يعيش المواطن حالة من الترقب والخوف، بعد قرارات حكومة الانقلاب الأخيرة تحويل الدعم العيني للرغيف إلى الدعم النقدي، على إثر الأزمات الاقتصادية التي تتفاقم يومًا بعد آخر.

ويحصل أكثر من 70 مليون مواطن من أصل 104 ملايين على دعم الخبز، ويحصل المستحقون على الرغيف الواحد مقابل 5 قروش، في حين تتحمل الحكومة ببقية التكلفة التي تصل إلى 90 قرشًا، وفق وزير التموين، علي المصيلحي، مضيفًا أن الموازنة السنوية تتحمل ما يصل إلى 90 مليار جنيه، لدعم 270 مليون رغيف يوميًا.

وعلى الجهة الأخرى، يقول أحد أصحاب الأفران إن الحكومة تدفع 60 قرشًا فقط لكل رغيف وليس 90 قرشًا.

 

تقليص الدعم

ومنذ عام 2016 استبعدت حكومة الانقلاب 7 ملايين مواطن من منظومة الدعم، ليتراجع العديد من 73 مليونًا إلى 64 مليونًا.

وكان البنك الدولي قال في تقرير خلال كانون الأول الماضي: إن وزارة التموين طلبت من البرلمان تشكيل لجنة للنظر في تحويل دعم الخبز العيني إلى نقدي.

وأكد التقرير، أنه قدم في السابق توصية للقاهرة بالتوجه نحو الدعم النقدي، لتسهيل الحصول على قروض من المؤسسات الدولية، وفقًا لـ"الجزيرة".

 

شروط صندوق النقد

وفرض صندوق النقد الدولي شروطًا قاسية لتمرير قرض لمصر بقيمة 3 مليارات دولار، وهي شروط تتعلق في مجملها بتقليل النفقات الحكومية وتحرير مزيد من السلع المدعومة.

وكان وزير المالية المصري محمد معيط قال في نوفمبر الماضي: إن الخبز ليس من بين السلع التي تشملها عملية التفاوض مع الصندوق.

ويطالب صندوق النقد حكومة الانقلاب بتبنّي برنامج لتخفيض الدين العام وهو "حاصل الديون الخارجية مضافًا إليها الديون الداخلية"، إلى جانب خفض النفقات.

 

زيادة الدعم النقدي

وعلى الصعيد البرلماني، دعا طلب إحاطة لكل من رئيس الوزراء ووزير التموين والتجارة الداخلية ووزير المالية، تقدمت به النائبة سناء السعيد إلى "زيادة الدعم النقدي على بطاقة التموين إلى 150 جنيهًا بدلًا من قيمته الحالية المحددة بـ50 جنيهًا".

وأفادت النائبة، في طلب إحاطتها، بأن "الحكومة قامت بتحويل الدعم العيني إلى نقدي على بطاقة التموين وتم تحديده بـ50 جنيهًا لكل مستفيد، وكان هذا المبلغ، قبل الارتفاع الأخير للأسعار، يمكنه شراء بعض السلع الأساسية، لكن بعد موجة التضخم وتحرير سعر الصرف وارتفاع الأسعار بشكل كبير، تناقصت قيمة هذا المبلغ الفعلية"، وفقًا لـ"الشرق الأوسط".

 

كبيرة من الكبائر

في السياق ذاته، حذرت دار الإفتاء من "الاستيلاء على السلع المدعمة واحتكارها وبيعها في السوق السوداء". وقالت، في فتوى لها عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "الحصول على السلع المدعمة بغير استحقاق، أو الاستيلاء عليها بطريقة غير مشروعة، أو بيعها في السوق السوداء، أو احتكارها حرام شرعًا، وكبيرة من كبائر الإثم".

واعتبرت دار الإفتاء أن "الاستيلاء على السلع المدعمة واحتكارها وبيعها في السوق السوداء يعد إضرارًا واعتداء على أموال المستحقين، وعلى المال العام، وأكلًا لأموال الناس بالباطل". وتابعت: "مَن يقم بالاستيلاء على السلع المدعمة واحتكارها وبيعها في السوق السوداء، يستحق العقوبة القانونية المقررة".

 

لماذا يتمسك الصندوق بالدعم النقدي؟

وفي تصريح صحافي، عدد الخبير الاقتصادي، الدكتور عبد النبي عبد المطلب، أسباب تمسك الصندوق بالدعم النقدي، والتي جاءت من وجهة نظره في:

  • الدعم النقدي يحتسب بدقة، ولا يوجد به توالف أو فواقد أو تسرب كما الحال في الدعم العيني.
  • إزالة كل التشوهات التي تنطوي عليها منظومة الدعم.
  • الإسهام في تحقيق جملة أهداف في وقت واحد، في حال تم تطبيقه تطبيقًا عادلًا.
  • ضمان وصول الدعم بشكل أفضل إلى نسبة كبيرة جدَا من المستحقين.
  • تخفيض مبلغ الدعم في الموازنة السنوية انخفاضًا كبيرًا.
  • تقليل الدعم النقدي من قيمة الواردات المصرية بشكل أكبر، خاصة واردات القمح.
  • القضاء على أحد أكبر جوانب الفساد المتمثلة في "مافيا" استيراد القمح، فضلًا عن السرقات التي تحدث في عملية الإنتاج.
  • توفير 20% على الأقل من قيمة الدعم السنوي مقارنة بالدعم العيني.

وأضاف "يجب تحديد مبلغ شهري معين لكل فرد مستحق للدعم عموما، لأن هناك ملايينا يحصلون على دعم الخبز فقط، دون دعم السلع، وهناك من يحصل الاثنين ولا يحصل على دعم الوقود".

 

الدعم النقدي أفضل.. بشروط

ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية، الدكتور مصطفى شاهين، أن ما تقدمه مصر من دعم عيني وما تخطط له من دعم نقدي لا يتفقان مع المفهوم الاقتصادي الصحيح لهذين النوعين.

ويُعرّف شاهين، الدعم بأنه "كمية معينة من السلعة أو منح المواطن المقابل المادي لهذه الكمية وفق السعر العالمي"، بينما تبيع مصر كمية محدودة جدًا من السلعة بأسعار أقل للمستحقين، أي إنها تبيع السلعة بسعرين.

وينتصر أستاذ الاقتصاد لفكرة الدعم النقدي، لكنه يضع له شروطًا حتى يؤتي أُكُله ويصل لمستحقيه، ومن ذلك:

  • قيام الحكومة برصد ما يحتاجه المواطن الفقير من الخبز شهريًا ثم تصرف له قيمة هذه الكمية نقدًا حسب السعر العالمي، وليس بصرف مبلغ شهري ثابت لكمية تحددها هي.
  • تقديم الدعم لكل من يندرج تحت خط الفقر وأن يشمل السلع كافة، وبالكميات التي يحتاجها الفقير فعليًا وفق السعر العالمي، وإلا تحوّل إلى عملية سرقة، حسب تعبيره.