراطية المصرية الهرمة المقاومة للتغيير، والثقافة الشعبية المستسلمة والمستكينة".


وأضاف الأكاديمي تركي الحمد: "مصر بواقعها الحالي لا تنتمي لأي نموذج ملكيا كان أو جمهوريا، هي الآن مصر البطالة أسيرة صندوق النقد وأزمات اقتصادية وسياسية ومعضلات مجتمع وتقلباته العنيفة، وذلك لعدة عوامل أبرزها هيمنة الجيش المتصاعدة على الدولة والاقتصاد لصالح متنفذين في الجيش".


وتزامن ذلك التلاسن مع تصريحات رسمية سعودية تؤكد وضع شروط جديدة للمساعدات التي كانت تقدمها الرياض لحلفائها من دول المنطقة وعلى رأسها مصر ولبنان.


وصرح وزير المالية السعودي محمد الجدعان في 18 يناير الماضي، خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بسويسرا، أن بلاده غيّرت طريقة تقديم المساعدات لحلفائها والخاصة بتقديم منح مباشرة وودائع دون شروط. قائلا: "اعتدنا على تقديم منح ومساعدات مباشرة دون شروط.. ونحن نغير ذلك.. كما نحث دول المنطقة على القيام بإصلاحات".


وأضاف أن "المساعدات التي ستقدمها المملكة للدول الأخرى ستكون مشروطة بإصلاحات، نحن في حاجة لأن نشهد إصلاحات. نريد المساعدة لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم".


خلفيات اقتصادية

وسبق تصريحات وزير المالية السعودي، تقرير نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية 8 يناير 2023م، أفادت فيه بوجود “أزمة” تعتري العلاقات بين القاهرة والرياض على خلفية توجيه الاستثمارات السعودية المرتقب ضخها في السوق المصرية، ويجري العمل على حلحلتها على مستوى رفيع، وتنقل الصحيفة عن مصادر مطلعة تربطها علاقات وثيقة بالسفارة السعودية في القاهرة، أن حكومة السيسي ترغب في أن تكون عمليات الاستحواذ السعودية على شركات تابعة للحكومة أو للأخيرة نسبة فيها، ما يسمح بدخول الدولار إلى السوق المصرية بشكل مباشر، في حين تفضل الحكومة السعودية الاستحواذ على شركات مملوكة للقطاع الخاص.
 

وجرى التفاوض على عمليات استحواذ، استهدفت السعودية من خلالها شركات مملوكة لرجال أعمال مصريين يريدون إخراج أموالهم من مصر، فالسعوديون يريدون استغلال حالة الخوف والقلق بين رجال الأعمال المصريين لشراء أسهم شركات في القطاع الخاص قد تكون عوائدها أعلى من الاستحواذ على شركات وبنوك حكومية؛ علاوة على ذلك فإن الشراء من القطاع الخاص أكثر أمانا لأنه سيكون بعيدا عن أي مشاكل قضائية مع المجتمع المصري ورفضه لسياسات الخصخصة، كما جرى في عهد مبارك.


وقالت تقارير إن التوجه السعودي مدفوع برغبة العديد من رجال الأعمال المصريين في تحويل أموالهم إلى بنوك في الخارج، نتيجة التخوّف من عمليات الاستحواذ الإجبارية التي واجهها بعضهم في الفترة الماضية.


وأضافت أن شركات خاصة سعت لتأمين نفسها مستغلة القوانين في مصر واتخذت خطوات لضمان عدم حدوث ما جرى مع جهينة والتوحيد والنور لها؛ كما فعل ملاك شركة «النساجون الشرقيون» الذين نقلوا حصّة فيها إلى المالكين أنفسهم، لكن تحت غطاء شركة أخرى مقرّها في بريطانيا، ما يهدد بخروج أموال القطاع الخاص من مصر بشكل فوري، ورغم السجالات المتعدّدة التي دخل فيها الجانبان المصري والسعودي في الأيام الماضية، لكن القاهرة تحاول الضغط على بعض رجال الأعمال في الداخل، وإرسال تطمينات إليهم مفادها أن الشراكات والاستحواذات الجبرية انتهت، مع التأكيد على حرية حركة رؤوس الأموال من البنوك المصرية وإليها.


وقال مراقبون إن السيسي كان يعمل من جانبه على دفع الرياض نحو ضخ 5 مليارات دولارات من خلال شراء أصول مصرية تابعة للحكومة، مع ضخّ استثمارات أخرى في شركات القطاع الخاص، وهو ما كان يتعين مناقشته على هامش الاجتماعات المقرَّرة في أبوظبي، بحضور السيسي وقادة دول مجلس التعاون الخليجي، لكن محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لم يشارك.