قررت حكومة الانقلابا لانسحاب من الاتفاقية، التي تعنى بتعزيز شفافية السوق لزيادة التعاون التجاري في سوق الحبوب، في أعقاب فترة من الاضطرابات على خلفية الحرب في أوكرانيا والمخاوف المرتبطة بالأمن الغذائي العالمي.

ويقول خبراء اقتصاديون، إنه لا يمكن النظر للقرار المصري بمعزل عما يجري في الدول الهامة التي تصدر الحبوب، مثل أوكرانيا وروسيا، مضيفين أن قرار القاهرة بالانسحاب من الاتفاقية قد يكون له ارتباط برغبة في التعامل بشكل مباشر مع روسيا لتأمين الحبوب، وحتى التخلي عن الدفع بالدولار، والدفع لموسكو بالروبل.

كما يرى الخبراء أنه "لا مبرر اقتصادي أو تفسير مباشر يتعلق بانسحاب مصر من الاتفاقية"، مشيرا إلى أن الاتفاقية نفسها منذ التوقيع عليها "لم تحدث فارقا يذكر ولم يكن لها أي أثر على التداعيات الخطيرة للحرب الروسية على أوكرانيا".

ورجح الخبراء انسحاب مصر إلى أن "الاتفاقية الدولية لا تتضمن أي آليات لضمان الاستقرار في الإمدادات أو لضبط الأسعار أو لإدارة التجارة الدولية، من هنا يمكن تفسير القرار بأن القاهرة ربما رأت فيها أنها بلا جدوى أو دور حقيقي"، ناهيك عن أن "الدول مطالبة بدفع رسوم سنوية للعضوية، فربما يكون لهذا الاعتبار المالي دور في الخطوة المصرية ولو بشكل جزئي".

وزاد راشد أن "التبعات المباشرة والعاجلة على مصر تبدو ضئيلة للغاية على المدى القريب، ولكن على المديين المتوسط والبعيد، ربما تظهر تبعات سلبية بأن خروجها من الاتفاقية قد يقيد حركتها مستقبلا في استيراد القمح بصفقات مع واشنطن بصفة خاصة".

كما ذكر تجار لرويترز أنهم لا يتوقعون تأثيرا على سوق الحبوب، لكن مصدرا دبلوماسيا قال إنه يمكن من الناحية المعنوية اعتبار خروج مصر من منظمة متعددة الجنسيات أمرا مثيرا للقلق.

وباستحضار البعد السياسي، يؤكد الباحث راشد أن "قرار القاهرة يبدو مرتبطا بزيادة الاعتماد على الواردات الغذائية من روسيا ودول أخرى بعيدة عن المعسكر الغربي، ما يعني مزيدا من الابتعاد عن واشنطن، وهو ما يضيف إلى سلسلة التحديات والهواجس التي باتت تخيم بازدياد على العلاقات المصرية- الأميركية".

وقفزت العقود الآجلة للقمح في بورصة شيكاغو إلى مستوى قياسي، في مارس من عام 2022، بعد أن غزت روسيا أوكرانيا، وهي دولة رئيسية في تصدير الحبوب. وأدى سوء الأحوال الجوية في مناطق منتجة أخرى إلى انخفاض الإمدادات. وانخفضت العقود الآجلة 48 بالمئة منذ ذروتها العام الماضي، لكن أسعار الحبوب لا تزال مرتفعة وسط حالة الضبابية بشأن الإمدادات في منطقة البحر الأسود والمخاوف بشأن المحصول في الولايات المتحدة.

وتتواصل شحنات الحبوب من البحر الأسود بموجب اتفاق تدعمه الأمم المتحدة، لكن هذا الاتفاق قيد إعادة التفاوض في محادثات تبدأ هذا الأسبوع وسط خطر تصاعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وتظهر بيانات وزارة الزراعة الأميركية أن المخزونات في مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، من المتوقع أن تنخفض إلى 3.4 مليون طن بنهاية يونيو، وهو أدنى مستوى في 18 عاما.